تفاعل على البارت ، قراءة ممتعة
الفصل السادس والخمسون ( القسم الأول )
_________________
( - رأفت بيه تعب يافندم و نقلوه للمشفى و بيقولو ان حالته خطيرة.
همس بتوتر منفعل ليجيبه الآخر :
- ما انا عارف و لسه جاي من عنده و حالته بقت مستقرة بس انت مالك اعصابك مشدودة ولا كأنه كان واحد من عيلتك.
تنهد بضيق و أجابه :
- يا عادل بيه انا مكنتش متوقع الامور توصل لكده حضرتك لما قولتلي نتهم رأفت بيه كنت فاكر اننا هنبعد الشبهة عننا بس انما تعبه و دخوله للمستشفى مكنتش حاطه في بالي.
قضب عادل حاجباه و اقترب منه مرددا بسخرية حادة :
- هو صعب عليك انت نسيت عملت ايه في ابنه و مراته زمان ولا لما طلعت اشاعات بتقول ان عمار مبقاش قد المنصب بتاعه و خليت المجلس يقلب عليه.
- ايوة يا فندم بس ديه حاجة تانية خالص كنا هنتسبب في موت انسان بريء.
- و الجنين اللي سممته و قتلته مكنش بريء يا سليم ؟
غمغم متهكما فأغمض سليم عيناه بخزي و ابتلع لسانه ليربت عليه الآخر و يوصل بثبات :
- اسمعني كويس الطريق اللي دخلنا فيه كان معروف من الاول انت كنت و لسه حارسي المخلص و دخلتك وسط رجالة عمار لانك الوحيد اللي بثق فيه وانت مخيبتش ظني فيك ... اكيد هنضطر احيانا نعمل حاجات مكناش عايزينها بس المهم نفضل عارفين ايه هو هدفنا و مين الشخص اللي بننتمي ليه.
رفع رأسه اليه بتردد لكن عادل لمس فيه بعض الإقتناع فتابع :
- بعرف ان اخويا رأفت و عمار ساعدوك كتير وممكن تكون حاسس بالذنب ناحيتهم للسبب ده بس متنساش انا عملتلك ايه من لما لقيتك في الشارع وانت قاعد على ركبك بتمسح جزمة واحد عشان قرشين تدرس اخوك الصغير و تعالج أمك المريضة بيهم.
ساعتها انا ساعدتك و ضميتك ليا لاني شوفت فيك راجل حقيقي يعتمد عليه اهتميت بأخوك و والدتك الله يرحمها و مبخلتش عليك انت فاكر ولا لأ.
استطاع عادل النجاح في الضغط النفسي الذي مارسه عليه من خلال تذكيره بأفضاله و التمنن بمساعدته لعائلته في السابق ليقتنع سليم و يذكر نفسه بأنه لولا السيد عادل لما كان سيستطيع توفير حياة كريمة لشقيقه حتى والدته لم يكن ليجد لها ثمن الكفن الذي تغطت به عند وفاتها.
ومن ناحية أخرى بدأ الشعور بالذنب يتسلل اليه بعدما استوعب انه يشارك في تدمير عائلة بأكملها و التفريق بين رجل و زوجته و أب ووالده ، وكل هذا لأن الأخ يطمع في ثروة أخيه و ينتقم منه في أشياء هو لا يعلم ماهيتها ، و لكن مثلما قال السيد عادل إن ولاء سليم الوحيد موجه للرجل الذي انتشله من القمامة وهو لا يسعه الاعتراض عن أي من أوامره.
هتف عادل بتحذير :
- انا سمعت عمار وهو بيخانق ابوه وبيتهمه انه هو اللي اتسبب فخسارته لإبنه و ع الاغلب بعد تعب رأفت عمار هيبدأ يشك في الموضوع ده ويبدأ يفهم انه كان لعبة احتمال كبير كمان يواجهك مباشرة و يجبرك تتكلم علشان كده انت لازم تتخبى الفترة ديه.
