الخطايا السبع || The 7 sins

By VIP097

28.6K 3.3K 6.6K

(نقيّة تَماماً من الشُّذوذ) "لست ضعيفاً لكنّ العدو كان صديقي" لم يقتلْني عدوِّي قتلَني صَديقي... لم يقتلْنِي... More

Intro
- 2 -
- 3 -
- 4 -
- 5 -
- 6 -
- 7 -
- 8 -
- 9 -
- 10 -
- 11 -
- 12 -
- 13 -
- 14 -
- 15 -
- 16 -
- 17 -
- 18 -
- 19 -
- 20 -
- 21 -
- 22 -
- 23 -
- 24 -
- 25 -

- 1 -

2.4K 184 285
By VIP097










مرحباً بكم في البارت الأول من حكايتنا الجديدة


أهم وأصعب بارت صدقاً...

قدموا له الحب وما يستحق من فضلكم ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩




استمتعوا ❤️






~~~~~~~












عام ١٩٦٥ م

المعكسر - المنطقة العسكرية







صوت ضرب أحذية عسكرية يتردد مداه ليصل لنافذة غرفة الضابط برتبة ملازم أول يونغي....

تدريبات الجنود التي تبدأ قبل شروق الشمس يشرف عليها المساعدين والجنود الاعلى رتبة...

زمجرات وهتافات التمجيد باسم الدولة الكورية الجنوبية...

أحذية الجنود تدب على الأرض...تشعر كأنها تهزها تزلزلها....

يتأرجح كرسي الضابط مين يونغي الذي يقبع خلف مكتبه....

يؤرجحه جسد العريف جونغ هوسوك...الذي يستغل غياب صاحبه الضابط مين الذي يقضي إجازته مع عائلته....

يرخي العريف جونغ بدنه متخذاّ قسطاً من الوقت يريح به جسده بعد أن تفقد المجموعات في الخارج ونظم سير تدريبها الصباحي وكذلك المهام الموكلة إليه....

لم يشعر متى انفتح الباب عليه جافلاً من الاقتحام المفاجئ ففوجئ بالضابط مين الذي يرتدي بدلته العسكرية ذات النجمتين على الكتف...

انسل جونغ من على الكرسي تاركاً المناصب لأهلها مؤدياً التحية العسكرية مع صوت ضرب حذائه العسكري بالأرضية....

قبل أن ينحني قائلاً

"أهلاّ بعودتك ضابط مين "

زحلق الضابط المتجهم قبعته على الطاولة أمامه.... والتف حول طاولة مكتبه جالساً على كرسيه...غير مكترث للمنظر قبل قليل بتطفل العريف جونغ على مكتبه وكرسيه

في الحقيقة يمكنه مغفرة ذلك كون العلاقات بينه وبين هذا العريف ارتقت عن الرسمية بمقدار ضئيل...

بالتأكيد بجلستهما المنفردة وليست على مرآى الجنود

فالرتب تظل رتب والمقامات تظل مقامات...والمظاهر تغلب الجواهر

لكن ليس دوماً....

"لا يمكنهم أن يدعوني أهنأ بإجازتي...ليس وكأن الاجتماع الطارئ الكوني لن يكتمل إلا بوجودي "

يهدر الملازم الأول مين منفعلاً من البرقية التي أرسلت إليه وتسبب ما بفحواها باقتطاع إجازته الثمينة وجره منذ الصباح الباكر عائداً أدراجه لقطعته...

"هل هنالك اجتماع "

"أجل اجتماع قادة لقطعتنا "

"إذاً كيف كانت إجازتك أيها الضابط "

يتجاهل سؤاله منشغلاً بتوضيب مفكرة صغيرة بدرج مكتبه لكن قبل ذلك اندست صورة منها وتطايرت حتى لامست الأرض

استطاع العريف لمح معالمها لأن الصورة انقلبت واستقرت على ظهرها

ما اقتنصته عيناه هيئة فتية لشاب يافع مبتسم...

قبل ما يقارب السنة والنصف أعلن عن وفاة الشاب الموجود في الصورة ..

إنه شقيق يونغي الأصغر الذي مات متأثراً بالمرض...

التقط الضابط الصورة بأسرع ما أمكنه قبل أن يغرق مزيداً بذكرى لا تسر قلبه ولا تجعل من جفونه تغفو

سرعان ما استقرت بين صفحات المفكرة الصغيرة...حيث دفنها بين وريقاتها كما دوماً يدفن الحزن الذي خلفته....

استعاد رباطة جأشه وهيكلته الصارمة وهيئته الجدية

"إذا كيف تسير الأمور أيها العريف"

"على قدم وساق أيها الضابط...وأنت أرجو أنك قضيت إجازة جيدة "

قالها وأعطى نفسه الإذن من تلقاء نفسه بالجلوس

"لم أسمح لك بالجلوس بعد قف أيها العريف "

كان الأمر مطاعاً قبل انتهاء الجملة حتى

"عذراً أيها الملازم "

انحنى بخفة مقرراّ الخروج وترك الضابط يستريح قليلاّ

"هل تحتاج لشيء قبل مغادرتي أيها الملازم "

تفحصه لبرهة وأرجع ظهره على الكرسي جاعلاّ مرمى بصره بهدف عيون هوسوك العريف

