• 𝐄𝐧𝐣𝐨𝐲 | قِرَاءَة مُمْتِعَة لَكُم جَمِيعاً
|•|
جَلَسَت تشَايُونغ عَلَى أرِيكَةِ غُرْفَةِ المَعِيشَة ، كَانَت حَوَالِي السَّاعَة الوَاحِدَة ظُهْراً وَ هِيَ بِالفِعْلِ تَنَاوَلَت غَذَاءَهَا بَيْنَمَا تُرَاقِبُ جُونغكُوك بِعُيُونِهَا الهَادِئَة وَ هُوَ يَتَحَرَّكُ فِي الأرْجَاء يُحَادِثُ وَالِدَتَهُ عَلَى الهَاتِف.
:[ سَأحَاوِل أمِّي لَكِن لَا أعِدُكِ بِذَلِك ].
:[ إشْتَقْتُ لَكَ كَثِيراً جُونغكُوك أنْتَ لَم تَزُرْنَا مُنْذُ السَّنَة المَاضِيَّة ، هَيَّا تَعَالَ إلَى بُوسَان لِأسْبُوعٍ وَاحِدٍ فَقَط ].
ضَحِكَ هُوَ وَ رَاقَبَ تشَايُونغ التِي تُعَانِقُ دُبَّهَا وَ تُلَاعِبُه.
:[ لَسْتُ مُتَأكِّداً مِن هَذَا ، لَدَيَّ عَمَلٌ كَثِير ].
:[ آه جُونغكُوك! لَا تَفْعَل هَذَا بِنَفْسِكَ...هَل أكَلِّمُ وَالِدَكَ كَي يُحَادِثَ مُدِيرَ عَمَلِكَ؟؟ ].
:[ لَا لَا ، لَا أرِيدُ أنْ يَتَرَاكَمَ عَمَلِي وَ يُجْهِدَنِي فِيمَا بَعْد ؛ بِالإضَافَة إلَى أنَّهَا مَسْؤُولِيَّةٌ كَبِيرَة لَا يُمْكِنُنِي تَرْكُهَا أوْ التَخَلِّي عَنْهَا ].
أجَابَ وَ قَصَدَ تشَايُونغ بِكَلَامِه التِي تَرْفَعُ نَظَرَهَا لَهُ أحْيَاناً وَ أحْيَاناً أخْرَى تُبْقِيهِ عَلَى دُبِّهَا فَقَط.
:[ مَاذَا عَلَيَّ أنْ أفْعَلَ إذَن؟ أرِيدُكَ أنْ تَزُورَنَا إشْتَقْتُ لِوُجُودِكَ مَعَنَا ، المَنْزِل هَادِئٌ دُونَكَ حَبِيبِي ].
ضَحِكَ بِخِفَّة ثُمَّ سَأل.
:[ مَاذَا عَن أبِي؟ ].
:[ مِثْلَكَ ، مَالذِي تَتَوَقَّعَه؟ يَعْمَلُ بِجِدِّ طِوَالَ النَّهَار وَ أقْضِي يَوْمِي لِوَحْدِي ].
سَرَقَ نَظْرَة سَرِيعَة حِينَ تَذَكَّرَ أنَّهَا مِثْلَ أمِّه ، تَبْقَى بِمُفْرَدِهَا كُلَّ اليَّوْم عِنْدَمَا يُغَادِرُ هُوَ لِلعَمَل.
:[ لَا بَأس فَيَجِبُ عَلَيْهِ العَمَل لِأجْلِ نَفَقَات وَ إحْتِيَاجَات الحَيَاة ].
:[ أحْيْاناً أشْعُرُ أنَّهُ يُحِبُّ عَمَلَه أكْثَرَ مِنِّي ].
:[ تَعْلَمِينَ جَيِّداً أنَّهُ يُحِبُّكِ سَيِّدَة جيُون ].
رَدَّ بِنَبْرَة لَعُوبَة ضَاحِكاً
ضَحِكَت المَرْأة بِالخَطِّ المُقَابِل ضِحْكَةً رَنَّانَة وَ الشَّابُ ابْنُهَا فَعَلَ أيْضاً دَافِعَان مِنَ الشَقْرَاء أنْ تُحَدِّقَ نَحْوَ الصَوْتِ بِفُضُول.
تشَايُونغ نَظَرَت لَهُمَا بِغَيْرَة ، هِيَ كَانَت تَغَارُ مِن جُونغكُوك الذِي تُؤْمِنُ بِأنَّهُ أكْثَرُ حَظّاً مِنْهَا ؛ فَهُوَ كَانَت لَدَيْهِ أسْرَتُهُ التِي تُحِبُّه ، تَقْلَقُ عَلَيْه ، تَهْتَمُّ بِه وَ تَشْتَاق لِرُؤْيَتِه عَكْسَهَا.
