24-اِنْتِهَاء اَلِالْتِوَاءِ قَبْلَ بَدْئِهِ

1.3K 182 140
                                    

"أمّا بصي عليا بصي ، أنا بسوق من غير ما اسند برجلي " قالها طفل بفرح

ردت عليه أمه بنبرة سخرية ثم تحولط لسخط وانتقاص:
" مفيش غير لعب عندك ، مش تشوف بنت خالتك ، ماسكة الكتب وهات يا أكل فيها حتى في الأجازة ، عيل خايب !" ثم نهضت تنصرف تاركة إياه في فناء المنزل يراقب ظلها المغادر بِوجُوم .

" أمّا بصي يا امّا ، نقصت درجتين بس المرة دي " قالها بسعادة بالغة ، ذلك الطفل الصغير بذل كل قدرته ليحصل على تلك الدرجة المرتفعة لأول مرة في حياته .

ردت أمه: " مهو أنت لو فيك مُخ كنت قفّلِت الدرجة زي فريدة " ثم لوحت بيدها تزيحه من أمامها باشمئزاز بعيدا عن مرآها.

حَزِن محسن قليلا من أمه ،لماذا تعامله بتلك الطريقة؟ وما هو ذنبه؟ إذا كانت فريدة تحصل على أعلى الدرجات ، لكنه لم يكن غاضبا على فريدة ، كان جانبا منه فخورا بها وسعيدا .

كان دائم الفخر بها ، كان ينظر لها نظرة المسئول والمحب ، كان يحبها من نعومة أظافره ، عندما تفوقت في إتمام إعداديتها ، أحضر لها دمية جميلة ، لكن الفتى المراهق لم يعطها لها بطريقة لطيفة أبدا ، فى ذلك اليوم دلف إلى غرفتها بدون طرق أو استئذان ، لحسن الحظ أنها كانت تطالع كتبها ولم يكن هناك ما يُخاف منه سوى أنها سحبت غطاء رأس منسدل على طرف السرير الخشبي سريعا تلفّه على رأسها بعشوائية.

دخل يقول : "فيري ، أمّا قالتلى إنك نجحتي ، أنا كنت بحوش من فترة عشان اجيبلك هدية ، بصى العروسة دي ، جيبتها عشانك " قالها يقترب منها الجالسة على الفراش .

فانتفضت مسرعة حتى لا يجلس جِوارها على الفراش تقول: " قلتلك كذا مرة يا محسن ، متدخلش الأوضة كدة ، خبط لو سمحت!"

اقترب مردفا : " أنا بس كنت عايزك تاخديها ، مش حخرج من غير ما تاخديها " رافعا يده ناحيتها يحاول لمس شعرها الظاهر أطرافه، فتراجعت للخلف بحرج .

ثم قالت " تمام، هاخدها بس من فضلك أخرج يا محسن " ، مدت يدها لتحملها فوضع يده تغلف ظاهر يدها الممسكة بالصندوق ، فانتفضت تسحب يدها بعيدا بحرج وقلق .

في ثانويتها كان يلاحقها من مدرستها للمنزل ومن المنزل للمدرسة ، كان يجن ويخلق المشاكل خلقا ، إذا كلمها معلم لها شابا كان أو كبير سن ، لو اقتربت منها فتاة يجعل أحد أصدقائه يلاحقها بالتهديد والتخويف ، كان كلما اقترب منها بشر يلاحقه بأذاه أينما ذهب أو ذهبت ليزهدوا في رفقتها أو مساعدتها ، فلا يبقى رِفقتها غيره ، وعندما واجهته كان يقول :

" أنا بحميكِ يا فريدة ، إنتِ هتبقى مراتي و لازم أخد بالي منك "

ولم يأبه أبدا لمحاولاتها اليائسة لجعله يفهم أنه لا أمل له في مستقبل معها ،كان دائما وكأن هناك نوعا ما من المناعة والحصانة في عقله، لا تجعله يفقه قولها الصريح بأنها لا توافق .

《مكتملة》  ENIGMA  غامض انيجما حيث تعيش القصص. اكتشف الآن