"أجل أحتاجك "

اقترب هوسوك خطوة واحدة ملبياً أي خدمة

"بم تأمرني سيدي الملازم "

"اجلس أولاً "

تردد للحظة

"مسموح ؟"

"اجلس اجلس "

أشار يونغي بكفه بعدم اكتراث وأطاعه العريف الذي يعمل تحت إمرته

قد يبدو هذا تفصيلاّ صغيراّ لا داعي له...أن الملازم يدقق على الأمور الصغيرة كالمحاسبة على أقل حركة للجندي الذي أمامه والذي يقل عن رتبته

لكنها مختارات فضلها يونغي ويفضلها من يحبون أن يفرضوا مكانتهم في المكان الموكلين بإدارته

"أيها العريف...ما هي السعادة ما هو الاستقرار "

تشتت نظر هوسوك لبرهة وظل يونغي يتابعه بعيونه يترقب إجابته التي سرعان ما ظهرت

"أن تجد من يحبك بل يفهمك "

"أتحفني أيها العريف هوسوك أكثر"

استقرأ العريف نظرة عدم الاقتناع بل ربما عدم الإدراك والفهم بنظرة ملازمه فشرح أكثر

"الحب له منابع كثيرة وسواقيه العائلة أحباء أصدقاء "

"وأيضاً "

"وأقرب القريبين منك ربما امرأة تسمى فيما بعد زوجتك بسجل الدولة وشريكة حياة بمعناه الجوهري... وبعدها ابن من صلبك صبي أو فتاة ...يملأ لك حياتك بهجة ويزيح عن يومك الرتابة وأنت تسمعه ينادي بابا...أظن أن أجمل شعور قد تحصل عليه هو أن تكون أباً "

نفى يونغي برأسه مراراّ وعبر متمسكاً برأيه

"لكني كضابط جيش سأجني على فتاة بزهرة شبابها بأية لحظة قد يسبق وصف اسمها بزوجة الضابط الذي قتل بساحات المعركة في الحرب "

"لمَ تنظر للأمر بتلك الطريقة يمكنك أن تكون أكثر إشراقاّ "

" أنا أعلم أي نوع حياة ينتظر طفل يتيم...لست على استعداد لربط مصيري المجهول بمصير أناس لا ذنب لهم...لأن حياتنا نحن الجنود ليست لنا "

يركز على العريف الذي لم يقتنع بعد بوجهة نظره

"ثم إني أكثر العالمين بأن يعيش طفل يتيم بلا أب ويكبر مع الأيام "

يتحدث عن نفسه وعن المسؤولية التي حملها على عاتقه أن أبوه غادرهم بوقت مبكر تاركاً بعهدته العناية بوالدته وأخيه الأصغر....

مادياً ومعنوياً

ولما شعر أنه بدأ يتوه بماضيه وشريط ذكرياته

"ثم إني اعتدت على أسلوب حياة بهذه الطريقة...أن أكون وحيداً لا أرتبط بشخص واحد يصبح محور كل شيء...أنا حر طليق أهنالك أجمل من هذا "

"هذا النوع من الحرية يكلفك الوحدة... ببساطة أنت لم تلتقي بالإنسانة المناسبة بعد...ستتغير وجهة نظرك بمجرد أن تلتقي بالشخص المناسب ...لا يمكن للإنسان الطبيعي أن يعيش وحده طوال حياته "

"من يدري ربما أنا لست طبيعي "

ويضحك بتهكم مشعلاً سيجارته ينفث سمها بعد أن عشش برئتيه....

"ع..عذراّ أيها الضابط آسف لم أقصد "

"لا تهتم ولا تعتذر بسهولة على أي شيء "

استقام من جلسته على كرسيه مقترباً من العريف الذي لم يتزحزح مربتاً على كتفه الأيسر عدة تربيتات

"أنت متحدث جيد أيها العريف "

استقام هوسوك

"شكراً سيدي الضابط...استأذنك أيها الملازم علي العودة لعملي "

أومأ فقط مجرد إيماءة للعريف.... الذي أدى تحيته العسكرية...خارجاً من نطاق المكتب

نزع الضابط سترته معلقاً إياه على علاقة الملابس...

تراجع رامياً جسده على الكرسي...معتصراً عيونه لذلك الشعور الذي غزاه جاعلاً منه يزم شفتيه....

يلقي برأسه على مسند الكرسي

مد أصابعه وسحب مقبض درج مكتبه وأعاد إلقاء نظرة على المفكرة ثانية...على الصورة تحديداً

تلك الابتسامة...التي تتبعها ضحكة...صدى صوتها ما زال يتردد بذاكرة قلبه بل يحفر به يكاد يصل لروحه الغير ملموسة..

فتح المفكرة وبفتحها تفتحت جروح قلبه...

لا يمكن أن يلجأ للبيت بإجازة لأجل أن يرتاح إلا ويشعر بروح شقيقه الراحل الصغير تطوف بزوايا البيت فيزيد هذا عذابه....

حينما يختبر الإنسان شعور الفقد المسمى بالموت لا يعود بخير بعده أبداً....

هنا تعب عقلي وجسدي بمكانته كضابط...وهناك في بيته تعب نفسي و ذكرى تحوم لا يقدر على انتزاع أشواكها بل تستمر بتمزيق خيوط مشاعره المتشابكة....




