زهرة آل فوستاريكي

AnaZilzail द्वारा

1.4M 119K 44.8K

كانت الزهرة بين تسعة من النخيل الشاهق، ذلك النخيل الذي وقف في وجه العواصف مانعًا إياها من الوصول للزهرة، لكن... अधिक

المقدمة ( ابنة اليخاندرو الوحيدة وزهرتها)
الشخصيات ..
الثاني ( حرب بلمسة الاحفاد)
الثالث ( رحلة غير متوقعة)
الرابع (هل تستطيع التحليق بالسيارة؟)
الخامس ( اللقــــــــــــاء )
السادس ( المتـشــــــــــرد)
السابع ( حِــلـف نســــائــــي )
الثامن ( ابنـــة العـمــة)
التاسع ( نحتـــاج طبيــــب )
العاشر ( المزرعة السعيدة )
الحادي عشر ( كــرم ضيـــافـة)
ما قبل الأخير ( الاسطـــا مــرزوق )
الأخير ( لأجـــــل الزهـــرة )
حفلة توقيع رحرح في وسط البلد ( واعتذار )
الخاتمة ( حلقة خاصة )
مفاجأة صغيرة لطيفة
مشهد اضافي ( الساكن الاول في قلبي )_ فبريانو وروبين _
عيدية ( هدية عيد الفطر )
هدية العيد نزل
تنويه هام
اقتباس من مشهد هدية
فصل ( لقاء العمالقة )
الرواية الجديدة نزلت

الاول ( لصوص الواي فاي والراقصة الذهبية )

90.9K 6.5K 3.6K
AnaZilzail द्वारा

*ملحوظة *

احداث الرواية كلها بعد زواج الاحفاد بشهر تقريبًا، وزواج هالفيتي بعامين فقط ....


صلوا على النبي قبل القراءة ....
__________________

" قناة المجد للقرآن الكريم، قرآن يُتلى آناء الليل وأطراف النهار"

كان ذلك الصوت الهادئ والمريح للقلوب يصدر من التلفاز الذي يتوسط بهو شقة الطبيب الشاب ادهم، المكان هادئ، والسكون يتغلغل القلوب، فها هو يوم الجمعة يطل على الجميع مجددًا بعد اسبوع مشحون، ليبدد أي تعب وأي ملل .

ومن بين كل تلك الأصوات انبثقت صرخات عالية لتنهي تلك الحالة من السلام .

نفخ أدهم بحنق شديد وهو يبعد غطاء المفرش عنه، يتحرك خارج الغرفة يفرك عينيه بتعب، متحركًا صوب باب المنزل مباشرة دون قول كلمة لتلك التي تقف في المطبخ .

لحقته صرخة هالفيتي وهي تقول :

" متتأخرش يا ادهم عشان الفطار "

فتح ادهم الباب ومد رأسه ليرى مصدر تلك الصرخات، والذي يعلمه جيدًا فها هي المعركة بين شادية وشاكر اشتعلت مجددًا، بعد هدنة أيام بسبب انشغال شاكر في عمله، نفخ يتحرك صوب الطابق الخاص بشقة عوض وهي يتمتم بضيق :

" أنتم مش هتتهدوا غير لما اطفش من العمارة كلها "

كانت شادية تقف مستندة على سور الطابق وهي تصرخ ضاربة كفيها ببعضهما البعض :

" والله يا خويا أنا عارفة نفسي كويس، الدور والباقي على اللي مش عارفين هو فاكهة ولا خضار "

أنهت حديثها ببسمة شامتة ساخرة، لكن فجأة انمحت تلك البسمة وهي تسمع صوت غلق باب شقة شاكر، صرخت شادية برعب وهي تركض لمنزلها بسرعة تغلق الباب في عنف كبير تزامنًا مع وصول شاكر للطابق الخاص بها وهو يقول بغضب :

" قولتي ايه ؟! اطلعي هنا وقوليلي قولتي ايه يا شادية ؟!"

وصل أدهم لطابق شادية وهو يقول بانزعاج:

" فيه ايه بس يا شاكر هو كل جمعة لازم تعكروا النهار على الواحد يا اخي، مالها شادية بتتخانق معاها ليه على الصبح، أنتم لحقتوا تغسلوا وشكم لما تتخانقوا ؟!"

استدار شاكر بعنف لادهم وهو يصرخ :

" الست دي اقسم بالله باقيلها معايا تكة، تكة وهولع في الشقة بتاعتها بيها "

وصله صوت شادية من الداخل وهي تصيح بحدة :

" ابقى وريني كده يا شاكر هتعملها ازاي وأنا والله انكد عليك عيشتك، والله عال مبقاش غير بتوع الحرنكش اللي يهددوني "

لوح أدهم بكفه صارخًا في غيظ من استفزاز شادية لشاكر وهو يلقي بجسده في منتصف الطريق بين شاكر وباب منزل شادية :

" يا ستي ما كفاية استفزاز بقى هتخليه يولع فينا كلنا"

صرخ شاكر وقد اشتدت عروق رقبته، يحاول أن يفلت من بين يديّ ادهم :

" والله لولا أنك ست قد جدتي لكنت اتصرفت معاكِ بشكل تاني، بس كلامي مش معاكِ، كلامي مع ابنك لما يصحى و ..."

وقبل أن يكمل جملته أبصر فتح الباب واندفاع شادية منه وهي تقف قبالته وبينهما ادهم يكاد يحترق من غضبهما سويًا :

" ما هو أنت لو ابوك كان رباك مكنتش قولت كلمة زي دي لـ lady زيي، بس نقول ايه راجل بيئة وغير متحضر "

تناسى شاكر كل هيبته وعمره ومكانته وكل شيء وهو يطلق شهقة عالية ضاربًا كفيه في بعضهما البعض متهكمًا :

" ايه يا ختي ؟! Lady ؟! عيني عليكِ باردة يا ضنايا، بعدين تحضر مين يا ام تحضر، ده أنتِ بُقك (فمك ) ده عمره ما خرج كلمة واحدة متحضرة"

ومن بين تلك الكلمات المتراشقة وتلك الاصوات الصارخة وتلك الفوضى، تحرك عوض خارج منزله يحمل بين يديه مسبحته يحرك حباتها بكل هدوء وسلام نفسي، مرددًا اذكاره اليومية دون أن يهتم لما يحدث، ثم ابتسم بكل هدوء وهو يقول :

" صباح الخير يا شاكر، مش عوايدك يعني تبدأ من الصبح كده، بس كده احسن الخناقة البدرية منسية، خلص بقى على السريع وابقى تعالالي القهوة نشرب كوباية شاي سوا"

وما كاد يتحرك حتى عاد مجددًا وهو يرفع إصبعه في وجه شاكر مرددًا بجدية :

" بس خلي بالك وأنت متعصب كده لاحسن تكسر الباب زي آخر مرة، انا تعبت عما صلحته، وانا بعيد عنك مبقتش حمل ادفع شلن زيادة اصلح حاجة "

انتهى من كلامه، ثم تحرك صوب الاسفل ليتقابل مع كريم الذي كان يحمل حقيبة بلاستيكية تفوح منها رائحة الافطار المصري الشهي وهو يقول ببسمة :

" صباح الخير يا عم عوض، ايه اللي صحاك بدري كده ؟!"

" ابوك "

انتهى عوض من حديثه وهو يتحرك صوب الاسفل، بينما نظرات كريم تشيعه بتعجب وهو يردد :

" ابوك ؟! دي شتيمة ولا ايه ؟!"

وقبل أن يكمل أفكاره كانت اصوات الصراخ تعلو من الطابق الخاص بشادية، ركض كريم بسرعة صوب الاصوات .

_____________________

وفي منزل شادي استيقظ بفزع على هزات منة التي كانت تصبح بغيظ :

" شادي، شادي اصحى فيه مصيبة "

انتفض جسد شادي من الفراش وقلبه يقرع بقوة، عينه تدور في المكان حوله متحدثًا بخوف :

" حصل ايه ؟! بنتك خطفت ابن كريم ولا ايه ؟!"

كان يتحدث وهو يتحرك في الغرفة باحثًا عن ثيابه مرددًا برعب :

" المرة دي شاكر هيرفع علينا قضية ويشردنا بسبب بنتك، ولا يكونش ابويا اكتشف إني عــ...."

" بنتي مين يا شادي أنت كمان ؟! شادية وشاكر بيتخانقوا"

توقف شادي عما يفعل وهو ينظر ببلاهة لزوجته ثم ردد :

" يعني بنتك مخطفتش ابن كريم !!"

