انتهى الاجتماع و غادر الجميع ما عدى مارك و الذي بدا و كأنه ينتظر مغادرة البقية ليتحدث لي
" أيمكنك استدعاء فتاة الغاب ؟ " سأل
" لا ، هي تظهر لي فجأة لكني لم استدعها من قبل ، هاري يستطيع فعل ذلك ، لكن لما السؤال فجأة ؟ "
" تلك الفتاة ، انها سلاحنا السري ، لقد قرأت جميع روايات دانيال و اعتقد اني قد وجدت رابطا بين جميع القصص التي تحدث عنها ، كما ان روايتك و هاري ايضا قد ذكرتما بعض التفاصيل و التي قادتني الى ان استنتج ان دانيال كان ملكا لهذه المملكة من قبل و قبل زمن طويل لهذا السبب لم تستطع اي دولة ان تستعمرنا ، ذلك هو السر ، فكما تعلمين ما تشكله قوة جناحاها ، انهما اقوى من اي جيش ، انها الورقة الرابحة ساره "
" اتفكر في استعمالها للمحاربة مرة اخرى ، انا لا اقبل بذلك "
" لا افكر في ذلك ، لكن افكر في حل آخر "
" بماذا تفكر ؟ "
" افكر في ارسالها لتدمر دولة العدو قبل ان يشن حربا علينا "
" ذلك هراء "
" لما لا ؟ "
" لأنه و ان قمنا بذلك سيموت ابرياء بدولة العدو و انا لن اقبل بذلك "
" اما ان يموتوا أبرياء هناك أو ان ابرياءا بدولتنا سيموتون ايضا في كلتا الحالتان لن ينجو الجميع ، اعترف انك الخيار المناسب لخلافة هاري حاليا ، لكن لقد خضت تجربة الحرب من قبل ، ربما ذلك ما جعلني اعيد التفكير ، احيانا نرغم على فعل اشياء لم نرد القيام بها و احيانا نصبح اشخاصا محتلفين عن جوهرنا ، ربما لا املك الخبرة الكافية ، ربما انا مجرد شاب كسول يكره المناصب لكن اطلب منك ان تتركي مهمة الجيش لي "
" ذلك ما كان يشغل تفكيري منذ البداية ، الجيش ، كلانا لا نملك خبرة ، فنحن محاميان بالأساس لكن ان نفذنا خطتك ماذا سيحدث بعدها ؟ "
"لن يفكر احد في ان يستعمرنا ، انه رد اعتبار لدولتنا "
" ان قبلت بذلك و ان مات الآلاف .... هل سأستطيع مواصلة حياتي و كأن شيئا لم يحدث ؟ ربما ذلك ما يحدث مع هاري ، فهو لم يكن قاتلا ابدا و لم يكن مجرما و فكرة انتقامه قد جعلته على مقربة من الجنون لقد دفع ثمنا لذلك صحته انه يعاني اعلم جيدا ما يمر به ، لن يكون من السهل على شخص بريئ ان يعيش بعالم مليئ بالكراهية و الدموية ، لا تكن مثله مارك ، لقد عملنا جاهدين ان ننقذك و سالي من ذلك المصير ، لا اريد ان تسقط ضحية تأنيب الضمير لذلك انسى تلك الفكرة كما أني لا اريد اقحام فتاة الغاب مرة أخرى "
" تقولين هذا لأنك امرأة مثلها ، لابأس ، لقد كتبت ذلك في روايتي ، قلت ان بطلا قصتي سيحصلان على السلام في النهاية لكن لا ارى ذلك السلام ، ربما قصتك و هاري لم تنتهي بعد "
" شكرا لأنك لا تزال الى جانبي ، رغم انك تكره اقحام نفسك في تلك الامور "
