《مكتملة》 ENIGMA غامض انيجما

By EmaKandeel

82.4K 8.8K 3.4K

تسمع افكار الاخرين ؟ ممتع اليس كذلك ؟ إذن ماذا لو كان الزمان والمكان خاطئان ؟! هل سيبقى ممتعا!! ماذا عن قصة ح... More

1. مقدمة (ملاحظات مهمة فى نهاية الفصل )
2- الــــــزَّار ثِقَتُها المَكْسُورة
3-فــــريـــــدة
4-بُذورُ الأَمْل
5- قَبِيحَةٌ
6- مُهَرّجُ البَلاطُ
7- طُعمٌ وصَيد
8- مُقْتَطْفٌ.
9- مَنْ هُوَ ؟
10-فصل خاص + توضيح
11-مَا لَمْ يَمْلُكُهُ
12- انْتَظِرِي.
13- خَالِيُّ البَالِ
14- فَأْرُ تَجَارُبِي اليَوم...
15 -اخْتَبَأْ....
16- شِجَارٌ
17- لا أُرِيدُ أنْ أُؤمن..
18- السَّيدُ خَطَأْ+[تنويه مهم]
19-صوتٌ مأْلوفٌ بِطريقةٍ غيرِ مأْلوُفة
20- اعلان مهم
21- أَعدُك
22-'رونج' + تحذير مهم
23-الزَّهْرَةُ
24-اِنْتِهَاء اَلِالْتِوَاءِ قَبْلَ بَدْئِهِ
25- اَلْكَابُوسُ
26- أَنَا فَتَاةٌ مُسْلِمَةٌ!
27- قَلْعَة اَلرِّمَالِ
28-زَوَاجُ مَدَنِيٍّ !!
29- اِسْتِثْنَاء لَنْ يَحْدُثَ
30- 🎊يا محاسن الصدف 🎊 احتفال ال٣٠٠٠
32- سَيُنجِينِ
33-رَسَـــــــاَئـِــلُ
34- المُوَاجَهَةُ الأَخِيرَةُ
35-لَا تَأْتيِ الآَن
٣٦.غَامِضُ الـــ إنيجما!
الختام
رواية جديدة
سنة أولى سُليمان

31-سَنَتَأَذَّى

1.6K 215 151
By EmaKandeel

في فصل الربيع في الماضي الغابر البعيد ، في حديقة غنّاء يانعة الأشجار ، ملونة الأزهار، تتراقص فى الهواء زهور وردية تميل للبياض ذات رائحة خفيفة وحلوة لطيفة تدغدغ حواسك لتدفعك للابتسام.

يتوسط الطريق المرصوف المزين بالازهار المتساقطة، هناك مقعد خشبي ما إن تتلمسه حتى تشعر بعروق الخشب الطبيعية ذات الملمس القاسي والناعم، جلست امرأة شابة نحيفة ذات شعر اسود فحيم منسدل تلبس فستانا زهري كأن قماشه قد خيط من منظر الحديقة الزاهية ،تشعرك حين تنظر لها انها لوحة فنية مرسومة من فنان بارع ليصف كيف تشعر بالربيع!!

تمسك الشابة بيد طفل صغير يرتدي بنطال قصير لونه أسود وقميصا بلون سماء الربيع ، يمسك بيده الاخري دلو بلاستيكي به مجراف وشوكة.

نظرت المرأة الشابة للطفل وابتسمت من أعماق قلبها وقالت :

" هل أنت سعيد ياصغيري ؟" قالتها بصوت حنون دافئ

" نعم يا أمي ، أنا سعيد! سعيد!! أشعر و كأنني طائرة تطير فوووو "

قالها طفل صغير بصوت عفوي بريء ثم ركض الصغير رافعا جناحيه كعصفور صغير يحلق في دوائر صغيرة لطيفة مثله .