- هروح فين ؟
أخبره بأنه يمتلك شقة في محافظة الاسكندرية و سيذهب ليختبئ بها وبعدها سيتم ترحيله الى خارج البلاد لكي يبتعد نهائيا عن العائلة ولا يكشف أمره ، و رغم اعتراض سليم الأولي لأنه لا يستطيع ترك أخيه إلا ان عادل أقنعه بأنه سيتحمل كافة مسؤولياته من بعد الآن و فعلا هرب الأخير للإسكندرية و بدأ يجهز في أوراق السفر وهو يكاد لا يتخلص من عذاب الضمير بعدما كان سيتسبب في موت ذلك الرجل الطيب.
و بعد مرور أسبوع اتصل سليم بعادل و قال له :
- يا فندم انا مش قادر اسكت اكتر من كده بقالي كتير مش قادر انام من ضميري و الكوابيس اللي بتجيلي و عايز اواجه عمار بيه و اعترفله بكل حاجة.
حينها كادت تتوقف نبضات عادل وهو يهدر بعصبية :
- انت اتجننت ايه اللي بتقوله ده !
- متقلقش انا مش هعترف عليك هكدب و اقول اني تبع واحد من المنافسين و عملت كده عشان اشغلك عن الشركة و اقسم بربي مش هجيب سيرتك حتى لو هموت.
ضرب الآخر يده على الطاولة مزمجرا بحدة ثم أغمض عيناه محاولا تهدئة نفسه ليتمتم :
- سليم انت دلوقتي مش عارف نفسك بتعمل ايه من الخوف اهدا شويا و ركز عمار مش هيرحمك لا انت ولا اخوك و هيأذيك ... انا فاهمك كويس و عارف حاسس ب إيه و عارف كمان انك هتندم ع اللي بتقوله لما تصحى ع نفسك ... انا حجزت تيكيت من مطار القاهرة و سفريتك هتبقى بكره بليل تعالى ليا عشان افهم ايه مشكلتك ولو مقتنعتش ساعتها اعمل ما بدالك ماشي.
اقتنع سليم بصعوبة ثم أخبره بأنه يحتاج لأدويته و قطرات العيون التي يستخدمها من أجل القيادة الليلية لينبهه عادل بعدم الخروج من المنزل و سيرسل له هو كافة ما يحتاجه.
كان الأخير يدرك جيدا بأن الرجل الوفي لم يعد كذلك و قد أدرك هذا جيدا لذلك ليس لديه حل آخر للنجاة سوى ... التخلص منه !
و لأنه على علم بحالة سليم الصحية استطاع ايجاد فكرة ممتازة لقتله وهي وضع مادة تشوش الرؤية داخل عبوات قطرات الأعين و أرسلها له مع أحد رجاله ... لم يكن متأكدا من اذا كان مساعده سيتعرض لحادث أم لا و لأول مرة قرر الاعتماد على حظه و بالفعل نجحت خطته و انقلبت سيارة سليم في حادث مروع أدى لفقدانه لحياته.
و في النهاية وقف على قبره متأسفا لأنه اضطر على قتل الرجل الذي كان يعتبره كولد له و لكن الخطأ ليس منه هو لم يجعل سليم يخونه و يحيد عن طريقه لذلك فإنه يستحق عقاب الموت ! )
كل هذه الأحداث مرت على ذاكرته بشكل سريع كمقطع فيديو تعاد مشاهدته سطحيا بينما يجلس على الكرسي مقابل الحاسوب و يستمع لكلام عمار :
"- اعتقد مفيش داعي نخبي اكتر من كده اللعب بقى ع المكشوف و انا عارف كل اللي عملته و اللي خليت سليم يعمله قبل ما تقتله بس مادام وصلت بيك الحقارة للدرجة ديه يبقى لازم اقولك حاجة ... انا لسه موصلتلكش ومعرفتش انت مين وليه بتعمل كده بس وربي هلاقيك اقسم بالله هعرف اوصلك و ساعتها ... موتك هيبقى ع ايدي !!"
احمرت عيناه مبتسما كالمختل وهو يستمع لتهديد هذا الشاب الذي استيقظ من غفوته أخيرا ، لقد كان عادل يشك في موضوع معرفته بكل شيء و ككل مرة اتضح أن شكوكه صحيحة تلك الغبية اعترفت لعمار بأمر التسمم فبدأ رحلة البحث عن الفاعل من خلال تمثيله بأنه لا يعرف شيئا ثم مراقبة سليم الذي أوصل لها قطع الشوكولاطة بنفسه ذلك اليوم و في اثناء فعله لذلك وثع بفخه و اتهم الشخص الخطأ و عندما أفاق كان الأوان قد فات لأن كل الدلائل اختفت حتى الطبيب لن يفيده بشيء من الأساس لأنه لا يعرف هوية المسؤول الحقيقي عن كل هذا.
