" سمعت أن هاري سيكون محامي الأمير " قالت و قد بدت عليها علامات الحزن ، لم يعد لتلك الفتاة شيئ ، لقد فقدت الأمل و صارت تحاول اقناع نفسها بالعيش مع ذلك العار الى الأبد أستطيع رؤية ذلك بعينيها
" و ماذا في ذلك ؟ انه هاري لا داع للحزن سنفوز معا فقط ثقي بي " قلت لأضع يدي على خاصتها
" لم أقصد أن أقلل من شأنك سيدتي لكن ، يظل هو الأمير ابن الحاكم الحالي للدولة الأمر مستحيل لن أنجو "
" أثق انه و حتى ان لم نستطع الفوز بهذه القضية ستتمكنين من النجاة "
" كيف ؟ " قالت
كنت أثق بذلك الرجل رغم كل شيئ ، أثق بمن لديهم أهداف دائما و قد كنت أعلم جيدا ما يخطط له ، أن يجعل هذا العالم عادل ، صحيح يقال أن لا أحد قد يشعر بالألم أكثر من الشخص الذي قد عانى و هاري قد عانى كثيرا
" لقد كنت حمقاء ، مجرد فتاة ضعيفة قد استسلمت لحبها " قالت لأبتسم
" أتمنى انك قد تعلمت الدرس جيدا لا يجب الوثوق بهم "
" هل تمت خيانتك أيضا ساره ؟"
" لا ، أو ربما ، لا أعلم لكني شاكرة له بسببه قد حققت حلمي و صرت محامية في الحقيقة كنت فتاة فاشلة لكني شعرت بالعار حين وجدت نفسي اواعد شابا ناجحا مثله لهذا قررت ان اتبع خطاه "
" لابد انه من النبلاء ايضا "
" لا لكنه ثري ،ذلك النوع من الرجال الذين قد صنعوا ثروتهم بانفسهم ربما ذلك سبب آخر لأحبه ، آه لنتوقف عن التحدث عن هذه الأمور ارتاحي عزيزتي فغدا يوم مهم بالنسبة لك "
قلت ذلك قبل أن اغادر منزلها المتواضع أين كانت تقطن مع عائلتها المكونة من أبوين و شقيقة تصغرها سنا
في طريقي الى المنزل كان المطر يهطل بغزارة بينما كنت أحمل مظلتي ، أمشي في هدوء مستمتعة بذلك الجو الكئيب
كنت قد مررت بذلك السكن الجامعي و الذي كان قريبا من المنزل ، لم امنع نفسي من التوجه الى تلك الغرفة التي لاأزال أملك مفتاحها ، غرفة البيانو التي كانت تحمل العديد من الذكريات التي لم أحاول نسيانها قط
فتحت الباب ثم دخلت وقد كان ظل رجل ما عند النافذة لكنه سرعان ما التفت لي ثم قال في ذلك الصوت العميق بعد أن نفث دخان السيجارة التي كانت بين أصابعه النحيلة
" ظننت أني الوحيد الذي لايزال يعود الى هنا "
" ظننت أني قد اشتريت هذه الغرفة و أن لا أحد غيري يملك الحق في دخولها ، ذلك عمل المدير أليس كذلك اذكر انه لطالما كانت تجمعك به علاقة جيدة فلطالما كنت تحسن صنع العلاقات على عكسي "
" ذلك ما تقتضيه الحياة فأنا لم أحب يوما أن أضطر للتعامل مع البشر ، مادمت هنا يمكنك الجلوس كنت على وشك العزف على ذلك البيانو ، من المضحك ان البيانو هو السبب في تعرفي على جميع الفتيات اللوات جمعتني بهن علاقة "
قال ليقترب من البيانو ثم جلس قبالته
" لما تريد الفوز بتلك القضية رغم انك تعلم جيدا أن ريتشارد ذاك مجرم و ان الفتاة على حق "سألت بينما هو كان فقط يمسح الغبار عن ذلك البيانو
" كي أتقرب من والده " أجاب في هدوء كان يرتدي بنطالا أسود كسواد حذائه الأنيق لطالما كانت له عادة غلق أزرار قميصه جميعا رغم أن العديد من من هم في سنه يحاولون فتح بعض منها اعتقادا منهم انها قد تزيد من جاذبيتهم لكنه و رغم انه كان مختلفا كان الأجمل في نظري ، ذلك الرجل الذي كان منظما دائما حتى و حين التقيته في حالة سكر تلك الليلة لم يبدو عليه ذلك أبدا لا وجود للفوضى في حياته و لعلي كنت الفوضى الوحيدة التي اقتحمت حياته الهادئة لهذا قد تجاهلني و تخلى عني ببساطة
" ستضحي بتلك المسكينة أيضا من أجل هدفك ، تلك الفتاة كانت على وشك الموت حين علمت عائلتها بما حدث لقد استغل ذلك الوحش براءتها انه مجرد معتد لا يستحق ......