~~~~~







حي سكني


بأحد المنازل عند عتبة الباب يقابل ظهر شاب الباب المؤدي حيث غرفة المعيشة المتصلة بمطبخ صغير بالكاد يتسع لشخصين.... جالساً يرتدي حذائه استعداداً للذهاب نحو العمل...

المنزل المذكور بمنطقة العشوائيات حيث المباني متقاربة للغاية والشمس لا تزورها والتهوية تكاد تكون معدومة بالإضافة للخدمات السيئة...

الجدران لا تستر لتقاربها يمكنك أن تسمع ما يدور بين المرأة و زوجها من مشاكل ومشاحنات وصراخ....وكأنك تعيش معهم....

فوق كل الظروف التي يعايشها أي شخص لو دخل الفقر عائقاً ستضيق الحياة على الفرد أكثر فأكثر

ستحل النقمة على طبيعة الحياة ولن يتحمل أحد أحد...حتى الأخ قد يكره أخاه حتى الأب قد يتثاقل من تحمل مسؤولية أطفاله...

الفقر صعب والذل مر...

شئت أم أبيت ستعمل ليلاً نهاراّ كالآلة الصماء من دون ان تشتكي ومن دون أن ترحم جسدك ليرتاح قليلاً

ستقتضم لقيماتك وأنت على الطعام تكاد تسقط نائماً على طبقك....

عشية كل ليلة يكبو جونغكوك هكذا على طاولة العشاء وأبوه يشاهده بأم عيونه

إنه منزل جيون الذي يقطن به منذ مدة ليست بالطويلة أبداً...بل انتقل من منطقة أخرى منذ ستة أشهر...

لم يكن حال جيون من قبل هكذا...إنه رجل مجتهد ومناضل...وأب يستحق الأبوة ....

لم يكن عاطلاً قبلاً تاركاّ كل الحمل على ابنه الوحيد جونغكوك...

لم يعد أباً جيداً أيضاً

لكنها حكاية طويلة حكاية حياة...أودت بالحال لهذه الحال

يخطو يشاهد ابنه الذي يدك قدميه بحذائه عند عتبة الباب


"ذاهب للعمل ؟"

بحدة أنبر الده ذو الوجه الكئيب الذي بانت عليه بداية علامات الكبر...

لم يجب بل أكمل ارتداء حذائه المهترئ الذي في الآونة الأخيرة امتلك فتحة تهوية لأصابعه بطرفه

الأمر لا يهم الآن لكن مع قدوم الشتاء سيشكل الأمر مشكلة...