تنهد عادل بسخرية وهو يرى أنه قد تم قطع الإتصال مما يعني بأن عمار نزع جهاز التنصت الذي كان يزرعه في شقته ، هل يظن ذلك الأحمق بأن هذا سيفرق لديه ألا يعلم بأن لا شيء يوقفه بطريقه لتحقيق أهدافه !
ابتسم باِستمتاع قائلا :
- يعني فاكر انك هتقدر تقف ضدي بس مع الاسف لا انت ولا ابوك هتعرفو توصلولي لأن الفارق بيننا ان انا بعرفك و عايش معاك و فاهم كل خطوة هتعملها لانك ابن الست اللي حافظها اكتر من نفسي وانت نسخة طبق الاصل عنها في تصرفاتها و ردود افعالها بس انت مبتعرفنيش و معندكش فكرة عن هويتي اساسا..
و زي ما قولتلك اللعب بقى ع المكشوف دلوقتي و هنتسلى كتير.
_________________
جلست على الأريكة مسندة رأسها على كف يدها وهي تراقب عمار الذي جن جنونه و حطم جهاز التنصت بعدما واجه ذلك المجرم و هدده بطريقة مباشرة ، لا تصدق أن هناك شخصا بهذا الخبث و الدهاء ان مريم لا تستوعب لحد الآن كيف يكون الشخص المجهول متقدما عنهم بخطوات إضافية دائما.
هل يعقل أن يكون قريبا من العائلة و الشركة بهذا القدر الذي يجعله يتوقع الحدث قبل حصوله ؟ و لكن من هو ولماذا يفعل كل هذا !
زفرت مريم بإرهاق فاِنتبه عمار اليها و انتابه شعور بالشفقة عليها فذهب ليجلس بجانبها و قال محاولا إخراج صوته هادئا قدر الإمكان :
- انا عارف انتي بتفكري ف ايه دلوقتي بس خلاص مبقيناش مضطرين نعمل نفسنا مش فاهمين اللي بيحصل ع الاقل انتي مبقتيش مضطرة تنامي فمكان انتي مراقبة فيه.
زمت شفتها و هتفت بخفوت :
- بس هفضل عايشة لوحدي فنفس الشقة اللي دخلولها من قبل و اتسممت فيها كمان.
- مفيش داعي تقلقي الحراسة هنا مشددة حطيت كمان bodyguard فالشقة اللي قصادك مباشرة محدش بيقدر يقرب عليكي ومع ذلك لو خايفة انا هجبلك شقة تانية اا...
قاطعته الأخرى مضيقة عينيها :
- عمار انت مش فاهمني انا بتكلم عن اني لحد دلوقتي مش عارفة مين اللي بسببه خسرت ابني و سنين من حياتي ضيعتها في كرهك ع الفاضي معقول الشخص ده بيكرهك لدرجة يأذي اي واحد قريب ليك طيب اشمعنا انا ليه مأذاش حد من عيلتك ابوك مثلا ولا مراته ولا ... بنت عمك بما انها غالية عليك هي كمان.
نطقت بالجملة الأخيرة ممتعضة ولكن عمار كان و كأنه تنبه لشيء لم يفكر به من قبل ، صحيح هذا العدو لماذا لم يسبب أذى لفرد من عائلة البحيري بصفة مباشرة و ذهب مباشرة لزوجته حسنا من الممكن أن يكون قد استغل ضعف مريم من أجل قهره بأكثر طريقة سهلة و لكن لِمَ لم يمس عائلته بسوء بعد غيابها و كأنه ... كان يريد ابتعادها عنه هي بالذات !
شرد في أفكاره ولم يلحظ شحوب وجهه وهو يفكر في احتمال ... ان يكون المجرم فردا من العائلة نفسها !
_______________
ستووب انتهى البارت
عارفة انه قصير بس ده اللي قدرت اكتبه في خلال يومين اضافة ل ان عندنا حالة وفاة ادعو للمتوفي بالرحمة فضلا وليس أمرا.