التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إ...

De SamaSafia

88.1K 2.3K 90

رواية تدور أحداثها في الصعيد وما يحتويه من عادات وتقاليد تربط بين العائلات من خلال يوسف الذى تجره الأحداث للع... Mai multe

الفصل الأول
الفصل الثانى
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادى والعشرون
الفصل الثانى والعشرون
الفصل الثالث والعشرين
الفصل الرابع والعشرين
الفصل الخامس والعشرين
الفصل السادس والعشرين
الفصل السابع والعشرين
الفصل الثامن والعشرين
الفصل التاسع والعشرين
الفصل الثلاثون
الفصل الواحد والثلاثون
الفصل الثانى والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
الفصل الأربعون
الفصل الواحد والأربعون
الفصل الثانى والأربعون
الفصل الثالث والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
الفصل الخامس والأربعون
الفصل السادس والأربعون
الفصل السابع والأربعون
الفصل الثامن والأربعون
الفصل التاسع والأربعون
الفصل الخمسون
الفصل الواحد والخمسون
الفصل الثانى والخمسون
الفصل الثالث والخمسون
الفصل الرابع والخمسون
الفصــل الأخيــر
الخـاتمــــة

الفصل الثانى عشر

1.4K 40 0
De SamaSafia


فى فيلا السمرى بعد انصراف سعيد بعد أن ألقى بقنبلة حقده فى وجه أشقائه ثم غادر بخيلاء
توجهت كل الأنظار نحو صلاح السمرى الذى يقف مبهوتاً فى  موقف لا يحسد عليه أمام عدلي وأبنائه
مسح صلاح على وجهه بحرج والتفت يواجه عدلى الذى عبس وجهه بشدة وقال بانفعال
:- إيه الحديت ديه يا صلاح ... سبج وجلت لك من أول ما رچليكم خطت البلد أنك تنبه على لينا تحافظ على لبسها محناش فى البندر إهنا
ازدرد صلاح ريقه بصعوبة، يثق فى ابنته وفى أخلاقها ولكن حديث سعيد أثار شكوكه ... قال بحرج واضح
:- وأنا أتكلمت معاها من البداية بالرغم أن البنت ملتزمة أصلاً بأصول تربيتها الإسلامية والعربية ... ومن يوم ما جينا هنا من شهور (فتح ذراعيه بعدم فهم مردفاً) كل البنطلونات اللى بتلبسها واسعة وعليها بلوزات طويلة .... لبسها كله محتشم وأنت بنفسك بتشوفها ياعدلى وما قولتش حاجة قبل كده ... أنا مش فاهم سعيد يقصد إيه!! وليه فى الوقت ده بالذات
تدخل فاروق يتساءل بحيرة فى النقطة الأهم
:- وإيه علاجة (علاقة) عيلة البدرى ولينا!!
نقل صلاح نظره نحو فاروق وأجاب بشرود مفسراً
:- مفيش علاقة طبعاً لينا متعرفش حد فى البلد خالص ... هى أصلاً متعرفش البلد كويس ويمكن كانت بتتمشى هنا ولا هنا ووصلت لجنينة البدرى بدون قصد
أشار نحو الباب الخارجى حيث غادر سعيد وقال متذمراً
:- وسعيد بيستغل أى فرصة عشان يولع الدنيا ويعمل مشاكل بينا
نفخ عدلى بقوة وقد ضاق صدره بحديث سعيد وبحادث الحريق من قبله فلا ينقصه أمر لينا أيضاً، لذلك وجه كلامه لصلاح بحسم
:- أتحدت مع لينا يا صلاح ولو مش جادرة على عوايدنا ترحل وتهملنا
احتقن وجه صلاح رافضاً اتهام ابنته زوراً، هز رأسه باعتراض  فهاهى زوابع الشقاق تعود من جديد لتزرع بذور الفرقة بين الأشقاء للمرة الثانية
فى الأولى رحل صلاح عن بلدته رافضاً ظلم وجور والده على أهل القرية وتجبره فى التعامل مع الجميع حتى مع أبنائه
وما زاد الأمر سوءاً كان مساعدة أشقائه بطاعة عمياء لأبيهم سيد السمرى خاصة بعد وفاة شقيقه الأصغر خالد
أمتنع صلاح لسنوات طويلة عن زيارة بلدته سوى من زيارات عابرة، سريعة من وقت لأخر مراعاة لصلة الرحم
ولم يفكر فى العودة للبلدة إلا بعد تولى شقيقه الأكبر الزعامة بسنوات وبعد أن تأكد من تبدل الأمور للأفضل وأن سياسة عدلى تختلف عن سياسة والده الظالمة
زفر صلاح بضيق ورغم اقتناعه بالتزام ابنته إلا أنه أومأ برأسه باستسلام وأكد على معرفة الحقيقة منها ثم تحرك من فوره لتنفيذ هذا الأمر