بَيْنَمَا هِيَ حُرِمَت مِن وَالِدَيْهَا وَ فَقَدَتْهُمَا بِمُنْتَصَفِ الطَرِيق، الوَحِيدُ الذِي كَانَ قَد تَبَقَّى لَهَا هُوَ جَدُّهَا المَشْلُول الذِي قُتِلَ ظُلْماً بِنِهَايَةِ الأمْر وَ تُرِكَت لِوَحْدِهَا أمَامَ هَذَا العَالَم الكَبِير.
شَعَرَت بِحُرْقَة فِي قَلْبِهَا وَ هَدَّدَتْهَا عَيْنَاهَا بِأنْ تُبْكِيهَا، كَوَّرَت قَبْضَتَهَا وَ تَمَنَّت أنْ يَقْضِي أولَئِكَ الأوْغَاد حَيَاتَهُم بِالسِّجْن، جَمِيعُهُم رِجَالاً وَ نِسَاءً حَتَّى يَذُوقُوا مِن عَذَابِ الحَيَاة مَا ذَاقَت.
لِمُدَّةٍ مِنَ الوَقْت تَنَاسَت مَا حَوْلَهَا وَ غَرِقَت بِأفْكَارِهَا البَائِسَة تُقَارِنُ حَيَاتَهَا بِالآخَرِين، كَانَت بَكْمَاء، لَا أحَدَ يُحِبُّهَا، لَا أسْرَةَ لَهَا، النَّاسُ يَنْظُرُونَ وَ يَرْمِقُونَهَا بِنَظَارَاتِ إشْفَاق وَ إذْلَالٍ سَاخِر.
حِينَمَا إلْتَفَّت وَ نَقَلَت نَظَرَهَا إلَى جُونغكُوك كَانَ هُوَ يُرَاقِبُهَا وَ شِفَاهُه مَازَالَت تَتَحَرَّكُ مُكْمِلاً حَدِيثَه مَعَ أمِّه عَبْرَ هَاتِفِه المُعَلَّق عَلَى أذُنِه ، عَيْنَاهَا نَظَرَت بِإنْكِسَارٍ لَه وَ ضَغَطَت عَلَى دُبِّها بِحُضْنِهَا.
إنْكَمَشَت حَوْلَ نَفْسِهَا وَ عَانَقَت صَدِيقَهَا الصَّغِير مُغْمِضَةً عَيْنَاهَا مُحَاوِلَةً طَرْدَ أفْكَارِهَا البَغِيضَة ، ثُمَّ بَعْدَ بُرْهَة إسْتَشْعَرَت أنْفَاسَ جُونغكُوك وَ صَوْتُه تَقْتَرِبُ مِنْهَا.
:[ حَسَناً أمِّي كَمَا تُرِيدِين ، أوْصِلِي سَلَامِي لِأبِي ].
:[ مَا قَرَارُكَ؟ ].
:[ سَأرَى بِشَأنِ هَذَا لَاحِقاً ].
سَمِعَ وَالِدَتَهُ تَتنَهَّد ثُمَّ صَمَتَت لِوَقْتٍ مَا وَ رَدَّت قَائِلَةً.
:[ إذَن مَعَ السَّلَامَة، بِالتَوْفِيقِ بُنَيَّ ].
:[ شُكْراً إلَى اللِّقَاء ].
إنْتَهَت المُكَالَمَة بِإنْتِهَاءِ تَبَادُلِهِمَا لِعِبَارَاتِ الوَدَاع ، زَفَّرَ الهَوَاءَ وَ أبْعَدَ عَنْهُ هَاتِفَه جَانِباً وَ حِينَهَا بَدَأ يَخْطُو نَاحِيَّتَهَا.
حَالَمَا وَقَفَ أمَامَهَا فَتَحَت هِيَ أعْيُنَهَا المُطْبَقَة وَ رَفَعَت نَفْسَهَا ، جُونغكُوك نَظَرَ لَهَا وَ مَدَّ ذِرَاعَيْهِ فَاتِحاً إيَّاهُمَا لَهَا يَدْعُوهَا إلَى عِنَاق.
«تَعَالِي تشَايُونغ»
دُونَ أنْ تَتَرَدَّد نَهَضَت وَ أسْرَعَت إلَيْه تَقْتَحِم حُضْنَه وَ تُلْقِي بِرَأسِهَا المُثْقَل مِنَ التَفْكِير عَلَى صَدْرِه، وَ هُوَ كَمَا لَو أنَّهُ يُدْرِكُ بِمَا يَحْصُلُ دَاخِلَهَا وَ يَقْرَأ الأفْكَار التِي تَحُومُ بِعَقْلِهَا الصَّغِير؛ عَانَقَهَا وَ رَدَّدَ أنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُرَام.
