من الصفر

By R-yana_20

38.8K 2.9K 753

بالمناسبة أتذكر لقاءنا الأول؟.. لحظة اصطدام أعيننا معًا؟.. حينها أطلت النظر بداخل عيناي لمدة طويلة جعلتني أق... More

« الفصل الاول»
«الفصل الثاني»
«الفصل الثالث»
«الفصل الرابع»
«الفصل السادس»
«الفصل السابع»
«الفصل الثامن»
«الفصل التاسع»
«الفصل العاشر»
«الفصل الحادي عشر»
«الفصل الثاني عشر»
«الفصل الثالث عشر»
«الفصل الرابع عشر»
«الفصل الخامس عشر»
«الفصل السادس عشر»
«الفصل السابع عشر»
«الفصل الثامن عشر»
«الفصل التاسع عشر»
«الفصل العشرون»
«الفصل الواحد والعشرون»
«الفصل الثاني والعشرون»
«الفصل الثالث والعشرون»
«الفصل الرابع والعشرون»
«الفصل الخامس والعشرون»
«الفصل السادس والعشرون»
«الفصل السابع والعشرون»
«الفصل الثامن والعشرون»
«الفصل التاسع والعشرون»
«الفصل الثلاثون والآخير»

«الفصل الخامس»

1.2K 101 19
By R-yana_20

ذكر..

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم..
استغفر الله العظيم واتوب إليه.
اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

........
قراءة ممتعة ولطفًا منكم لا تنسوا التصويت🤍..

......




روعة الحب.
خليط المشاعر الذي يجعلك ترى العالم من منظورٍ آخر يختلف عنك، ترى الجميع سعداء، وترى نفسك الأجمل على الكون، تشعر أنك الأكثر تميزًا من بين الجميع لأن أحدهم فقط اختار الوقوع بحبك، أعجب بكل صفاتك ومن ثم أحبها، هذا هو ما يسمى بروعة الحب بالنسبة لي، أن تشعر أن الشخص الذي تحبه يبادلك الشعور نفسه.

أبعدت وصلة السماعات من أذناي عندما وصلت آخيرًا إلى مقهى الجامعة، رغم انتهاء الامتحانات ولكن المشروع الذي يريده الاستاذ ألزمنا بضرورة الحضور يوميًا إلى هنا.

فكرة أن أذهب إلى الجامعة ليومين متتاليين كانت ترعبني فيما مضى، وبتحققها بدأت أفكر في الإنتحار بشكلٍ جدي.

تنهدت بيأس عندما رأيت هاريك أمام المقهى، كان يقوم بإنزال بعض الكراتين من أحد الشاحنات وانتهى من إنزال آخرهم عندما توقفت أمامه.
نظر لي باستفهام وقال: ما سر هذا العبوس في الصباح الباكر؟..

ـــــ أهنالك من يبتسم بقدومه إلى هذا الجحيم، لقد بدأت عطلتي بالفعل وذلك الاستاذ البغيض يستنزف لحظاتي الثمينة منها.

ضحك قليلًا ثم تبادل بعض الأحاديث مع سائق الشاحنة حتى ذهب من هنا، إلتفت من بعد ذلك مبتسمًا: فتاتنا الكسولة تبدو بشعةً عندما تعبس، ابتسمي فالإبتسام يليق بوجهك الجميل.

منحته في تلك اللحظة الابتسامة الأبشع على الكون، أخشى أن يكون وراء كلماته هذه تلميحٌ صغير لإعجابه بي، فهو يفعل ذلك كثيرًا في هذه الفترة.
كانت ابتسامتي المريبة كفيلة بإخباره أنني لم أشعر بالراحة من حديثه فسارع يقول مبتسمًا وهو ينظر بخضراوتيه إلى الكراتين: على الأقل جحيمك يختلف عن خاصتي، أنني مجبرٌ اليوم على ترتيب كل هذه البضاعة في المقهى.

ـــــ أتريد المساعدة؟.. لا امتلك شيئًا بعد الحادية عشر يمكنني قضاء الوقت في مساعدتك.

قلت بجدية وأنا أشعر بالقليل من الآسف نحوه، أنه يعمل ليعول والدته وأخته الصغيرة، يؤسفني حقًا أنه يرهق نفسه ليلًا ونهارًا لكي يوفر لهما لقمةً هنيئة.
أحب حقًا حنان هاريك، أنه يمتلك حنانًا ولطفًا يسع الجميع.

ابتسم لي مشاكسًا شعري: يسعدني أن ملكة الكسل جين قد رق قلبها على حالي وقررت التخلي عن منصبها لكي تساعدني، ولكن شكرًا هناك من سيفعل ذلك لا أريد إرهاقك.

