《مكتملة》 ENIGMA غامض انيجما

Por EmaKandeel

70.7K 7.7K 3.3K

تسمع افكار الاخرين ؟ ممتع اليس كذلك ؟ إذن ماذا لو كان الزمان والمكان خاطئان ؟! هل سيبقى ممتعا!! ماذا عن قصة ح... Más

1. مقدمة (ملاحظات مهمة فى نهاية الفصل )
2- الــــــزَّار ثِقَتُها المَكْسُورة
3-فــــريـــــدة
4-بُذورُ الأَمْل
5- قَبِيحَةٌ
6- مُهَرّجُ البَلاطُ
7- طُعمٌ وصَيد
8- مُقْتَطْفٌ.
9- مَنْ هُوَ ؟
10-فصل خاص + توضيح
11-مَا لَمْ يَمْلُكُهُ
12- انْتَظِرِي.
13- خَالِيُّ البَالِ
14- فَأْرُ تَجَارُبِي اليَوم...
15 -اخْتَبَأْ....
16- شِجَارٌ
17- لا أُرِيدُ أنْ أُؤمن..
18- السَّيدُ خَطَأْ+[تنويه مهم]
19-صوتٌ مأْلوفٌ بِطريقةٍ غيرِ مأْلوُفة
20- اعلان مهم
21- أَعدُك
22-'رونج' + تحذير مهم
23-الزَّهْرَةُ
24-اِنْتِهَاء اَلِالْتِوَاءِ قَبْلَ بَدْئِهِ
25- اَلْكَابُوسُ
26- أَنَا فَتَاةٌ مُسْلِمَةٌ!
27- قَلْعَة اَلرِّمَالِ
28-زَوَاجُ مَدَنِيٍّ !!
29- اِسْتِثْنَاء لَنْ يَحْدُثَ
30- 🎊يا محاسن الصدف 🎊 احتفال ال٣٠٠٠
31-سَنَتَأَذَّى
32- سَيُنجِينِ
33-رَسَـــــــاَئـِــلُ
34- المُوَاجَهَةُ الأَخِيرَةُ
٣٦.غَامِضُ الـــ إنيجما!
الختام
رواية جديدة
سنة أولى سُليمان

35-لَا تَأْتيِ الآَن

1.4K 204 117
Por EmaKandeel

في آخر خطوة من بوابة منزل أسرتها الفاخر، خلعت عنها عباءة الخُذلان والآمال الزائفة والأحلام الطفولية الخرقاء، خرجت تناظر سماء العصر الصفراء الباهتة وتنفّست الصُّعداء واستعدت للتحليق بعيدا عن سِجنها وسَجّانها.

لقد خرجت للتو من ساحة حرب مع والدتها بأقل خسائر ممكنة ،وللمرة الأولى شعرت أن أغلال أقدامها قد تفتت في النهاية، وأخيرا استطاعت الهرب كما كانت تتمنى، ورفرفت جناحيها لرياح تهب بعطر مستقبل أخآذ وطارت بعيدا.

لم تكن عائلتها مصدر أمانها ولو للحظة، لم يحاول أي من والداها أن يكون حصن لها، والد مُغيّب وأم أقل مايقال عنها تستحل ما حُرم ،طالما هناك فائدة لها.

طوال سنوات عملها ظلت تجمع أموال الهرب بلا كلل، تضع القليل على القليل، لم تيأس ولم تتوانى في سبيل الحرية.

كانت على طريق عودتها لمسكن ميشيل ترى ذكرياتها الغابرة مع أسرتها وكأنه عرض سينيمائي لا يصدق.

لم تجد ذكرى واحدة سعيدة تشفع لهم، لم تجد أي لطف قُدِم لها إلا وكان ورائه إما مطلب جشع أو طمع بشع وكله كان على حساب سَلَامِها.

دخلت سيارة الأجرة في شوارع مدينة الإسكندرية قاطعة لها وصولا لمنزل ميشيل بعد ما يقارب الساعتين.