عاد لها الطفل على استحياء ،ناظرا في الأرض يفرك كفاه بيد دلوه الصغير الأحمر وسأل :

" أمي ،لماذا لم يأتي أبي معنا ؟ كنت أريد أن ألعب معه لعبة الطائرة ، كما أخبرتني أنه سيحملني فى الحديقة و سأطير "

أحاطت الأم وجنتي الوجه اللطيف بكفيها و قالت:

" أعلم أن طفلي الصغير اللطيف لا يخرج كثيرا ، لكن يا حبيبي هذه ظروف عمل والدك ربما يأتي في مرة أخرى، كما أنه قد فاجأنا اليوم بهذه النزهة ،لذا فلتسعد يا صغيري "

رفعت رأسها تنظر للأوراق الشجرة الخضراء فوقها فالتمعت في عيناها اشعة الشمس المتراقصة من بين الغصون على وجهها فرفعت باطن كفها تحمي عيناها وتنهدت تردف :

"وعليك أن تستخدم كل فرصة تأتي لك لتفرح ، لا تُضع أبدا الفرص و لا تُفرِّط بها ، والآن إذهب يا صغيري و العب في حوض الرمال ذاك ، أريد رؤية أكبر قلعة يمكن أن تصنعها "

صاح الطفل الصغير بعفوية :
" حاضر يا ماما !!"

أخذ الفتى يبني قصره الصغير ، يحاول بناء أكبر قلعة رمال لإسعاد امه .

لكن مجرافه الذي سحبه عنوة هدم تلك القلعة الصغيرة، رفع الصغير رأسه نحو مقعدها شاكيا يبكي لأمه قصره المهدوم .

لكن دموعه تجمدت عندما لمح الرجل خلفها يلف يده بمنديل على فمها و هي تقاومه ، عيناها مثبتتان بابنها الصغير أمامها ، أرادت فقط الفرصة لتتفوه بكلمة له ليهرب .

عضت يد الرجل فضربها على رأسها بأنبوب حديدي كان في جوارهم على الأرض .

فانفجرت الدماء تجري أنهارا على وجهها، ولطخت ثوبها الزهري فعكرت لطافته و أصبح مرعبا .

سحب الرجل كلتا يداه عن المرأة ونفض مكان العضة كأنه ينظف وَسَخ ، وقال بصوت اجش :

" أيتها العنيدة! كان عليك فقط أن تفقدي الوعي"

كان هناك رجلان آخران قال احدهما بارتعاب :
" و الآن ماذا علينا أن نفعل بها ؟ كانت أوامرنا فقط أن نختطفه لنثبت أنها غير كفء للعناية بالطفل"

أجابه من ضربها : " أخبرني الرئيس بالأمس ،أنها إذا ماتت فلا مشكلة في ذلك ،سيدبرها أنها حادث فقط "

راقب الطفل ما يحدث وكأنه قطعة من حجر جماد لا يتحرك ولا يرمش ولا حتى يعي ما المسموع من أفواههم .

بعد دقيقة أو أقل أحس بيد خشنه تمسكه و أنفاس كريهه برائحة التبغ تنفث في وجهه حديثا :

" إذا هذا هو ابن الرئيس ؟ أهذا سبب كل تلك الجلبة؟ ما الأمر الكبير في هذا كان عليه أن يُطلّقها فحسب "

رد الأخر :" إنك غبي حقا ،إذا طلّقها فستأخذ من ممتلكاته الكثير ووجود الطفل معها سيعطيها الحق في نقود اضافية "

صاح القاتل به : " ليس الوقت المناسب الآن ، هيا علينا نقل الجثة في صندوق السيارة ،قبل ان يلاحظ أحد، وسندبر الحادث لاحقا "

كان طفل صغيرا لم يعي الكثير بعد ، لكن كلمة جثة ليست المسمى الصحيح لأمه، اخترقت الكلمة قلبه قبل مسامعه .

حمل أحد الرجال الثلاثة جسد الأم المدمى ، ذهب الثاني ليحضر السيارة لمكان قريب ، وسحب الأخير يد الطفل ليمشي بجواره.

لكن الفتى الصغير ثبت فى الارض و لم يحرك ناظريه عن أمه التي حملت وكأنها لم تكن حية أبدا من قبل ،صارت دواخله تغلي وتفور:

" اام..ام....امي"

صرخ بها الطفل بأقوى عزم يملكه ،ينادي أمه التي رحلت توا أمام عيناه الصغيرتان ، صرخ وكأنه آخر زفير يخرج من صدره.

تجمد فكر الطفل وظل مشهد أمه وهو يرفع عيناه لها والرجل يحاوط فمها بمنديل يتكرر ويتكرر ويتكرر.