«لِمَ أنْتِ حَزِينَة فَجْأةً؟ لَا يُوجَدُ مَا يَدْعِي لِلحُزْنِ أوِ القَلَق»
مَسَحَ شَعْرَهَا بِلُطْف كَأنَّهُ يُحَاوِلُ إزَالَةَ الشُعُورِ السَيَّئ عَنْهَا وَ إبْعَادَه ، تشَايُونغ أوْمَأت ثُمَّ إبْتَسَمَت عِنْدَمَا رَفَعَهَا عَنِ الأرْضِ وَ حَمَلَهَا إلَيْه بَيْنَمَا هُوَ قَد شَرَعَ بِالمَشْي.
هِيَ لَم يُهِمُّهَا إلَى أيْنَ هُوَ ذَاهِبٌ بِهَا ، بَل مَا يُهِمُّ هُوَ أنَّهَا حَصَلَت مِنْهُ عَلَى بَعْضِ الإهْتِمَام.
|•|
كَانَ تَارِيخُ اليَوْمِ هُوَ الرَّابِعُ مِن شَهْرِ أبْرِيل ، السَّمَاءُ كَانَت غَائمَة وَ الشَمْسُ إخْتَفَت وَرَاءَ السُّحُب عَاطِلَة مِن عَمَلِهَا لِتَأخُذَ إجَازَةً وَ تَرْتَاحَ هِيَ أيْضاً تَسْتَمْتِع بِالجَوِّ الشِتْوِي الذِي حَلَّ بِرِحَالِه عَلَى الأرْض بِنِهَايَّة الأسْبُوع.
حَسْبَ مَا يَذْكُرُ جُونغكُوك وَ تشَايُونغ فَإنَّ المَطَرَ يَهْطِل وَ يَتَسَاقَط مُنْذُ قُرَابَةِ الأسْبُوع جَاعِلاً مِن مَزَاجِ تشَايُونغ يَتَحَسَّن ، وَ مَا كَانَ يَقُومُ بِه هُوَ الوُقُوفُ بِجَانِبِهَا عِنْدَ نَافِذَةِ غُرْفَتِهَا يُشَارِكُهَا مُشَاهَدَةَ المَطَر وَ يَتَأمَّل المَنْظَر بِرِفْقَتِهَا.
بِالحَدِيثِ عَنْهَا وَ عَنْهُ كَذَلِك ، تشَايُونغ إلْتَصَقَت بِه ؛ تَضَعُ رَأسَهَا عَلَى كَتِفه ، تُعَانِقُ جِذْعَه ، بَيْنَمَا سِيقَانُهَا رَمَتْهُم بِحُضْنِه ، وَ كَالهِرَرَة اللَّطِيفَة كَثِيرَة وَ نَاعِمَة الفَرْو التِي تَتَدَلَّع عِنْدَ صَاحِبِهَا إبْتِغَاءَ الإهْتِمَام ؛ مَسَحَت بِرَأسِهَا عَلَى ذِرَاعِه مِن أجْلِ ذَلِك.
هُمَا جَلَسَا مَعاً عَلَى الأرِيكَة ؛ بِإنْتِظَارِ وَجْبَةِ الغذَاء أنْ تَنْضُج التِي كَانَت عَلَى المَوْقِد ، جُونغكُوك رَافَقَهَا وَ إنْضَمَّ إلَيْهَا لِمُشَاهَدَةِ شَيْءٍ مَا يُعْرَضُ بِالتِلْفَاز لَكِن يَبْدو أنَّهَا تُبْدِي إنْتِبَاهَهَا الكَامِل لَهُ بَدَلاً مِن المَوْجُود عَلَى الشَّاشَة ، كَمَا كَانَت تَتحَرَّك كَثِيراً أسْفَلَ الغِطَاء الذِي يُغَطِّيهَا وَ يُغَطِّيهِ أيْضاً لِتَشَارُكِهِمَا البَطَّانِيَّة نَفْسَهَا.
هُوَ لَم يُقَاوِمْهَا أوْ يُبْعِدْهَا، فَقَد كَانَ يَدْرِي أنَّهَا طِفْلَة وَ لِكَوْنِهِ شَخْصٌ رَاشِد بِتَفْكِيرٍ نَاضِج لَم يُعَانِدْهَا وَ قَامَ بِمُجَارَاةِ مِزَاجِ الأطْفَال هَذَا وَ شَاهَدَ العَرْضَ بِسُكُون.