ابتسمت ولم أعلق فأعقب هو: وإن كنتِ هنا لأنك جائعة فيؤسفني أن أخبرك انه تم نقل خدماتنا إلى المقهى الخارجي اذهبي له، لن نقدم شيئًا اليوم.

تنهدت بانزعاج فالبرد قارسٌ اليوم، أحتاج إلى شيءٍ دافء بطني يؤلمني فليلًا، غير أنني لم اتناول شيئًا سوى ملعقة من صحن رقائق الذرة الخاص بجون وقد صفع رأسي بغيظٍ لأنني فعلت ذلك.

ـــــ أكره خدمات ذلك المقهى، أظنني سأذهب لتناول الطعام في أحد الكليات المجاورة عوضًا عن تناوله هناك.

كاد أن يتحدث ولكن أمرًا ما لفت انتباهه، فابتسم واعتدل في وقفته ولوح بيده لأحدهم.
التفت بدوري لأنظر إلى الشخص الذي لوح له، فوجدت أنه جاك وبقربه صديقته المسعورة قد نزلا توًا من سيارته.
ارتعبت قليلًا حينما بدل بصره بيني وبين هاري بنظرة حادة ثم وجه  عيناه نحوي، استطعت أن الاحظ من هنا نظرة الحقد الذي رمقني بها وبعض الغضب الذي ظهر على وجهه.

ما هذا الآن هل بات ظهوري يزعجه أيضًا؟.. دحرجت عيناي بعيدًا عنه فأنا لن أتعب نفسي مجددًا بالتفكير بجنونه.

لقد تجاهل إلقاء التحية على هاري، لماذا فعل ذلك؟.. ألم يقل هاري أنه صديقه؟.

نظرت لهاري وقلت: ما بال هذا الأحمق لم يرد التحية لك؟..

رفع كلتا كتفيه وزم شفتيه وعلى وجهه الاستنكار: لا أفهم حقًا ما خطبه، منذ ذلك اليوم الذي تشاجرتِ به معه وهو يتصرف بطريقة غريبة.

أعقب وهو يكشر بانزعاج: على أية حال هو ليس صديقي، اصدقاءه يكونون أصدقائي، فهو شابٌ غريبٌ حقًا تارة يتصرف وكأنني شخصٌ عزيزٌ عليه وتارة كما حدث أمامك للتو يتجاهل إلقاء التحية علي من الأساس.

ابتسمت بسخرية فهو لم يفعل ذلك معي وحسب، يبدو أنها أحد طباعه الغبية ولم يكن يتعمد فعل ذلك معي تحديدًا.

ـــــ تجاهله بدورك أيضًا فهو لا يستحق صداقتك..

ـــــ لأكن صريحًا لم أشعر بالراحة له يومًا، أنه شخصٌ نرجسيٌ لأبعد الحدود يظن نفسه الأروع لمجرد أنه يمتلك وجهًا وسيمًا وجسدًا عريضًا.

ابتسمت ضاحكة فاستطرد هو: هل أزعجك بعد ذلك اليوم؟.. اخبريني إن كان قد فعل فقبضتي ستتكفل بجعله يلتزم حدوده معك.

اكتفيت بالابتسام وإخباره أنه لم يفعل، ثم استأذنت منه لأذهب إلى ورشة الكلية، أريد إنهاء عمل اليوم والعودة مبكرًا إلى المنزل أشعر بإرهاقٍ كبير.

أردت أن أزفر بإحباطٍ حينما رأيت هيلا وجاك يقفان أمام الورشة كان معهما رالف واليكس وصديقٌ آخر لهم لا أعرف اسمه.

رمقني كلٌ من اليكس وهيلا بحقد، بينما ابتسم رالف لي وقال بحماس: أخت مارك أليس كذلك؟.. كيف حالك.

هذا الفتى أنه لطيفٌ حقًا.

ــــ بخير كيف حالك أنت؟.

تساءل اليكس الأصهب وهو يبدل بصره بيني وبين رالف بحيرة: من مارك؟.. أتقصد مارك صديقنا؟..

أومأ له رالف وقال بحماس: أجل أليست أجمل منه يا صاح؟..

بدى مندهشًا للغاية وهو يعلم بأنني أخت مارك، وشعرت ببعض السعادة حينها وفكرت أنني سأعود إلى المنزل وأخبر مارك أن صديقه يزعجني دائمًا.

ابتسمت وأنا ألاحظ ارتباكه وخجله وهو ينظر لي وقبل أن أدخل خطفت نظرة سريعة نحو جاك، وأسرعت أبعد عيناي عنه عندما إلتقت أعيننا معًا.
كان يسند جسده على الحائط ويراقبني بتفحصٍ ممزوجٍ بنظرة الحقد تلك، لا أفهم حقًا لماذا ينظر لي بها؟..