نزلت من السيارة ،صعدت درج البناية ركضا، كوبت كفها لتطرق الباب وقبل أن تلمسه، انفتح الباب معلنا عن ذراعي صديقتها ليستقبلها مأوى دافئ، فارتمت به تبكي سنواتها الخمس والعشرون بشهقات وأنين محترق.

خانتها أقدامها ستسقط أرضا ،لكن هذه المرة وجدت من يحملُ معها أثر السقوط، تلك المرة وجدت كف يربت على ظهرها ،تلك المرة وجدت دفئ يغمرها، تلك المرة هي لم تكن وحيدة، كل هذا الدعم التي لم تعرف عنه من قبل.

طفقت دموعها تحفر طُرُقا حارقة في خداها لم تفهم أهي دموع حزن أم فرحة الخلاص؟ وشعور السند هذا كيف تصفه؟! قاطع تخبُّط مشاعرها صوت دافئ يحن عليها:

"لا عليكِ يا صغيرة فقد انتهى الكابوس ، لقد زال أخيرا وانقشع، لقد أصبحتِ حُرة أخيرا"

كلمات رفيقة لم تأْلفها، حِضْن لين لم تعرفه ، أُلفة ومواساة لم تعهَدها، فبكت ليلتها باستسلام تودع طفولتها القاسية حتى نامت.

في صباح اليوم التالي استيقظت على عكس عادتها بعد الشروق بفترة كبيرة على أصوات بعض الرجال خارجا.

استلّت حِجابها القريب الموضوع برفق على حافة السرير الخشبية ،وسحبت رداء صلاتها الفضفاض المتواجد على علّاقة الملابس الخشبية بجوار السرير.

واقتربت من الباب بخطوات مترددة، نظرت في ساعة الحائط بجوار باب الغرفة كانت الساعة تقارب العاشرة صباحا.

خاطرت نفسها :
'مين حيجي في وقت زي ده ؟'

فتحت باب الغرفة فقابلها وجه ميشيل المشفق القَلِقْ التي تبدو وكأنها كانت على وشك أن تطرقه ،فبادلتها نظرة إستفسار وأردفت:
"من هم الزوار بالخارج يا ميشيل؟ وما خطب تعابير وجهك؟"

فأجابها عناق ميشيل القوي وقالت:
"لا أعرف ما يجب قوله في ظروف كهذه يا عزيزتي، ولكن عليك التماسك "

"أنا على خير مايرام، لما عليّ التماسك؟"

تراجعت ميشيل ممسكة بيدها لتوقفها عن الخروج لبرهة ،وأشارت لأحد المقعدين الصغيرين اللذان يتوسطا الطريق بين الغرف وساحة استقبال الشقة الصغيرة ثم قالت:
"انتظري قليلا يا فريدة، لتجلسي هنا أولا"

اجلستها وقربت المقعد الاخر وأمسكت كفّاها بين كفّيها وصرحت:
"عهدتك مؤمنة وقوية على الدوام يا فريدة، وما سأخبرك به يحتاج إيمانك القوي"

صمتت لبرهة وأكملت:
"لقد ماتوا يا عزيزتي"

أجابت باستفهام:
"من مات ؟"

ردت:
" كلهم يا فريدة "

برَدٍ آلي من غير وعي:
"من كلهم يا ميشيل؟"

قالت بشفقة:
"أسرتك"

رفعت كفّاها يرتعشان بغير فهم وأردفت بصوت مرتجف:
"من منهم؟"

نهضت تربت بحنو على كتفها وأجابت:
"كلهم"

ظلت فريدة في مكانها بدون رد فعل غير أيدي ترتعش ، تنظر لميشيل نظرة فارغة، كأنها تستمع لموجزِ أنباء أو كأن احد يحدثها بلغة لا تفهمها لم تستطع معالجة المعلومات المطروحة عليها، ولم تستطع حتى التحرك من مكانها، لولا تربيت ميشيل على كتفها وسماعها لصوتها الآتي من بعيد:
"...ريدة أستيقظي، يا فريدة "