هزت منة راسها بلا ليتساءل شادي مجددًا :

" ولا ابويا اكتشف إني عطيت ادهم باسوورد واي فاي القهوة ؟؟"

صاحت منة بغيظ :

" أنت بتهزر يا شادي ؟! بقولك شادية وشاكر هيقتلوا بعض"

عاد شادي مرة أخرى للفراش وهو يردد براحة وقد هدأ خفقان قلبه المرتاع:

" طب ياستي قلقتيني، ده انا قولت مصيبة، سيبيهم يلعبوا مع بعض وهما لما يزهقوا كل واحد هيرجع لبيته"

نظرت له منة بصدمة وهي تردد :

" أنت بتهزر ؟!"

اجابها شادي بحنق :

" لا يا منة أنتِ اللي بتهزري الصراحة، يعني مصحياني بدري يوم الجمعة وتقوليلي مصيبة وفي الآخر يطلع شاكر وسادية بيتخانقوا، فين المصيبة في كده ؟! ده روتين يومي عادي، بلاش تكبير مواضيع "

راقبته منة وهو يعود للنوم مرة أخرى قرير العين، ليس وكأن جدته تُشعل شجارًا في الخارج، بل وتكاد تُقتل ...

_____________________

الملابس تتطاير وشظايا الزجاج تتقاذف هنا وهناك، والصراخات تعلو تزامنًا مع ارتفاع صوت تحطيم أثاث الغرفة بأكمله، بدى الأمر كما لو أنك تجلس في موقع تحطيم وهناك ناقلة عملاقة تمر على المباني وتفتتها أسفل عجلاتها، أو وكأن موجة غاضبة هاجمت الشواطئ بجنون، لتزيح كل ما عليها دون أن يرف لها جفن .

كل تلك المشاهد وكل تلك الفوضى لم تحرك شعره به وهو يجلس على مقعده في أحد أركان الغرفة يراقب ما يحدث، يجلس بقميص بذلته الغير مهذب، بعدما القى سترته ارضًا تجاور رابطة عنقه، والآن يضع قدمًا على أخرى يراقب انفجار زوجته والذي توقعه منذ اللحظة الأولى، حينما أخبرته وبكل جنون أنها اكتفت من شهر العسل، ذلك الشهر الذي لم يكن شهرًا فعليًا، بل كان شهر وخمسة أيام تحديدًا .

توقفت هي عما تفعل وهي تتنفس بعنف صارخة، تشد خصلات شعرها بعدما غاصت الفساد في كل ما حولها ولم يتبق شيء لتفعله :

_ أنت...انت فعلت هذا قصدًا صحيح ؟!

ولم تصل لها إجابة منه فاشتعل غضبها مرة أخرى بعدما كانت قد بدأت حرائقه تخمد، نظرت حولها بجنون تبحث عما تحطمه في الغرفة، لكن لم تجد شيء تفرغ به غضبها .

ليبتسم الآخر بهدوء شديد وهو ينزع إحدى المزهريات من الطاولة جواره والتي كانت قد نجت من تلك المعركة، ثم مدها إليها.

تحركت نحوه بعنف تنتزعها من يده بقوة ثم هشمتها لقطع صغيرة وصدرها يعلو ويهبط بقوة تحاول أن تزيح ذلك المشهد من رأسها، تلك الراقصة اللعينة التي ضمت زوجها بل وقبّلته أيضًا دون حركة واحدة منه .

نزلت دموعها وهي تراقب الغرفة وما فعلته بها، بينما انطونيو يراقب ما يحدث في انتظار أن تهدأ ليتحدث معها، فهي في هذه الحالة لن تستمع له .

" افضل ؟!"

نظرت له روما من بين دموعها ولم تجيبه بحركة واحدة ليتحرك هو ويقف من مقعده يشرف عليها من الاعلى، ثم بكل بساطة ضم رأسها له يربت عليها، ليشهد بذلك انفجار روما وهي تردد من بين شهقاتها :

" لقد قبلتك امامي انطونيو، تلك الحقيرة قبلتك دون حتى أن تهتم لوجودي، تلك الراقصة التي تلتمع بشرتها كما الذهب، كيف يمكن أن تكون بشرتها لامعة بهذا الشكل "

كتم انطونيو ضحكته على تساؤلها العجيب في تلك اللحظة، لكنه لم يظهر لها وهو مازال يربت على ظهرها تاركًا لها حرية التحدث بكل ما يزعجها :

" لقد كانت جميلة انطونيو، ألم ترى كيف كان خصرها يتحرك بسلاسة ؟! الفتاة كانت جميلة جدًا "

صمتت ثم أضافت بصوت مقهور :

" جميلة لدرجة أنها اعجبتني أنا انطونيو، فما بالك بك ؟! أقسم إن لم تكن تلك الفتاة قد فتنتك كرجل، فهناك أمر خاطئ بك، أخبرني هل أعجبتك ؟!"

التوى فم انطونيو وهو يحاول مقاومة ذلك الهاجس المرعب في رأسه والذي يأمره بطحن جسدها ويحوله لفتات صغيرة أسفل يده .

" ماذا لم تجبني ؟! هل أعجبتك الفتاة ام لا انطونيو ؟!"

حرك انطونيو رأسه للاسف ثم ثبت عينه على خاصتها وهو يردد بغضب مكبوت :

" وكيف اجيبك وأنتِ وضعتيني بين خيارين احمقين، فإن قلت لكِ نعم روما اعجبتني، سأصبح خائنًا وتحيلين حياتي لجحيم وينتهي بي الأمر بقتلك ثم اقتل نفسي وانتهي، وإن أخبرتك لا فسيكون بي شيء خاطئ، ماذا افعل أخبريني ؟! "

دفعته روما بعيدًا عنها وهي تقول :

" إذن أنت تأبى الاعتراف بأن تلك الفتاة أعجبتك ؟!"

" أنتِ يا امرأة بحق الله، هل رأيتني يومًا انظر لأخرى غيرك؟! ثم عندما قبلتني تلك الذهبية الشعور الوحيد الذي تدافع داخلي هو الاشمئزاز ولولا المكان الذي كنا به لكنت تصرفت بعنف، لكنني فقط اكتفيت بدفعها "

لم تنتبه روما لكل حديثه ذلك بل فتحت عينها وهي تقول بصدمة وصراخ :

" مهلًا مهلًا، كيف علمت أنها ذهبية انطونيو ؟! هل كنت تحدق بجسدها ؟!"

رفع انطونيو حاجبه ببطء، ثم دفعها جانبًا بغضب دون كلمة واحدة وهو يتحرك صوب المرحاض مرددًا بحنق :

" اقسم أنني بدأت اصدق أن هناك لعنة وضعت على شهر العسل خاصتي، هذه ثاني مرة يفسد "

تابعته روما بعينها وهي تزم شفتيها وهي تشعر بالقهر من ذلك المشهد، تعلم أن انطونيو لن ينظر لامرأة سواها، لكنها خافت، خافت وارتعبت أن يتسبب جمال تلك الفتاة في تحطيم اسواره التي يبنيها حوله، وقد ساهمت غيرتها في تعزيز ذلك الخوف، لتشعر بصخرة تجثم فوق صدرها بعنف مانعة إياها من التنفس .

فاقت من شرودها على طرقة قوية بعض الشيء على باب الغرفة وصوت جايك يصدح بجدية :

" اخي جدي يطلبنا جميعًا في مكتبه "

وبعدها صدحت خطوات جايك بعيدًا عن الغرفة، دقائق مرت قبل أن يخرج انطونيو وقد بدّل ثيابه لأخرى منزلية مريحة، بينما روما مازالت تقف في منتصف الغرفة دون كلمة واحدة، ثواني حتى اشتمت رائحة سائل الاستحمام خاصته يخترق انفها، تليها بضع قطرات من الماء البارد يتساقط على وجهها، وما كادت ترفع وجهها لترى ما يحدث حتى شعرت بقبلة رطبة حنون تستوطن جبهتها وصوت انطونيو يردد بحب :

" لم تعجبني تلك الفتاة روما، ولم تحرك بي شعرة واحدة، لا يوجد في هذا العالم امرأة تحرك بي شيئًا عداكِ، فأنتِ تزلزلين كياني برمشة صغيرة من عينك، فعداكِ أنتِ روما كلمة نساء تثير اشمئزازي "

انتهى من كلماته ولم يكد يتحرك صوب الخارج حتى شعر بروما تدفن رأسها بظهره مرددة من بين دموعها :

" أخبرني أنك تحبني أنا فقط انطونيو"

استدار انطونيو ببطء يحتوي رأسها بحنان كما جسدها وهو يردد بلطف وحب :

" قلبي لايقبل بسواكِ ساكنًا روما ........"