"أجل ذاهب للجحيم إلى أين سأذهب سوى للعمل سأبقى هكذا حتى أموت "

و ألقى فردة الحذاء من يده وتدحرجت أمامه وأنفاسه تصاعدت

"جونغكوك !! "

زفر وعض شفته بقسوة وتحرك ملتقطاّ فردة الحذاء مرة ثانية ومن دون أن ينظر لوالده

"نسيت أن أخبرك بغضون يومين سأبدأ عمل جديد سيزداد أجري اليومي عن عملي الحالي "

"ما هو العمل "

"نقل صناديق و رفع أحمال "

تجعد ما بين حاجبي الأب جيون

"ابق بعملك الحالي... ما زلت شاباً ظهرك غض طري ستؤذيه "

وارتفع صوت قهقهة جونغكوك مع رفع عنقه...ظل يضحك بسخرية ثم تجمد فجأة منقضاً بنظراته على والده

"وكأنك تخاف علي والدي "

امتعضت قسمات وجه الأب وتجاهل تصرف ابنه

"نفذ ما أقوله لك فحسب "

استقام كوك متسائلاً

"إني لا أعلم لم جعلتنا نترك مكان سكننا القديم أنت تخفي عني شيئاً "

"وماذا يشكل فرقاً عندك هنا أو هناك "

"أجل كله قمامة "

"اخرس "

"كنت هناك معتاداً على المكان والناس أخذتني فجأة...تظل تجرني وتسحبني كفرق رخيصة متجولة "

"أنا أعرف مصلحتك "

  وإذا به بات مقابل والده بتقطيبة حاجبين يضربه على صدره

" أنت لا تعرف شيء أنت لست أب أنا ناقم على كل شيء بسببك لم حظي حقير كي أولد بهذه الحياة مع أب سكير أعمل ليل نهار كي أشتري له شراباً يسكر به طوال الليل...أتعلم كم أشمئز منك "

يدفعه جيون بعنف يستشيص غضباً لكن جسد كوك يعود يندفع للأمام

"لا أريد إكمال بقية حياتي هكذا...متى تموت لأرتاح منك "

وصفعة حطت على خده...طبعها الأب بكل قهره واستياءه من حياته وذاته..لكن ذلك لم يزد كوك سوى هيجاناً ليس وكأنها أول مرة يرفع بها والده يده عليه

"حينما تموت سأكون أسعد أنسان "

وانتزع جسده من المشهد ساحباً نفسه من الباب صافعاً إياه بقوة...تاركاً خلفه والده يرتجف

وشمس الصباح لم تشرق بعد....

هذا هو جونغكوك يستيقظ قبل شروق الشمس ويعود للمنزل بعد غروبها....

كي يرمي جسده المرهق على سرير ويأتي صباح جديد ...

ومرات كثيرة تمنى ألا يأتي عليه






.
.
.
.
.
.









قصر بارك هيون








قصير مشيد بوسط المدينة مالكه السياسي بارك هيون..يقضي يوم عطلته بهدوء برفقة ابنه و زوجته

طابع القصر وتصميمه مقتبس من العصر الفيكتوري وخاصة غرفة ابن السيد بارك المدعو جيمين الابن الوحيد لبارك كونه يفضل تلك الأجواء بل يعشقها ودوماً يتلذذ باحتساء قهوته أمام مدفأة الشومونيه أو على شرفة غرفته...

الزخارف الناعمة التي نقشت على الجدران وكذلك ألوان الطلاء المختارة...الأثاث والتحف والزهريات وبعض من التماثيل كذلك...

نوافذ عريضة وطويلة واجهاتها تشقها الشمس فتنير الغرفة كل صباح بجو مشرق...

هذا الصباح استيقظ جيمين متكاسلاً بفضل الستائر المطوية تسللت الشمس وأخذته من غفوته....هذه حركات والدته...هي من ترفع الستائر

قرر عدم مغادرة سريره ولا تناول الإفطار والنزول للعائلة.... لكن البرقية التي وصلته وأرفقتها الخادمة بجانب قهوته جعلت منه يتأهب...

قبل أي يحتسي قهوته...

يدير غطاء مطربان العسل فينزعه غارفاً بالملعقة الفضية مقدار النصف عسلاً مبتلعاً محتواها بثغره...

داوم على تناول ملعقة عسل كل صباح على الريق أي على معدة خاوية لما تحويه هذه الملعقة الواحدة من فوائد جمى...

الشمس الساطعة تنعكس على سطح العسل المكشوف فتمنحه غشاء لامعاً...

يظل جيمين يلعق الملعقة شارداً بعيداً وعيونه تتبع البرقية الموضوعة قريباً منه على سريره...