فور أن وَعَت نهضت تسعى ركضا في الردهة القصيرة ،أزاحت الستار البسيط الفاصل بين مدخلها وساحة الإستقبال حول باب الشقة، فوجدت ثلاثة أشخاص اثنان منهم يرتديان الزي الأبيض المعهود لأفراد الشرطة من الجنود يقفان بجوار الباب المفتوح وآخر يرتدي ملابس عادية من بنطال أسود وقميص مخطط ويبدو هو الأعلى منصب يجلس على الأريكة يراجع أوراق في يده وفور أن رآها قال:

"آنسة فريدة حسين عبدالغني السلّام؟"

"أيوة أنا ، هــ..هو إيه اللي ميشيل قالته ده؟" بصوت يرتعش وهي تشير خلفها ناحية وقوف ميشيل كطفلة ضائعة.

"للأسف إحنا هنا عشان نبلغك عن وفاة والدك السيد حسين عبدالغني السلّام ، ووالدتك السيدة نوال إحسان المسيري"

"ثــ...ثانية من فضلك ، أنا كنت هناك إمبارح ،كانوا كويسين وصحتهم كانت كويسة ،مش ممكن يكون فيه خلط بين الأسامي؟"

"اتفضلي أقعدي الأول وبعدين هشرحك اللى حصل"

"حاضر"
وجلست وكأنها تُحرَّكُ عن بُعد تنظر للضابط أمامها بنظرات فارغة.

" أنا عارف إنه مش طبيعي حد يتبلغ بوفاة والديه الاتنين ،بس في الحقيقة ده اللى حصل فعلا "

صمت يناظر نظرة التيه على وجهها وأكمل:"حاولي تستوعبي يا آنسة! للأسف مفيش خلط في الأسماء ولا أى غلط "

"يعني هما فعلا ماتوا؟" بصيحة مشدوهة متألمة

"أيوة ده بالظبط اللي حصل ،أنا بعتذر عن كلامي لكن محتاج منك أسألك عن مكان وجودك إمبارح بين الساعة ٣ العصر والساعة ٦ المغرب ده سؤال روتيني متقلقيش من حاجة "

توسعت عيناها باندهاش وقالت:
"حضرتك تقصد إيه؟ هما ماتوا بطريقة مش عادية؟"

"للأسف ده اللى حصل فعلا ، بالنسبة لمكان وجودك؟ "

" أنا كنت هناك لحد قبل العصر تقريبا ووصلت هنا وقت المغرب، هو في حاجة بالنسبة لي؟"

" لأ ،مجرد سؤال روتيني، إحنا بالفعل عارفين إنك خرجتى من هناك الساعة اتنين ونص تقريبا ، بس زي ما قلت مجرد إجراءات شكلية مش أكتر "

" هو إيه اللى حصلهم ؟"

"اللى حصل إننا إمبارح للساعة ستة ونص المغرب جالنا بلاغ من سيدة إسمها منال إحسان المسيري ،بتبلغ فيه عن جريمة قتل أختها وزوجها في محل اقامتهم"

صمت هنيهة يشرب من كوب الماء أمامه وأكمل:
"لما وصلنا لهناك في أوضة الضيوف، لقينا الضحايا بالفعل متوفيين"

قبضت كفاها الواقعان على حجرها معا بعزم وقالت: "ممكن توصفلي لقيتوا إيه بالظبط ؟"

قال بنبرة هادئة:"آسف تفاصيل زي دي ملهاش لازمة تتعرض للقرايب"

انفعلت مترجية:"أرجوك ياريت تعرفني اللى حصل ،أقسم لك مش حعمل أي حاجة ،بس قولي!"

تنهد بتفهم  وقال :"حاضر يا آنسة، لما وصلنا لقينا جثة السِت نوال على الأرض وفيها طعنة خلفية نافذة من سكين، ولقينا السكين نفسه متواجد بجوار جثة جوزها حسين عبد الغني ،اللي كان متوفي ومكانش فيه أي طعنات ،من المعاينة المبدئية أتضح إنه أخد حاجة مسمومة، لقينا تحت رجليه فنجان قهوة جاري حاليا فحصه، لحد دلوقتي منقدرش نجزم إيه اللي حصل بالظبط! لكن من الخبرة يؤسفني أبلغك إن الوالد قتل الوالدة وانتحر "

كانت تستمع لما يسرد على مسامعها وكأنها في فيلم درامي، لم تشعر حتى أنها كانت تبكي بلا وعي ، لولا شعور حرقة أصابت وجنتيها الملتهبتين من بكاء الليلة السابقة، وضعت كفّيها على وجهها تمسح ما يسيل ، ونظرت لهما لا تعي ما يحدث ولم تفهم حتى ما هو هذا الشعور الكاسح الذي يعتريها!