********************

بعد مرور هذه الليلة الغريبة بأحداثها المتباينة بين شعور غمره دفئاً وسعادة ثم مواجهة عصيبة مع النيران وتحقيقات الشرطة واختتمت بمهاجمة سعيد السمرى لكبير العائلة بشكل سافر
غادر أحمد إلى منزله منهك القوى، مشوش الفكر ومشغول البال
بمجرد أن خطى عتبة منزلة هرعت نحوه نواره التى رفضت الذهاب للمدرسة وفضلت انتظار عودة والدها للاطمئنان عليه
استقبلته نواره بالأحضان المتلهفة ومن خلفها وقفت نجوى تتفحص مظهره المزرى بشال عمامته المفكوك والملقى على كتفيه بإهمال بملامح جامدة
ركع أحمد على إحدى ركبتيه ليتلقى طفلته المحببة فى صدره وربت على ظهرها بحنو يطمئنها ويهدأ من روعها هامساً بحنان
:- أنا زين يا نوارة .... ما تخفيش
أضاف بشئ من المرح وهو يبعدها عن صدره يتأمل وجهها الجميل
:- أبوكِ شديد يا بتى
زحفت فجر الصغيرة ذات العامين والتى كانت تلعب ببعض ألعابها أرضاً حيث والدها بوجه باسم تصدر أصوات فرحة لمرأى والدها الذى ترك نواره والتقط فجر يرفعها على كتفه وهى تنادى باسمه بصوتها الطفولى ثم نهض حاملاً فجر على ذراع وبالذراع الأخرى احتوى كتفى نواره ومقلتيه تناظر نجوى بجمود والتى تكلمت أخيراً بنبرة باردة
:- حمدلله بالسلامة يا أحمد … الحمدلله إنها چات سليمة
هز رأسه مردداً الحمد والشكر لله ثم اتجه نحو الأريكة يريح جسده المرهق .. وضع فجر على ركبته والتفت نحو نواره التى جلست بجواره ملاصقة له وسألها بعتاب
:- ليه ما روحتيش المدرسة يا نوارة كيف خواتك الكبار
زمت شفتيها بخجل وهتفت بحب صادق نقى
:- كيف أروح جبل ما اطمن على سلامتك يا أبوى
ابتسم أحمد لعينيها الجميلة وقرب رأسها يلثم جبينها بدفء فهى مصدر الحب الوحيد فى حياته الباردة مع شقيقتها فجر التى ارتاح رأسها على صدره وكفها الصغير يتلاعب بطرف شال عمامته التى تحيط بعنقه وتتدلى على كتفيه بإهمال، ضم الفتاتين بحب وردد همساً
:- ربنا يبارك فيكِ وفي خواتك يابتى
ألقى نظره سريعة نحو نجوى التى جلست تتابع مايحدث ببرود متكتفة الأذرع ثم أنزل فجر أرضاً بين ألعابها المتناثرة ومسح على شعر نوارة قائلاً بلين
:- مفيش غياب تانى من المدرسة ... نوارة شاطرة ومچتهدة
هتفت بصوتها الطفولى المحبب مؤكدة بثقة
:- أنا شاطرة وهطلع داكتورة كيف خالة لينا
ضحك أحمد بمرح فاسم (لينا) لا يتناسب مع خالة أبداً… زفر بخفة وقال برجاء
:- يبجى يوم المنى يا دكتورة نوارة
فرد أكتافه بتعب ثم نهض من مكانه يواصل حديثه مع فتاته الصغيرة متجاهلاً زوجته المستفزة
:- أنا هطلع أتسبح وأرتاح شوية … وبعدين نتغدى سوا يا نوارة
أومأت بسعادة ونزلت بركبتيها أرضاً جوار شقيقتها الصغيرة تلاعبها وتهتم بها
تحرك أحمد صاعداً لغرفته وخلفه نجوى التى نهضت بصمتها البارد تتبعه عن قرب وما أن دلف لغرفته حتى أنطلق لسانها بنوع من التبكيت
:- لو كنت بترچع الدار بدرى كيف كل الخلج ماكنش كل ديه حُصل
زفر أحمد بإرهاق وهو يسحب الشال من حول عنقه ويلقيه جانباً ثم نظر نحوها بلامبالاة قائلاً
:- إيه اللى مكنش حُصل يا نچوى
شملته بنظرها تقف بحدقتيها على أطراف الجلباب المحترق، وكفه وساعده المضمد بالشاش وسائر جلبابه الملطخ بآثار الحريق .... أما وجهه فكان ينضح بالتعب والإجهاد خاصة بتلك العلامات السوداء تحت مقلتيه ثم قالت بتهكم
:- مكنتش أتبهدلت بالشكل ده …(وأشارت بيدها نحو ذراعه) ولا أتصابت إكده
تحرك من مكانه عدة خطوات يقف أمامها مباشرة يتفحص خلجاتها وسكناتها التى يحفظها عن ظهر قلب ... قائلاً بهدوء يُحسد عليه
:- لو مكنتش فى الطريج بالوجت ده ... كان الفدان كلاته ضاع فى الحريج و كانت المصيبة والخسارة هتبجى أكبر
دقق فى مقلتيها الخاوية من أى مشاعر، الفاقدة للبريق والحياة وأضاف بلوم ضمنى
:- ولو كنت لاجى الراحة فى دارى مكنتش أتاخرت من أساسه يا نچوى
لم ينتظر منها جواب فهو أعلم بها وبتفكيرها العقيم إنما أولاها ظهره وتحرك خطوتين وهى تناظر ظهره بحاجب مرفوع غيظاً، ترى إنها على صواب وإنه من يظلمها ويهجرها بل ويحرمها من إنجاب الولد
رمقته بغل وهو يخلع جلبابه ويرميه أرضاً ثم أتجه نحو الحمام
يلاحقه صوتها الساخط الذى يؤكد إنها لم تفهم ما يعنيه، إنها تعيش فى وادى أخر بعيد كل البعد عنه وهى تقول
:- والراحة هتاچى منين وبناتك كل واحد بطلب ولا بيساعدوا فى شى ... ما بخدش منهم غير دلع البنتة الماسخ ... أنا طهجت منيهم ومن خلفة البنات
لم يجيب عليها فهذا الحديث المتوقع منها ... كل مشكلة أو حوار ينتهى بلعن خلفة البنات والمطالبة بالولد
توقف على عتبة الحمام وأرخى جفنيه بإنهاك من كثرة الجدال فى هذا الموضوع ثم التفت نحوها وقال بمشقة ضاغطاً على أعصابه وكبريائه الذكورى
:- سبج وجلت لك أنك ما لكيش ذنب ... وأن الراچل هو اللى بيحدد نوع الچنين
رمقها بسخط مردفاً
:- وأرضى بنصيبك يا نچوى
طحنت أسنانها غيظاً غير قادرة على إقناعه بالخضوع لمطالبها ... تنفست بقوة وحاولت الحديث بهدوء لم يخدعه وهى تقترب نحوه قائلة
:- دلوك بيعملوا عمليات ويختاروا نوع الچنين ... يعنى نجدر نچيب الواد
حدجها بنظره كاشفة لما فى رأسها وقال يتصنع الهدوء
:- ومين اللى جالك الحديت ديه يا نچوى
ولأنها لا تفهم زوجها ولا تهتم أن تفهمه من الأساس ... تحمست لتجيب عليه
:- أمى ... أمى شافت فى التلفزيون وأنا كمان شفت
رسم ابتسامة باهتة على وجهه بالطبع فيبدو أن على ذمته ثلاث نساء، هى ووالدتها ووالدته
هز رأسه متفهماً ووضح بإجهاد
:- اللى بيلجأ للعمليات ديه ... الناس اللى عندهم سبب يمنع من الخلفة ... لكن إحنا ربنا رزجنا مرة واتنين وثلاتة وأربعة
حدجها بنظرة زاجرة محذرة
:- نحمد ربنا بجى ونحسن تربيتهم
همت بالمجادلة والعناد لكنه أستطرد يُنهى الحديث
:- أنا تعبان ومحتاچ أتسبح وأرتاح ... مش وجت الچدال اللى ما لوش عازه ديه
تركها تتأكل من الغيظ ودلف إلى الحمام ثم أغلق الباب خلفه بعنف ووقف أمام المرآة يزفر بحرقة قلب موجوع
يواجه صورته فى المرآة ... يناظر صورة رجل أنهكته الحياة وأضناه الحزن والألم
أتكأ على حافة المغسلة يعتصرها بقبضتيه بغضب متألم على سنوات طويلة باردة مضت
أسبل أهدابه لبرهة لتهاجمه تلك العينين البنيتين ببريقهما المميز ونظرتهما الدافئة التى تشعل نار الفؤاد

*******************

فى مزرعة البدرى انتهى تجهيز المبانى وأصبحت مستعدة لاستقبال المعدات والأجهزة التى شارفت على الوصول

تجول جلال ويوسف داخل المبانى يتابعون كل صغيرة وكبيرة ثم خرجا ليتابعا المزروعات التى تم غرسها فى الأرض لتوفر الغذاء والعلف للحيوانات وبدأت رحلتها فى النمو

ابتسم يوسف بسعادة وربت على كتف ابن عمه مشجعاً

:- ماشاء الله كل حاجة بقت جاهزة ... أنا فرحان جداً بالإنجاز ده رغم إنى تعبت أوى الصراحة

مسح على مؤخرة رأسه مردفاً بمرح

:- أنا شغلى كله على المكاتب ومش واخد على المجهود اللى بتعملوه هنا ده

ضحك جلال وعينيه تمسح المكان بفخر وردد الحمدلله قبل أن يشاغب فى ابن عمه قائلاً

:- أجمد كده يا چو ... ده أحنا لسه بنقول ياهادى الشغل جاى لسه

فرك يوسف كفيه ببعضهما مردداً :- يامسهل

ثم استدار يواجه جلال :- بالمناسبة ياجلال .. أنا لازم أرجع القاهرة كام يوم كده ... فى حاجات لازم أخلصها هناك وأهو أتابع شغلى شوية ... بدل ما أنا سايب شغل المكتب كله فوق راس صفوان وعماد

أومأ جلال متفهماً :- طبعاً براحتك ياچو ... ناوى على أمتى!!