لكن المرة الأخيرة التي تكرر فيها هذا المشهد كان يبهت شيئا فشيئا ،ثم تداخلت رؤيته لتكون فريدة الضحية المكممة و محسن خلفها .

ضجت أفكاره وتخبطت لم يعي أبدا ما يحدث أهو حلم أم كابوس أم ذكريات ؟

تكرر المشهد أمامه لكنها فريدة الآن ، تؤخذ من أمام عيناه وتُحمل هي الأخرى بعيدا ، وهو يقف بلا حول ولا قوة يراقب وكأن قدماه ثبتت في جصّ جاف التحم بالأرض، صرخ وكأنه آخر أنفاسه :

"فريدة ....فريدة لا تذهبِ"
" لا تذهبِ أنتٍ ايضا..فريدة"

فتح عيناه بشق الأنفس منتفضا ،ترتعش أطرافه بنمط نبض قلبه المختلج .

إلا أن هياجه انقطع إتصاله على صوت مألوف له يقول :

" يا إلهي ، هل استيقظت ؟ياإلهى!! لقد استيقظ أخيرا "

بصوت مبحوح مرتعش بفرح ، قالها يوهان وركض خارجا يصرخ مجددا :

" أيتها الممرضة! استدعي الطبيب لتلك الغرفة بسرعة "

ثم استدار يعود راكضا داخل الغرفة ليسمع رون جي يحاول الحديث وهو يمسك رأسه بألم :

"يوهان...آآه"

" يوهااان تعال أرجوك "

مسح يوهان دموعه واقترب من سرير رون يقول :
" آت ، أنتظر أنا آت، لا تتحرك حركات مفاجئة سريعة هكذا"

سحب المقعد بجوار السرير يقربه وجلس ، ينظر لرون بعطف أبوي وقال :

" ما الأمر ؟ حالتك بسيطة فقط بعض الكدمات والجروح الطفيفة ، وكنت فى اغماء نتيجة صدمة عصبية فقط "

نظر له رون جي متفحصا ، علم أن يوهان يخفي شيئا ما وإلا لما يدور بخلده أفكار مثل :

' لايجب أن أخبره ، لابد أن أنبه على الاطباء!! '

صاح رون جي : " يوهان فقط أخبرني ماذا حل بها ؟"

قال يوهان مترددا يتفادي التواصل بالاعين :

"انها بخير لا تقلق فقط بعض الجروح وارتجاج متوسط "

تحامل رون على نفسه ينهض بعد ان رأى الكذب فى كلام يوهان :
" لا، أريد أن أراها ، لم يكن هذا حادث يسبب ارتجاج فقط "

قال يوهان بصوت قلق يشوبه الحنو :
" بني ، اهدأ قليلا !!لا ينفع الانفعال الزائد في حالتك، علينا أن نطمئن عليك أولا "

" يوهان من فضلك ، لا تمارس طرقك الأبوية معي الآن ، أنا أرجوك ، أرشدني لغرفتها "

قال يوهان بعناد :
" لا يمكنك الحركة الآن ، ولن تكون قادرا على زيارتها فى الوقت الحالي "

انقبض قلبه بعد سماعه الجملة الاخيرة ، وقال بتردد وخوف:
" هل.. هل هي بخير يا يوهان ؟ أخبرني الحقيقة ، هل حدث أمر جلل؟" قالها وهو يحاول النهوض من سريره

طمئنه يوهان : "اهدأ فقط ، اهدأ أولا " واضعا كفيه على كتفي رون وأكمل " عليك فقط الراحة ، هي بخير ولكنها لم تستيقظ ، وأنت أيضا بقيت على حالك ليوم ونص ،لذا انتظر حتى يقرر الطبيب ما..."

