ركضت نور باتجاه الشجرة لتتحسس اوراقها بلطف
_بدأت اعتاد على هذه الفكرة.
_اي فكره؟
_انني استطيع ان اسمع أنين الشُجيرات واترجم زقزقة العصفور وأجلس اتحدث مع هره.. الأمر جميل وعميق.
التفتت نور لتضع عينيها ب اعينه بعمق لتكمل:
_هل تتخيل ان عالمُنا خالٍ من كُل هذا!
انقسمت على وجه انس تعابير الامبالاة ليُكمل سيره ببرود قائلًا:
_لا اظن ذلك.. خيالكِ يستطيع ان يفي بهذا الغرض.
_اي غرض؟
قالتها نور وهي تهرول للحاق بخطوات انس الواسعة ليُجيب:
_ما ان اتخيل إنني اتحدث مع شجرة.
_ لماذا لا تُكمل جملتكَ؟
_ لأنني لا أُريد التحدث.
_على الأقل اثناء السير لتؤنسني!
_لا أريد تحركي في صمت.
_هل سأسحب الحديث من فمكَ أيها المكتئب؟
ما ان انهت نور جملتها اصتدمت فجأه َ بفتاة كان يُغطي شعرُها شالاً أبيض.. سقط الشال على كتفيها لتلمح تاجًا ذهبيًا يلتف حول خُصل شعرُها.
_ انا أسفه.
_لا بأس.
قالتها الفتاة لتلتف مختبأة بالشال راكضه نحو ممر ضيق وسط المباني ، قاطع شرود نور انس الذي لاحظ ثباتُها فجأه:
_ماذا هُناك لماذا تلتفتين للخلف؟
_انس علينا ان نتتبع تلك الفتاة.
_هل جُننتِ؟
_هيا سنفقد أثرها..
ركضت نور متجهه نحو الفتاة ليلوح انس يده فالهواء مستسلمًا لتتبعها:
_فريد هل تعتقد انها مجنونة؟
_جميع النساء مجانين.
قهقه انس ليلتفت للعُصفور الصغير بدهشة:
_ الحق معكَ يا فريدي النساء جميعًا مجانين.. عدا زَينب.
_ من زَينب؟
_ أنها حياتي ومماتي كانت كُل ما أملك.
قالها بنبرة ممتزجة بالحزن واليأس ليسأل فريد:
_ اين هي؟
_ ذهبت.. ولم تعد.
_ كيف؟
ابتلع انس بعض الهواء واخرجه وكأنه يخرج كل الذكريات من رئتيه متصنعًا البسمة:
_ لا تكترث لما قلته، اين ذهبت تلك الغبية؟
_ اظن انك بحاجه إلى ان تثق بها قليلاً يا انس.
_حسنا يافريد من اجلكَ فقط، لنرى هذه النور إلى ماذا تنوي.
استمرت نور في تتبع الفتاة حتى وصلت إلى الممر الضيق وسط المباني الضخمك والذي يليها بستانٍ واسع من الزهور.
_ماذا هناك؟
_صه يا انس ستسمعنا.
_اريد ان اعرف سبب ملاحقتكِ لتلك الفتاك والان!
_ أيها الكئيب لقد رأيت تاجًا ذهبيًا فوق رأسها اظن انها من القصر.
_ما شأنكِ انتِ لرُبما تكون من المدينة، نور لا أريد ان اقع بالمشاكل هُنا!
_ لا تقع بالمشاكل طوال حياتكَ يا انس!..
قالتها محركه كفيها فالهواء لتُكمل وهي تتلفت حولها:
_ اين الاثارة في حياتكَ؟
اكملت وهي تفكرك اصبعها السبابه بالابهام فالهواء:
_ اتركني اضيف لك تلك اللمسات المنعشة... وبالنسبة لتلك الفتاة انتظر وسأثبت لك.. هيا اتبعني ولكن بحزر.
قالت جملتها الأخيرة متقدمه نحو الممر بخفه لتلمح الفتاة واقفه وكأنها تتحدث الي شخصً ما.