حرك يوسف رأسه نحو بعض العاملين القائمين برى الأرض أثناء ممارسة عملهم وقال بعفوية

:- يمكن الأسبوع الجاى ... نكون انتهينا من استلام وتركيب المعدات

هز جلال رأسه برضا قائلاً :- كويس جداً ... أنا فعلاً هكون محتاجك فى المزرعة معايا اليومين دول ... لأن موسم الحصاد هيبدأ والشغيلة هتبدأ تهل على البلد ولازم أوظفهم وأسكنهم

ضيق يوسف مقلتيه مستوضحاً :- شغيلة إيه!!

فسر جلال ببساطة :- دول عمال باليومية بيجيوا من كل القرى اللى حوالينا فى موسم الحصاد ... بيشتغلوا فى الجناين والحقول ويجمعوا المحاصيل حسب الموسم

أومأ يوسف متفهماً بينما واصل جلال يوضح

:- أغلب إنتاج البلد من المحاصيل بيتصدر لبلاد بره ... عشان كده بيكون بمواصفات معينة وبنفضل يتجمع باليد عشان ميحصلش أى ضرر للثمار

أشتعل الحماس بمقلتى يوسف وهتف قائلاً

:- هايل ... يبقى مكتب  الأستراد والتصدير بتاعنا هيتولى تسويق محاصيلنا من هنا ورايح

ابتسم جلال يستحسن الفكرة فبالطبع يوسف أكثر خبرة منه فى تلك الأمور ... هتف بحماس

:- ياريت ... السنة دى الحمدلله أنا متفق على بيع محصول الجنينة وهيتصدر عن طريق وسيط بينا وبين المشترى بره مصر

أشار لصدر يوسف مضيفاً :- ومن السنة الجاية أنت اللى عليك التصدير

مد يوسف كفه المفرود مصافحاً فوضع جلال كفه فى كف يوسف مصافحاً إياه بقوة

تعالى صوت من خلفهم هاتفاً بدعاء :- ربنا يديم المحبة بناتكم

التفت الاثنان نحو صوت طه القادم نحوهم بجسمه الممتلئ بنشاط كبير وألقى عليهم السلام ثم وقف أمامهم يلتقط أنفاسه ورفع ورقة بين يديه أعطاها لجلال قائلاً

:- المعدات وصلت مصر وفى خلال يومين هنكون بنركبها إن شاء الله

تهللت أسارير يوسف وجلال الذى فض الورقة يتابع ما فيها وقال بحماس :- تمام أوى ... يعنى الأسبوع ده المزرعة هتبقى جاهزة لاستقبال الحيوانات

أضاف يوسف على حديث جلال بعملية

:- وأنا أتكلمت مع حسام وقال أنه بعت الدفعة التانية من الفلوس للتاجر والحيوانات جاهزة على النقل

أومأ طه الذى يتابع كل صغيرة وكبيرة بحماس كبير نابع من تقديره لهذه العائلة التى يعتزز بصداقتهم ... وقال يستكمل الحديث

:- صُح ... وأنا اتفجت مع التاچر أننا ننجل الحيوانات فى أجرب فرصة (وضع كفه على صدره يطمئنهم) وأنا روحت عاينت الحيوانات بنفسى وعلمتها كمان

ابتسم جلال فى وجهه وفتح ذراعيه مهللاً

:- أيوه كده يا شريك ... ما شاء الله عليك

ظهر الخجل على وجه طه وقال بخفوت

:- والله ياچماعة أنا أخدمكم من غير أى حاچة (أشار لجلال مردفاً) وأنت خابر يا چلال إنى ...

قبل أن يكمل كان يوسف يقاطعه

:- وأحنا متأكدين من شعورك يا طه .... وشايفين أنك دايماً معانا ومش طمعان فى شئ ... لكن الحق بيقول كلنا بذلنا مجهود عشان نوصل للمرحلة ديه يبقى من حقك يكون لك نصيب فى الكيان ده

أشار بسبابته محذراً لينهى الجدال قبل أن يبدأ

:- ومش هنتكلم فى الموضوع ده تانى يا طه المحامى بيظبط العقود وقريب جداً هنقعد إحنا الأربعة ونمضيها

رفع ذراعيه على كتفِ جلال وطه مضيفاً

:- ويارب تبقى فتحة خير علينا جميعاً يارب

رددا من خلفه فى نفس واحد (يارب)

تنحنح طه وقال بتوجس :- كنت رايد أجولكم ... لازمن تاخدوا حذركم الأيام ديه بعد حادثة حريج أرض عدلى السمرى

قطب يوسف حاجبيه قائلاً بحيرة

:- وأحنا مالنا ... مش كفاية اللى عملوه فينا وسكتنا

تفكر جلال المقيم طوال حياته بالبلدة ويعرف كيف يفكر أهلها ويكاد يجزم بالاتهام الموجة لعائلته فى القرية الأن ... قال بجدية

:- طه عنده حق ... لازم نزود الحراسة على المزرعة مش عاوزين نخسر بعد كل اللى عملناه ده

هز يوسف رأسه غير مستوعب وقال بحدة

:- أنا مش فاهم ... أحنا دخلنا إيه!!

وضح طه بحرج وهو يعدل من وضع نظارته الطبية

:- الكلام فى البلد بيجول أن اللى حُصل انتجام لاچل حريج الحظيرة بتاعتكم جبل سابج

ردد جلال بشرود يوضح لابن عمه

 :- طبيعى هنبقى إحنا المتهم الأول فى نظرهم ... بسبب الخلافات القديمة اللى بينا

ناظر يوسف طه وجلال بعبوس ثم قال بإصرار

:- نروح نتكلم معاهم ... أنا أصلاً محتاج أفهم حاجات كتير ومش فاهم ليه عمة أصيلة رافضة إنى أروح لهم

حاول جلال تهدئته قائلاُ

:- عمة أصيلة أكيد عندها وجه نظر

حرك رأسه مفكراً وردد ما تبادر لذهنه

:- يمكن يكون غرضها إن حالة السلام اللى عايشين فيها من بعد حرق الزريبة تستمر وكفاية أن أنت تكون بخير

زاد عبوس يوسف مفكراً فلن يهدأ له بال قبل أن يعرف الحقيقة كاملة

*******************

دلف صلاح إلى غرفة لينا التى تتابع أمر ما حاسوبها المحمول، رفعت رأسها تستقبله بابتسامة لطيفة ثم عادت إلى شاشتها تتابع عملها

تحرك صلاح ببطء نحو مقعد وثير بركن الغرفة وجلس عليه يراقب ابنته بصمت مبهم

أنهت لينا ما تقوم به سريعاً ثم نهضت بنشاط تقترب من والدها بخطوات رشيقة ترغب فى مداعبته لكن مظهره أدهشها فقالت باستغراب تتعجب من ملامحه الشاردة

:- بابى ... مالك يا حبيبى بتفكر فى إيه!!