كنت قد قررت التوجه الى الاكادمية و بعد ان أمرت بأن يتم أخذ الفتيات للتجنيد ، كان يجب ان ازور الاكادمية لأطلع على آخر المستجدات ، رغم ان الوقت قد تأخر لقد كانت الثالثة فجرا تقريبا و ها أنا في طريقي الى ذلك المكان رفقة مارك و سالي ، في طريقنا الى هناك كنت استطيع سماع صوت نحيب الفتيات لم يعجب ذلك القرار احدا ذلك كان واضحا ، رغم ان ذلك المشهد كان مؤلما فتيات في عمر الزهور يتم اجبارهم على الدفاع عن الوطن لقد كان ذلك القرار الاكثر جرأة مني و قد كنت على استعداد لتحمل تبعاته ، صوت بكاء النسوة في الارجاء لم يحرك بي تلك المشاعر ابدا و لم اشعر بالشفقة بل كنت لا أزال احافظ على تلك التعابير الباردة و الخالية من المشاعر ، وصلنا وجهتنا بعد دقائق و قد كان علي مقابلة مدير الاكادمية اولا و الذي كان قائد في الجيش ، في طريقي الى مكتبه كان عدد من الفتيات مصطفون في طوابير عند ذلك الممر الشاسع ، جميعهن كن تمتلكن نفس التعابير لقد كن نسخا عن بعضهن لقد كن تبكين و قد كنت استطيع رؤية تلك الدموع بأعينهم ما عدى فتاة واحدة و التي كانت تنظر لي تبتسم حينها بادلتها الابتسامة و واصلت سيري الى ان اوقفني صوت احداهن و التي صاحت قائلة
" ساره ، اللعنة عليك ... ساره "
توقفت فجأة ثم التفتت لها ، حينها اقترب مني مارك ثم همس
" لنتجاوز ذلك ، لا داع للحديث معها "
تجاهلت قوله و اقتربت منها و قد كنت على استعداد لسماعها
" كان ليكون غدا يوم زفافي ، لقد حولت سعادتي الى حزن و دمار ، اللعنة عليك ساره ، كل ذلك بسبب هاري و الا كيف لحثالة مثلك ان تصل القمة و تبدأ في القاء الاوامر ، نحن لا نملك الا حاكما واحدا و هو هاري "
" هذا صحيح ، لا انوي ان اكون حاكما ، لم يرق لي ذلك ابدا ، ان كان الزواج حلمك فأنا اعتذر على افساده " قلت
" ستلقى عقابا قاسيا على تطاولها ، لنغادر ساره " قالت سالي
" اتفهم معنى ان يفسد احد ما حلمك ، لكن ... أشعر بلذة ساحرة اذ اني قد افسدته ، يا لها من سعادة ، لقد انقذت فتاة غبية من الهلاك " قلت في هدوء ، ذلك ما جعلها تغضب أكثر و قد كانت تنوي ضربي لولا تدخل الحراس
" فقط لأنك لم تتزوجي بعد ، جميعنا نعرف حقيقتك ساره " صاحت
" بلى لم اتزوج بعد يا للعار ، كيف لي ان احيى بهذا العار يا ترى ، بصراحة لا افهم سبب حسرتك على الزواج فأنت تنتمين الى الطبقة النبيلة و هذا واضح ، أيعقل انك فتنت برجل ما ، ما جعلك تفضلينه على وطنك ؟ ما ذلك الحب الذي جعلك شخصا جبانا؟ تبدين مراهقة ، لا اعتقد انك قد تجاوزت الثامنة عشر ، أيعقل ان حلمك كان زواجا؟ لا اصدق ذلك "
" توقفي ، ايتها الساحرة ، الجميع يعرف حقيقتك ، انت سبب الخراب بهذه المملكة "