____________________________

عاد ادهم للمنزل بعدما تمكن بأعجوبة رفقة كريم من انهاء تلك الحرب التي ستطيح البناية أعلى رؤوس الجميع يومًا ما، تمطأ بتعب وهو يفرك خصلات شعره مقررًا أن يمر على المطبخ ليتناول بعض الطعام قبل أن يذهب مع صغيره للخارج و...

توقف عن الحديث وهو يبصر زوجته وابنه مغطيان بالشوكولاتة، والاخير يكاد يقفز بجسده كله داخل العلبة الكبيرة الشبه فارغة التي يضعها أمامه ارضًا، المكان شبه مدمر وكأن إعصار قد ضربه .

رفعت هالفيتي رأسها وهي تشعر بوجود خيال يغطيهما :

" ادهم اتأخرت ليه؟! فضلت مستنياك عشان نفطر سوا، بس أنت اتأخرت وانا يا حبيبي حسيت بهبوط مفاجئ كده فقاسم أصر عليا اني افطر "

أنهت حديثها وهي تشير باصبعها صوب الصغير صاحب العامين " قاسم "

لكن أدهم كل ما صدر منه هو صوت ساخر مصاحبًا لحديثه :

" اولا اسمه فتحي مش قاسم، ثانيا ابنك أصر عليكِ تفطري عشان حسيتي بهبوط ؟! ابنك اللي عنده سنتين ؟!"

توترت ام فتحي وهي تبتلع ما في فمها مرددة بجدية :

" لا اسمه قاسم مش فتحي، وآه حبيب ماما عنده نظر شافني بتمطوح في المكان فقام قالي، أفطري يا مامي بدل ما يحصلك حاجة "

" فتحي !!"

" اه، اصله بعيد عنك عنده نظر مش زيك، عموما متخافش أنا سيبت ليك فطارك في صينية على الرخامة "

أنهت حديثها وهي تشير لصينية موضوع عليها بضعة اطباق، ثم عادت ببساطة تتشاجر مع صغيرها على علبة الشوكولاتة الذائبة التي تدمنها " النوتيلا" .

بينما تحركت ارجل أدهم صوب تلك الصينية التي تدعي زوجته ظلمًا أن فطوره بها، وقد كانت فقط تحتوي على قرص صغير من تلك الفطائر المصرية ( طعمية) وملعقة فول واحد تقريبًا إلى جانب قطعتين من المخلل الحار، وقطعة خبز صغيرة .

تحركت عين ادهم لها وهو يشير ببلاهة لما تركته :

" ايه ده ؟!"

رفعت هالفيتي عينها لما يشير له ادهم :

" سلامة نظرك يا حبيبي ده الفطار "

" فطار ايه ؟! ده البواقي اللي ابنك بيوقعها وهو بياكل اكتر من كده، فين الفطار ؟! وبعدين ايه دي ؟! قوليلي ايه دي ؟!"

كان يتحدث وهو يمسك كسرة الخبز غاضبًا :

" ده انتِ لو مربية دكر بط في البلكونة هتزغطيه بحتة عيش اكبر من دي "

بدأت ام فتحي تتراجع مختبأة خلف طفلها الذي حشر كف يده كله داخل علبة الشوكولاتة، لا يهتم بتلك المعركة حوله، بل كل ما يهمه أن يحصل على آخر ملعقة شوكولاتة .

" فيه ايه يا ادهم ؟! مالك عصبي كده على الصبح، الحق عليا اني بحاول احميك من كل الزيوت والدهون والنشويات اللي هتسد شرايينك ؟؟"

تحرك ادهم نحوها بعنف لتطلق أم فتحي صرخة عالية في المكان بأكمله وهي تترك ابنها زاحفة بعيدًا لإحضار شيء تدافع به عن نفسها، فما كان منها إلا أن تمسك غطاء الوعاء جوارها تشهره أمامها كما الدرع، تخفي خلفه وجهها وهي تراه ينحني نحوها يجذبها من ثيابها :

" اقتلك ويقولوا الراجل قتل مراته عشان قرصين طعمية ؟! ادخل السجن فيكِ لأجل معلقتين فول يا معفنة ؟!"

" وليه تعمل كده وتضيع نفسك وتضيعني وتشرد ابنك، مكانش طبق فول بالزيت الحار اللي يعمل فينا كده، أهدى بس وكل حاجة هتتصلح، فيه حتة حلاوة طحينية اعملك سندوتش بيها وافطر يا حبيبي طالما الفطار مش عاجبك"

جذبها ادهم نحوه حتى وقفت على قدمها وهي تغمض عينيها بخوف منه :

" تصدقي بالله، أنتِ لو فيه واحد محتاج وقف على بابك وقالك حاجة لله، هتتكسفي على دمك تديه الاكل اللي أنتِ سيباه ليا ده "

أمسكت أم فتحي يد ادهم التي كان يقبض بها على طرف ثيابها مربتة عليها بحنان :

" أهدى بس يا حبيبي وكل شيء هيتحل، كل ده عشان طعمية وفول، بعدين يعني يا ادهم هتستخسر في مراتك حبيبتك خمس اقراص طعمية ؟! أنت اتغيرت اوي يا ادهم"

رفع ادهم حاجبه وهو يتركها ساخرًا من حديثها، لكن ام فتحي لم تهتم به وهي تتحرك بعيدًا عنها تردد معطية إياه ظهرها وقد بدا عليها التأثر :

" فاكر يا ادهم، فاكر لما كنت بتشيل اللقمة من قدامك وتديها ليا وتقولي أهم حاجة تاكلي أنتِ يا حبيبتي ؟! فاكر لما كنت تحرم نفسك من كل ملذات الحياة لأجل ما تسعدني وتخليني محسش بفرق بينا ؟! اكمنك يعني دكتور على باب الله وكحيان وانا غنية وكده، "

استدارت فجأة في حركة مسرحية منها وهي تردد بملامح حزينة :

" فاكر ولا لا يا ادهم ؟! "

تحدث ادهم بحنق وهو يحرك يديه في الهواء :

" اولًا أنتِ كدابة أنا عمري في حياتي ما شلت اللقمة من قدامي عشانك، أنتِ اللي بتسرقيها، ثانيًا بقى الدكتور اللي كحيان ده كحيان بمزاجه، أنا جدو عمدة كبير في تركيا  "

انتهى من حديثه وهو يدفعها جانبًا يتحرك صوب الخارج، لكن فجأة وجد صغيره يقف في وجهه يرفع علبة الشوكولاتة في وجهه مرددًا بحديث متلعثم بسبب عمره الصغير وبكلمات متقطعة قال  :

" بابا علبة فاضية"

أمسك ادهم العلبة من ابنه يردد بحنق :

" العلبة دي اللي هقطعك أنت وامك واعبيكم فيها، حوشها بقى يا حبيبي لغاية ما قضاكم ييجي "

أنهى حديثه وهو يتحرك خارج المطبخ وخلفه أم فتحي تضحك بصخب وهي تنادي عليه :

" طب تعالى طيب هعملك سندوتش مربى اللي بتحبها يا ادهم، أنت بقيت قفوش وخلقك بقى ضيق يا ادهم وانا يا ابن الحلال مبقتش قادرة اتحمل الحياة دي "

أنهت حديثها وهي تتوسط بهو المنزل تضم ذراعيها لصدرها بحنق كبير، قبل أن تبصر بطرف عينها ادهم الذي تحرك صوبها بغضب مرعب، الشيء الذي جعلها تصرخ وهي تركض في المنزل :

" أنا آسفة والله انا آسفة، خلي بالك أنت كده هتتعب نفسية قاسم وهيطلع معقد "

وصل لها أدهم ولم يكد يمد يده ليمسكها حتى سمع الاثنين صوت طرق على باب منزلهما، لتستغل أم فتحي تلك الفرصة وهي تركض صوب المطبخ :

" طب يا ادهم هدخل اعملك قرص عجة وأشوف قاسم بيعمل ايه ......."

______________________

كان الجميع يجلس في مكتب اليخاندرو في انتظار أن يتحدث جدهم عما جاء بهم لأجله، لكن يبدو أن اليخاندرو لم يكن ينتوي الحديث بجلسته المسترخية تلك واغماضه عينه براحة كبيرة .

مال ماركوس على أذن آدم وهو يردد :

" هل جاء بنا جدك لنحرسه أثناء نومه أم ماذا ؟!"