دقق النظر فيها من منبت شعرها حتى أخمص قدميها وهى ترتدى بنطال من الجينز الأزرق وبلوزة تصل إلى خصرها ذات أكمام قصيرة ... أشار بذقنه نحو ملابسها وقال بانقباض

:- أنتِ بتخرجى بالشكل ده يالينا

أخفضت رأسها تنظر لملابسها بحيرة ثم قالت بعدم فهم

:- ماله شكلى يا بابى!!

كان يتفحص وجهها متفكراً ولم يجيب فأستطردت توضح

:-  حضرتك بتتكلم عن لبسى!!.. أنا بلبس كده فى أوضتى .... لكن بخرج بملابس تانية خالص

جلست على مقربة منه مضيفه بتفهم :- أنا فاكرة تعليمات حضرتك كويس من أول ما جينا البلد

زفر بقوة ومسح على وجهه بحيرة ثم نظر نحوها وقال بجفاء

:- وإيه حكاية البنطلون الضيق اللى خرجتِ به إمبارح ده

حركت رأسها بعدم فهم ... فوضح صلاح بشئ من الحدة

:- عمك سعيد بيقول أنك بتتمشى فى البلد ببنطلون ضيق والناس بتتفرج عليكِ

هبت من مكانها واقفة بدهشة وأشارت نحو نفسها مستنكرة

:- أنا!! ... عمى سعيد قال كده

تحركت تفتح خزانتها وتخرج ملابسها قطعة تلو الأخرى تعرضها أمام والدها قائلة بقهر

:- اتفضل حضرتك شوف بنفسك ... كل اللبس بتاعى أهوه وحضرتك اللى أشتريته معايا كمان

تركت ما بيديها من ملابس فوق الفراش وهتفت بعتاب

:- وحتى فى القاهرة وفى ألمانيا عمرى مالبست ضيق ولاعريان وكل لبسى حضرتك عارفة كويس وعمرك ما أعترضت عليه

تفحصها بحيرة، يعلم صدق كلامها وواثق بكل تصرفاتها ... هى ابنته، ربيبته ... لا يصدق حديث سعيد ولايدرى كيف يتصرف؟؟

نهض من مكانه حائراً وضم وجهها بين كفيه يحدق فى مقلتيها الصافية وسأل بنبرة متشككة

:- أنتِ تعرفى حد من عيلة البدرى!!

أهتز بؤبؤا عينيها ورفرفت أهدابها بدون قصد ثم قالت بعد برهة بشجاعة وصدق اعتادت عليهما

:- أيوه ... أعرف المهندس جلال

قرب صلاح بين حاجبيه بتعجب وترك وجهها ثم سألها بدهشة

:- تعرفيه منين!!

رفعت أكتافها قائلة ببساطة

:- جه المستشفى مصاب وعالجته

رفع صلاح حاجبه مستوضحاً :- وبعدين!!

ازدردت ريقها بحيرة لاتعلم أتفصح أم تمسك لسانها فكل المؤشرات توضح رفض الجميع لهذه العلاقة لكنها اعتادت الصراحة مع والدها هكذا كانت نشأتها فقالت بخجل

:- هو جه المستشفى مرتين وطلبت منه أدوية وجابها ...وآآآ

قاطع والدها الحديث بسؤال ليختصر الطريق للوصول للحقيقة

 :- شوفتيه بره المستشفى

اتسعت حدقتيها تناظره بارتباك وهو يواصل الحديث بعصبية جديدة على علاقتهما التى تتميز بالصداقة والتفاهم قائلاً

:- اتكلمى إمبارح خرجتِ تتمشى ... كنتِ لابسة إيه وروحتى فين؟

قطبت حاجبيها الأشقرين بذهول، لأول مرة يتحدث والدها معها بهذه الطريقة وهذه الحدة فى الحديث

تحركت من أمامه والتقطت البدلة الرياضية من الخزانة ورفعتها أمام جسدها قائلة :- هو ده اللى كنت لابساه

تأمل والدها السترة الطويلة الواسعة للبدلة الرياضية وبنطالها الواسع ... فزفر بضيق يستغفر الله على اندفاعه

لقد نجح سعيد فى بذر الغضب والشك فى نفسه، عاد ليجلس مكانه وغطى وجه بكفيه بينما تركت لينا ملابسها فوق الفراش واقتربت منه قائلة بحيرة

 :- بابى ... ممكن تفهمنى إيه اللى بيحصل!!

رفع رأسه يتطلع فى وجهها مفكراً ثم قال بجدية

:- أسمعى يالينا ... عاوزك تحافظى على لبسك فى البلد ... أنا سبق وفهمتك أن هنا غير العاصمة غير ألمانيا عند والدتك

حاولت الحديث لتدافع عن نفسها ولكنه أستطرد

:-  أما موضوع اللى اسمه المهندس جلال ده فأعتقد انتهى ... واحد عالجتيه وخلص الموضوع

نهض من مكانه ووضع كفه على كتفها قائلاً دون أن يُفصح عن ما يدور بعقله

:- ياريت تنتهى من البحث بتاعك فى أسرع وقت .. والدتك كلمتنى بتسأل هتسافرى أمتى

 رفع كفه الأخرى على كتفها الثانى يهز جسدها برفق

:-  وأنا كمان يهمنى تخلصى البحث بسرعة وتسافرى تقدميه وتاخدى الماستر من هناك ... مش عاوز أشيل ذنبك أنك تخليتى عن دراستك هناك واتعلمتى فى مصر وأختك أخدت شهادتها من ألمانيا

حاولت الكلام، السؤال، الاستفسار عما يحدث لكنه قبل جبينها وغادر بدون كلمة أخرى

******************

فى مكان أخر بالبلدة وداخل منزل شموع المتواضع، أستيقظ حجازى زوج والدتها قرب الظهيرة يتثاءب بخمول وهو يخرج من غرفته بجلباب منزلى واسع وصدع صوته الخشن ينادى على والدتها آمراً

:- الفطور والشاى يا نرچس

تفاجأ بوجود شموع جالسة فى صالة المنزل فوق الأريكة الخشبية المتهالكة تناظره بنظره استهجان ونفور وبجوارها تجلس والدتها باستكانة وتوجس ... قطب حاجبيه باستغراب وقال موبخاً

:- لساتك عندك لحد دلوك ليه ياشموع ... كيف تسيبى الجهوة لحالها إكده

خبطت بكفها فوق مسند الأريكة الخشبى وهتفت بتحفز

:- ومش هروح فى أى حتة جبل ما أفهم أتفجت مع حمدى على إيه يا چوز أمى

تحرك لمنتصف الصالة وسحب كرسى خشبى بجانب طاولة خشبية مستديرة تتوسط الصالة وجلس عليه بهدوء ... يرمقها بوقاحة ثم قال بابتسامة مستفزة

:- هتفج معاه على إيه يعنى ... كل خير

هبت من مكانها بغضب نمرة شرسة تدافع عن حياتها ونهضت معها والدتها تتمسك بذراعها وتربت على ظهرها فى محاولة لتهدئة غضبها المشتعل ... هتفت شموع بعناد

:- طب خلى الإتفاج ينفعك بجى ... يا حچازى

خبطت على جانب رأسها بأصبعها عدة مرات مردده

:-  واللى فى دماغك مش هيتم أنا مش بهيمة ... تبيع وتشترى فيها

لوى شفته بابتسامة متهكمة وسحب علبة سجائره الملقاة على الطاولة ... وببطء مستفز أشعل واحدة ثم هز يده الحاملة للسيجارة يردد بنصح مسموم