" اسمها دولة و ليست بمملكة ، لقد سمعت عن تلك التراهات يقلن اني ساحرة شريرة فقط لاني ارتدي الاسود فقط اعترف اني لست بذلك الجمال ، لا اتزين و لا اضع تلك الاكسسوارات ، لم انتظر يوما ان اتزوج و ها انا الان احاول قيادة جيش بأكمله لكن في نظري لازلت شخصا فاشلا مهما فعلت ، لكن على الاقل لست بفشلك ، لو كنت مكانك لسعيت لبناء شخصيتي ، شخصية قوية و مستقلة ، لا يضع الحب هدفا الا الضعيف و انا اكره الضعفاء و اشعر بالاشمئزاز منكن ، لكن لنضع الاحقاد جانبا فالبدلة العسكرية ستلائمك اكثر من فستان باهض الثمن ، "
" لا اريد ، ان كنت فاشلة بنظرك فأنا اقبل بذلك ، اريد ان اعيش فشلي لذلك دعيني أغادر الآن ، فتاة كئيبة قد جلبت البؤس للمملكة ، تنحي جانبا فقط غادري و دعينا و شأننا "
" كم من المحزن سماع ذلك الكلام ، لو فقط تعلمين كم من التضحية قد قدمنا لأجل هذه الارض ، اتعلمين الفرق بيننا يا فتاة ؟ آه لم ابرر قط لكني احاول فقط اقناعك ربما بذلك قد تنقشع تلك الغشاوة التي تعمي بصيرتك ، الفرق اني فتاة قد وهبت حياتها لشيئان فقط ، التعلم و الوطن ، أشعر بالفخر اني فعلت ذلك ، معنى ان تكون شخصا متعلما ، انه لشعور رائع و كأنك تملك حصنا منيعا لا يمكن اختراقه لقد كرست حياتي للعلم و رغم سني لازلت احاول جاهدة الحصول على شهادة الدكتورا بلى كان حلمي ان اكون قاضية اردت ان احكم بعدل ، كما اني اردت ان اكون مثالا ، و قد نجحت في ذلك ، تعليمي قد خول لي مقابلة اناس لطالما حلمت بهم ، لولا تعليمي لما عرفت اعز شخص الى قلبي ، انه ذلك الشخص الذي علمني التضحية ، اعترف انه قد شجعني لكي احمي هذا الوطن و الذي و بالمقابل لم يعترف بجهودي ابدا لكني لا الومه لو كلفني الامر حياتي انا على استعداد لتقديمها في سبيل وطني ، اتعلمين معنى الوطن ؟ الوطن ، العائلة ، الاصدقاء ، الذكريات الجميلة ، رغيف الخبز و الحب الأول ، جميعهم نفس الشيئ ، الوطن و الذي و بفضله انت ترتدين تلك الفساتين الباهضة و تلك الارض التي تأكلين من خيراتها ، ايعقل انك لن تمد يد العون لذلك الوطن ؟ و تفضلين شابا عليه ؟ فقط لأنك امرأة ... المرأة هي رمز للتضحية و القوة و نصيحتي لك سيدتي الصغيرة ، ربما لا املك الخبرة الكافية لكن اعلم جيدا ان الحبيب الذي لا يشجعلك على التعلم و القوة ، الحبيب الذي يفضلك زوجة مطيعة خاضعة ، لا تعتبريه حبيبا ابدا انه ليس الا دكتاتورا و ظالما لن تسعدي بالعيش معه ، النجاح سيدتي لا يقاس بالزواج ، بلى قد يكون الزواج امرا رائعا خاصة مع شخص تهواه روحك لكن و بالنسبة لي لم يكن الحب اولوية ابدا فأنا اعشق وطني و نفسي و والداي اكثر من الحب لذلك يا سيدتي لم اتزوج بعد لازلت اؤجل ذلك لأن وطني ذو اولوية عندي و ان كنت سندا لذلك الوطن أثق اني سألمس السعادة حتى و ان متت في سبيله ، اوه لقد سمعت ان نسوة الحي تصفنني بالغراب يقلن اني سبب البؤس ، اود فقط ان ابشرهم ان ذلك الغراب ليس الى حماما قد اختبأ تحت لحاف اسود كي لا يظهر جمال ريشه الابيض الناصع و لم يرى ذلك البياض سوى شخص واحد فقط من أجله انا على استعداد للموت "