" لا أدري ما السبب الذي جعلنا نستيقظ مبكرًا لأجله "

اجاب جايك والذي اقتحم الجلسة للتو، يجلس على أحد المقاعد جوار ماركوس مرددًا بحنق :

" نحن ننتظر انطونيو "

خرج صوت مستنكر حانق من فم مايك وهو ينظر لجايك:

" ننتظر السيد انطونيو إذن ؟! لا يكفيني أن السيد استمر في شهر عسله أكثر منا جميعًا، والآن يجبرنا على الانتظار تاركين حياتنا لأجل أن يتمتع السيد بلحظات إضافية رفقة زوجته "

انتهى مايك من حديثه حانقًا غاضبًا، ليقطع باقي سيل كلماته التي كانت على وشك الخروج من فمه دخول انطونيو وهو يردد بسخرية :

" كنت أتساءل كيف يتدمر شهر العسل الخاص بي كل مرة، ظننت الأمر لعنة، لكن اتضح أنه أنت مايك "

استدار مايك كما الجميع صوب انطونيو الذي تحرك للاريكة التي يغفو عليها مارسيلو بكل كسل كعادته، نزع انطونيو رأس مارسيلو بعنف ملقيًا إياها بعيدًا ثم استقر على الأريكة بخفة مبتسمًا للجميع بسمة باردة .

صدح صوت فبريانو في المكان وهو يعتدل في جلسته :

" إذن وبما أن انطونيو وصل ايقظوا جدي لنرى ما حدث "

فتح اليخاندرو عينه وهو يردد بهدوء :

" أنا مستيقظ فبريانو، فقط كنت انتظر وصول الجميع "

ابتسمت بسمة واسعة على فم فبريانو وهو يشعر بحماس كبير يندفع في جسده :

" هل اعتبر هذا الحديث تمهيدًا لمهمة جديدة ؟؟"

اتسعت بسمة جاكيري والذي ترك هاتفه جانبًا مردفًا بلهفة :

" اوووه يبدو هذا رائعًا، هل اذهب واجهز السيارة جدي؟! ام طائرة؟! ربما دبابة اريد وبشدة أن اجرب كيف تكون قيادة الدبابة "

اندفع مارتن معترضًا وبقوة على حديثه :

" لا يا جدي ارجوك، لا تدع جاكيري يقود، ليفعل مارسيلو افضل "

أنهى حديثه وهو يشير لمارسيلو الذي كانت رأسه تتدلى على الأريكة من الخلف وهو يتمتم من بين نومه بعدة كلمات غير مفهومة، قبل أن تتدخرج رأسه وتسقط على قدم انطونيو .

زفر انطونيو بغيظ وهو يزيح رأسه بقوة مما أدى لسقوطه ارضًا :

" أي مهمة هذه يا جدي؟! أنت لم تخبرني بالأمر سابقًا "

تحدث وهو يتجاهل جسد مارسيلو الذي سقط ارضًا على السجادة الوثيرة يكمل نومه بلا اهتمام بعدما فتح عينه والقى بسبة على انطونيو، فهو خلال ذلك الشهر المزعوم والذي يطلق عليه شهر عسل، لم يغفل لثانية حتى، والآن جسده يأن مطالبًا..

ابعد مارتن عينه ثواني من على جسد مارسيلو ثم أضاف بجدية :

" حسنًا لا بأس فقط ارسل لي احداثيات المكان يا جدي وانا سأذهب معهم، ارسل معي فبريانو وانطونيو فقط "

ارتفعت اعتراضات جاكيري عالية :

" ماذا عني ؟؟ أنت لن تجد من يقود السيارة افضل مني "

" هذا إن اعتبرنا ما تفعله قيادة جاكيري"

كاد جاكيري يجيبه معترضًا، لكن صوت اليخاندرو الذي خرج مقاطعًا الجميع اصمته :

" ومن قال أنها مهمة ؟!"

نظر له الجميع بتعجب وعم الصمت المكان إلا من أصوات شخير مارسيلو الذي كان كما لو بدأ الغناء للتو مصدرًا صوتًا مستمتعًا.

تبادل الجميع النظرات قبل أن يقول اليخاندرو بجدية وبسمة واسعة :

" منذ متى ولم نذهب في رحلة كعائلة واحدة ؟!"

صمت الجميع ليتحدث جاكيري وهو يفكر :

" ليس منذ وقتٍ طويل، تقريبًا منذ كنت في السادسة من عمري "

ابتسم اليخاندرو وهو يضيف :

" لهذا قررت وبعد أن انتهى كل واحدٍ منكم من شهر عسله، أن نذهب في رحلة هادئة، كعائلة واحدة سعيدة، أوليس هذا رائعًا ؟!"

نظر الجميع لبعضهم البعض باعتراض واستنكار، قبل أن يهتف مايك بحنق :

" أي عائلة سعيدة تلك ؟! "

" نحن جميعًا مايك، اولسنا عائلة سعيدة ؟!"

أضاف فبريانو مقترحًا :

" أنا افضل الذهاب مع روبين وحدنا على أن يرافقني هؤلاء الاوغاد، أنا يا جدي اتحمل وجودهم في المنزل نفسه بصعوبة كبيرة، كيف تتوقع مني أن ارافقهم في رحلة ؟!"

أشار له انطونيو موافقًا :

" اوافق فبريانو الرأي "

اعتدال اليخاندرو في جلسته وهو يردد بجدية :

" لكنني لا اوافقكم الرأي، لقد اتخذت قراري وانتهى الأمر، نحن جميعًا بالإضافة إلى هالفيتي سوف نذهب لرحلة إلى إحدى الاماكن السياحية ونقضي بعض الوقت كعائلة متكاتفة سعيدة "

انتبه له الجميع قبل أن يردد انطونيو بجدية :

" هالفيتي ؟!"

" نعم انطونيو، اعتقد أن الوقت لعودة حفيدتي لاحضاني قد آن، خذ معك فبريانو وجاكيري واذهبوا لتحضروا حفيدتي من اجلي "

_____________________

ألقى شادي جسده على الأريكة جوار كريم وهو يكاد يلصق وجهه في هاتف كريم، يحاول معرفة ما يخفيه ذلك الخبيث منذ الصباح، بينما سليم يتحدث مع أدهم في عدة أمور تخص العمل، قبل أن ينتفض الجميع على صراخ شادي المفزوع وهو يشير لهاتف كريم :

" ستــــــات؟! بتكلــم ستــات يا كريم ؟! "

فتح كريم عينه بفزع وهو ينظر سريعًا صوب المطبخ حيث تقبع مريم رفقة جميع النساء، وما كاد يتحدث بكلمة حتى نهض شادي من مكانه يطوف في منزل شادية وهو يصرخ بحسرة :

" يعني معملتهاش وأنت بائس جاي تعملها بعد ما اتجوزت ؟! وذنبها ايه مريم يا كريم ؟!"

رفع سليم حاجبه وهو يقول بتحفز :

" ستات مين دول يا كريم ؟!"

مد كريم يديه بفزع :

" والله انتم فاهمين غلط أنا هوضح لكم اصبروا بس "

ضرب شادي كفيه ببعضهما البعض مرددًا بحنق :

" توضح ايه يا خويا ما أنا شايف بعيني التليفون والست اللي فيه بتقولك بدنا ترويئة، ايه هتشتغلها فلبينية ؟! تعالى يا مريم تعالى شوفي جوزك وهو هيشتعل هيروح يروق عند واحدة سورية "

صحح له كريم دون شعور :

" لبنانية "

صاح شادي ببسمة واسعة مشيرًا لكريم وكأنه امسكه بالجرم المشهود :

" اهو بصوا اعترف بلسانه، أثبتوا الكلام ده بقى "

انطلق كريم صوب شادي بغضب وهو يود الانقضاض عليه :

" أنت يا متخلف ايه السعادة اللي أنت فيها دي ؟! كنت جوز امك يا حيوان ؟؟"

خرجت مريم في ذلك الوقت من المطبخ وهي تتحدث بتعجب :

" فيه ايه يا شادي بتنادي ليه، وماله كريم ؟!"

تحرك كريم صوبها سريعًا مرددًا ببسمة وحب :

" ولا حاجة يا روما ده شادي كان بيـ ..."

ولم يكد يكمل كلمته حتى قاطعه حديث شادي :

" الاستاذ جوزك بيخونك مع واحدة لبنانية، وهيروق لها البيت بتاعها ويروقلها مزاجها كمان "

أنها حديثه بحنق بينما مريم تنظر لكريم بصدمة:

" لبنانية يا كريم ؟!"