:- يابت ... يابت أنتِ تطولى حمدى بيه السمرى يبص لحرمة كيفك (غمز بعينه بوقاحة مردفاً) واحدة غيرك كان زمانتها بترجص من الفرحة

احتقن وجهها حنقاً وهتفت بتمرد

:- الله الغنى عنه وعنيك يا حچازى ... أنا مش هتچوز عرفى فى السر كيف اللى عاملة فضيحة

حرك حجازى مقلتيه نحو والدتها التى فشلت فى تهدئتها منذ الصباح الباكر وقال ببروده الجليدى

:- عجلى بتك يا نرچس ديه حمدى بيه السمرى من أسياد البلد ... واللى يجف جصاده ولا يرفضله طلب أخرته وحشة

قالت نرجس بصوت خفيض تحاول الدفاع عن ابنتها بعزيمة واهية

:- هملها لحالها يا حچازى تتچوز اللى تريده ... الچواز مش بالغصب

تفاجأ من كلام زوجته رغم ضعفها الواضح ... خبط على الطاولة الخشبية بكفه بقوة ونهض يناظر زوجته غاضباً

:- اللى أجوله هيتنفذ ... هتتچوزه ورچلها فوج رجبتها وإلا جسماً بالله ... أرميكِ أنتِ وهى فى الشارع

تحفزت حواس شموع وصاحت بوجهه بضراوة

:- أنت اللى تطلع بره يا حچازى ... أنت نسيت حالك ولا إيه ... ده دار أبوى وأنت عايش فى خيره

رفع حجازى كفه الغليظة ليصفع شموع وهو ينهرها بالشتائم واللعنات لكن نرجس ألقت بنفسها بينهما تحمى ابنتها بجسدها وتدفع حجازى بكل قوتها بعيداً

قبض حجازى على ذراعى زوجته وقد فارت الدماء برأسه ودفعها بعيداً بعنف فارتطمت بالحائط صارخة بتألم ثم أقترب من شموع التى ثبتت مكانها بكل جرأة وقوة

ولدهشتها لم يصفعها أو يلقى عليها بالشتائم ولكنه طعنها طعنة غدر مسمومة ... قائلاً بفحيح

:- أبوك الميت مش راچع تانى ... والدار والجهوة ملكى بورج رسمى متوثج فى الشهر العجارى

جحظت مقلتى شموع تناظره بغير تصديق وهو يحدق بها بتشفى يواصل حديثه المسموم

:- أنتِ وأمك هتترموا فى الشارع وجت ما أحب

ابتسم بشماتة على مظهرها الذاهل فظهرت أسنانه الصفراء المقززة مضيفاً بوضاعة:- ولا أجولك ... أنتِ تترمى فى الشارع وأمك تترمى فى السچن

شهقت نرجس تضرب على صدرها بذهول بينما تجمدت شموع تبدل نظرها بينهما بعدم فهم وجاهدت ليخرج صوتها يردد بتيه

:- السچن!!

عاد حجازى يجلس على نفس الكرسى الخشبى ويشعل سيجارة أخرى يطلق دخانها فى سقف الغرفة بخيلاء وقال ببساطة موضحاً

:- أمك باعت لى نصيبك جبل ماتوصلى السن الجانونى

ضحك ساخراً وردد مادحاً لنفسه

:- يا سلام عليك ياواد حچازى .. والله تنفع تبجى أفوكاتو على كلمة السن الجانونى ديه

التفتت شموع نحو والدتها التى تكتم أنفاسها بكف يدها وتهز رأسها بنفى

قالت شموع بضياع تحول لصراخ مع كلماتها

:- بعتِ نصيبى يا أماه ... وأنا كنت بشتغل فى الجهوة وبرضى بالملاليم اللى بيرميهالى وأجول مش مهم ... المهم أحافظ على ورثى .... ورث أبوى ضاع يا أماه ... ضاع يا أماه

بدأت شموع تلطم خديها صارخة بدون وعى فأسرعت نرجس تحتويها بين ذراعيها وتهتف بقلب محروق على طفلتها التى أضاعتها بجهلها وضعفها

:- والله ما بعت شى يا بتى ... والله ما أعرف حاچة من اللى بيجولها ديه

تجمدت نظرات شموع الذاهلة على وجه والدتها وقد التبس عليها الأمر ... أى حديث عليها أن تصدقه، ما الذى يحدث لها وكيف أظلمت الحياة أمام عينيها لهذه الدرجة

حاولت التشبث بأى أمل فى كلمات والدتها فقالت برفض

:- أنت كداب يا حچازى ... أنا أصلاً عديت الواحد والعشرين من كام شهر دلوك ... ومش من حج حد يبيع حاچة بدالى

قهقه حجازى وهو مازال على جلسته يدخن بهدوء

:- ومين جال أن البيع حُصل دلوك ... البيع تم من زمان

حاولت الأم نفض ضعفها نصرة لابنتها التى تنصهر من القهر وصرخت مكذبة لحديث زوجها

:- أنا ما بعتش شى يا حچازى

زفر بنفاد صبر ونهض يتحرك نحو جارور مغلق وأخرج المفتاح من جيب جلبابه وفتحه يعبث بمحتوياته ثم أخرج أوراق رسمية مختومة ووضعها بوجه شموع ووالدتها اللتان التحمتا سوياً ككيان واحد وقال بلهجته المستفزة

:- بتعرفِ تفكِ الخط ياشموع ولا كيف أمك ... وااه نسيت أنتِ روحتِ الكتاب وأنتِ صغيرة جبل ما أبوكِ يموت

أشار نحو ذيل الورقة، مكان التوقيع وأشار بأصبعة قائلاً

:- ختم أمك أها منور عجد البيع

ثم أشار نحو خانة المبلغ المكتوب مردفاً :- وأدى التمن ... كل شى رسمى

طوى العقد ودسه بجيبه مضيفاً

:- بيع وشرا للدار والجهوة ... باعت نصيبها ونصيبك وأنتِ تحت وصايتها

انتحبت شموع وأحتبس صوتها وهى تناظروالدتها بلوم

هزت نرجس رأسها باعتراض وحلفت بصدق تنفى عن نفسها تلك التهمة المشينة التى ألصقها بها زوجها

:- والله العظيم ما حُصل ياشموع ... أنا لابعت ولا أشتريت يا بنتى ... ولا حتى أخدت مليم منيه

بكل وقاحة أومأ حجازى مردداً ببجاحة

:- صدجيها ياشموع ... ختم أمك معاى فى چيبى طول الوجت ... ما أنا اللى براعى مصالحكم ... وحبيت أجصر الطريج بدل ما أخدها تلف معايا تخلص الأوراج

ضمت نرجس ابنتها الذاهلة إلى صدرها تبكى بحرقة معتذرة بدموع عينيها عن جريمة لم ترتكبها بينما قال حجازى بتسلط

:- أمك غلبانة ياشموع ... يرضيكِ تدخل السچن

أخفض صوته يتصنع الضيق

:- أنا مارضاش أبهدل نرچس أحنا بينا عشرة وعيش وملح برضك

مد كفه وانتزع نرجس بعيداً عن أحضان ابنتها وهى مطأطأة الرأس قليلة الحيلة وأضاف بخبث وهو يحتوى كتفيها المستسلمة لذراعه بينما روحها ومقلتيها متعلقة بابنتها المنتفضة من البكاء