ما قرأه بالبرقية عكر صفو مزاجه منذ الصباح...شيء لم يخطر على باله قط...لكن هو يمكنه فعل ما يريد

هكذا عاش وهكذا يظن....

خلال وجبة الإفطار في غرفة الطعام في الطابق السفلي بارك كالعادة قبل أن يشرع بقضم لقيمات إفطاره يحتسي كوب شايه مع تفقد الصحف كل صباح يتابع أخبار البلاد ومجرى السياسة فيها...

دلف جيمين لغرفة الطعام بلا أن يلقي أية تحية و والدته لم تأبه فهي معتادة على ابنها المدلل الوقح عكر المزاج..لكنها كأم بطبيعتها لاحظت وجهه على غير العادة باضطرابه...وبارك اكتفى بإزاحة الجرائد من أمام وجهه لإنش حتى يتفقد وجود جيمين نابساً

"الناس العادية تقول صباح الخير جيمين..."

"أنا لست عادي أنا مميز..وماذا ستفعل صباح الخير... "

و وضع يده تحت خده قائلاً بنبرة مرحة مغزاها السخرية وحرك رأسه باتجاه والديه

"صباح الخير أبي صباح الخير أمي وااو انظروا أنها تمطر نساء وأموال وبعد قليل سندخل للجنة "

وأمه تنهدت

"لا يهمني أنك تستعمل لسانك الوقح بحضرة أبيك وبحضرتي بل ما يقلقني أنك تستعمله مع الضيوف والناس وزملاء والدك بسلك السياسة...متبختر على اللاشيء مدلل ما خطبك "

"زوجك يدللني ولا أجد مشكلة بذلك "

"هيون ! ارمي هذه القمامة من يدك والتفت لابنك وافعل شيئاً أكره برودك "

وبلحظتها يخرج جيمين البرقية المطوية يهزها ليثير انتباه والده وصوت احتكاك الورق ببعضه يسمع

"لا والدي برودك أريدك أن تتخلى عنه لأجل هذا "

وأخيراً بارك يزيح الجريدة من يده ويطويها واضعاً إياها جانباً...

"ما هذا "

"افتحه وشاهد بنفسك "

يتناول البرقية وفور ما لمح ختم الجيش والقوات المسلحة عليها خمن ما بداخلها ولما فتحها قرأ محتواها والذي هو طلب سوق ابنه جيمين لخدمة العلم...تنهد بين المصدوم وبين المتوقع لما سيحدث

تشابك الأم أصابعها ببعض مستفهمة

"ما هذا هيون "

وبينما يعيد طي البرقية

"إنه طلب لسوق ابنك للخدمة العسكرية "

ويستقيم جيمين معرباً

"إذاً والدي تعلم رغبتي وأعلم مكانتك كسياسي بتحقيق تلك الرغبة لا أريد الخوض بجو السياسة الملوث بالكذب والاحتيال وإني لأعلم لو ذهبت لخدمة العلم لن ترض بجعلي أقل من عقيد "

أجل هكذا هو جيمين وبهذه الطريقة أمضى حياته منذ أول صرخة بكاء أطلقها عند ولادته ومنذ أول نفس دخل لرئتيه...كل شيء تحت إمرته

وتزامن ذلك مع دخول الخادمة التي انحنت ملاحظة مغادرة جيمين ولم يمس صحنه حتى لتستوقفه بأدب وعيناها تلازم الأرض على استحياء

"سيدي هل الطعام لم يعجبك ؟"

"سلمت يداك على صنعه.. لا رغبة لي "

وأمه تدخلت

"ولماذا لا رغبة لك جيمين...تريد أن تمرض أليس كذلك مناعتك ضعيفة لست طفلاً لكي أنبهك على ضرر تقصيرك بالطعام "

وجيمين يرسل قبلة طائرة لها

"جميلة حتى وأنتِ غاضبة "

وضحكة خافتة من هيون جعلت الزوجة ترمقه بغضب ليخبئ وجهه بالجريدة كاتماً ضحكته...

صدقوني السياسة يمكن التعامل معها وفهمهما والتحايل عليها أكثر من النساء...