صاح رون : " كيف حالها؟ ما حالتها ؟ " مقاطعا يوهان

أدرك يوهان في تلك اللحظة أن الحقيقة أفضل بكثير مما قرأه في تعابير رون فأخبرها له :

" عليك التماسك قليلا يا رون ، فريدة لديها جرح قطعي في الرأس و كتف مخلوع ،بعض الرضوض في أنحاء جسدها ،لكنها لم تستيقظ لأنها خسرت الكثير من الدماء ، نقل لها الدم ،و معلق لها السوائل المغذية ،وحسب الطبيب مسألة وقت فقط وستستيقظ "

سأل رون وقد ملأ الغضب رئتيه وأصبح ينفسه :
" وماذا عنه ؟ "

أجابه يوهان : " لقد ألقت الشرطة القبض عليه فى مكان قريب من مكان الحادث ،و أعترف أنه تلقى مساعدة من سورا ،فأُلقي القبض عليها أيضا ،وحرصتُ على سجنها مدة كبيرة ،لذا لا ترهق نفسك بهذا "

أجابه وهو يعض شفته بغيظ :

"حسنا هذا جيد للوقت الحالي ، الآن دعني أذهب لرؤيتها "

اجابه يوهان :
" سأخذك عندما أسمع تقرير الطبيب "

وافقه رون رغما عنه ، انتظر التقرير ثم تحرك بكل ما أوتي من قوة يتحامل على آلام جسده المتفرقة ، التي لا تقترب حتى من آلام قلبه .

شعر بخيبة أمل في نفسه ،خدرت وكادت أن تموت وهي معه ،و الأسوء من كل ذلك لا يستطيع حمايتها ، لاحق له فى ذلك .

جالت الأعاصير داخله ، قلبه ينقبض وينفطر ، هل هو حقا لا يقدر على فعل أى شيء ؟!

من عند باب الغرفة وقف ينظر لها وفى خاطره تجول كلمتها <سنتأذى > .

آلمت قلبه الكلمة المتبخترة في خاطره تسحقه ، وقائلتها إنها بالفعل متأذية أمامه ، لقد كاد أن يخسرها بلا رجعة ، ماذا علّه يفعل ؟

هل ينتظر أن تستيقظ وتعود إلى بلادها ، هو لا يستطيع حتى إحتمال أنها فاقدة لوعيها أمامه هنا ،وهم في نفس المكان ، هل سيحتمل ألم فقدان فراقها عند عودتها !

استدار قبل أن يدخل ،وظل على تلك الحال أيام أخرى ، يزور باب الغرفة ويراها من بعيد ،غير شاعر بأحقيته في التقرب منها.

في اليوم الخامس ، سمعت ميشيل صوت أنين خفيض يأتي من صديقتها الملقاة بعناية على السرير المجاور لمقعدها.

انتفضت قائمه بفرح تقترب من فريدة وقالت لها :

" مرحبا ، أيتها الجميلة النائمة ، حمدلله أنني لم أضطر لتقبيلك لتستيقظ"

ردت بصوت متعب :
" اه ، يا ميشيل أيتها الوقحة ، أعتقد أن اقترابك من جون قد أفسد عليك عقلك "

احمرت ميشيل خجلا وتعرقت من كلمات فريدة وصرخت باحراج :
" أيتها الماكرة مالذي تتفوهين به ؟ أهذا فم لم يستعمل من خمسة أيام ! أرجح أنك كنت تقومين بتمارين اللسان والتنفس في ثباتك أيضا "

رفعت فريدة حاجبيها فى استغرب واردفت :

" مهلا ماذا قلت الآن ؟ خمسة أيام؟"

ردت ميشيل :
" نعم خمسة أيام كاملة ، إنها قصة طويلة ،سأحكيها لك بينما تتناولين عصيدتك تلك " بوجه مشمئز موجه تشير لعصيدة الحبوب التي وضعتها أمامها .

ضحكت فريدة متألمه وقالت :" كان عليك مجاملتى قليلا ، لما عليك إظهار أن العصيدة مقززة "

ثم أدركت فريدة أمرا غريبا قد حدث توا ، هي لا تستطيع سماع أفكار ميشيل، في العادة عند الإتيان بسيرة جون تتراقص أفكار ميشيل المحبة ، نظرت لها موطلا لكن لا شيء يأتيها .

في محاولة إدراك ما يحدث لم تتوصل فريدة لأي جواب شاف ، لكن كل ما أجابها الصمت فقط .

عندها أدركت أن قدرتها التي لطالما مقتتها قد ذهبت !!

لكن شعورها لم يكون الفرح الغامر كما كانت تتخيل أن تلك اللحظة ستكون .