تحدث شادي بحنق وهو يرى أن الجميع بدأ التجمع في البهو :

" يعني مشكلتك أنها لبنانية ؟! مش أنه بيخونك !! أنتِ هبلة ؟! ما تشوف اختك يا عم سليم وتشوف حوارها مع زير النساء ده "

استدار له كريم بعنف وهو يتحدث من بين أسنانه :

" كلمة كمان وهمسك زير شادية اكسره فوق دماغك "

صمت شادي بحنق وهو يتمتم بغيظ :

" ايوة ايوة ما هو كده اللي يقول الحق بياخد على دماغه"

تحدثت منة بصوت منخفض جوار أذن شادي :

" هو فيه ايه يا شادي ؟! "

نظر شادي بطرف عينه لكريم ثم استغفر ربه وهو يردد بحسرة :

" شباب طايش يا منة، تخيلي كريم بيكلم ست غير مراته، بيبص لست تانية غير مراته؟! تخيلي القذارة اللي هو فيها، مش فاهم ازاي فيه راجل ممكن قلبه يطاوعه يبص برة بيته ؟؟"

تحدثت مريم وهي تنظر لكريم بأعين دامعة :

" بتخوني مع لبنانية يا كريم وهتروح تروق ليها البيت ؟! ده انا بتحايل عليك تساعدني مش بتعرف "

" اخونك ايه يا مريم أنتِ هتصدقي الاهبل ده ؟! دي عميلة عندي وعايزة اعمل ليها نظام أمان للفيلا بتاعتها في مصر"

رفع شادي حاجبه بسخرية :

" وعايزاك تروق ليها الفيلا ؟!"

" اروق ايه يا متخلف، ترويقة يعني طعام باللبناني ..طفح، يا اهبل "

صمت شادي بتعجب من حديث كريم لكنه لم يستسلم وهو يفتح فمه مجددًا آبيًا الاستسلام :

" برضو ميمنعش أنك هتروح تـ..."

وقبل أن يكمل هجمع عليه كريم بغضب طارحًا إياه ارضًا بينما سليم يشاهد ما يحدث بتشفي وسعادة وادهم يعبث بهاتفه متجاهلًا ام فتحي التي اقتربت منه تجلس جواره :

" صباح الخير يا ادهم"

استدار لها أدهم مجيبًا باستفزاز :

" صباح النور يا ضنايا "

ولم يكد يدير رأسه بعيدًا عنها مدعيًا الغضب حتى وجدها تسحب وجهه نحوها مجددًا شاهقة بصدمة :

" ايه ده؟! بسم الله ما شاء الله، الله اكبر "

تراجع ادهم بريبة وعينه ترمقها بشك :

" ايه هتدبحيني ولا ايه ؟!"

لم تهتم هالفيتي وهي تردد :

" ايه الحلاوة دي على الصبح، مش معقول كده، يابني أنت كل ما تكبر تحلى وتصير أحلى واحلى"

تشنج أدهم من حديثها :

" وايه المناسبة يا استاذ كاظم الساهر ؟! يعني غزل ودلع؟! ده اكيد تمهيد لمصيبة كبيرة "

" لا يا ادهم مصيبة ايه كفى الله الشر، أنا بس حبيت الفت نظرك أنك احلويت وبقيت قمر والعرق التركي بدأ يطفح على خلقتك اهو"

صمتت وهي تقلب وجهه بين يديها مرددة ببسمة :

" شايف وشك نور ازاي لما قللت زيوت ودهون على الصبح، عشان تعرف بس إن كل ده عشان هالفيتي حبيبتك بتخاف عليك من الكوليسترول"

ضرب ادهم يدها التي تحيط بوجهه :

" كتر خيرك والله مكنتش اعرف إن الاقلاع عن الطعمية لمدة ساعة زمن هنوّر "

ابتسمت له هالفيتي وهي تضم ذراعه بحب :

" ايوة بس انا اعرف يا حبيبي، وعشان كده مسؤوليتي كزوجة صالحة وام مراعية إني اخاف على صحتك أنت وقاسم حبيب ماما "

اغتاظ ادهم بشدة من ذلك الاسم الذي أصر على مناداة صغيره به :

" اسمه فتحــ..."

وقبل أن يكمل كلمته سمع الجميع صرخة هزت جدران المكان بأكمله وقد جحظت أعين الكل في المنزل .......

____________________

" يعني ايه راقصة ذهبية دي ؟! دي حاجة زي الكرة الذهبية بتاعة ماتش الكورة، بس دي بيفوز بيها اكتر واحد نقّط الرقاصة ولا ايه ؟!"

هكذا ابدت روبين تعجبها وهي تستمع لقصة روما بعدما تجمعن في الغرفة الخاصة بجولي كالعادة .

نظرت روما لها ببلاهة قبل أن تهز رأسها بلا اهتمام :

" لا اخفيكن سرًا، في البداية شعرت بنيران تشتعل في جوفي، لكن حينما ضمني إليه انطونيو وأخبرني تلك الجملة السحرية خمدت نيراني "

ابتسمت جولي ساخرة من حديث روما :

" نعم نعم ذلك القبيح يعلم جيدًا كيف يُصمتك أيتها البلهاء، اقسم إن كان مارتن لكنت أحلت حياته لجحيم مستعر، يا امرأة ألا احساس لديكِ؟! لقد قبلته راقصة أمام عينيكِ بعدما تراقصت حوله كالنحلة "

صمتت وهي تنظر للجميع ثم قالت بحسرة :

" أشعر أن هناك لعنة قد ألقيت على رجال هذا المنزل، دائمًا ينجذبن للراقصات"

صمتت جميع الفتيات قبل أن تضيف جولي :

" انظري لتلك الهايز هنا، الفتاة المسكينة اكتشفت بعد سنين طويلة أن زوجها كان يقضي لياليه في الحانات يتمايل مع بعض الراقصات، من كان يتوقع أن آدم الصغير البرئ يفعل هذا ؟!"

صمتت وهي ترى وجه هايز احمر بغضب وكأن جولي ذكرتها للتو ما حدث، لكن جولي لم تهتم وهي تشير للورا:

" وتلك الغبية لورا، تزوجت بمايك الذي قضى نصف عمره في الحانات كما أخبرني آدم سابقًا "

اعترضت لورا بحنق :

" مهلًا لقد تاب عن الأمر، زوجي الآن رحل صالح "

تجاهلتها جولي ثم أشارت على رفقة تردف بجدية :

" وهذه الحمقاء لم تتزوج برجل يهوى الراقصات، بل تزوجت براقصٍ "

حولت عينها في جميع الأوجه حتى توقفت على وجه راسيل، وقبل أن تفتح فمها قاطعتها راسيل وهي تقول ببسمة واثقة :

" لا تحاولي حتى أن تبثِ سمومك بعقلي أيتها الافعى، أنا أدري جيدًا أن زوجي العزيز لن يفكر يومًا في الذهاب لتلك الاماكن ويراقص النساء "

نفخت جولي باستهزاء :

" اراكِ واثقة في زوجك ؟!"

" لا بل واثقة في كسل زوجي، الحانات ليست مكانًا مناسبًا للنوم، لذلك من الصعب أن يذهب مارسيلو هناك "

" حسنًا هذا منطقي و..."

وقبل أن تكمل جولي حديثها انتفضت روبين من مجلسها وهي تركض بعيدًا عن الجميع خارج الغرفة، تحت نظرات الجميع المتعجبة.

ركضت روبين على الدرج وهي تتوجه صوب المكتب الخاص باليخاندرو، تدرك أن فبريانو به، لكن يبدو أن غضبها وغبائها اندفعا في نفس الوقت داخل أوردته، ليجعلانها تنطق بتلك الجملة الغبية وبشدة :

" فبريانو مين الرقاصة اللي قولتلي قبل كده أنها الوحيدة اللي اتفرجت عليها ؟!"

انتفض الجميع على صوت روبين وخاصة فبريانو الذي رمقها بتعجب لثواني قبل أن يتحدث باستنكار :

" ماذا ؟!"

فتحت روبين فمها باندفاع مجددًا وهي تقول بحنق :

" أنت قبل كده قولت إنك شوفت رقاصة، مين هي ؟! وهل هي مصرية ولا أجنبية؟! وايه نوع الرقص اللي بترقصه، والسؤال الأهم هل هي ذهبية ولا لا ؟؟"

ابتسم فبريانو بسمة خبيثة وهو يهمس بعدما اقترب منها خطوات صغيرة :

" تؤ تؤ الراقصة وردية، ليست ذهبية "

لكن يبدو أن تلميحات فبريانو لم تجدي نفعها مع عقل روبين في هذه اللحظة وهي تقول بجدية مضحكة :

" ودي احلى من الذهبية ؟! ولا مستوى أقل ولا اروح أسأل جولي ؟!"

أطلق فبريانو ضحكة عالية وهو يقبض على كف يدها جاذبًا إياها للخارج مرددًا :

" حسنًا جميعًا لدي أمر هنا لمناقشته رفقة زوجتي الحبيبة، نكمل الحديث في المساء لنتفق على كل شيء، والآن وداعًا"

خرج فبريانو من الغرفة وهو يجذب يد روبين التي كانت تتحرك خلفه فقط لتعلم من تلك الراقصة الذهبية التي يتحدث عنها ....