:- واحد غيرى كان رماكم بره الدار والجهوة من زمان

ضم نرجس المنتحبة تحت جناحه يردد بتهديد ضمنى

:- بس أعمل إيه ... بحب أمك ومايهونش عليا تدخل السچن وأتحرم منيها

اتسعت ابتسامته الصفراء الماكرة ... يرمق شموع بنظرة ذات مغزى مستطرداً

:- والبت واچب تحافظ على أمها وتراعيها ولا ناوية تبهدليها بين الأجسام والسچون وهى فى السن ده

مرر مقلتيه بنظره فاجرة على جسد شموع المرتعش ببكاء مرير وقال بفحيح

:- حمدى بيه طالب الحلال

صمت لبرهة يرمق شموع بتهديد ليردف بحسم :- وهينوله

 
****************

قبل الغروب بقليل هبطت لينا الدرج ترتدى بنطال واسع يشبه التنورة وقميص طويل نسبياً وبيدها حقيبتها الجلدية كبيرة الحجم تحوى أغراضها الشخصية وكتب أبحاثها

ألقت التحية على فهيمة التى تجلس فى قاعة صغيرة جانبية تتابع التلفاز، رمقتها فهيمة بتعالى وردت السلام باقتضاب

تراجعت لينا عن سؤال فهيمة عن عمها فهذه السيدة غريبة الأطوار ولا تحب أحد وربما لاتحب نفسها أيضاً

دارت برأسها فى البهو الخالى ثم تحركت نحو غرفة المكتب المغلقة مصرة على الظهور أمام والدها وعمها ليتفحصا ملابسها فلن تقبل أن يتهمها أى شخص بتهمة باطلة

طرقت باب الغرفة ثم دلفت بعد لحظات، ووقفت بمنتصف الحجرة التى تجمع داخلها والدها وعمها وأولاده

وجهت الحديث لوالدها بعد أن ألقت السلام على الجميع

:- أنا خارجة يابابى عندى شفت فى المستشفى

أومأ والدها ببساطة وحدقتيه تتأكد من ملابسها الفضفاضة وسمح لها بالانصراف بهدوء

لكنها أبت الانصراف دون توضيح ورفع تلك التهمة عنها فقالت بشجاعة موجه حديثها لعدلى

:- بالمناسبة ياعمى لبسى أهوه ولو فآآآآ

قاطعها صوت والدها ينادى باسمها زاجراً وصرفها بنظره عينه

لم يتدخل أحمد أو فاروق فيما يحدث بل تبادلا النظر دون الالتفات نحو لينا نفسها ... أما عدلى فقال بهدوئه المعتاد

:- السواج منتظرك بره يا داكتورة

عدلت من وضع حقيبتها الثقيلة على كتفها وقالت باستسلام

:- مفهوم ياعمى ... كالعادة

ابتسم عدلى بخفة ولف عصاه دورة كاملة أمامة مردداً

:- لاه مش كيف العادة يا بت أخوى … السواج هيوصلك وهيجعد ينتظرك فى المستشفى لغاية ماتخلصى اللى وراكِ ويعاود بكِ ... ومن إهنا ورايح هتتحركِ فى البلد مع السواج أو حرس

اتسعت عينيها دهشة والقيود تتزايد حولها كل يوم أكثر من سابقه دون أى جريرة أو خطأ منها فقالت بذهول

:- يا عمى أنا معملتش حاجة غلط ... وملتزمة بكل عوايدكم من يوم ماجيت برغم إنى مش مقتنعة بكل العوايد ديه

واصلت الحديث بشجاعة

:-  لكن على الأقل ملتزمة باللبس لأن بابى ربانى على الاحتشام ومن وأحنا فى ألمانيا ... أنا مش خواجاية زى ما بتقولوا ... أنا مصرية مسلمة

رمقها عدلى بهدوء دون كلمة بينما صرفها والدها يُنهى الموقف بحسم
:- خلاص مع السلامة يا دكتورة

أومأت بطاعة لوالدها،على الأقل استطاعت توضيح موقفها أمام عمها ونفت التهمة عن نفسها

التفتت لتغادر فوقعت مقلتيها فى لمحة خاطفة على ذراع أحمد فوقفت أمامه تحدق فى كفه الذى خلع الضماد عنه وهزت رأسها بقلة حيلة وكأنها كانت تتوقع هذا السلوك منه، فقالت بتقرير

:- فكيت الضمادة من على إيدك .. طب على الأقل ممكن تستخدم الدهان عشان الجرح يشفى ومايسبش أثر

رفع أحمد نظره نحوها بروية يناظرها بصمت إشارة على عدم نيته الالتزام بالعلاج، نفخت بغيظ وغادرت تبرطم

:- مفيش فايدة ... مالهاش لازمة كلية الطب مادام محدش بيسمع الكلام ويلتزم بالعلاج

تبادل فاروق وأحمد النظرات الضاحكة بدون صوت بينما مسح صلاح على وجهه ببطء يحمد الله على تفهم عدلى لطبيعة ابنته المختلفة

******************

خبط عدلى بعصاه ذات الرأس الفضى على الأرض بقوة بعد مغادرة لينا ليعودوا إلى حديثهم السابق قبل مقاطعة لينا لهم

لكنه لم يستطع أن يمنع نفسه عن التعليق على موقف لينا رغم إعجابه بشجاعتها فقال لشقيقه

:- الدكتورة لينا مش لادد عليها عوايدنا يا صلاح يظهر مش هتجدر تكمل معانا

حرك صلاح رأسه نحو شقيقة وقال موضحاً

:- لينا متفهمة الوضع كويس يا عدلى ... الحكاية كلها إنها حست بالظلم من التهمة اللى رماها بها سعيد ... بالرغم من أن البنت ملتزمة فى ملابسها جداً وحتى وإحنا فى ألمانيا ... البنت دايماً لبسها كان محتشم زى ما قالت لك ... ودايم بتحترم دينها وثقافتها العربية

تنحنح فارروق ليتدخل فى الحديث يلقى مابجعبته خاصة ولينا تعيش معهم بالمنزل وتجمعها بزوجته صداقة

:- الحجيجة يا أبوى ... لينا فعلاً ملتزمة فى لبسها

حرك رأسه نحو أحمد يطلب تأييده

:- وكلنا ملاحظين ده من يوم ما چت مع عمى البلد  ... يعنى لبسها مايختلفش عن لبس بنات كتير متعلمات فى البلد

أومأ أحمد مؤيداً بينما واصل فاروق حديثه

:- وحكاية مزرعة البدرى فاللى شافها جال إنها كانت بتتمشى على طول خط الجناين ... يعنى عديت من جدام جناين كتير

حدج والده بحرج قائلاً :- عمى سعيد كان بيحاول يزود مشاكلنا

أنشرح قلب صلاح بهذه الشهادة التى قالها فاروق فى حق ابنته وأومأ عدلى متفهماً ثم عاد للموضوع الرئيسى لاجتماعهم فسأل فاروق

:- عملت إيه مع الحرس يا فاروج!!