كَانَت لَهُ رَغْبَة فِي تَوْبِيخِهَا وَ مُعَاتَبَتِهَا بِصَفْعِ يَدِهَا بِلُطْف لِعَدَمِ بَقَاءِهَا هَادِئَة وَ التَصَرُّف جَيَّداً لَكِن قَرَّرَ أنْ لاَ يَفْعَل وَ تَرَكَهَا عَلَى رَاحَتِهَا.
عَبَسَت هِيَ دُونَ سَبَبٍ مُحَدَّد وَ أخْرَجَت رَأسَهَا الأشْقَر مِن أسْفَلِ البَطَّانِيَّة وَ تَوَقَّفَت عَنِ الحَرَاك كَمَا يَفْعَلُ طِفْلٌ قُوبِلَ طَلَبُه بِالرَّفْض أوْ تَمَّ تَجَاهُلُ مَا يُرِيدُه ، جُونغكُوك إلْتَفَتَ إلَيْهَا وَ إبْتَسَمَ لَهَا لَكِن هِيَ لَم تَبْتَسِم أوْ تُرِيهِ إبْتِسَامَةَ اللُّؤْلُؤ خَاصَّتَهَا.
وَ يَتَضِّحُ الأمْر أنَّهَا حَزِنَت لِأنَّ جُونغكُوك لَم يُبْدِ إهْتِمَاماً لَهَا وَ قَامَ بِتَجَاهُلِهَا ، فِي حِينِ أنَّ التِلْفَازَ وَ بَرَامِجَه الغَبِيَّة أصْبَحَت أهَّمُ مِنْهَا.
كَتَّفَت ذِرَاعَيْهَا بِوَجْهٍ حَزِين وَ قَطَبَت حَاجِبَيْهَا الرَّفِيعَيْن ، نَاظَرَت الشَّاشَة بِإزْدِرَاء وَ خُنْق تَرْغَبُ بِتَدْمِيرِهَا بِنَظَارَاتِ عُيونِهَا التِي يُؤْمِنُ جُونغكُوك بِأنَّهَا قَد تُطْلِقُ عَلَيْهِ نُجُوماً يَوْماً مَا لِكَثْرَةِ بَرِيقِهَا.
وَ كُلُّ مَا سُمِعَ بِغُرْفَةِ المَعِيشَة هُوَ صَوْتُ إصْطِدَامِ قَطَرَاتِ المَطَر بِزُجَاجَةِ النَّافِذَة مُوَّلِدَةَ جَوّاً هَادِئاً لَطِيفاً مُريحاً لَهُمَا ، تَنَهَّدَت هِيَ وَ نَظَرَت لَه بِطَرفِ عَيْن تُرِيدُ ضَرْبه لِأنَّه لَا يَفْهَم مَا تُرِيد.
«هَل هُنَاكَ شَيْءٌ يُضَايِقُكِ؟»
زَفَّرَت الهَوَاءَ بِرَاحَة ، أخِيراً إنْتَبَهَ وَ سَأل ، لِمَ عَقْلُهُ بَطيءُ الإسْتِيعَاب؟.
"نَعَم أنْتَ تُضَايِقُنِي"
رَغِبَت أنْ تَصْرُخَ بِهَا لَكِن لَم تَفْعَل
أوْمَأ لِنَفْسِه وَ أدْرَكَ أنَّهَا مُسْتَاءَة ، تشَايُونغ تَنَهَّدَت وَ نَظَرَت بِعُيُونٍ ضَيِّقَة لَه.
"عِنْدَمَا أغَادِر جِد مَن يُشَارِكُكَ وَقْتَك"
أرَادَت إضَافَةَ هَذِهِ العِبَارَة وَ أخْرَيَاتٌ مِثْلَ:
"لَن يَكُونَ هُنَاكَ مَن يُرَتِّبُ غُرْفَتَكَ أحْيَاناً"
"مَطْبَخُكَ لَن تُكُونَ فِيهِ مَأكُولَات صِحِّيَّة"
أرَادَت وَ أرَادَت لَكِن قَرَّرَت ألَّا تَفْعَل لِكَوْنِ جُونغكُوك شَخْصٌ طَيِّب.
تَضَوَّعَت رَائِحَة الطَّعَام وَ تَسَلَّلَت لِأنْفِهَا ، شَعَرَت بِعَصَافِيرِ بَطْنِهَا تُزَقْزِق وَ هِيَ تَتَخَيَّلُ مَنْظَرَ المَائِدَة عَلَيْهَا أطْبَاقُ الأكْلِ اللَّذِيذ المُتَصَاعِدِ مِنْهُ البُخَار مِن إعْدَادِه.
إلْتَفَتَت بِسُرْعَة إلَيْه ، بِالإضَافَة إلَى أنَّهُ طَيِّبُ القَلْب هُوَ طَبَاخُ مُحْتَرِف.