_لا استطيع الرؤية اكثر اظن انها تتحدث مع شخص.
_لا اصدق انني افعل هذا..
______
"من انتم؟"
_انا اسف على ما حدث حقًا.
_هل تتبُع الناس شيئًا صائبًا؟
رفعت نور شعرها بلطف وتقدمت بغرور لتقف امام انس مباشرةً قائله بهمس:
_ الم اقل لك بحزر أيها المتعجرف؟؟
لوح بيده وعقد حاحبيه، دارت نور لتتحدث مع الفتاة:
_اسمي نور وهذا ابن عمي انس اتينا من عالم اظن انكما لم تسمعان عنه ولكن الأمر يخص الرموز.. ما ان رأيت التاج فوق رأسكِ تأكدت انكِ من القصر الملكي.
_هل انتما اليافعان؟
قالتها الفتاة محدقه بنور وانس بكلتا عينيها ليرد انس مجيبًا برأسه ليكمل ذالك الشاب الذي بجوارها:
_الحديث هنا غير آمن تعاليا سأخذكم إلى منزلي انه بالقرب من هنا.
" "
_ تفضلان بالدخول سأعد الشاي
_لا بأس سنعاود رحلتنا شكرًا لك.
قالها انس ليجلس بجواره الشاب الغريب لتُكمل الفتاه:
_أُدعى تالين ابنة الملك عباس.
اكملت نور بأبتسامة:
_واخت مازن ايضًا.. تشبهينه كثيرًا.
رفعت الفتاة خُصل غُرتها بخجل ليُكمل الشاب الغريب:
_وانا أُدعى نيثان راعي هذا الحقل الجميل وهذا منزلي المتواضع.
دار انس برأسه نحو نيثان مستفهمًا:
_هل كنتم تلتقون سرًا؟
اكملت تالين بنبرة حزينة:
_نعم..
وقف نيثان بهدوء وهو يصب كوبً من الماء:
_ نحب بعضنا.. ولكن لا اظن ان الأمر بالشيء السهل.
ليتقدم نيثان ويعطي الكوب لتالين بأبتسامة منطفئة ويكمل حديثه:
_اظن انكم تعرفتم عن مازن وقصة خروجه من القصر.. لا اظن ان الأمر سينجح بتلك السهولة.
_اي أمر ؟
_امر زواجنا.. والدُها.. هل سيرضي بشابٍ فقير مثلي لابنتة الاميرة؟
رتبت نور على كتف تالين برفق لتبتسم تالين مكمله:
_حاولنا انهاء الأمر اكثر من مرة ولكن اظن اننا لا نستطيع العيش بدون بعضنا البعض.
_ما الذي تريدين قوله؟
قالها انس عاقدًا حاجبيه سائلاً لترد تالين:
_جئت لأرى نيثان للمرة الأخيرة.
عقد نيثان حاجبيه بغرابه
لتكمل تالين:
_سأنتحر يا نيثان.
_ هل تمزحين؟
قالتها نور عقب وقوفها بصدمه ليقف انس وتتبعه تالين مُكمله:
_حاولت يا نور حاولت.. لا أستطيع اقسم لكم.
جثت تالين على رُكبتيها واضعه كفيها فوق وجهِها واخذت فالنحيب لتجلس نور بجوارها ارضًا تحاول تهدئتها.
_ نيثان .. سنتحدث خارجًا
خرج انس مع نيثان تاركًا نور وتالين بالداخل
_______
_ هل انتِ بخير؟
قالتها نور لتالين مقدمه كوبًا من الماء
_نعم شكرًا
_هل هذا حلًا بالنسبة لكِ؟
_وهل يوجد غيرُه؟
_ بالتأكيد يوجد.. الجميع يمر بالأزمات لو كان الانتحار حلًا لمات جميع سُكان الكرة الارضية.
_هل هذا عالمكم؟
ابتسمت نور برقه لتربت على شعر تالين بلطف:
_نعم انه عالمي.
_الأمر صعب يا نور.