دخلت بسرعة إلى الورشة وما هي لحظات حتى دخل الأربعة ورائي، ذهبت بالقرب من مات وقلت مبتسمة: صباح الخير، كيف حالك اليوم؟..

أجفل قليلًا عندما سمع صوتي فقد كان منغمسًا بطلاء بعض حواف المجسم باللون الأزرق.
نهض مبتعدًا عن كرسيه وقال بارتباك: جين جينا، أنتِ هنا لم أرك أعني صباح الخير لكِ أيضًا، أنا بخير وأنتِ؟..

ارتباكه هذا يجعلني أضحك أحيانًا، أنا حقًا أجده لطيفًا للغاية.
ضحكت وقلت: في الحقيقة لستُ بخير أنا متعبة حقًا اليوم، لو كان الأمر بيدي لما أتيت إلى الجامعة.

لا أدرِ لماذا عم سكونٌ في المكان وسبب صوتي صدى واضح في هذه الورشة الفارغة جعل الجميع ينتبه لي.
عدت لأنظر إلى المجسم بإحراج بينما قال هو ببعض القلق: لما لم تخبرينِ بذلك؟.. أعني أنا هنا يمكنك الراحة في المنزل وسأكمل المشروع لكلانا.

أنه يفعل ذلك حقًا، إنني بالكاد أقوم بفعل شيءٍ في هذا المشروع أشعر بالإحراج الشديد منه.
كان صوته قد أضاف صدى عاليًا أيضًا في المكان، سيظنون حتمًا اننا نتواعد.
تنهدت وهمست بقلة حيلة: لا بأس لم يتبقَ الكثير، لنكمله معًا.

جلست على المقعد الخشبي، كان باردًا للغاية وشعرت بألمٍ شديدٍ في ظهري بسببه، أغمضت عيناي بانزعاج ثم قلت: هلا تناولنا شيئًا قبل أن نبدأ العمل؟..

ـــــ لقد تناولت طعامي في المنزل ولكن إن كنتِ جائعة فيمكنني الذهاب لشراء شيءٍ ما لكِ.

ـــــ حسنًا هل تنتظرني ريثما أذهب للإفطار؟..

نظر لي نظرة مطولة ثم ابتسم لي ابتسامته الغريبة تلك، الجميع يتحدث عن خبث نواياه وأنه سبب مشاكل جميع الطلبة هنا، لماذا أنا الوحيدة التي تشعر أنه جيد؟..

ولكن ابتسامته هذه مخيفة حقًا، كما أنه لم يعد معطفي لي بعد، رغم أنني طالبته بإعادته لي لمرتين تقريبًا.

ـــــ تبدين مرهقةً حقًا، عودي إلى المنزل وسأنهي أنا عمل اليوم بنفسي، أو إن أردتِ إمنحيني رقم هاتفك لأتصل بك مساءً ونخرج لإنهاءه.

هل تعمد رفع نبرة صوته أم أنني أتخيل؟.. فقد سمع كل من في الورشة حديثه هذا، شعرت ببعض الإحراج فأنا لا أود حقًا الخروج معه ولا أريد رفض طلبه هذا أمام الجميع.

ابتسمت له وقلت: حسنًا سأذهب إلى المقهى وسأعود لنتفق حول كل شيء.

ـــــ أيمكنكما ترتيب موعدكما الأول بعيدًا عن مسامعنا، ما حدث كان مقرفًا حقًا.

تحدثت هيلا بسخرية وهي تتكأ على كتف جاك الذي كان ينظر لي بوجهٍ جامد لا تعابير به.
تنهدت بانزعاج بينما قال مات بتوتر: هلا توقفتِ عن حشر إنفك في شؤون الآخرين؟..

كان المسكين قد تفوه بذلك بصعوبة وكأنه طفلٌ في الخامسة يحاول مجابهة أطفال التاسعة.
رق قلبي نحوه كثيرًا وكدت أن أمسك بيده لولا أن جاك نطق بصوته الخشن الجهوري مسببًا صدى عالٍ للغاية في المكان: ما رأيك أنها ستتدخل في شؤونكما القذرة وستطبق أنت فمك ولن تتفوه بحرفٍ واحد.

كان من الواضح أن مات قد شعر بالخوف منه فقد إلتفت ينظر إلى المجسم بتوتر ويقوم بشد قميصه إلى الأسفل.
لقد طفح الكيل مع هذا الأحمق.

نظرت له بإزدراء وقلت: فلتتدخل وتفعل ما تريد فلا أحد يكترث بتفاهتها.

إرتفعت كلتا حاجبيها بدهشة وكادت أن ترد علي بوقاحتها المعتادة لولا أنه أمسك بيدها يردعها عن فعل ذلك ونظر لي مجددًا ببرود: ربما يجدر بك مراقبة ألفاظك وأنتِ تتحدثين مع حبيبتي.