" لا يهمني " قال مقاطعا حينها صمتت لبرهة أستجمع أفكاري لقد صعقت ، لطالما علمت انه بارد المشاعر لكني لم اتوقع انه قد لا يهتم لحادثة كتلك
" لم تكن مجبرة على منح مشاعرها و جسدها لذلك الرجل ، هذا لا يعنيني أنا هنا أقوم بعملي " قال في حدة بينما كان لا يزال ينظف البيانو
" من الخطأ أن تضحي بحياة الآخرين من اجل حلمك"
" أنا أتبع قانوني الخاص ، لم أطلب رأيك فيما أفعله لا تتدخلي ساره " صاح ليرمي بقطعة القماش على الأرض
" لكنها موكلتي لهذا يجب أن امنعك "
" امنعنيني اذا ، غدا ستكون فرصتك ، حققي ذلك الفوز الذي يستطيع منعي من التقدم "
" قلت انك تهتم لمشاعر الآخرين "
" بلى ، لكني لم أعد أهتم ، حتى أنت لا تهتمين "
***
هاري
لقد مضت أشهر لم أعزف خلالها لطالما فضلت العزف وحيدا حيث أني لم أكن لأشعر بالراحة وجود شخص آخر حولي ، لم تسأل عن سبب وجودي بتلك الغرفة بل عاودت الاقتراب من الباب لتغادر في هدوء ، كالعادة تحاول الهرب من المناقشات كما عهدتها
" ذات مرة قبلت بتنظيف القاعة عدد 18 و التي كانت متسخة رغم أن صديقتك كانت السبب وراء ذلك حين قررت القيام بعمل حفل سخيف و انت تكبدت عناء التنظيف ، أذكر جيدا أنك لم تحركي ساكنة حين كان المدير يصرخ بوجهك ، و حتى حين أخذت منك الكتب دائما تحاولين الهرب و عدم المواجهة " قلت
" لا أناقش الأغبياء ذلك ما كنت أؤمن به دائما ، أحاول تفادي النزاعات و حل المشاكل بطريقة سلمية بعيدا عن المشاكل ، على عكسك "
" لم تطلبي مني الرحيل رغم أن هذه الغرفة صارت لك ، ما كنت لأفعل ذلك لو كنت مكانك فأنا أكره مشاركة الآخرين أملاكي "
" لكنك شاركت الروايات التي تحبها معي " قالت لتقترب من الأريكة التي كانت عند احدى زوايا الغرفة ثم جلست بعد ان فتحت النافذة ، أخرجت كتابا من حقيبتها ثم شرعت في قراءته حينها اعتدلت في جلستي ثم واصلت العزف
تماما كما تخيلتها كانت تلك الفتاة التي لطالما أردت أن تكون الى جانبي نفس الطول و تسريحة الشعر التي كانت تعتمدها ، كانت بسيطة و راقية رغم ما عشناه معا لم ترفع صوتها أبدا كانت هادئة و جدية ، حين كنت في سن المراهقة ظننت أني سأحب دانيالا تلك الفتاة الصاخبة و المرحة ربما فقط ظننت أنها ستستطيع ان تكملني
" هل تثقين بي حقا ؟ ربما من الأفضل أن اغادر الآن " قلت بعد ان توقفت فجأة عن العزف
" لا تشكل لي أي تهديد يمكنك البقاء ، لطالما أردت أن احظى بغرفة بسيطة كهذه انها احدى احلامي البسيطة ، أليس مضحكا ذلك الفرق بين أحلامنا هاري ، لقد أردت فقط أن اعمل العمل الذي أحبه ، احظى بهذه الغرفة ، أن أقرأ كتابا و المطر يهطل بالخارج بينما احدهم يعزف البيانو ، و أن يكون ذلك الشخص حبيبي ، كما أني أردت أن أرسم الشخص الذي سأحبه يوما و أن أفوز عليه بلعبة الشطرنج "
" ان ساعدتك على تحقيق تلك الاحلام البسيطة هل ستساعديني كي أحقق خاصتي ؟ ستتنازلين عن القضية من أجلي ، انها المرة الأولى التي اطلب بها هذا من أحدهم لكني بحاجة لذلك الرجل ساره ... أرجوك "