___________________

انتفض الجميع على صوت قرع الباب العنيف، تبادلوا النظرات ولم يجرأ أحد على الاقتراب وفتح الباب الذي يكاد ينخلع تحت قبضة عوض الصارخ في الخارج :

" افتحوا عارف انكم كلكم جوا، افتحوا ده انا هفتح نفوخكم واحد واحد "

ابتلع شادي ريقه وهو يتراجع للخلف ورأسه بدأت في استرجاع آخر ٢٤ ساعة قضاها في حياته، يحاول معرفة سبب غضب والده، مستبعدًا تمامًا أن يكون السبب هو إعطاء كلمة سر الانترنت الارضي للجميع .

تحرك سليم من مقعده صوب الباب يردد بغيظ من تبلد أجساد الجميع :

" مالكم كده خايفين؟! هو تلاقيه جاي يهزق شادي اساسا"

نظر له شادي بغيظ شديد ولم يكد ينبث ببنت شفة حتى وجد جسد والده يندفع للمنزل وخلفه شاكر الذي بدا متشفيًا .

علت صيحات عوض وهو يرفع ورقة بيده مرددًا بجنون :

" ١٠٠٠ جنيه ؟! استهلاك نت ١٠٠٠ جنيه ؟! ليه فاتح فرع لشركة بيل جيتس عندي في القهوة ؟!"

ارتاب ادهم وهو ينظر لملامح شادي الذي بدى جيدًا ما يفكر به وقبل أن ينطق شادي بكلمة واحدة تدين ادهم، سارع ادهم ببيعه وهو يردف:

" لا حول ولا قوة إلا بالله، أهدى كده يا عم عوض هيحصلك حاجة وخلينا نفكر مين اللي عارف الباسورد اللي بيتغير كل يوم اساسا غيرك أنت؟! كريم مثلا عشان هو اللي بيغير الباسورد كل يوم ؟؟ بس كانت عارفين كريم ملوش مصلحة وهو يقدر يسرق شركة النت نفسها، ولا.."

صمت وهو ينظر لشادي نظرات اتهام واضحة للجميع جعلت شادي يشهق بصدمة من حديثه وهو من ظنه سيدافع عنه، بينما صفقت ام فتحي بسعادة وفخر :

" تبارك الله يا ناس متجوزة محقق قد الدنيا، اسم النبي عليك حارسك وصاينك شبه الجدع دهون اللي اتفرجنا عليه امبارح في الفيلم اسمه ايه مش فاكرة كان اسمه ايه ؟!"

رمقها ادهم بتحذير وهو يراها تدور حول نقطة أنهم يشاهدون افلام ويعلم جيدًا أنها قد تذكر من غبائها أمر أنهم يشاهدون تلك الأفلام بانترنت عوض :

" مش لازم اسمه يا ام فتحي مش لازم "

" اصبر بس قربت افتكره، هو جدع طويل ومسمسم وشعره سايح على عينه وزي القمر والله، ايوة عرفت، اسمه شروق هولمز، حتى بالإمارة دائما لابس بالطو اسود وكوفية نفس اللون، وساعات كان بيلبسها كحلي و..."

قاطعها ادهم وهو ينقض عليها مكممًا فمها :

" خلاص مش لازم نعرف كان بيبلس ايه اسكتي، وقفي فرامل لسانك ده، شوية وهنروح في داهية "

أبعدت ام فتحي يدها بحنق شديد :

" ايه مالك يا ادهم مش بفتخر بيك قدام الكل أن ربنا قدرك وكشفت المجرم؟! "

اعترض شادي على حديثها وهو يصيح باستنكار :

" مجرم ايه يا عم المفتش كرومبو، أنا لو غرقت مش هغرق لوحدي وهعترف على الكل من اول قاسم ابنك لغاية جو....."

قاطعه ادهم وهو يقترب منه هامسًا ببسمة محاولًا بها أن يشتت انتباه الجميع عنه :

" هديك ساندوتش بانيه كمان "

نظر له شادي بغضب مبعدًا يده بحدة :

" والله لو جبتلي فرخة كاملة ما هسكت، انا مش هشيل الليلة لوحدي "

" طب معاه سندوتش سكلانس وواحد نوتيلا "

نظر له شادي بطرف عينه وهو يردد بسخرية :

" أنت فاكرني ايه يا ادهم يا حبيبي ؟! طفس وهسلم ليك كده عشان كام سندوتش؟ لا يا حبيبي فوق مش اقل من أكلة كفتة "

رفع أدهم حاجبه وهو يتشنج من حديث رفيقه قبل أن يدفعه باستنكار :

" طب اتفضل يا شادي يا حبيبي قول لابوك مين اللي سرق نت القهوة، وانا هقوله أنك عطتني كلمة السر بسندونش بانيه ومن غير بطاطس كمان يا معفن  "

نظر شادي بعينه لوالده الذي كان ينتظر أن يعلم الفاعل، ثم عاد بنظره لادهم وقال :

" طب ما اجبلك أنا كيلو كفتة وتشيل الليلة ؟؟"

هز ادهم رأسه بلا وبسمة مستفزة تزين وجهه، لكن قاطع كل تلك النظرات حديث عوض الغاضب :

" كريم يا بني مش أنت بتفهم في الحاجات دي ؟!"

ابتلع كريم ريقه وهو يدري القادم، نظر حوله ليرى ادهم يشير له بالنفي وكذلك سليم الذي بدأ يعي ما سيحدث لاحقًا، ولم يستطع كريم سوى أن يهز رأسه بتوتر :

" يعني شوية على قدي يا عم عوض "

" طيب يابني الله يكرمك عايزك تقولي مين اللي استهلك نت القهوة وليك عليا هحليلك بقك "

حرك كريم عينه للجميع ليجد أن ادهم يحرك يده على رقبته كما السكين في تهديد واضح له، ليشعر كريم أنه محاصر، لكن عوض قرر الضغط عليه واغراءه بشتى الطرق ليوافق على ما يريده :

" لو عملتلي الخدمة دي كل السحلب اللي هتطلبه بعد كده ولمدة شهر على حساب القهوة...."

وقبل حتى أن يُتم عوض جملته أشار كريم على رفاقه ببسمة واسعة :

" مش محتاج تهكير يا عم عوض، شادي ابنك هو اللي وزع الباسورد على الكل هنا "

ارتسمت بسمة مخيفة على وجه عوض وهو يدير رأسه شيئًا فشيء صوب ابنه، بينما شادي تراجع الملف وهو يتمسك بادهم :

" اطلب البوليس، يا ادهم اطلب البوليس بسرعة "

ابعد ادهم يده وهو يخرج هاتفه متحدثًا بجدية :

" طب يا جماعة استأذن أنا عشان بعتوني لحالة طارئة في المستشفى "

استدار يصافح شادي مقبلًا إياه :

" متخافش يا صاحبي هجبلك قرص وانا جاي اوزعها على روحك، لا إله إلا الله يا شادي يا حبيبي "

انتهى من حديثه وهو يركض خارج الشقة وخلفه أم فتحي التي حملت ابنها وهي تركض خلفه ...

بينما سليم حمل ابنته أسفل ذراعيه وأمسك يد اشرقت ( زوجته ) ملقيًا قبلة الوداع على شادي :

" البقاء لله يا جماعة، اي حاجة تحتاجوني فيها أنا رقبتي سدادة، اعلق صوان العزا أو ارص الكراسي مش هتأخر، ده صديق عمري برضو "

اختفى سليم بمجرد انتهاء كلماته وهو يبتسم لشادي بسمة متشفية جعلت شادي يبتلع ريقه وهو ينظر لمنة التي سارعت تقول بصدمة وفزع :

" أنا معنديش هدوم سودة تليق على المناسبة دي "

لطم شادي وجنتيه بحسرة :

" مناسبة ايه انا رايح اتكرم ؟! الحقيني يا شادية "

تحركت شادية بكل هدوء صوب المذياع المعلق في صالة المنزل ورفعت صوت القرآن وهي تضرب كفيها ببعضها البعض، ثم تحركت للاريكة التي تقبع اسفل النافذة وهي تجلس عليها دافنة رأسها بين كفيها :

" كان نفسي أنت اللي تدفني بايدك يا شادي، بس شكله كده انا اللي هاخد عزاك يا حبيبي "

أنهت حديثها وهي تضع طرف حجابها على وجهها تتنهد كما لو كانت تبكي حقًا ...