ـــــ رفاق ما خطبكم؟..

تحدث المدعو برالف وهو يبدل بصره بيننا بريبة، بينما شعرت أنا بغضبٍ شديد، حبيبتي؟.. كيف ينطق بذلك أمامي بكل سهولة؟..
هذا الوغد اللعين أكان يتلاعب بي أم ماذا؟..
شعرت بحرارة حارقة تلتهب في صدري وبرغبة عارمة في الصراخ والبكاء، فقدت سيطرتي على نفسي ووصلت إلى أقصى مراحل غضبي فوجدت نفسي أنهض وأندفع نحوهم: اعذرني رجاءً ولكنني لطالما ظننت أن العاهرات لا يتم احترامهن، وقد تصرفت معها على هذا الأساس.

إتساع أعين صديقيه وشهقتها العالية جعلانني أعلم أنني تفوهت بلفظٍ بذيء لا يصح لي النطق به أمامهم.

ـــــ أيتها الوقحة اللعينة كيف تجرؤين على نعتي بذلك؟.

اندفعت نحوي بغضب، وكنت اتمنى حقًا أن تصل لي ويشتد الشجار بيننا لأفرغ بها الغيظ الذي أشعر به منها، ولكنه عاد ليمسك بها من يدها وقال: اهدئي أنتِ ولا تتعبِ نفسك بالجدال مع أمثالها.

ـــــ مذهلٌ أنت حقًا بتدخلك في شجار الفتيات، دعها تتقدم لنرى ما الذي بجعبتها.

تقدم مني هو عوضًا عنها، كانت عيناه فاترة للغاية لا تدل على إعجابه بي أو تأثره من وجودي، وهذا لوحده كفيلٌ بتدميري في تلك اللحظة، توقف أمامي ناطقًا ببرود: حينما يتعلق الأمر بالفتاة التي أحبها، فالبطبع سأتدخل فأنا أكره من يزعجها.

لاحظت الرضا يظهره على ملامحه من غضبي، فأنا كنت اتنفس بعنفٍ شديد ووجهي يكاد ينفجر من شدة الحرارة.

ـــــ ليكن الرب في عونك فأنا أعلم أن الساقطات يتعرضن للإزعاج من قبل الجميع باستمر...

لم أكمل كلامي فقد أمسك بذراعي بقوة وقال بحدة: انظري كوني تصرفت معك بلطفٍ فهذا لا يعنِ أنني رجلٌ لطيف، جربي التطرق لإزعاجها مجددًا ولن تسعدِي بما سأفعله لكِ.

ـــــ هي من أزعجت جين لا جين التي أزعجتها.

هتف مات بإنفعال فحينها، اشتدت قبضة جاك حول ذراعي أكثر، بل كادت أصابعه أن تخترق جلدي، إلتفت لينظر له بغضب: أنت لم أطلب منك التحدث لذا اطبق فمك ولا...

لم أشعر بالراحة سوى عندما إرتد وجهه يسارًا، إنها الصفعة الثانية على الخد نفسه، لقد ذهب الغضب عني بمجرد فعلي لذلك وأظنني بحاجة ماسة إلى البكاء الآن ولكنني لن أفعل أمامه لن أنهار وأظهر له ضعفي.

إلتفت لينظر لي بتعابيرٍ حادة أرعبتني للغاية فأسرعت أدفعه وأهمس بكره: حذرتك من لمسي توقف عن فعل ذلك.

وخرجت بسرعة من الورشة، كانت خطواتي سريعة للغاية، بل تكاد أن تكون راكضة، ارتطمت بالعديد من الأشخاص ولم أنظر أمامي كل ما كنت أحاول فعله هو محاولة ردع دموعي وعدم جعلها تسقط فأنا أعلم جيدًا أنه سيلحق بي ولن يصمت على ما فعلته به.

حينما خرجت من المبنى سمعت خطواتٍ سريعة ورائي وقد بدأ قلبي ينبض بسرعة مشابهتًا لها.
زدت من سرعتي فنهايتي ستكون على يده إن لم أهرب اليوم ولكن قبل أن أفلح بهروبي، إنسكب فوقي ماءٌ بارد للغاية جعلني أصرخ من شدة برودته.

اللعين لقد سكب علي الماء، شهقت بقوة وإلتفت لأنظر له، كان ممسكًا بسطلٍ أحمر أراه دومًا في ركن المبنى يتم وضع به انبوب التكييف الخاص بمكتب الإدراة، الوغد الفاسد لقد سكب علي المياه المقطرة من جهاز التكييف.
ونظرًا لكون أن العطلة قد بدأت كانت الجامعة خالية نسبيًا ولم يرَ أحدٌ ما حدث لي سوى عاملان للنظافة.