حَمَلَ جِهَازَ التَحَكُّم وَ أطْفَأ التِلْفَاز عِنْدَمَا عَلِمَ أنَّ الغَذَاءَ جَاهِز.
«مَا بِكِ أطَلْتِ النَظَر إلَيَّ؟»
حَالَمَا إلْتَقَت عَيْنَاهُ بِعَيْنَيْهَا شَعَرَت بِنَفْسِهَا تَضْطَرِبُ مَكَانَهَا فَأدَارَت وَجْهَهَا لِلجِهَةِ الأخْرَى ، كَادَت أنْ تَبْتَعِدَ وَ تَنْهَض لَكِن لِلأسَفِ حَرَكَتُهَا لَم تَكْتَمِل عِنْدَمَا أمْسَكَهَا وَ مَنَعَهَا مِنَ النُهُوض وَ الهُرُوب.
«هَل قُمْتُ بِمَا دَفَعَكِ لِلإسْتِيَاء؟»
وَ لِأنَّهُ تَطَرَّقَ لِلمَوْضُوع عَبَسَت مُجَدَّداً وَ نَفَت رَأسَهَا بَيْنَمَا تَمُدُّ شِفَاهَهَا بِحَرَكَة لَطِيفَة يَكْرَهُهَا جُونغكُوك.
كَانَ هُوَ يَكْرَهُ الطَّرِيقَة التِي يُفِكِّرُ بِهَا كُلَّمَا عَبَسَت شَفَتَاهَا ، كَانَ يَكْرَهُ الأفْكَار الغَبِيَّة التِي تُرَاوِدُه ، يَكْرَهُ المَنْظَرَ الوَرْدِي المُغْرِي ، وَ يَكْرَهُ الصَّوْت الذِي يُخْبِرُهُ أنْ يُقَبِّلُهَا.
جُونغكُوك رَجُل وَ هَذَا لَا يُلَامُ عَلَيْه ، وَ تشَايُونغ بِطَرِيقَةٍ مَا صَارَت العَامِل المُؤَثِّر.
تشَايُونغ بِالنِسْبَةِ لَه مَخْلُوق لَطِيف لَا يَجِبُ أنْ يُؤْذِيهَا حَتَّى بِأفْكَارِه ، هِيَ بَرِيئَة وَ لَا تَقْصِد بِأفْعَالِهَا شَيْئاً ، لَكِن هُوَ لَيْسَ ذَنْبُه إنْ كَانَت طِفْلَة بِجِسْمِ امْرَأة بَالِغَة.
إذاً مَاذَا يَفْعَل وَ مَا الحَلّ وَ تشَايُونغ تَقُودُ تَفْكِيرَه لِلجُنُون؟؟.
يَدُهُ إنْزَلَقَت إلَى خَصْرِهَا وَ فَوْراً جَذَبَهَا نَحْوَه يُسْقِطُهَا بِحُضْنِه ، تَوَسَّعَت عَيْنَاهَا وَ صَدَرَت شَهْقَة عَالِقَة بِحَلْقِهَا لَم تَتَجَرَّأ عَلى تَجَاوُزِ حُدُودِ فَمِهَا ، سُرْعَانَ مَا وَضَعَت تشَايُونغ يَدَيْهَا عَلَى شَفَتَيْهَا تَمْنَعُ ذَلِك.
ضَحِكَ هُوَ قَبْلَ أنْ يَمْسَحَ رَأسَهَا بِدِفْء.
«لَقَد جَهَزَ الغَذَاء هَل نَذْهَب؟»
إبْتَسَمَ لَهَا ، وَ بعْدَهَا نَهَضَ بِهَا دُونَ أنْ يَنْتَظِرَ جَوَابَهَا ، شَدَّهَا إلَيْهِ وَ هُوَ يَخْطُو صَوْبَ المَطْبَخ بَيْنَمَا هِيَ تَشَبَّثَت بِه جَيِّداً.
«لَا أحِبُّ الشَّغَب تشَايُونغ لِذَا لَا تَكُونِي مُشَاغِبَة»
قَالَ بِنَبْرَة هَادِئَة بِجَانِبِهَا
أوْمَأت بِخَوْف وَ ضَغَطَت عَلَى شَفَتَيْهَا ، يَبْدُو أنَّهُ سَرِيعُ الإسْتِيعَاب وَ لَيْسَ بَطِيئاً كَمَا ظَنَنَتْه.
|•|
بَعْدَ حَوَالِي سَاعَة كَانَ الغَذَاءُ قَد إنْتَهَى ، تشَايُونغ نَهَضَت أوَّلاً لِأجْلِ تَأمُّلِ المَطَر كَهِوَايَتِهَا المُفَضَّلَة ، بَيْنَمَا بَقِيَ هُوَ بِالمَطْبَخ لِأجْلِ التَنْظِيف ؛ قَامَ بِجَلْي الأوَانِي ، وَضَعَ الطَّعَام بِعُلَب وَ أدْخَلَه الثَلَّاجَة ، وَ أعَادَ الأشْيَاء لِأمْكِنَتِهَا بِالخِزَانَة.
