كان يوما ممطر و كئيبا لقد كثر استعمالي للمظلة مؤخرا فقد جاء الشتاء أخيرا ، كنت أتمشى بالشارع حاملة بعض الأغراض التي اشتريتها لتجهيز العشاء ، وصلت المنزل أخيرا ،أخرجت المفاتيح من جيبي ثم التفتت خلفي بعد ان شعرت بأحدهم يقترب مني
" أعتذر على قدومي بهذه الساعة سيدتي " قال ذلك الفتى ، مارك
" لابد انك تريد الحديث عن أمر مهم لتأتي بهذه الساعة المتأخرة "
فتحت الباب ثم أشرت له بالدخول ، وضعت الأغراض جانبا ثم دخلت مكتبي و هو تبعني ،كان يبدو مرتبكا شعرت ان لهاري علاقة بالأمر لوهلة ظننت أن ذلك المجنون قد أخبره بشيئ ما جعله يشعر بالقلق فرغم معرفتي به لسنوات لازلت لا استطيع توقع أفعال ذلك الرجل
" اذا ، أنا أستمع مارك"
" قال هاري انك الشخص الذي يستطيع مساعدتي ، لقد التقيت بشبح فتاة لها جناحان، و قد قدمت لي ريشة بيضاء وضعتها على البيانو بغرفة الموسيقى بالجامعة ، كانت الساعة متأخرة حينها و قد كنت و سالي بتلك الغرفة لكني كنت وحدي حين لمحتها ، كان يبدو ان هاري يعلم هويتها لكنه لم يخبرني لهذا أنا هنا "
قال ذلك في تردد لكني اكتفيت بالابتسام ربما لأنه لا علاقة لهاري بهذا لأول مرة لست مضطرة لتصحيح أخطاء ذلك الرجل لقد فعل الصواب لأول مرة بارسال هذا الفتى لي
" غريب أمرك حقا ، صحيح المظاهر خداعة ، أعترف اني ظننتك تشبهه في البداية فقد كنت تبدو عنيدا و متسلطا مثله، تلك الوشوم بجسدك ، الطريقة التي كنت تمسك بها السجائر بين أصابعك ، تسريحة الشعر الفوضوية تلك ، أعترف كنت تذكرني به حين كان في مثل سنك لكن الآن صرت أرى مدى اختلافك عنه ، تلك الريشة البيضاء لا تمنح لأمثال هاري لابد انك الشخص المناسب ليكون الوريث ، سأروي لك الحكاية منذ البداية و لك الحق في تصديق ما سأقوله ام لا "
" لابد انها حكاية لا يمكنني تخيلها ، مجددا اعتذر عن مجيئي بهذا الوقت لكن كان علي القدوم "
" لا داع للاعتذار كل مرة ، تلك الفتاة التي قد قابلتها كانت بطلة روايتي و هاري ، كائن غريب على شكل فتاة لها جناحان أحدهما كان أبيضا و الآخر أزرق اللون ، اختلفت تسميات تلك الفتاة لكن كان هاري يطلق عليها اسم فتاة الغاب فقد وجدها الأمير دانيال بالغابة ، دانيال أو ويليام كلاهما كان نفس الشخص لكن هاري هو من اطلق عليه اسم دانيال فقد احب ذلك الاسم رغم انه لم يحب شخصيته بقدر حبه لفتاة الغاب ، كانت تعرف بقوتها الخيالية فقد كانت قادرة على هزيمة جيش بأكمله و قد استغل الأمير ذلك لصالحه ، كان يعتقد انه بامتلاك قوة كتلك سيحكم العالم ، فقد كان هدفه السيطرة من الأساس بطريقة ما كانت روحه قد تجسدت في هاري لهذا السبب شعرت بالرعب من فكرة تولي هاري الحكم لكن بعدها تيقنت انه سيكون الشخص المناسب فدانيال عرف بعدله و قوة شخصيته و عزيمته و قد آمنت بهاري أيضا ، كان الأمير معجبا بجناحها الأزرق فقد كان لونه يعكس النور بطريقة ساحرة فقد رأى القوة و الصلابة بذلك الجناح و الى حد ما كان ذلك صحيحا فقد كانت قوة الأميرة تكمن في جناحها الأزرق و الذي كان قادرا على قتل جيش بضربة واحدة فقط ، غريب أليس كذلك ؟ "
" انها مجرد قصة خيالية سيدتي ، ما علاقة ذلك بما رأيته لن اصدق ان اخبرتني انها على قيد الحياة و أتت لرؤيتي "