عاشت عمرا بأكمله كيتيمة ذات أهل غائبين، حاضرٌ أحدهما فقط للأذى والاساءة إليها، والاخر يبدو كطيف لا تمتلك معه ذكريات تُحفظ إلا ذكرى واحدة لا تتمناها لأعدائها، والآن أصبحت يتيمة بل إنها أصبحت لطيمة.

لم تشعر سوا بدفء احتضان ميشيل لها بهدوء دون أن تنبس ببنت شفة، تواسيها بأبلغِ ما يمكنها! 

بعد يومان من الخبر، كانت إجراءات القضية لم تنتهي، لم يظهر سوا أن والدها بالفعل قتل والدتها وانتحر ،وبعض الأخبار عن وجود دماء شخص ثالث مجهول في موقع الحادث، وعلى سلاح الجريمة الذي يحمل بصمات حسين دماء لا تخص أي من الضحيتين ولم يتم التعرف عليه،ولا يوجد سجل لها.

كان يومان طويلان كانت تتخبط بين مشاعر مضطربة لا تعرف كيف من المفترض أن تشعر، في تلك الأثناء وصلتها على هاتفها من رون:

[عزيزتي أنا آت إليكِ الآن، لا تهتمي بشيء سآتي وأحمل كل شيء عنك، فقط انتظريني]

ردت وهي تبتسم:
[ أعلم نيتك الطيبة يا رون، أشعر بدفء  كلماتك وأتفهم رغبتك في مساندتي، ولكن رجاء لا تأتي الآن، عليّ أن أفعل هذا وحدي ،علي أنا وحدي وبنفسي أن أغلق هذا الباب بيدي يا رون]

قال:
[أستطيع تفهمك ،ولكن أنا أريد الاطمئنان عليك ،أريد التواجد معك في هذا الوقت اسمحي لي ولو بالتواجد من بعيد فقط]

اجابت وهي دامعة تحاول رؤية الحروف:
[لا أظنه العمل السديد أرجوك يا رون، دعني أختم الماضي السيء وحدي، لا أريدك أن ترى هذا الجانب البشع من حياتى]

قال:
[يا دِفئ قلبي، هل أنت بخير؟]

رقّت لكلماته وابتسمت تقول:
[نعم أنا بخير لا تقلق، وهل عهدتني ضعيفة؟]

قال:
[كلا،لم أعهدك كذلك أبدا يا ريدا ،أخبريني كيف تشعرين؟كيف حال قلبك؟]

ابتسمت بخجل عندما رأت ذاك اللقب مجددا ثم ردت:
[عندما واجهتها، أدركت أني أهدرت عمرا بلا طائل، وعندما ماتت أدركت أن هذا ماضٍ قد أنهاه لي ربي، عندما راجعت حياتي وجدت أنني كنت مغماة بكفاي أنا، وليس بسبب سوء معاملتها لي، كان كل شيء واضح من البداية وأنا مَن كنت غافية عمّا حولي، وعندما استفقت أدركت أني كنت دائما أميرة لم تعلم أبدا مكانتها]

قال:
[أنت أميرتي أنا، وإن مال العالم بأكمله سأُقيمه لأجلك، لذا لا تكترثي لما مضى لأنك لم تعودي وحدك بعد الآن، لكنني مازلت أريد أن آتي لأطمئن عليك يا أميرتي]

احمر خداها وردت بتوتر بالغ تغير الموضوع:
[أعلم أنك ستأتي ،ولكن لا تأتي الآن]

..............