في غرفة الإنتظار دخل يوهان يهرول ،موقظ صديقنا البائس الذي جلس غافيا على مقعده لبرهات قليلة .

" رون ، استيقظ رجاءا ، فريدة استفاقت "

فتح عينيه فزعا ، ثم مالبس أن فهم ماقاله يوهان ، عندها دبت العواصف  مجددا في داخله ،جلس متجمدا للحظات قبل أن يهزه يوهان برفق .

" مابك يا بني ؟ أهناك ما يقلقك ؟"

زفر رون واجابه بغضب :" يوهان رجاء لا تعاملنى كطفل صغير ، كفاني ما أمرُ به "

شعر يوهان ببعض الحزن لكنه تفهم لم تكن مسافة العمر بينهم كبيرة منذ البداية ، هو فقط من لا يزال يراه ذاك الطفل ذا العاشرة من عمره ، وكأن ذا العاشرة ذاك كان طفلا عاديا !

مشى رون بخطوات متثاقلة في ممر الغرف المؤدي إلى غرفة فريدة ، ثم دخل ما إن أعطته ميشيل الأذن أن فريدة مستعدة لمقابلتهم .

دلف من الباب بصحبة يوهان ، نظر لها نظرة الملهوف والمشتاق ليرى عيناها أخيرا مفتوحة تناظره ،وليست نائمة إلى أجل غير مسمى .

كاد أن يركض ناحيتها ثم توقف ما إن لمح الرباط الطبي الظاهر طرفه من تحت حجابها البسيط .

شعر وكأن قبضة فولاذية أزاحت عقله بعد قلبه واستبدلتهم بكلمة سنتأذى ، تراجعت قدمه التي نوى أن يقدمها ، وجلس على أبعد مقعد لفريدة وأقرب مقعد للباب .

كانت أجواء الزيارة دافئة بين ضحكات ميشيل ،وخفة ظل يوهان ومشاكسات جون ، لكن فريدة الجالسة على السرير كانت تراقب من إختار الصمت صاحبا بقرب الباب كالغريب.

استشعر يوهان غرابة تصرفاته فأشار لجون قائلا :
" جون هل يمكنك مرافقتى للمقهي ؟ لا أعتقد أني أستطيع حمل كل شيء وحدي "

رد جون : " نعم بالطبع سآتي"
ثم بكل سذاجة اشار بذاعه تجاه رون وقال :
" لما لا يأتي هو أيضا ؟ أعتقد أننا لا نستطيع حمل كل شيء لخمسة أفراد معا "

قاطعه يوهان ينظر له وأردف بحنق متهكما:
" لا أظن أن فريدة مسموح لها بأي مشروبات منبهة الآن ، أليس كذلك يا ميشيل؟ "

قالها بعد أن نقل عيناه ناحيتها مستنجدا من غباء جون المبالغ به .

صاحت هي بعد أن حملت بعض الوسادات لفريدة: " مرحى ، هيا يا جون أحضر لي خليط الشوكولاه المفضل عندي أنت تعرفه أليس كذلك؟ "

قالتها وهي تدفعه بالوسادة تقوده خارج الغرفة ، ثم أغلقت الباب بعد أن ألقت به خارجا ليوهان الذي وقف ينتظره .

استدارت ميشيل و أخذت تعد الحقائب وترتب الحاجيات بأسلوب مفتعل مصطنع ، هي لا تستطيع الخروج معهم .

لقد أصبحت أدرى بردات فعل فريدة قبل أن يحدث أى موقف من البداية ، إذا خرجت ستغضب منها لأنها تركتهم وحدهما فى الغرفة ، لذا قررت أن تتصرف وكأنها كائن خفي بجوار الحائط !!

في تلك الأثناء ناظرته فريدة تنتظر أن يتفوه بحرف حتى لكنه صمت.

كان لديها من الأخبار ما لا يعرفه وهي لا تفهم كيف حدث ذلك !

لم يتحدث فبادرت هي وقالت مخاطرة له :

'أتعلم منذ استيقاظي لم أستطع السماع جيدا، لا أستطيع قراءة شيء!!'

صمتت هنيهة وأكملت بصوت مسموع :
" أنا لا أعرف ما تفكر به "

كلماتها وقعت كدلو ماء بارد على رأسه ،فرفع رأسه ناحيتها وعيناه تزيغ لا يريد مقابله عينا واردف :
" أتقصدين أنك لا تسمعين أفكا..."