بَعْدَمَا أنْهَى عَمَلَه قَرَّرَ إعْدَادَ مَشْرُوبَ الشُكُولَاطَة فَنَادَاهَا لِلسُّؤَالِ عَن رَأيِّهَا ، نَزَعَ قُفَّازَات التَنِظِيف وَ تَجَوَّلَ بِمَطْبَخِه بَحْثاً عَنِ المُكَوِّنَات ، كَانَت قَد مَرَّت مُدَّة مِنَ الزَّمَن لَكِنَّهَا لَم تَظْهَر.
«تشَاي؟»
نَادَى مُجَدَّداً وَ عَيْنَاهُ حَدَّقَت بِمَدْخَلِ المَطْبَخ تَنْتَظِرُ ظُهُورَهَا وَ دُخُولَهَا
«تشَايُونغ؟»
عِنْدَمَا لَم تَفْعَل بِمُحَاوَلَتِه الثَّالِثَة تَرَكَ مَا بِيَدَيْهِ وَ إنْدَفَعَ خَارِجاً.
بَحَثَ عَنْهَا وَ نَادَى اسْمَهَا طَوِيلاً ، دَارَ بِمَنْزِلِه كَامِلاً وَ تَرَدَّدَ صَدَى اسْمِهَا بِالمَكَانِ الصَّامِت بِجَانِبِ صَوْتِ المَطَر.
«أيْنَ يُعْقَلُ أنْ تَكُون؟»
لَمَّا عَادَ لِغُرْفَةِ المَعِيشَة مُتَفَّقِداً إيَّاهَا لِلمَرَّة الثَّانِيَة بَدَأ يَتَوَتَّر ، لَا يُمْكِنُ أنْ تَكُون قَد هَرَبَت أوْ غَادَرَت المَنْزِل إلَى أيِّ مَكَان.
مَرَّرَ أصَابِعَهُ بِشَعْرِه ، الشُعُورُ بِالمَسْؤُولِيَّة وَ التَهَاوُن بِهَا بَدَأ يَأكْلُه ، تَمَشَّى ذَهَاباً وَ إيَّاباً يَكَادُ يَقْتَلِعُ أظَافِرَه مِن أمْكِنَتِهَا.
وَ حِينَ إقْتَرَبَ مِن النَّافِذَة وَ فَتَحَ سِتَارَهَا لَمَحَهَا بِفِنَاءِ مَنْزِلِه تَقْفِزُ هُنَاكَ تَحْتَ قَطَرَات المَطَر وَ تَبْتَسِمُ بِسَعَادَة لِنَفْسِهَا.
خُطُوَاتُه رَكَضَت بِسُرْعَة نَحْوَ الرِّوَاق مُحَاوِلاً الوُصُولَ لِلخَارِج ثُمَّ إلَيْهَا ، وَ حَالَمَا وَصَلَ لِعَتَبَةِ البَاب صَرَخ.
«تشَاي!»
هِيَ لَم تَلْتَفِت أوْ تَسْتَمِع فَبِدُونِ أنْ يَنْتَظِر خَرَجَ وَ سَارَعَ إلَيْهَا ، بِسُرْعَة إسْتَقْبَلَه المَطَر وَ تَسَاقَطَ عَلَيْه مُرْسِلاً مَوْجَةً مِنَ البُرُودَة لَه.
أمْسَكَ بِذِرَاعِ تشَايُونغ وَ أوْقَفَهَا عَنِ القَفْز ، هِيَ عَقَدت حَاجِبَيْهَا بِإسْتِغْرَاب وَ قَبْلَ أنْ يَفْعَل أيَّ شَيْء جَذَبَتْهُ لَهَا تَدْعُوهُ لِلإنْضِمَامِ إلَيْهَا وَ عَادَت لِعَمَلِهَا السَّابِق.
جُونغكُوك كَانَ سَيَرْفُض لَكِن إبْتِسَامَتُهَا وَ بَريقُ عَيْنَيْهَا جَعَلَه يَتَرَاجَع وَ أوْمَأ لَهَا يَبْتَسِم.