صرخت بغضبٍ شديد وأنا أرتجف من البرد: هل أنت أحمقٌ أم ماذا؟..

سارع يقف أمامي ويجذبني من معطفي وقال بتحذيرٍ من بين أسنانه وهو ينظر لي بحقد: في المرة القادمة لن أكترث بكونك فتاةٌ لعينة وأقسم أن أرد الصفعة لكِ.

دفعته عني وتراجعت بقوة إلى الوراء، بينما ألقى علي هو بنظرة متفحصة من أعلى إلى أسفل وكأنه يقيم ما حدث لي.
أسرعت أقوم بخلع المعطف فقد تبلل بالكامل بفضله، اللعنة البرد لا يطاق حقًا سأتجمد منه
بدأت في الإرتجاف بقوة، وتراجعت منسحبة دون أن أنبس ببنت شفة.
سأبكي أريد أن أفعل ذلك، هذا لا يطاق حقًا، الوغد الكريه لقد حطم قلبي تمامًا اليوم أشعر بالإختناق الشديد.

لماذا أحببته بحق السماء ما الرائع بهذا الفاسد اللعين؟..

ـــــ سأخبر أخي مارك وسأجعله يلقنه درسًا سأريه.

بدأت أبكي بقوة رغمًا عني، أشعر بالشفقة نحو نفسي، بل إن كنت استطيع عناقها لفعلت.
لقد تبلل معطفي وشعري بالكامل، وكنزتي أصبحت رطبة أيضًا بسبب شعري، أحتاج إلى شيءٍ يدفئني قبل أن أتحول إلى كتلة جليدٍ باكية.

ذهبت إلى مقهى الجامعة الخارجي وجلست على أحد مقاعده فوق رخامة الطلبات، بشعوري بالبرد تضاعف ألم بطني وظهري، أحتاج إلى شرابٍ ساخن.
أخرجت النقود من حقيبتي ووضعتها على الرخامة قائلة بإرهاق: شايٌ ساخن بسرعة أرجوك.

ما أن أخذ النقود مني حتى ألقيت برأسي على الرخامة بإرهاق أخفي وجهي الباكي عنهم.
أحتاج أن اتصل بأبي أو مارك ولكن الاثنان سيفجران رأسي بالأسئلة، ربما علي الذهاب لهاريك فهو سيساعدني ولكنه أسوأ من مارك حينما يتعلق الأمر بتهوري.
ولأول مرة أشعر بالسوء الشديد لأنني لا امتلك اصدقاء هنا، لم أكن أهتم للأمر من قبل ولكنني وفي هذه اللحظة تمنيت لو أنني امتلك صديقةً ما هنا تساعدني في مأزقي هذا.
احتجزت يداي بين ركبتاي لأدس بعض الدفء لجسدي وأغمضت عيناي بإرهاق، كان ألم بطني مع البرد أمران لا يطاقان حقًا ومن شدة التعب خطفني النوم لعدة لحظات أو دقائق لا أدرِ، كل ما أعلمه أنني ابتسمت حينما شعرت بالدفء لفحني وشديت ذلك الغطاء ذا الرائحة الجميلة لي أكثر.

مهلًا لحظة هذه الرائحة أنا أعرفها !.. فتحت عيناي ببطء عندما استوعب عقلي من يكون صاحب هذه الرائحة القذرة، غيرت رأيي إنها ليست بزاكية.

قابلني كفيه المتشابكتان معًا، كانت يده المقابلة لعيناي مليئة بالعروق البارزة، تمامًا كيداي.

رفعت عيناي له فوجدته ينظر لي وعلى وجهه تعابيرٌ عجزت عن تفسيرها.
زفر قليلًا بارتباك ثم تحدث بصعوبة: انهضي لأخذك إلى المنزل.

رمقته بكره شديد، ورغبت وبشدة أن أبصق على وجهه، اعتدلت في جلستي بصعوبة وقلت بحدة وأنا أركل قدمه: اغرب وجهك عني.

نظرت إلى كوب الشاي الذي وعلى ما يبدو تم وضعه أمامي أثناء نومي، أحطت كفاي به وزفرت بحنق حينما وجدته بارد، بحق السماء كم نمت ليبرد الشاي هكذا؟..

ـــــ طلبت شايًا ساخنًا لا مثلجًا.

قلت بغضب وأنا أنظر للنادل، فسارع جاك يمسك بيدي وقال باندفاع: لا بأس فقط اهدئي سأطلب لك واحدًا آخر.

ـــــ أنت ابتعد عني، وتوقف عن الظهور لي في كل مكان.