قبل أن يكمل قاطعته حتى لا يبدو الحديث مريبا أمام ميشيل التي بدأت في عد الأشجار من النافذة احراجا ، وقالت :
" نعم أقصد هذا "

لم يفهم ولم يصل للاستيعاب حتى،هل يهنئها على بلوغها الذي لطالما تمنته! أم يُرثي نفسه أن القاسم المشترك الوحيد بينهما قد تبخر.

كانت القدرة التي يملكانها هي جسر العبور بينهما والآن إحدى ضفتاه قد انهارت ،حاول محادثتها ولكن لا رد إنها لا تسمعه حقا لقد أصبح معزولاً وحيدا مجددا .

هي أيضا حاولت مِراراً الولوج لتفكيره بلا فائدة قدرتها توقفت تماما  ، فقط تراه هائما أمامها ولا تفهم ما الأمر، شعرت وكأن المسافة بينهما أكبر بكثير من وجودهما بنفس المكان وعلى بُعد أمتارٍ قليلة .

حاول كسر الجمود بخطاب جاف ممزوج بالنقيض :
" لقد قلقنا عليك كثيرا ، عندما كنت غائبة عن الوعي "

ابتسمت تحاول تفهم ما لا تفهمه من تصرفاته واردفت :
" الحمد لله ، رُب ضارة نافعة ، وانا بخير الآن، هل أنت بخير ؟"

رفع رأسه من وسط الغيوم التي تموج حوله و الجو المضبب التي تراه الآن يحيطه ، لأول مرة منذ استفاقتها قابلت عيناه السوداء الحزينة البائسة عيناها البنية الذابلة المرهقة ، دمعت عيناه قليلا وقال :

" لا أظن أني بخير يا فريدة ، لست بخير أبدا، ولا أعلم ما هو وضعي حتى !"

تبسمت وقالت له : " الخير كله في يديه ولا ملجأ إلا إليه " وأشارت تجاه قلبها المنكسر .

ابتسم متفهما واستأذن مغادرا فموعد الزيارة انتهى منذ دقائق ، أومأت موافقه فتركها وخرج وتركته يذهب، كان فراقا معنويا لم يشعر بألمه سواهما .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عندما تنقطع بك سبل الوصل مع أحبائك ، كيف تصلها؟

زهرة الكرز أو الساكورا في اليابان أو بوتكوت في كوريا ،زهرة لطيفة تنبت على الاشجار وتزهر أياما معدودة، لها رائحة تشبه الفانيليا خفيفة، مجرد أن تفتح البراعم ، هناك تفاعل متسلسل متفجر ينتج عنه عرض جميل للبتلات الوردية الشاحبة عبر الحدائق والشوارع والتي سرعان ما ترفرف على الأرض في خاتمة كبرى تُعرف باسم ساكورا فوبوكي – ثلج الساكورا .

Continue Reading

You'll Also Like

29.7K 2.9K 34
" لا تَكْرَهوا البَناتِ ، فإنَّهنَّ المُؤْنِساتُ الغالياتُ " كل حقوق الفكرية و الكتابية محفوظة لدى كاتبة صفاء إيهاب||صافي ، ممنوع النشر او الأقتباس د...
1.8K 24 13
وقَد كُنتِ لَحنًا تَوارَى بِقَلبي ومَر على العُمرِ مَر السَحابِ بَكَيّنا -وبالحُزنِ- بعضِ اللِيالِي فَكيفَ سَنبكِي ضِياعَ الشبابِ ؟! -فَاروقَ جُوي...
3.7K 188 11
هي فتاة لا حول لها ولا قوة واجههت الكثير، ومَ زالت تُواجِه العديد من الصٍعاب التي جعلتها فتاة أخري لا تهاب شئ، فتاة قوية لا تخاف ولا تخشي، لكنها من ا...
34.5K 761 18
تعمل ليلي البالغة من العمر 18 عامًا في مكتبة صغيرة وسط المدينة ومع كل يوم يمر تكافح ليلي للعثور على الاتجاه الصحيح في حياتها حتى تلتقي بأوليفيا المرأ...