انتبه فاروق لسؤال والده وجاوب بشكل عملى

:- اتكلمت معاهم كلاتهم يا أبوى ... بيجولوا ماشفوش حد نواحى الأرض ساعة الحريج ... يظهر أن اللى عمل إكده كان مستخبى فى الدرة ولما هوچة الحريج حُصلت زاغ وسط الخلج

تابع أحمد حديث شقيقه بجدية ثم عقب بحدة

:- وكانوا فين وجت اللى حُصل ... لو كان منتبهين لشغلهم كانوا رصدوا اللى عمل إكده من جبل مايُحصل شى

أكد شقيقه على كلامه موافقاً

:- وأنا موافج على كلامك ...ولاچل إكده عملت حركة تنجلات بيناتهم وكمان خصمت من مرتباتهم ... ولو حُصل شى تانى وجتها مش هرحم نفر فيهم

حرك فاروق كفيه موضحاً :- المشكلة أن البلد الأيام ديه فيها ناس كتير أغراب .... لاچل المولد اللى منصوب على أطراف البلد ... وكمان الشغيلة اللى أبتدت تهل على البلد من كل ناحية لآچل موسم الحصاد

قطب أحمد جبينه وقال وكأنه يفكر بصوت عالى

:- وكل الخلج ديه هيكون إيه مصلحتهم فى حرج أرضنا وأذيتنا

حرك فاروق رأسه بدون علم وأقترح بتفكر

:- يمكن يكون حد متأچر يعمل العملة ديه 

التفت صلاح نحو شقيقه الذى يفكر بصمت وتساءل بتوجس

:- أنت مصدق ياعدلى أن عيلة البدرى هى اللى عملت الحريق ده

خيم الصمت للحظة على الجميع فى انتظار كلمة عدلى ... الذى تنحنح بخفة ثم قال برزانة

:- الطريجة اللى أتحرجت بها الأرض ماتطلعش من واحد طول عمره عايش فى العاصمة كيف يوسف

لوى فاروق شفته بامتعاض فهذا الاسم يثير حفيظته بينما ردد أحمد بعملية

:- صُح ... طريجة كورة النار التى تتربط فى ديل حيوان مسكين ويطلجوه يچرى فى الأرض ... طريجة جديمة جوى ومحدش كان بيعملها غير المطاريد زمان (أردف بنبرة أكثر خفوتاً) أو حد معندوش رحمة

سرح بنظره يستعيد صورة القط المسكين قبل أن يلفظ أنفاسه وقال بشرود

:-  العجل بيجول مش عيلة البدرى اللى تعمل إكده ... لا چلال اللى طول عمره عايش بنا بسلام ولا يوسف اللى أتربى فى العاصمة هيفكر بالطريجة ديه

سعل بخفة ثم أضاف بحرج وقد غير حادث الأمس فى نفسه الكثير

:- أنا مش بدافع عن حد يا أبوى ... أنا جصدى أننا لازمن نكون متوكدين من الفاعل ... جبل ما نظلم حد وناخد منه بالتار

زفر بقوة ليواصل برجاحة عقل :- اللى شفته عشية فهمنى أن نزع الروح مش شئ هين حتى ولو كان روح حيوان ... فما بالك بالبنى آدم

وضع كفه مفروده على صدره العريض ينفى عن نفسه تهمة التخاذل ويوضح موقفه بأمانة فهو لم ولن يتقاعس عن تنفيذ أمر والده فى الأخذ بالثأر ... أستطرد بصدق

:- أنا مؤمن بقول الله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)... وكل غرضى نتوخى الدقة والحجيجة جبل مانتحمل ذنب حياة إنسان

رفع فاروق رأسه ينظر للبعيد، يتفكر فى كلام شقيقة بينما تبادل عدلى وصلاح النظرات المحملة بالكثير من الكلام ... فالحقيقة تنبش بأظافرها لتتحرر وتظهر فوق السطح

******************

دلفت شمس لجناحها الخاص حاملة بحذر فنجان من القهوة التركية وركزت نظرها على يوسف الذى يجلس على الأريكة ويعمل على برنامج محاسبات على جهاز الكمبيوتر الخاص به بتركيز شديد ... أنحنت تضع الفنجان بجانب الحاسوب على طاولة صغيرة أمام يوسف بحرص قائلة بتفاخر وعلى وجهها ابتسامة رقيقة

:- عملتلك فنجان قهوة دوبل تساعد على زيادة التركيز

رفع وجهه يناظرها بحب ولسانه يردد الشكر لله على هذه الابتسامة الجميلة على وجهها وعلى اهتمامها به الذى عوضه كثيراً عن وحدته فى هذه الحياة

تناول الفنجان يرتشف رشفة منه بتلذذ شاعراً بقرب الاكتمال فى حياته فشمس ملئت الفراغ وأكملت النصف الناقص ... النصف الحلو بالطبع

ابتسم بوجهها مادحاً :- تسلم ايديكِ ياشَمُوس

بادلته الابتسام وجلست بجواره ... كم تعشق هذه الألفة التى أصبحت تظللهم والحديث الودى الهادئ الذى يدور بينهما من وقت لأخر، تشعر فى هذه الأجواء إنهما حقاً زوج وزوجة تشملهما السكينة والمودة

 عرضت بنية صادقة رغم جهلها بعمله

:- أساعدك في حاجة ... يظهر عندك شغل كتير    

تنهد وهو يتراجع بظهره يسنده على ظهر الأريكة، يتناول قهوته حائراً فى دوامة مسئولياته التى تتوسع باستمرار وتبتلع كل تفكيره ووقته ... نظر نحوها يشاركها ويشكو لها تعبه

:- آه والله جداً ياشَمُوس … الموضوع بقي مرهق جداً ... شغل فى المزرعة هنا وشغل متعطل فى المكتب هناك ... ده غير حكاية التار والمناوشات الغريبة والحرايق اللى بتحصل فى البلد

غمزت بشقاوة مازحة تشتت تفكيره عن بعض المشاكل

:- أحمد ربنا على الأنترنت وإلا كان زمانك رايح جاى كل يوم

رفع كفه مؤيداً يردد الحمد والشكر ... وفكرة واحدة تنبت فى عقليهما فى نفس الوقت

هل سيعود يوسف للعاصمة بعد استقرار الأمور هنا أم سيفضل الاستقرار فى البلدة مع عائلته!! وما موقف شمس فى كل هذا!!

هل سيتركها كما اتفقا منذ بداية الزواج أم أن الأيام ربطت بين مصيريهما إلى الأبد

رنين الهاتف قطع تفكيرهما، ترك يوسف فنجانه جانباً وهو يطالع اسم المتصل على شاشة الهاتف المحمول ثم فتح الخط يهتف بمرح

:- والله بشتغل أهوه … وهبعت الملف بمجرد مايخلص ... معلش أتأخرت عليكم شوية كنت مشغول فى تجهيز المزرعة

جاء صوت عماد من الطرف الأخر بعد لحظات يقول بارتباك واضح

:- براحتك يا يوسف ... أنا بتكلم عشان آآآ

صمت مرة أخرى يزفر بقوة، يستجمع شجاعته للحديث

قطب يوسف جبينه حين شعر بتغير صديقه وجو التوتر الذى يسود المحادثة فأدرك ماهية الأمر فقال يرفع الحرج عن صديقه ويعزز موقف ابنة عمته

:- كل شئ قسمة ونصيب ياعماد

التفتت شمس نحوه بغتة بصدمة على ملامحها حين فهمت مغزى الحديث بينما سحب عماد نفس طويل وأخرجه ببطء يُهدأ من توتره وقال بتأسف

:- أنا مش عارف أقولك إيه يا يوسف ... أنا آآآ

مسح يوسف على رأسه مقاطعاً بتفهم

:- أنا اللى آسف على سوء التفاهم اللى حصل ... أنا السبب من البداية لأنى دخلت العيلة وفرحت برجوعى ليهم ... بعد كده كل حاجة حصلت بسرعة وأنا كنت جاهل بظروف ياسمين