صرخ شادي بغيظ :

" والله ؟! كلكم بعتوني؟! ده أنتِ لوحدك مخلصة نص الباقة على الفيديو كول مع أم علي يا شادية، وفيديوهات ام كلثوم اللي بالساعات  "

تحدثت شادية بصوت ابح جاهدت في افتعاله:

" أنا يابني ؟! هو أنا أفهم في الفيديو كول بتاعكم ده  انا ست على قدي شايلة التليفون عشان اكلم فرج ابن عمي في البلد، واهو أي حاجة بتقول الو "

تحدث شادي بحنق :

" أي حاجة بتقول الو؟! القادرة شايلة ايفون وتقولي أي حاجة ؟!"

رأى كريم كل ما يحدث حوله ليشعر بذبذبات تنتشر حوله؛ لذلك أمسك يد مريم منسحبًا من المكان بأسره، ومريم تقاوم وهي تبكي حزنًا على شادي  :

" استنى يا كريم عايزة اتفرج عليه وهو بيموت "

اجابها كريم وهو يهرب بها من المكان :

" يبقى تابعي الأحداث على قناة اليوتيوب بتاعة شادية "

دارت عين شادي حوله يرى أن الجميع قد تركوه في ساحة المعركة اعزلًا، لذلك لا مفر من التسليم ....

صدح صوت عوض في المكان بشر :

" تحب عزاك هنا ولا في البلد عند فرج؟! ....."

_______________

اقتحم مارتن الغرفة بسرعة كبيرة بعدما تذكر فجأة واثناء جلوسه في مكتب جده أنه نسى مسدسه الشخصي على الفراش دون رقيب أو إخفاء .

دارت عينه في الغرفة برعب وهاجس أنه سيحد جثة جولي ملقاه ارضًا يطوف أمام عينه، لكن على العكس لم يجد أي دماء أو أي خراب، حتى أن سلاحه مازال كما هو على الفراش دون أن يُمس، فتح مارتن فمه بصدمة وهو يتحسس سلاحه، حسنًا الآن ازاداد خوفه أكثر من ذي قبل .

تحرك صوب المرحاض يطرق بابه بهدوء ورعب :

" جولي حبيبي، هل أنتِ بخير ؟؟"

لكن كل ما وصل له هو همسة صغيرة تكاد تكون مسموعة :

" لحظة واحدة مارتن أنا قادمة "

وقف مارتن أمام باب المرحاض بتعجب وهو ينتظر أن تطل عليه جولي، وقد أخذت هواجسه تهيأ له أنها الآن في الداخل تحاول اخفاء الاضرار التي سببتها، أو ربما تحاول تضميد جرحها الذي أحدثته برصاص مسدسه .

وعند تلك النقطة انطلقت باندفاع صوب الباب وما كادت يده تمتد لفتحه حتى وجده يُفتح وتطل منه جولي بهيئة لم يبصرها يومًا، هيئة مهلكة بثياب فاتنة، و زينة وجه تليق بها وبشدة، كل هذا شيء، وشعرها الثائر بطريقة غريبة شيء آخر.

" ما هذا ؟؟"

وكان هذا اقصى ما استطاع فمه أن ينطق به أمام كتلة الفتنة المتحركة تلك، لكن جولي ابتسمت دون أن تدري ما فعلته به ودارت حول نفسها بخفة مرددة :

" أعجبك ؟! "

ولم يستطيع مارتن أن يجيب بكلمة وهو يراها تتحرك أمامه بخفة صوب هاتفها الموضوع على إحدى الطاولات :

" قررت أنه آن أوان تطبيق جميع دروسي بشكل عملي، خاصة وأن الراقصات الذهبية أصبحن منتشرات في هذا الوقت من العام "

" راقصات ذهبية ؟!"

توقف جولي وهي تشغل إحدى الأغنيات على هاتفها مرددة بغمزة مقتربة منه مجددًا :

" اممم هؤلاء الراقصات أصحاب الأجساد الذهبية اللواتي يفتنّ الرجال بخصروهن المرنة "

أنهت حديثها وهي تدفع مارتن على أحد المقاعد تبتسم بخبث :

" والآن عزيزي دعني اريكِ كيف تكون الرقصات "

ارتسمت بسمة بطيئة على شفاة مارتن وعينه تلتهم تفاصيل جولي بنهم، يراها بدأت تتحرك بمرونة على صوت الموسيقى، ثم شيئًا فشيء بدأ حماسها يخفت حتى توقفت عن الرقص وهي تتحرك صوب المقعد المجاور لمارتن تلقي بجسدها عليه تحرك يديها في الهواء بتعب تمسح عرق وهمي :

" يا ويلتي كادت انفاسي تزهق للتو "

نظر مارتن لها بتعجب :

" هكذا فقط ؟! ثلاث دقائق ؟! أنا حتى لم استوعب انكِ اشعلتي الموسيقى "

" ماذا يا مارتن؟! لا تخبرني أنك لما تشاهدني ارقص لك"

" عفواً يا سيدة أي رقص هذا؟! لقد ظننتك تقومين بتمارين الإحماء لبدء الرقص، أنتِ حتى لم تحركِ كتفيكِ"

نهضت جولي من مكانها رافعة ذقنها بحدة وهي تردد :

" حسنًا يبدو أنني أعطيتك الكثير حتى أضحى القليل لا يكفيك؛ لذلك من اليوم سأكون حريصة على ألا امنحك أكثر مما تريد، أنت متطلب بشكل خانق "

أنهت حديثها وهي تتجه للمرحاض، حتى تخلع بذلتها، بينما مارتن يصيح خلفها بصدمة :

" مهلًا أنا هذا لا يُحتسب، أنا حتى لم استوعب أي أغنية كنتِ ترقصين عليها، يا فتاة المغني لم يبدأ حتى بالغناء، لقد تعبتي أثناء موسيقى البداية فقط "

أنهى حديثه وهو يلقي بجسده على الأريكة بغيظ شديد وقد تحطمت أحلامه أسفل اقدام جولي :

" لا يرهقك كثرة القفز هنا وهناك أثناء مطاردة انطونيو النكرة، لكن ثلاث ثواني من الرقص تزهق انفاسك، اقسم أنني أنا من ستزهق أنفاسه "

توقف مارتن عن الحديث وهو يستمع لرنين هاتفه ويلمح اسم جده على الشاشة، نفخ بغيظ ثم تحرك خارج الغرفة، ومازالت تمتماته الحانقة تصل لجولي داخل المرحاض ....

____________________

مساء نفس اليوم، وفي منزل ادهم الذي عاد لتوه من المشفى بعدما تم استدعاءه لأمر طارئ، تسحبت هالفيتي من جوار قاسم صغيرها، ذلك الفتى الذي ورث والدته في كل شيء، ولم يرث والده في المظهر الخارجي فقط ...

وقفت هالفيتي جوار الفراش وهي تشرف على زوجها من الاعلى مبتسمة بسعادة وقلبها يقفز طربًا لسماع اصطدام قطرات المطر بالارضية ...

"أدهم، ادهم أنت نايم ؟! "

تأفف ذلك النائم وهو يتقلب على الفراش بملل يحاول ألا ينهض ويتسبب في جريمة قد تنهي حياته، رفع طرف الغطاء يواري به جسده ووجه، علّ ذلك يكون إشارة واضحة منه لتختفي تلك المزعجة من جواره وتتركه ينال القليل من الراحة .

لكن ما كانت أم فتحي لتيأس وهي تدس رأسها أسفل الغطاء قائلة بهمس :

" أدهم أنت نمت ؟! "

صرخ ادهم بجنون وهو مازال أسفل الغطاء رفقة رأسها :

" ولو قولتلك نايم يعني هتسبيني في حالي ؟!"

" لا هصحيك ."

مدّ ادهم يده ثم دفع رأسها خارج الغطاء بغيظ مرددًا :

" امشي بدل اقسم بالله هقوم ارجعك لاصلك واخلي روحك تطوف في العمارة متلقيش جسم تسكنه ."

جذبت هالفيتي الغطاء من فوقه وهي تتحدث ببسمة وسعادة غير مهتمة برفض أدهم لما تفعل :

" اسمع بس مش تعرف أنا عايزاك ليه الاول ؟!"

فتح ادهم عين واحدة وهو يقول بتساؤل:

" ليه إن شاء الله ؟!"

اتسعت بسمة هالفيتي وهي تضم يديها لصدرها ثم صمتت ثواني قبل أن تقول بسعادة وصوت مرتفع :

"الجو بيمطر ..."

ثواني مرت وهي تنظر لوجه أدهم تنتظر ردة فعله، بينما هو يرمقها ببلاهة وجمود ودون أي ملامح تذكر، واستمر الاثنان في النظر لبعضهما البعض، قبل أن يقول ادهم بعد صمت طويل نسبيًا :

" بس كده ؟!"