سحبت يدي من قبضته ثم ضربت صدره بعنف وأنا أنظر له بحقد.
كان ينظر لي بدوره بارتباك ولم يفعل شيئًا سوى النظر لي، ألقيت بمعطفه أرضًا ونهضت من مكاني أجر حقيبتي ومعطفي المبلل.

إن بقيت على هذا الحال فلن يبدأ فصل الشتاء هذا سوى بفقداني لجميع معاطفي.

ـــــ جين أرجوكِ توقفي قليلًا.

قام باللحاق بي وأمسك بيدي ليجبرني على التوقف، أدارني له وقال بإنفعال امتزج مع ارتباكه: دعيني أخذك إلى المنزل.

ـــــ أنت تحديدًا ابقى بعيدًا عني لا أريد معرفتك بعد اليوم.

قلت ذلك بغيظ وعدت ولسوء الحظ لذرف الدموع أمامه، لا استطيع السيطرة على نفسي أشعر بالحزن الشديد لما حدث اليوم.

تحركت بعيدًا عنه ومسحت دموعي بكره، تبًا أنا لا اتوقف عن البكاء عندما أقف أمامه هذا محرجٌ حقًا، كما أن بطني يؤلمني وبشدة لا استطيع الوقوف أكثر من ذلك.
أسرعت أجلس فوق أول مقعدٍ للحدائق قابلني وأنحنيت إلى الأمام بألم، سحقًا ما الذي أخرجني من غرفتي في هذا اليوم المشؤوم.

ـــــ أفهم غضبك ولكن أرجوكِ دعينا نذهب ستمرضين.

توقف أمامي ناطقًا بكلماته تلك بكل ثقة، رفعت رأسي له وصحت بغيظ: حقًا سأمرض؟.. أين كان عقلك وأنت تقوم بسكب الماء فوقي؟.. اللعنة عليك إنها تكاد تثلج اليوم سأتجمد بسببك.

وضح بكل وقاحة وقد ظهرت عروق جبينه من شدة إنفعاله: لقد صفعتني يا هذه ودفعتني إلى الجنون لم أشعر بنفسي وأنا اتهور بسببك.

ـــــ حسنًا اغرب وجهك لا أحتاج شفقتك سأعود بمفردي إلى المنزل.

نظر لي ببعض الضيق: بحالتك هذه؟..

ارتجفت شفتاي من شدة البرد وأحطت كتفاي بكلتا يداي وقلت بحدة: ألا تفهم لغة البشر يا هذا؟.. كم مرةً سأخبرك أن لا تتدخل بشؤوني مجددًا.

عض على شفتيه بغيظ وفصل الخطوة التي بيننا متقدمًا مني، لا أنكر أنني ارتعبت في تلك اللحظة ظنًا مني أنه سيضربني ولكنه انحنى قليلًا ووضع معطفه فوقي من جديد وشده حول جسدي بقوة: ألا تحفظين سوى هذه الكلمات؟.. ذقت درعًا من سماعها.

هذا ليس موقفًا يستدعي الإرتباك، أكاد أتجمد من البرد، وهناك سكاكينٌ صغيرة تغرس في معدتي وأنا أبكي الآن كالحمقاء أمامه وأشعر بالخجل من قربه.
يجدر بي البصق على وجهه لا تأمل عيناه وأثار غمزتيه الطفيفة الظاهرة من إنقباض عضلات وجهه.

نظر إلى عيناي هو أيضًا وانبسطت ملامحه قليلًا حينها، رتب الخصلات المبعثرة فوق وجهي وتحدث بخفوت: افعلي ما تشائين بي، ردي لي ما فعلته لكِ اصفعيني مجددًا اشتميني افعلي ما يحلو لكِ، ولكن دعيني الآن أخذك إلى منزلك.

ترقرقت عيناي بالمزيد من الدموع وأبعدت عيناي عن خاصته: فقط اذهب رؤية وجهك الآن تجعلني أفكر في قتلك.

ـــــ سأحملك رغمًا عنك إن لم تنهضِ حالًا.

ـــــ إن كنت تود المساعدة حقًا فاذهب واخبر هاري أنني احتاجه، غير ذلك اغرب وجهك الكريه بعيدًا.

لم أرَ ملامحه حينما ابتعد عني، وودت لو أفعل ذلك حينما سمعته يزفر بانزعاج وهو يحدث نفسه: ستصيبني هذه الحمقاء بالجنون في أحد الأيام.

ـــــ جينا جينا، أين أنتِ لقد بحثت عنكِ في كل مكان.

نظر كلانا يمينًا حيث مات الذي وصل إلى مكاننا لاهثًا بقوة، توقف أمامي ينظر لي بتفحصٍ وذهول ثم سارع يمسك بيدي: يا الهي هل أنتِ بخير؟.. ما الذي فعله لكِ؟..

ـــــ اعتذر حقًا، لا استطيع إنهاء المشروع معك اليوم، سأعود إلى المنزل.