بعد أسبوعان تمت إجراءات الدفن في مدافن الأسرة بمتابعة فريدة التي لم تترك صديقتها جانبها.

وعندما بدأت إجراءات إعلام الميراث رفضت أن ترث قِرشا من أموال العائلة أو من أعمالها حتى أنها لم تدخل منزل والداها ولم تَحْتَك بخالتها التي حاولت التواصل معها لولا منع ميشيل وجون لها.

حتى أنها غادرت فور أن دُفنا ،وكأنها ترمي بكل ذكرياتها خلفها ،وتدفنها معهم في مقابر العائلة التي استلت نفسها منها محلقة بعيدا لأرض سلامها النفسي.

في خِضْم بضعة أشهر شاقة مرت، كانت فريدة قد أتخذت فيها قرارها ببدء عمل خاص بها إلى جانب عملها في المؤسسة.

فأسست مركز تدريب على الترجمة السياسية والعلاقات الدولية، فأصبحت في وقت قصير من أشهر المراكز التي تمتلك فرق حرة خاصة بها تطلب بالتحديد للاجتماعات المرموقة دوليا.

في خلال تلك الشهور البسيطة كانت رسائل رون تصبح أقل وأقل ،بل إنها أيضا أصبحت قليلة الكلمات.

لم يبرر ولم يشرح شيئا، لم تعلم مكانه ولم تعلم هل يمكنها لومه أم لا؟ هل يمكنها سؤاله؟


...................

في آخر شهر مر كانت رسائل رون تقلصت أكثر،وقل عددها حتى أنها بدلا من رسائل يومية،أصبحت رسائل نصف أسبوعية ثم أصبحت أسبوعية.

في إجازة الأسبوع الأخير كانت تجلس على الأريكة مسندة ظهرها على ذراعها تلف خصلة من شعرها المتموج البني بتوتر على إصبعها، وهي تنظر لرسالة كتبتها على هاتفها، بها بضع كلمات قليلة وجلست تناظرها، هل ترسلها أم لا؟ أخذت تمرر عيناها علي كلماتها جيئة وذهابا:

[هل انتهى كل شيء؟]

أفزع شرودها صوت ميشيل يأتي من جانب أذنها تماما:

"لا ترسليها "

ردت بفزع:
"هل تتلصصي عليّ الآن؟ "

"فقط فضول يا فيري، فضول" وتحركت من خلفها بخفة تقفز على المقعد المجاور.

" أولا لا تنادينى بهذا الإسم أبدا ،وثانيا كان عليك سؤالي إذا كنت فضولية إلى هذا الحد "

" أولا ،أعتذر لقد نسيت أنك تكرهين هذا الإسم ،وثانيا لما تفكرين في أنها النهاية؟ لما لا يطرق بالك أنه يسعى بطريقته الخاصة؟"

" لقد قلّت رسائله، وأيضا أصبحت لغتها جافة قليلا"

" ياللعجب ،انظروا مَن اشتاق الدلال مِن حبيب القلب!!"

قفزت من مكانها تصرخ:
" أي حبيب وأي دلال تقصدين ؟ لا شيء من هذا صحيح"

"كاذبة!!" قالتها ميشيل بهدوء

فانفعلت فريدة وأردفت مندفعة:
"لست كذلك هو مَن تغير ، عساه عاد لطبيعة حياته السابقة أو عساه تعرّف على فتاة جميلة مِن بلاده أو عساه يُعد لزواجه الآن مع إحداهن!!"

قالت تلك الجمل بلا إرادة وكأنها تلقي أثقالا أهلكت قلبها حزناً، ثم أدركت غُصتها لمجرد ذلك التخيل فانكسرت ملامحها ، وجلست بوجه حزين وأعين دامعة بلا حراك تنظر مجددا لتلك الرسالة.