وتركهم جيمين يتبختر بلباسه الصوفي الواسع ويضع يديه في جيوبه راجعاً لغرفته والخادمة ظلت منحنية حتى اختفى جسده من محيط غرفة الطعام

"يمكنك الانصراف سنستدعيك حينما ننتهي "

توجه السيدة كلامها للخادمة والتي انحنت مجدداً ذاهبة لعملها

"إذاً ما أنت فاعل هيون "

"سأدبر أمراً يعفيه من هذه الفوضى "

"غير موافقة على هذا..لماذا تريد إعفائه دعه يذهب للجيش حتى يغدو رجلاً ويتكسر كبريائه وتبختره بنفسه كفاك دلالاً له هيون "

"هل تعين ما تقولينه بالفعل زوجتي...ألم تسألي نفسك لماذا يرسلون برقية لجيمين وهو ما زال تحت السن الملزم به بالخدمة حسب نظام بلادنا "

قطبت حاجبيها لما ادركت صحة كلام زوجها

"بلى بالفعل "

"أنا على اطلاع بمحيط السياسة على ما يجري في الخفاء والهدنة التي بيننا وبين كوريا الشمالية ما هي إلا شعرة ستنقطع بأية لحظة والحكومة ستسوق كل الشبان وتدربهم قبل فوات الأوان فلك أن تتخيلي أن ابنك وابن الكثيرين سيكون بمرمى النار وفريسة للموت فهل تريني مجنوناً حتى أرسله للموت بيدي "

تبعثرت ملامحها وضعت كفها على صدرها

"يا إلهي أي أيام تنتظرنا أرجو ألا يحدث ما تقوله هيون...وافعل أي شيء حتى لا يأخذوا ابننا "

"سأرى بهذا الشأن "

عاد ونفض الصحف و وازاها أمام وجهه لتنفتح بين يديه لكنها لم تجذب اهتمامه بقدر شروده الحديث الذي دار بينه وبين زوجته قبل قليل حول جيمين...ليزيحها عن وجهه معقباً

"لا تقولي عن جيمين مدلل فحسب لا تغفلي عن نقطة أنه ذكي بالرياضيات والفيزياء فطرياً وقد أعجب به أستاذته ولحلوله المبتكرة التي يوجدها خارجاً عن نمطية المناهج الدراسية في المقررات...هو مجتهد لم يخيب ظننا ولا لمرة "

"أنا لا أنكر هذا هيون لكن ما أعنيه أنه سطحي التعامل يلهو هناك وهناك غير جدي بعلاقاته لا يجيد دراسة المشاعر والتعامل كما يجيدها بين الرموز والأرقام...حتى أنا كأمه لا أفهمه تطلعاته مشاعره وما يريد هو لا يبوح غامض معنا ولا حتى بنى صداقة واحدة..أنا قلقة من أن نكون سبباً في تجنبه لنا كوالديه "

رمى الصحف من يديه

"الحياة ستعلمه..ثم هل تظنين أنه من السهل تكوين الصداقات "

"أنا على علم أنه بحكم طبيعة منصبك وعلاقاتك الدبلوماسية هذا قيده وحركه كدمية تحت إرشاداتك "

"وهو لم يخالف "

"أجل لم يخالف هو ابنك ومن واجبه أن يقف مع والده...لكن هذا آذاه بعض الشيء...بات يفكر أن كل علاقات البشر مبنية على المصالح لما أكثر من رفقة أبناء الزملاء السياسيين واحاديثهم التي تدور حول الأشياء السطحية والمناصب والمظاهر "

"أنا لقنته دروساً في التعامل وطبقها بحذافيرها مع كل قول وفعل...لقد ضغطت عليه بالفعل... "

"أتمنى أن يحيطه أصدقاء حقيقيين يجعلونه يرى الجانب المشرق من العلاقات وأنها ليست كلها لمصلحة "

ونظرة لاحت للأفق من هيون الذي سرح طويلاً بداية بالحديث عن تصرفات ابنهما ونهاية بالمستقبل المجهول وما يعلمه كسياسي من أخبار وتحريات تصب بذات النقطة وهي اندلاع الحرب

من يرغب بخسارة ابنه الذي كبر أمام عيونه يحتسب كل يوم كم كبر وكم طالت قامته...ومتى يحبو ثم ينادي بابا ماما ثم يقف على ساقين ثم يمشي وحده...

وتتسارع الأيام فيغدو شاباً قوياً....

لا أحد يرغب بخسارة قطعة من جسده..

بيت بارك نية المضي قدماً حول إيجاد الطريقة المناسبة لكي يتم استبعاد ابنه من صفوف الجيش...مستفيداً من مكانته ومنصبه...مع العلم أن قرارات كهذه مثل سوق الشبان لخدمة العلم تعتبر أمراً مقدساً ولا يتم الاستهانة به بتاتاً...ويعتبر المتخلف أو الهارب بمثابة مجرم هرب من حكم العدالة...