ـــــ أجل أجل بالطبع، هيا سأقوم بتوصيلك.

أظنها فرصة مناسبة للهرب من هذا اللعين الذي يقف أمامي.
تحركت لأنهض ولكنني إلتصقت بمسند المقعد بخوف حينما سحب جاك مات من مؤخرة قميصه وأجبره على الوقوف أمامه، نقل يديه إلى ياقته وقال ببرودٍ يخفي به غضبه: أتود الموت اليوم؟..

ارتعش المسكين بين يده وسارع يعدل نظارته وقال بتردد: ما تفعله يسمى تهديدًا بالقتل يا سورث يمكنني إبلاغ أمن الجامعة عنك وتحويلك إلى مجلسٍ تأديبي والمحاكمة أيضًا.

ابتسم ابتسامة ساخرة لم تصل إلى عيناه عندما قال: يسعدني مرافقتك لهم وإطلاعهم على سجل جنونك الحافل.

أعقب وهو يدفعه بقوة بعيدًا: عد إلى جحرك ولا تحاول العبث معي من جديد.

في خضم شجارهما تكورت على نفسي من شدة الألم والبرد، لا طاقة لي لمجارات جنون المدعو بجاك، ولا للإكتراث بمات، كل ما أفكر به هو أنني أريد التخلص من الألم بأي طريقةٍ كانت.
ذهب مات بعيدًا عندما أمسك جاك بذراعي برفق: هيا انهضي معي.

ـــــ لا استطيع النهوض سأتجمد من البرد.

أكاد أجزم أنه قطب حاجبيه معي بتأثرٍ حينما نطقت بذلك باكية، ولكنه سارع يطرف بعيناه ويقول بهدوء: هل أحملك؟.. أعني أتسمحين بذلك؟..

مسحت وجنتي بطرف معطفه ولم أجبه، مرت لحظاتٌ من الصمت المطبق حتى شعرت به يجمع أغراضي وناولها لي، ثم انحنى ليضع يده اليمنى أسفل ركبتاي واليسرى أحاط بها جسدي ورفعني بكل سهولة.

أتذكر في أحد المرات أنني فقدت وعيي بسبب المرض وأضطر مارك لحملي، وحتى يومنا هذا كلما ألمه ظهره يذكر لنا أنه منذ أن قام بحملي وظهره لم يعد سليمًا، ترى هل سيشعر هو بالمثل؟..

أسندت جانب وجهي فوق صدره وقلت: ماذا إن رآنا أحدهم؟..

شعرت بصدره يرتفع قليلًا عندما همس بهدوء: لا تريدين لأحدٍ أن يراكِ برفقتي أليس كذلك؟.

رفعت عيناي لأنظر لخاصته، كان بدوره ينظر لي بوجهٍ جامد لا تعابير به ولكنني استطعت أن ألتمس بعض الضيق في عيناه ونبرة صوته، هززت رأسي وقلت باقتضاب: أجل، خاصتًا وأن الجميع يعلم كم أنك تحب فتاتك ولا تحتمل أن ترى حزنها بسبب أحدهم.

ظهرت ابتسامة صغيرة فوق ثغره جعلت من مظهره يبدو وسيمًا، رفع حاجبيه ونظر أمامه قائلًا بنبرة خافتة: لا بأس لقد لاحظوا من قبل النظرات المتبادلة التي كانت بيننا؛ أظنهم سيلتمسون الأعذار لنا.

أجفلت قليلًا من كلماته هذه، أن يتحدث عن اعجابي به أمرٌ يجعلني أود قتله، لا أريده أن يعرف بذلك لن أغدي غروره اللعين أكثر.

تظاهرت أنني لم أتأثر بكلامه وأخفيت وجهي بيدي اليسرى بانزعاج، شعرت بصدره يتنفس بطريقة غير منتظمة عندما أخفض رأسه قليلًا ليهمس بصوتٍ أجش: كما أن الجميع يعلم أنني لم أنظر لفتاةٍ من قبل كما نظرت لكِ، أنتِ الو...

حينما إلتقت عيناي بخاصته سارع يرفع رأسه وينظر أمامه بارتباك دون أن يكمل كلامه. 

لم أنظر لفتاةٍ من قبل كما نظرت لكِ، ظلت جملته تدور في ذهني للحظات ورغم بردي الشديد إلا أنني شعرت بحرارةٍ عالية تغزو وجهي.

ـــــ يمكنني السير انزلني.

لا أدرِ حقًا كيف استطعت التحدث، أكاد اختنق من الهواء العالق في رئتاي، بلل هو شفتيه بارتباكٍ يماثل خاصتي وقال: لقد وصلنا على أية حال.