"عزيزتي،ليس كل الغياب سيء، هناك قول مأثور يقول لا أخبار على الإطلاق هو خبر جيد في حد ذاته"

"ألا يمكن أن يكون لا أخبار على الإطلاق، معناه أن الأخبار هناك أصبحت لا تخصني؟"

"أتعلمين؟ أحيانا أريد أن ألوم عليك لإبعاده هكذا"

" وهل كان علي أن أصبح في علاقة مع ملحد ؟ أي نوع من العلاقات كانت ستكون؟ ما فعلته كان هو عين الصواب "

" ألم يكن من الأفضل لكما بقاؤه معك وأن يتغير بجوارك ؟"

"بالطبع لا ، سيتغير لأجلي وليس لأجل ربه وليس لأجل نفسه ،ثم ماذا؟ ماذا سيحدث إذا انفصلنا ؟ ماذا سيحدث إذا تنازعنا ؟ ماذا سيحدث إذا مِتُ؟ هل كان سيظل مُسلما أم سيعود لحاله؟"

"لكن هذه كلها فرضيات لم تحدث !!"

"لكنها ستظل شكوك بداخلي، وسأكون غير مطمئنة معه إذا بقي فقط لأجلي"

"هل تحبيه لهذا الحد ؟"

"تريدين الحقيقة ؟"

"بالتأكيد اريد الحقيقة "

"أنا أحبه، أحبه أكثر من إحتمال قلبي، وأريده معي في الجنة، لذا أريده زوجا مسلما أعيش وهو زوجي أموت وهو زوجي ونلتقي في الآخرة معا مجددا"

"يا إلهي! ظننت أنه مجرد إعجاب كبير من ناحيتك وسينتهي مع فترة الابتعاد ،لكن الآن أكاد أجزم أنك اخترتِ أسماء اطفالكم! لقد خططت لحياتكم بعد الموت أيضا، واو هذا رائع بطريقة غريبة!!"

أغمضت فريدة عينها وزفرت في محاولة تمالك أعصابها ،ثم رفعت وسادة صغيرة من جانبها قذفت بها رأس ميشيل تريد اقتناصه، وأردفت:
"أصبحتِ أجمل الآن ،بتصفيفتك الجديدة ، كم كنت أتمنى لو أنها أزاحت رأسك الفاسد هذا "

ابتسمت وشردت في أفكارها مجددا، كانت قد تبسّطت وانفتحت مع مشاعرها الحقيقية ، تلك المرة الأولى التي تعترف فيها لنفسها وبصراحة أنها تحبه وتريده زوجا وتريده رفيق درب ولا أحد غيره.

ليس وكأن ميشيل قد ظنّت خطأ ، هي بالفعل كانت تفكر في حياتهما معا كأي فتاة متيمة يجتاح قلبها العشق.

كل ما فى الأمر أنها تركت لله أمر وجوده بجانبها على حاله ، داعية له أن يعوضها بوجوده بأفضل من حاله التي كان عليها.

اقتربت ميشيل وجلست بجوار فريدة وقالت بصوت حنون:
" لا ترسليها يا عزيزتي، قد يكون في وسط دراسة أو قد يكون في خِضم إتخاذ قرار حاسم، فيتوتر بسببها ويخطئ، هل هذا ما تريدينه؟"

لم تجبها ولكنها طرحت سؤال آخر:
"ألا يمكن أنه قد نسيني أو أنه قد غير قراره تجاهي؟"

"ما الذي دفعكِ لاستنتاج كهذا ؟"

"رسائله أصبحت تقل عن سابق عهدها "

" لكنها لم تنقطع ،أليس كذلك؟ "

صمتت لبرهة وأجابت:
" كلا، لم تنقطع ،فقط كلماتها أقل، وأيضا..."

نظرت لها تهز رأسها باستفهام لسبب ترددها فيما توقفت عن قوله، فلم تكمل فباغتتها بالسؤال:
"وأيضا ماذا؟"

"لاشيء، فقط لا شيء مهم"

أجابتها وهي تنظر بعيدا تجنبا لإتصال الأعين، فأمسكت ميشيل رأسها تعيده ناحيتها وقالت:
" اعترفي الآن، ماذا تخبيئين عني؟"

قالت على استحياء:
" هناك لقب"

"لقب؟ لمن؟"

"لقب لي ،هو لم يكتبه طوال الشهر الماضي"