لأن الدولة تعدك خائناّ ولا تريد خدمة بلادك...



~~~~~~~








مشهد في مكان آخر






صوت الراديو وهو يذيع الأخبار منذ الصباح يصدح بتلك الغرفة التي تطل على الممر والذي ينتهي بالمطبخ...

تتحرك السيدة كيم من سريرها لتنجز أعمالها...

جسدها متعب بعض الشي ظلت طريحة الفراش لعدة أيام أثر مرضها

مرض السكري يفتك بجسدها .. المرض الذي يصيب الصغار والكبار نساء ورجال....

يلعب هذا المرض بعداد الأعمار ومن ضحاياه من يحالفهم الحظ للعيش لفترة أطول...

وما زاد مرضها سوءاً تعبها النفسي بعد وفاة زوجها بحادثة غريبة بل قاهرة كانت بسقوطه واصطدام رأسه بحافة حادة مؤدية للوفاة على الفور...

الأمر كان ليمضي ويهون لو أنها حادثة قضاء وقدر بل أحد العمال من قام بدفع زوجها ولاذ بالفرار وكأن شيئاً لم يكن...القضاء حاول إيجاد المدعى عليه والمتهم لكن كما لو أنه ملح وذاب...

سخطها هذا لا يساوي شيئاً أمام سخط ابنها تايهيونغ على ما حدث...

تجول بنظرها على كل بقعة من البيت...بدأت تتعايش على فكرة أن جسد زوجها ما عاد يطوف في البيت...حتى رائحته بدأت تختفي من البيت...هل يهون الميت على الحي لهذه الدرجة وبهذه السرعة

لا..

لكنه النسيان يفعل فعلته بالبشر...يريك كيف الحياة تستمر بلا لحظة توقف ولا حداد على حزنك...الحياة لن تقيم طقوس العزاء على رحيل من تحب بل ستمضي وكأنها لا تراك وأنت تبكي بل ستستمر دون أن تلتفت لشعور الوحشة الرهيب الذي خلفته صفعة الموت على وجهك...

وتظل مناماتنا مليئة بمن رحلوا نسمع فيها صوتهم مرة أخرى نعانقهم ومن بعدها تتفتح عيوننا على الحقيقة

تايهيونغ محل والده بقلبه بالصميم...تأثر برحيله لدرجة انه يبكي لأنه يخشى أن يتوقف والده عن الظهور بمناماته...هذا رعب لديه...الطريقة الوحيدة للقاء والده بالنوم ولقياه على عجل...لكن هذا يكفيه ويؤيه..

ولأنه الصباح فلا بد من أن تحضر السيدة كيم القهوة وبجانبها بعضاً من البسكويت..تعبت من ملازمة الفراش....

سمعت صوت خشخشة وتحرك قادم من المطبخ فابتسمت تلقائياً لأنها حزرت مسبقاً أنه تايهيونغ سبقها ليعد قهوة له ولها...

يطفئ ابنها الموقد وعلى عجل يرفع دلة القهوة الساخنة من يدها حذراً من جعلها تلامس أصابعه...

وصوت انسكاب القهوة في الأكواب وانسيابها يسمع في المطبخ

يتصاعد البخار وتتصاعد معه رائحة القهوة اللذيذة...

"امم عشقي هذه الرائحة"

تستنشقها السيدة كيم التي دخلت للتو وانتبه لها ابنها

"أوه صباح الخير أوما .."

يترك ما بين يديه قرب الموقد ويتجه نحو والدته يمسكها بلطف من عند كتفيها

"لماذا غادرتي سريرك أنت متعبة..سأجلب القهوة إلى سريرك "

تايهيونغ لا يحب القهوة بل يشربها لأجل والدته حتى أنه يعدها ويحضرها لغرفتها كل يوم...يعتني بها كما كان زوجها يفعل..يفعل المستحيل ليعوضها ولا يشعرها بالفراغ الذي نشأ برحيل والده

يريد أن يثبت لها أنه رجل داخل البيت وخارجه...

حنون رقيق من الداخل وفي الخارج صارم

كيف هي تتأثر بتصرفاته ومحاولته أن يكون قوياً لا يهتز...وأن يشبه والده بقدر الأمكان...أن يكبر مع علمها بضعفه وحاجته للبكاء بأية لحظة

كيف تخبره أنه يجب أن تعتني هي به لا العكس ولأنه كان متعلقاً بوالده كثيراً ولا شيء في الحياة سيعوضه سوى الصبر والرضا والتناسي والتماشي مع أقدار الحياة المجحفة...

يجلسان بغرفة المعيشة...يقترب تايهيونغ من الراديو يدير مفتاح الصوت لجعله أعلى قليلاً

يرتشفات قهوتهما بهدوء وضوء الشمس ينساب من النافذة مرفوعة الستارة...

الشمس ذاتها تشرق على كل نافذة منزل....

وخلف كل نافذة وجدار وباب حكاية تختلف من منزل لمنزل...

يداعب ضوءها لؤلؤي عيني تايهيونغ مروراّ برموشه...

بدا وجه الفتى خلاباً لدرجة أن الشمس غزلت خيوطها على التقاسيم المنحوتة بأتقان....

بدا يشبه والده كثيراً...

ظلت عيون الأم تتبعه وهي شاردة لا تشعر بطعم رشفاتها من فنجان قهوتها

أما هو فيرفع كوب قهوته يقرب حافته من فمه ينفخ عليه

تراقب والدته أدق تفاصيله...يتبع أول رشفة بقضم واحدة وثنتين من البسكويت حتى لا يشعر بمرارة القهوة أو يجعلها محسنة الطعم

هو لا يستسيغ ابتلاع القهوة مع السكر الذائب...بل يتقبل أكثر أن يتناول معها البسكويت

تظل عيونها عليه كيف يشرب بسرعة يريد إنهاء فنجانه وكأنها واجب وطني أو دواء مر الطعم مجبر على شربه

تكافح خروج دموعها وقلبها يرق عليه...كيف يساير ما تحب بكل حب و سعة صدر....

أحسنت تربيته حقاً...

كيف لا يكل ولا يشكو وهو يعتني بها...ويلازم البيت لأجلها منذ وفاة والده

لا يخرج مع اصدقائه ولا يتذمر أو يتململ لأجلها مع أنها تخبره أن يخرج فهو يحتاج للترفيه عن نفسه قليلاً

يرفع ناظريه فيجد عيونها اللامعة تقابله

"أوما "

يضع فنجان قهوته بخيبة أمل

"تعال إلى هنا "

تباعد بين ساعديها سائلة إياه أن يرتمي بأحضانها...وملء جسده بذلك الفراغ

تشبت بعناقها لا يفلته هو بقدر ما تتمسك به هي

"كيف كنت سأعيش من دونك أخبرني أنت كل ما تبقى لي من بعده...هنا آثاره ورائحته "

"أعدك أوما أن أجد قاتل والدي لن يهنأ لي بال بلا أن آخذ حقه "

لا يقاوم دموع القهر وقلة الحيلة والكره الكبير لقاتل والده وجعلهم يحرمون منه للأبد..