سُرْعَانَ مَا إبْتَلَّ هُوَ وَ عِنْدَمَا نَظَرَ لَهَا وَجَدَهَا مُبْتَلَّةً كَذَلِك ، ثِيَّابُهَا مُبَلَّلَة ، رُمُوشُهَا مُبَلَّلَة وَ شَفَتَاهَا أيْضاً دَافِعَةً دِمَاغَه لِلتَفْكِيرِ مُجَدَّداً وَ مُجَدَّداً.
شَعْرُهَا الأشْقَر إلْتَصَقَ بِوَجْهِهَا كَمَا إلْتَصَقَ شَعْرُهُ الأسْوَد بِوَجْهِه ، تَوَّقَفَ هُوَ عَنِ الحَرَكَة وَ مُقْلَتَاه نَظَرَت لَهَا بِهُدُوء تُرَاقِبُهَا وَ هِيَ تَدُورُ بِحَلَقَاتٍ تَغْمُرُهَا السَّعَادَة وَ إكْتَشَفَ كَم أنَّهَا تُحِبُّ المَطَر وَ يُفْرِحُهَا هُطُولُه.
أوْقَفَهَا عَنِ الدَوَّرَان قَبْلَ أنْ يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا الدُّوَار وَ تَضَرَّر ، وَ لِشِدَّة قُوَّةِ وَ سُرْعَةِ وَتِيرَةِ دَوَرَانِهَا إصْطَدَمَت بِه مُتَوَقِّفَةً عَنِ الإبْتِسَامِ تَمَاماً.
أمْسَكَ خَصْرَهَا فَوْراً بَيْنَمَا يَدَاهَا لَمَسَت صَدْرَه وَ نَظَرَا لِبَعْضِهِمَا بِصَدْمَة ، تشَايُونغ قَد إخْتَفَى حَمَاسُهَا وَ إرْتَعَشَت لِلتَلَامُسِ البَارِد بَيْنَهُمَا.
بَقِيَ مَكَانَهُ مُتَفَاجِئاً مِن رَدَّةِ فِعْلِه وَ إبْتَلَعَ رِيقَهُ بِصُعُوبَة ، يَدَاهُ بَدَت أنَّ لَهَا عَقْلٌ وَحْدَهَا يُحَرِّكُهَا ، وَ عِنْدَما نَقَلَ نَظَرَه إلَيْهَا كَانَت هَادِئَة ، تَنْظُرُ لَهُ مِن أسْفَلِ رُمُوشِهَا الجَمِيلَة وَ شَفَتَاهَا مُتَفَرِّقَة قَلِيلاً.
تَلَاقَت عُيُونُهُمَا وَ جُونغكُوك بَدَأ يَشْعُرُ أنَّهُ يَفْقِدُ كُلَّ شَيْءٍ ، ثَمَّ كَمَا لَمِسَت يَدَاهُ خَصْرَهَا إبْتَعَدَت عَنْهَا وَ التَوَاصُلُ البَصَرِيّ لَم يَنْقَطِع بَيْنَهُمَا.
كَانَا قَرِيبَانِ مِن بَعْضِهِمَا لِدَرَجَةِ أنَّهُ سَمِعَ أنْفَاسَهَا ، إخْتَفَى كُلُّ شَيْء مِن حَوْلِه بَيْنَمَا هِيَ تَنْظُرُ لَهُ بِنَظَرَاتٍ لَوَّنَتْهَا ألْوَانُ البَرَاءَة وَ النَقَاء ، ثُمَّ لَمَسَ هُوَ خَدَّهَا المُتَّخِذِ مِن الزَهْرِي زِينَةً لَه أضَافَت نُعُومَة وَ بَهَاء زَائِد لِعَيْنَيْهِ المُثَبَّتَةِ عَلَيْهَا.
وَ هُنَاكَ تَمَاماً هُوَ فَقَدَ مَا حَوْلَه وَ مَا يُحِيطُه ، فَقَدَ تشَايُونغ وَ فَقَدَ نَفْسَه كُلِّياً لَمَّا قَرَّبَ وَجْهَهُ نَحْوَهَا وَ تَلَامَسَت شِفَاهُمَا.
تَشَبَّثَت بِذِرَاعِه وَ عَيْنَاهَا فُتِحَت عَلَى آخِرِهَا بَيْنَمَا شَهْقَتُهَا المَصْدُومَة تَأرْجَحَت بِحُنْجُرَتِهَا ، جُونغكُوك إقْتَرَبَ عَنِ السَّابِق وَ أمَالَ رَأسَه لِلجَانِب مُقَبِّلاً إيَّاهَا أكْثَر.