صدحت ضحكة ميشيل وقرصت خدا فريدة بيديها وقالت ممازحة:

" إذن!! كان هذا هو كل ما في الأمر منذ البداية! وهو أنَّ غاليتي اشتاقت بالفعل لتدليل حبيبها لها"

صرخت فريدة باحراج بالغ:
"لا ليس هكذا، كل ما في الأمر أنه اعتاد أن يقول ذلك اللقب عندما يكون في أحسن حال ،وبما أنه لم يكتبه ظننت أنّ هناك أمر جلل قد حدث معه"

"لا تقلقي يا عزيزتي ،كما قلت لك إذا كان هناك أخبار سيئة لكانت قد وصلتنا بالفعل"

"أجل، أعتقد أنكِ محقة"

استقامت ميشيل من جوارها مع رنين هاتفها تقول:
" سأذهب لغرفتي لمحادثة جون ،وأعود لك بعد قليل يا عزيزتي"

اومأت لها فريدة وأعادت نظرها مجددا إلى شاشة الهاتف تطرق بإصبعها عليها بتوتر.

دخلت ميشيل الغرفة تفتح هاتفها لتتصل برقم محلي:
"مرحبا كيف حالك ؟"
..........
"نعم،نحن بخير حال"
...........
"أجل ،أعتقد أنك على حق "
...........
"كنت أعلم هذا بالفعل "

...........
"فقط هناك أمر حدث اليوم، فريدة تفتقد رسائل رون من وقت لآخر"
............
"للأسف، أنا أيضا أعتقد ذلك، هل ستتواصل معه يا سيدي؟"
..........
"حسنا، اتفق معك هذا أفضل، إلى اللقاء يا سيد يوهان"
........

استمرت رسائل رون المتقطعة والقليلة تصل لفريدة من وقت لآخر، بها من الدفئ والمشاعر ما هو معتدل وكأن طريقة حديثه تتبدل، بل وحتي ألفاظه بدأت بالتغيّر شيئا فشيئا ،وكأن شيئا ما سيحدث قريبا حتي وردتها تلك الرسالة التى لم يأتي بعدها أخرى.

[فريدة العزيزة، أعتذر على عدم حضوري ، أعلم أنني أُثقِل عليكِ وأطمع في ثقتك كثيرا ولكن هذا للأفضل أقسم لكِ]

كانت هذه أخر رسالة أتت منه بعد عام كامل من المراسلات بالهاتف بينهما ،ولم يرَ أي منهما الأخر منذ تلك المواجهة بالمشفى...

-----------------------------

●قد تتجه مشاعرك سرا الي شخص ما حبا او بغضا دون علمك ، هل تعتقد ان هذا صحيح ؟ ام ان الانسان مسئول عن كل مشاعره وبوجهها قصدا ؟

فائدة لغوية :
اليتيم هو من يموت أبوه
العجي هو من تموت أمه
اللطيم هو من يموت كلا والديه

رحم الله أمواتنا وحفظ لنا الأحياء 🤍

Seguir leyendo

También te gustarán

24.9K 1.8K 17
البكاء الراجل من شيم النساء! هكذا هم يرددون. أنه جذاب ووسيم ذو هيئة مُبعثرة، بعثرت شتات قلبي، ولكن أنه لديه عدوي يا أمي، عدوي ضد النساء! لـِ صفاء إيه...
89.6K 3.9K 25
ماذا عن فتاه ذكيه جميله مهووسه بالكتب والقراءه سافرت عبر الزمن ، .. .. روايتي جهدي الشخصي 😚 8/12/2023 ... #1التاريخية #3الروحانية #7الخيال العلمي
566K 13.5K 34
من يقول إن النور لاغاب رجع ؟ ومن منّا يضمن مشاوير الطريق ! وحتى الصياد لو قضى ليله سّهر يجمع بين شبّك ومغارات الموج عودّ التيّار ولا رجع وخيب آماله و...
14K 491 19
روايه رومانسيه اجتماعيه مى فتاه يتيمه عاشت مع سيدة طيبه ضاع منها ولدها ...لتهرب مى من طمع وقسوة خطيبها متنكرة....