" بس ايه ؟!"

"مفيش تكملة لكلامك، يعني مثلا الجو بيمطر دهب أو الجو بيمطر سندوتشات بطاطس سوري، أي حاجة تشفعلك عندي ومتخلنيش اقوم حالًا ادخل فيكِ السجن واشرد ابنك المسكين  ؟!"

نظرت هالفيتي حولها وهي تقول ببسمة متوترة :

"لا بس الجو بيمطر والمطرة حلوة ."

"والله أنتِ اللي حلوة ."

ابتسمت هالفيتي باتساع وهي تشكره :

" الله يكرمك ."

أشار لها أدهم أن تقترب :

" معلش قربي شوية ."

مالت هالفيتي صوب الفراش مقتربة برأسها من ادهم ويسكنها مازالت تستوطن فمها :

" ايه ؟! طب ما تستنى نطلع فوق السطح وتقول اللي عايزة، اصل الكلام الرومانسي بيكون احلى تحت المطر ."

"معلش خديني على قد عقلي ."

اقتربت منه هالفيتي منه وهي تحرك خصلات شعرها للجانب الآخر من رقبتها مفسحة الطريق أمام ادهم حتى لا تحول خصلاتها بينه وبين أذنها .

لكن أدهم ابتسم وهو يهمس لها بصوت خافت هامس :

" اخرجي من الاوضة واطفي النور بدل ما اقوم اطفي الحياة من عينك، والمرة دي مش بس شادية لا منظمة حقوق المرأة كلها مش هتحوشني عنك ."

استدارت هالفيتي صوب ادهم بعنف وهي ترمقه بشر كبير تحاول ابتلاع حديثه قبل أن تقول :

"يعني ايه ؟! يعني مش هتطلع تقولي كلام رومانسي  وترقص معايا تحت المطر  ؟! "

_ ارقص ايه انا آخر مرة رقصت معاكِ تحت المطر اتزحلقت مسحت سلم العمارة ولولا شادي وقف في وشي ووقعت عليه كان زماني دلوقتي على الحدود المصرية السودانية بعدين أنا راجع من المستشفى تعبان و........

صمت وهو يفتح عينه بصدمة مرددًا :

" أنتِ بتعملي ايه يا مصيبة أنتِ ؟!"

فتحت هالفيتي النافذة وهي تحمل قطرات المطر بين يديها تدخلها داخل الغرفة مرددة ببسمة :

" لو مش هتطلع للمطرة، يبقى ندخلها ليك "

انتفض ادهم من مرقده راكضًا صوبها بغضب شديد يغلق النافذة بعنف وهو يسحب جسدها للداخل :

" هالفيتي بطلي، آخر مرة طلعتي للمطرة تعبتي لاسبوع كامل "

نظرت له بأعينها اللامعة المستفزة لكل ذرة حنان داخله :

" بس انا بحب المطرة يا ادهم، وبحب اشارك لحظاتي فيها معاك أنت بالذات "

كاد أدهم أن يرضخ لتوسلها الواضح في مقلتيها، لكن تذكره لمرضها الشديد تلك المرة ردعه عن ذلك وهو يردد باعتراض :

" قولت لا يعني لا"

نفخ بغضب، يكره أن يرفض لها طلبًا، فمنذ تزوجها وأصبحت هي كل عائلته، تعهد بينه وبين نفسه ألا يحزنها يومًا بقصد، وخاصة فيما يتعلق بالمطر الذي يعلم عشقها له، لكن مرضها يؤلمه أكثر من حزنها :

" ايه رأيك منامش ونخرج نعمل فشار ونتفرج على فيلم شروق هولمز ؟!"

لوت هالفيتي شفتيها وهي تتحرك صوب الخارج مرددة بقنوط :

" لا شكرًا نام، أنت تعبان "

أعاد ادهم شعره للخلف بحنق كبير، قبل أن ينظر حوله يحاول كتم سبة عنيفة على باب فمه ..

بينما في الخارج كانت هالفيتي تقبع على الأريكة وهي تنظر أمامها بحزن وقد بدأت دموعها تهبط بشدة، تتذكر تلك اللحظات حينما كان يحملها والدها على أكتافه في المطر ووالدتها تصرخ به أن يدخلا، زخات المطر التي حملت معها ذكريات عديدة تخص عائلتها وتخص ادهم ايضًا.

مسحت دمعتها وهي تحاول ألا تبتأس مذكرة نفسها أن ادهم يفعل ذلك لأجلها، لكنها فقط تود أن تشعر بالحياة أسفل قطرات المطر .

" يلا يا ستي اتفضلي اطلعي فوق، وهي نص ساعة بس لاحسن والله ارميكِ من فوق وارمي نفسي وراكِ ونيتم قاسم أو فتحي "

رفعت هالفيتي رأسها بقوة لترى ادهم يرتدي سترة بقبعة يرفعها فوق شعره وهو يغلق السحاب والاعتراض يعلو ملامحه، لكنه لا يملك سوى أن يسعى في أي طريق نهايته سعادتها ...

اتسعت بسمة هالفيتي بشدة وهي تندفع له بقوة ملقية نفسها بين أحضانه مرددة بحب :

" أنا بحبك اوي يا ادهم، أنت احن راجل في الدنيا دي كلها"

ضمها ادهم بحنان كبير وهو يقبل شعرها ثم أبعدها مرددًا بحماس لأجلها رغم تعبه الشديد :

" طب يلا قبل ما المطرة تقف "

وهكذا اندفع الاثنان صوب سطح البناية بحماس كبير، وقد اندفعت ذكريات عديدة لرأس ادهم وهو يرى ركض هالفيتي في المكان حتى استقرت تحت الامطار مباشرة دون حائل، رفع ادهم قبعة ثيابه وهو يسمع للمياة أن تتغلغل له، في النهاية أحدهما سيمرض، لذا عليه أن يستمتع الآن وبعدها يرى من سيعتني بالآخر .

بدأت هالفيتي تدور أسفل الأمطار كما كانت تفعل ذلك اليوم مع ادهم والأطفال، لكن تلك المرة هي تشعر بكل قطرة مياه تلمسها، شعرت فجأة بجسد أدهم خلفها، ثم بادهم يضمها من خصرها حاملًا إياها ويدور بها بسعاظة وضحكات هالفيتي تخترق قلبه مثيرة لديه كل مشاعر ترتبط بالسعادة .....

_________________

وهناك حيث ايطاليا ..

صعد كلٌ من انطونيو لسيارته، وكذلك فعل فبريانو وجاكيري الذي سيقود بهم طائرة انطونيو الخاصة نحو مصر لإحضار الصغيرة المدللة هالفيتي .

بعد نصف ساعة تقريبًا توقفت السيارات في مهبط طائرات خاص، هبط الثلاثة، انطونيو بهيبته، وجاكيري بجنونه، وفبريانو بتلك البسمة التي عند النظر إليها لا تدرك ماهيتها....

صعد انطونيو الطائرة وهو يردد ببسمة واسعة :

" لنحضر زهرتنا العزيزة يا رجال ........"

_____________________

وما تلك سوى بداية لجنون كبير سنعاصره رفقة الجميع...

استعدوا لأحداث أكثر جنونًا من السابق ...

وتذكروا أنكم لم تروا شيئًا بعد .

المواعيد الثابتة :

كل اثنين وخميس الساعة ٧ مساءً بتوقيت مصر .

دمتم سالمين
رحمة نبيل

पढ़ना जारी रखें

आपको ये भी पसंदे आएँगी

326K 10K 43
💫الرواية الثانية من سلسلة ساحرتي الصغيرة 💫 ✴️WALAA ALI 👑✴️📖 🐦شقية طفولية.. عفوية.. مشاغبة.. رقيقة.. حنونة تعشق الحياة والمرح... لا تحبذ الحزن. ...
3K 605 30
في عالمٍ آخر مناقضٍ لعالمنا ، حيث القتل مشروعٌ بل و اعتيادي ، حيث يتوغل بين ثناياه الخراب و السحر و الموت دون رادع ، هل يمكن لتلك الفتاة معايشة ذلك ا...
1.1K 133 7
السلام عليكم »» #ثانوية_خاصة««😄 دي قصة بسيطة كدا مع شاب 18سنة اسمه سامر هيشاركنا قصة كفاحه، وإزاي أثبت للجميع انه النجاح لا يتعلق بتاتا بالثانوية ال...
3.5K 394 10
_لا نرىٰ "أعين مغلقة بغشاء البؤس فغفلت عن ما يحاوطها" _بؤس "كلمة جمعت أصدقائها" _عائلة "سعادة، شقاء" وكلما أغمضتُ عيني تتقاذف الأسئلة لـ عقلي ومن...