~~~~~



يتبع...


آرائكم بالبداية ؟







الحماس رح يتصاعد شوي شوي مع تقدم الأحداث و وضوح مجرياتها إن شاء الله.....بس إنتو شجعوني

رح تظهر شخصية جين ونامجون أكيد....

الرواية ما رح يكون فيها هالحبكة المذهلة...لكن يعني حبكة جيدة وترابط مرضي...لما قول هيك مو ببخس حق نفسي بالعكس أنا بحب كتاباتي جداً ومؤمنة فيها بس أنا بعرف حدودي وبسعى للأفضل دوماً..






















الرواية فيها هدول القردين دائما بحرب 😆بحبهم جداً يكونوا هيك مين متلي ؟

بس أكيد في أشياء لطيفة بتخصهم كمان...


مستقبلاً بدي أكتب روايات الهم خاصة إن شاء الله يلي بحب... يثبت وجودو بتعليق....















نلتقي إن شاء الله ❤️

Continue Reading

You'll Also Like

1.1M 44K 51
Being a single dad is difficult. Being a Formula 1 driver is also tricky. Charles Leclerc is living both situations and it's hard, especially since h...
29.1K 692 7
Hanji has a yearly thing where you put your wishes into a box and the will supposedly come true. But this time she decides that this year will be dif...
6.8K 469 13
ماذا يَحدُث إن عَبثَ معنا القدر؟. أخذنا إلي الماضي.. أرانا حقيقتنا.. فقط لِثلاثون يوماً. © All copyright belong to the writer. - Covered By : @ madis...
343 70 5
سيتِم قتلكَ هنا لذا اهُرب.