وضعت شمس التى تتابع الحديث كفها فوق كف يوسف الحرة تشد من آزره وتشاركه فى الحدث

أما عماد فتشجع حين لمس تفهم صديقة للموضوع فقال بصدق

:- صدقنى الأستاذة ياسمين أى إنسان فى الدنيا يتمناها وأنا أولهم ... وبغض النظر عن أى ظروف هى تشرف أى حد

تردد فى الإفصاح عن سبب فشل الإرتباط ... ورفض والديه للزيجة فصمت مرة أخرى يحاول الاستعانة بكلمات مناسبة فى هذا الموقف العصيب

أنهى يوسف الأمر دون إطالة لاجدوى منها وغير مجال الحديث بعملية

:- ربنا يفرحنا بك قريب ياعمدة … أنا هخلص الشغل اللى معايا وأبعته على الإيميل الليلة ... وفى خلال كام يوم هكون عندكم إن شاء الله  

تبادلوا حوار بسيط  حول أمور العمل ثم أغلق يوسف الهاتف والتفت نحو شمس بملامح متجهمة

سارعت شمس بوضع يدها على كتفه وقالت بمؤازرة

:- أوعى تضايق نفسك يا يوسف إحنا كنا متوقعين النتيجة ديه وخصوصاً بعد ما أصرت ياسمين على موافقة أهله الأول

أغمض جفنيه يمرر مشط يده في خصلات شعره القصير… وشعور بالذنب يتعاظم بداخله فردد بضيق يفصح عما يجول بصدره

:- أنا السبب… فرحت لما طلب إيدها وجريت أبلغها وأبلغ عمتى من غير ما أفهم الوضع

خبط على ركبتيه يلوم نفسه

:- كنت لازم أفهم إنى غريب عنهم … وإنى معرفش تفاصيل كتير عن حياتهم ولازم أتبين الأوضاع الأول

قبضت على كفه تهدئ من غضبه قائلة بتعقل

:- سوء تفاهم وانتهى وكلنا مدركين لكده ... والحمدلله ياسمين ماقلتش رأيها لا بالرفض ولا بالقبول

أستمر فى الفضفضة يزيح بعضاً من الألم فوق صدره

:- عماد زي أخوياوياسمين غالية عندى ... الأتنين محترمين جداً .. وافتكرت أنهم ممكن يكونوا سعدا مع بعض

رفعت كفها تلامس جانب وجهه وحركت رأسه برفق ليواجه مقلتيها العسلية الحانية مردده بهمس تبثه الهدوء والطمأنينة

:- يوسف كفاية لوم لنفسك ... أنت كنت قاصد خير ليهم هما الأتنين… لكن إرادة ربنا فوق رغبتك ورغبة الناس كلها… وأكيد ربنا هيعوض ياسمين بإنسان يعرف قيمتها ويحطها فى عينيه

كان يدقق النظر في مقلتيها الدافئة ويستمع لحديثها العاقل الرصين بقلبه قبل أذنيه ... يتأمل جانب جديد من شمس تشرق بتعاطفها وعقلها لتنشر الطمأنينة والدفء فى نفسه

لكن التعقل لم يستمر كثيراً فما لبثت أن نزلت بكفها من وجهه إلى ياقة ملابسه تقبض عليها بمشاكسة وتظهر شخصية شمس المشاغبة وقد غلظت صوتها الرقيق لتقول بنبرة تحذير مازحة

:- وبطل كل شوية تقول ياسمين غالية عليا وتغظنى

ابتسم بمرح فى وجهها الجميل مدرك إنها تساعده على الخروج من حالة الضيق التى ألمت به وهى تضيف بعد أن خبطت على كتفه بشقاوة

:- سيب ياسمين عليا أن هنزل أبلغها ونقفل الصفحة ديه خالص

نهضت من مكانها تنفذ سريعاً ولكنه نهض معها يمسك مرفقها بقوة يمنعها من الحركة قائلاً

:- لا ياشمس .. أنا اللى لازم أقولها بنفسى ديه مسئوليتى

التفتت نحوه تناظره بجدية ويبدو إنها استساغت لمس وجهه ولحيته فرفعت كفها تمررها بنعومة على ذقنه وتردد بخفوت

:- ممكن تثق فيا شوية وتسبنى أتصرف

أخفضت كفها تريحها على صدره قائلة

:- أنت بلغ عمة أصيلة ... وسيب ياسمين عليا إحنا بنات ونفهم بعض كويس ... أطمن  

تحركت خطوة للأمام عازمة على مساعدته ومؤازرة ياسمين أيضاً  فجذبها مرة أخرى لتقف أمامه

يتبادلان النظرات العاشقة وقد شعر بمدى القرب والتفاهم بينهما بل يشعر بأنها أصبحت جزء منه لا يرغب في ابتعاده عنه

وضع كفه خلف رأسها يقربه منه ولثم جبينها بامتنان ودفء قائلاً باعتذار خافت

:- أنا أسف إنى جرتك معايا فى دوامة مشاكلى اللى رافضة تنتهى ديه

ابتسمت بحب تستقبل نظراته وهمساته برضا وسعادة ... قالت بنبرة خجولة

:- ماتنساش أنك دخلت الدوامة ديه بسببى أنا من البداية

احتوى أعلى ذراعيها بكفيه بقوة هامساً بصدق

:- أنتِ دخلتينى لأحلى دوامة رجعتينى لأهلى ... لأصلى ... للأرض اللى أقدر أمد فيها جذورى

رفع كفه الأيسر يمررها على وجنتها بنعومة وهو يضيف بهمس حار

:- والأهم إنى لقيت الحلم اللى كنت بتمناه

حدقت بمقلتيه مصدومة، متفاجأة ... يتراقص خافقها بين جنباتها بسعادة جمة

وكيف لا وهو يُصرح لأول مرة عن أهميتها فى حياته

تساءلت بعدم تصديق ... بطمع فى سماع المزيد من كلماته الدافئة

:- بجد يا يوسف ... يعنى مش شايفنى البنت المتهورة اللى آآآآ

حرك أصبعه من وجنتها إلى شفتيها يوقف كلماتها هامساً

:- أنتٍ أحلى شموس فى الدنيا

توردت وجنتيها وابتسمت باتساع على كلماته الهامسة، لم يدرى كيف يعبر عما يعتمل فى صدره أكثر سوى أن أحتواها بين أحضانه يعتصرها بقوة وهى تحيط عنقه بذراعيها بدفء وحنان

 
***************

Continuă lectura

O să-ți placă și

7.4K 563 25
رأت الموت بعينيها لرفيق دربها والان أقسمت على الانتقااام..فماا نهاية تلك القصة ..حكايات سطرت بالشجاعة والألم هل ستكون نهايتها سعيدة ام للقدر رأي آخر...
534K 18.7K 31
اجبره ان يعيشوا سنة كاملة مع بعضهم و هم لا يعرفون بعضهم ابدا من اجل الميراث و لكن القدر يجمعهم و يبدل القلوب و يكون السبب في حبهم و تبديل حالهم عطارة...
44.8K 889 36
كانا من عالمين مختلفين مثل المغناطيس يتنافران و يتجاذبان اما عن التنافر ف كان عندما اجبرتهما الظروف ع الزواج من أحدهما بالاخر اما عن التجاذب فصار عند...
673K 14.6K 44
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...