" لا تتعجل يا فتى ، ستفهم ما عليك فهمه لا تقلق ، بهذا العالم يوجد الكثير من الثنائيات هل سمعت من قبل عن مصطلح اليين و اليانغ ؟ ربما الأبيض و الأسود الليل و النهار و ربما الخير و الشر لقد كانت فتاة الغاب و دانيال كتلك الثنائيات أيضا ، تجسدت روحها في روحي و قد صرت حاملة للريشة البيضاء و التي كانت دليلا عن الحكمة و النقاء كان ذلك الجانب النقي و الرقيق بها ، لم يكن ذلك الجناح قويا لكن قيل ان كانت له قدرة عالية على الشفاء ، بلى كانت تستخدمه لمساعدة المرضى على الشفاء ، على عكس الأمير كانت هي فتاة لطيفة و نقية ربما لهذا السبب أحبها الأمير أيضا لكن قيل أن غضبها كان مدمرا فهي ستحطمك و تكرهك بقدر ما أحبتك لم تحب فكرة الحرب و الوصول الى الهدف باستعمال القوة فقد كانت عادة ما تختار الحل السلمي و الحكيم لقد سيطر الجناح الأبيض عليها لكن السؤال المطروح هنا ، مادامت فتاة الغاب شخصية خيالية لما قد التقيتها تلك الليلة ؟ "
" هذا ما أريد معرفته "
" لقد كتبت تلك الرواية بريشتي البيضاء تلك و قد تحقق ما كتبته و بالتالي فان الشخصيات التي قد كتبت عنها ستكون حقيقية أيضا و ستظهر لك ، لقد اختارتك فتاة الغاب بنفسها مارك و ستتجسد روحها فيك ، تلك صفات وريث الريشة البيضاء سيكون شخصا نقيا و طيب القلب ، حكيم و مسالم و كل هذه الصفات بك و بي لهذا نحن متشابهان و لهذا السبب طلب منك هاري القدوم لي ، تلك الريشة لك الآن و ستكتب بها انت قصتك و بمكان ما ستكتب وريثة الريشة الزرقاء قصة مشابهة لخاصتك و ستجتمعان "
" هل ... ستكون وريثة الريشة الزرقاء تجسيد لروح دانيال ؟ "
" بالضبط ، أود سؤالك عن هاري ، ما رأيك بشخصيته ؟ "
" شخصيته ؟ معنى ذلك انه انعكاس لصورة دانيال "
" و انعكاس لصورة حبيبتك أيضا "
" ارى انه رجل قوي ، لطالما كنت معجبا بقوة شخصيته و حزمه ، انه ذلك الرجل الذي تستطيع الثقة به و الاعتماد عليه ، احب تسميته بالرجل الحديدي لكني لن استطيع ان اكون مثله ابدا و الآن فهمت السبب انه عنيد و على استعداد لفعل أي شيئ لانجاح خططه انه عبقري حقا كما انه ابرع شخص في لعب الشطرنج و وضع الاستراتيجيات سيكون من المثير ان وجدت جميع هذه الصفات بفتاة احلامي اليس كذلك ؟ معنى ذلك انك على علاقة بهاري هل كتبتما ذلك بتلك الرواية حقا ؟ "
" لم نعد على علاقة و لم اكتب نهاية لتلك القصة لكننا قد عشناها ، لقد حصلت على روح شخصية قد كتبتها بقلمي بطريقة ما قد عشنا ما بتلك القصة فقد وجدني هاري حين أتى الجامعة بالنسبة له كنت طريقة لتحقيق الهدف الذي اتى لأجله الى تلك الجامعة و بفضلي قد استطاع جمع معلومات عن العصابة ، تظاهر بأنه يحبني ثم اختفى فجأة ان قرأت روايتي ستعلم ان هذا ما حدث مع دانيال أيضا لكن بطريقة مختلفة "
" لكن من الواضح ان دانيال قد احب تلك الفتاة أليس كذلك ؟ "
" هذا صحيح لكنه قد مات قبل ان يعترف لها و يعيشا معا في سلام "
" اذا و بما ان الريشة معي انا من عليه كتابة نهاية لتلك العلاقة التي تجمعك بهاري "
" لا تفعل ، لا أريد ان تنتهي بتلك الطريقة فروح الكاتب بداخلي تجعلي أشعر بالحماس لمعرفة النهاية ربما ان تركتها للقدر ستكون أجمل بكثير من التخطيط لها "
" أتعلمين من هي وريثة الريشة الزرقاء ؟ "
" بلى ، اعلم من تكون لكن لن أخبرك سيكون من الممل ان اخبرتك الآن سأتركك تكتشف ذلك بمفردك أثق انك ستجدها بطريقة ذكية"
" لدي شعور اني أعرف نهاية هذه القصة ، ان كانت أحداث الرواية تتحقق كما تقولين فالنهاية لن تكون سعيدة سيدتي ، انها لعنة ليس الا قد دفع ثمنها دانيال لكن من سيدفع ثمنها هذه المرة أنت أم هاري ثم قد أكون أنا التالي "