وَ هُنَاكَ أسْفَلَ السَّمَاء الرَمَادِيَّة وَ بَيْنَ أحْضَان قَطَرَاتِ المَطَر التِي تَتَدافَع عَلَيْهِمَا ، وَقَفَا هُمَا بِفِنَاءِ المَنْزِل يُقَبِّلَانِ بَعْضَهُمَا.
|•|
جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أرْضاً أمَامَهَا بَيْنَمَا هِيَ كَانَت تَجْلِسُ عَلَى سَرِيرِ غُرْفَتِهَا تَنْظُرُ لَهُ بِفَرَاغ وَ عَدَمِ إسْتِيعَاب ، أمْسَكَ يَدَاهَا بَيْنَ خَاصَّتِه وَ نَظَرَ لَهَا.
«تشَاي أ...أنَا لَم...لَم أٌقْصِد فِعْلَ ذَلِك ، آسِفٌ جِدّاً رَجَاءً لَا تَفْهَمِي الأمْرَ خَطَأ»
كَرَّرَ إعْتِذَارَهُ مُجَدَّداً وَ مُجَدَّداً
هُوَ كَانَ مُنْذُ مُدَّة يَعْتَذِرُ مِنْهَا و يَتَأسَّف ، لَكِن تشَايُونغ لَم تُبْدِ رَدَّةَ فِعْل وَ مَلَامِحُ وَجْهِهَا خَلَت مِنَ التَّعَابِير.
«تشَاي رَجَاءً لَا تَبْقِي هَادِئة وَ رُدِّي عَلَيَّ»
الأرْضِيَّةُ تَحْتَ رُكْبَتَيْهِ إبْتَلَّت وَ مَلَاءَةُ السَّرِيرِ لِإبْتِلَالِ مَلَابِسِهَا كَذَلِك ، وَ كَانَت تَنْظُرُ لَهُ بِالنَظْرَة الخَالِيَة نَفْسُهَا.
«أنَا آسِفٌ لِأنَّنِي أفْسَّدْتُ أمْنِيَتَكِ ، أمْنِيَّةُ عِيدِ مِيلَادِكِ»
إعْتَذَرَ بِصَوْتٍ هَادِئ وَ عَيْنَانِ مُتَأسِّفَة
تشَايُونغ رَفَعَت يَدَاهَا نَحْوَ وَجْهِه وَ تَلَمَّسَت خَدَّيْهِ بِلُطْفٍ تَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ، بَيْنَمَا عَيْنَاهَا بَدَت أنَّهَا تَبْتَسِم.
«أتَمَنَّى أنْ لَا تَغْضَبِي مِنِّي»
تَكَلَّمَ يَلْمِسُ يَدَيْهَا بِرِفْق
مَلَامِحُهَا لَانَت وَ كَادَت تَقْتَرِبُ نَحْوَهُ مَرَّةً أخْرَى حِينَمَا نَظَرَت لِشَفَتَيْه ، جُونغكُوك نَهَضَ مِن مَكَانِه وَاقِفاً وَ نَاظَرَتْهُ بِإسْتِغْرَاب.
لَا يَجِبُ أنْ يَحْدُثَ ذَلِكَ ثَانِيَّةً!.
تَنَهَّدَ وَ دَلَّكَ حَاجِبَيْه ، نَاظَرَ شَكْلَهَا ثُمَّ رَفَعَ عَيْنَيْهِ لِوَجْهْهَا.
«إرْتَدِي مَلَابسَ ثَقِيلَة حَتَّى لَا تَمْرَضِي»
قَالَ جَادّاً وَ بَعْدَهَا إنْصَرَف
تشَايُونغ وَجَدَت نَفْسَهَا بِمُفْرَدِهَا بِالغُرْفَة ، بَقِيَت جَامِدَة مَكَانَهَا شَارِدَة بِالفَرَاغ تَتَذَكَّرُ مَا حَدَثَ بِالخَارِج.
حَوَّلَت نَظَرَهَا لِلنَّافِذَة المُسْتَقْبِلَةِ لِقَطَرَاتِ المَطَر المُرْتَطِمَةِ بِزُجَاجَتِهَا السَّمِيكَة ، الجَوُّ سَاكِن كَمَا كَان وَ الفَرَاغُ مُحِيطٌ بِالمَكَان.
تشَايُونغ رَمَشَت مَرَّاتٍ مُتَتَالِيَّة ثُمَّ عَطْسَة!.
وَ
يَتْبْع.
|•|
مَرْحَباً ، أعْلْمُ أنَّهُ مْرَّت مُدَّة وَ الحَقِيقَة أنَّ هَاتِفِي مُعَطَّل وَ لَازَال.
لَا أدْرِي مَاذَا كَتَبْت فَآمُلُ أنْ يُعْجِبَكُم.
|• سَأحَاوِل تَنْزِيل فَصْلٍ آخَر قَرِيباً •|