أنزلني أمام سيارته السوداء المرتفعة التي ضرب بها دراجتي في ذلك اليوم، نظرت لها بحقدٍ شديد فبسببها فقدت شيئًا أحبه للغاية.

تنهد بصوتٍ مرتفع ثم قال: لا علاقة لي وبسيارتي بما حدث لدراجتك، ابعدي نية تحطيمها عنك رجاءً.

رمقته بغضب فسارع يستطرد بانزعاج: يمكنك مراجعة تسجيل كاميرا مقهى الجامعة ورؤية من الذي قام بفعل ذلك، وحينها ستعلمين أنه لست أنا.

فتح باب سيارته الأمامي لي ومال برأسه نحوي قائلًا بتلاعب: يجدر بك الخجل من نفسك الآن، فقد تلقيت ضربًا مبرحًا منك في ذلك اليوم من دون أن ارتكب أي ذنب.

تبًا لما لم أطلب من هاري أن يجعلني أراجع تسجيل الكاميرات، كيف نسيت ذلك؟.. لم أشعر بالإحراج كما قال فهو كان يستحق تلك الضربات على أية حال.
تجاهلت بابه المفتوح وصعدت في المقاعد الخلفية بعد أن قلت: لستُ نادمة بل اتمنى لو استطعت البصق على وجهك يومها.

لم يسمح لي بإغلاق الباب بل سحبه بقوة وتوقف أمامه قائلًا بغضب: ما الذي تقصدينه بجلوسك هنا؟.. ألهذا الحد قربي يزعجك؟..

ـــــ بطني يؤلمني، وأشعر بالبرد الشديد أحتاج أن أتمدد قليلًا.

لانت ملامحه قليلًا بعد أن قلت ذلك وظهر بعض الإحراج على وجهه.
هذا الشاب المدعو بجاكسون رغم تظاهره بأنه الشاب الرائع غير المبالي إلا أن أفعاله تشبه أفعال الأطفال حقًا.
فقد صفع الباب بغيظ عندما أعقبت: وأجل انزعج من قربك هل تمانع؟..

لاحظت فمه يتمتم ببعض الجمل المتذمرة أو ربما شتائم لا أدرِ؛ عندما استدار ليصعد في مكانه.
نظر لي من المرآة حينما امتددت لأستلقي وقال بتردد: ألا يجدر بنا الذهاب لمستوصف الجامعة؟..

ـــــ بحق الجحيم سيتم طردي هذه المرة منه، أنا أذهب له في كل مرةٍ أتيت بها إلى هذه الجامعة الملعونة، خذني للمنزل بسرعة رجاءً ولا تطل الحديث سأتجمد بسببك.

حرك مقود سيارته بعد رمقني بانزعاج، بل أراهن على أنه رغبة طردي من سيارته انتباته من تلك النظرة الحانقة التي نظر لي بها.
لم نتحدث طوال فترة قيادته وأكتفيت أنا بشد معطفه لي أكثر وضم قدماي لصدري، كنت أريد تأمله وبشدة، أن اتحدث معه وأظهر له الجانب الرائع مني، أن أسمع تلميحًا من تلميحاته الغبية التي تجعلني ابتسم كلما تذكرتها ليلًا، ولكن حالتي هذه كانت مريعة، ورغبتي في الإندساس أسفل غطاءٍ سميك كانت أقوى من أي مشاعرٍ تنتابني.

توقفت سيارته بعد لحظات وترجل هو منها دون أن يطلب مني فعل ذلك، هل وصلنا؟..
رفعت رأسي قليلًا لأرى المكان الذي وقف به لم يكن منزلنا بل شارعًا واسعًا امتلأ بالمتاجر والمقاهي على كلا الجانبين.

إلى أين ذهب يا ترى؟..

#يتبع..

اعتذر عن الأخطاء..

رأيكم بالبارت؟..

Continue Reading

You'll Also Like

33.4M 1.9M 47
اثناء دوراني حول نفسي بالغرفة بحيرة انفتحت عليه الباب، اللتفتت اشوف منو واذا اللگه زلم ثنين طوال لابسين اسود من فوك ليجوه وينظرولي بأبتسامة ماكرة خبي...
1.2M 94.1K 77
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...
18.6K 1.8K 35
لو كان باستطاعتي أن أنقذ نفسي بتغيير شيءٍ واحد فحسب، فسأختار أن أعود مُجددًا و مُجددًا إلى ذلك اليوم الذي التقيتُ فيه بـ چون بلاك - ذلك الرسام الذي ا...
138K 9.4K 47
.... ماهو شعور كلوديا، عندما تتفاجئ بعد مرور سنواتٍ على وفاة والدها برغبة عائلته؛ في التكفل برعايتها هي وشقيقها الصغير؟.. وكيف ستتعامل مع المواقف ال...