_ ليس صعبًا نحن من نختار الحلول الأصعب دائمًا.. فالحياة عادله يا صديقتي، ما ان تأخذ شيئًا تعطيكي مقابله شيئًا آخر.
_لا اريد سوى حبي يا نور
_هل تعتقدين ان كُل الأمور يُمكن معالجتُها بالموت؟..
اذا كنتِ تريدين شيئًا عليكِ المحاربه للحصول عليه.
_ حاولت كثيرًا
رفعت نور شعرها الأسود شاردة فالعدم قائله:
_ ليس كافيًا يا تالين.. هل تحبين نيثان؟
-ك الإدمان.
_هل نيثان يحبكِ؟
-إلى حد الجنون.
_هل تثقين به؟
- بالطبع!
ادارت نور رأسها نحو تالين:
_ وهل يثق بكِ؟
ابتسمت تالين ابتسامة رقيقة:
- بالطبع يانور
_اذا الأمر يستحق.. حبكم يستحق المحاوله مرارًا وتكرارًا يستحق الحياة ، يستحق المُجازفة.. يستحق المُصابرة والكفاح... حبكم يستحق ان يُعاش يا تالين حتى لو كانت الظروف تعيق طريقة، حتى لو أصبح الطريق مغلقًا، عليكما الاتجاه للمغامرة في طريقٍ آخر مع بعضكما البعض.
" ان اللّٰه لا يمل حتى تملوا"
امتلئت أعين تالين بالدموع لتشرد بنظراتها فالعدم:
_ابي لم يتغير منذ طرده لـمازن.. رغم انه يشتاق اليه كُل يوم وكُل لحظة.. ولكنه يلتزم بمبادئه وقراراته لا اظن انه سيوافق!
_هل يعرف والدكِ بقدومنا؟
_ما ان عكست المرآه السحرية صورتكم حتى توقفت الغرفة عن الأنشقاق اظن انه ليس لديه فكرة بوجودكم بعد.
ربتت نور على كتف تالين بأبتسامة:
_حسنًا اريد منك وعدًا وطلبًا.. اولاً عديني بأن تتخلصي من تلك الفكرة الملعونة واخرجيها من رأسكِ.
ابتسمت تالين بلطف قائله:
_ والطلب؟
_اريدكِ ان تستعيني بالصبر.. واعدكِ بأننا سنفعل المستحيل لجمعكم.
قالتها نور وهي متمسكه بيد تالين لتبادلها نظرات الثقة لتكمل نور باسطة ذراعيها في الهواء بتلقائيهة:
إذًا انه وقت العناق!
" "" "" "
_ هل تحبها؟
_إلى حد الجنون يا انس.. ولكن لا اعلم ما أصابها.. لم تكن تفكر بهذه الطريقة من قبل.
_هل تلتقيان كثيرًا؟
لاحت على وجه نيثان ابتسامة مجيبًا:
_ لا تقلق أيها اليافع انها المرة الثالثة فقط.
_لا اقصد شيئًا.. اقصد انكم تصبحان بخطر في كل مره تلتقون.
_اعلم، اتمنى ان تختفي تلك الطبقات اللعينة يا انس.. ما الفرق بيننا وبين هؤلاء الذين يعيشون فالقصور.. على الأقل أعيش بكبريائي.
قالها نيثان ليتقدم ويجلس تحت شجرة في وسط البستان.
_أرى في عينك حبكَ الصادق يا نيثان.. مادمتَ تحاول الحصول عليه فالحلال ستحصل عليه ذات يوم بالتأكيد.
"مَنْ عَفَّ قَلْبَه عن الحَرام
رَزَقَه اللهُ جميلَ الحَلال"
_ كلامكَ عميق يا انس.. كل ما ارجوه ان تكون بخير الأن .
_لا تقلق يا نيثان الا تعلم من معها بالداخل؟ انها الإيجابية بذاتها!
قهقه نيثان لتخرج نور وتالين من المنزل الخشبي البسيط ليُردف:
_ انظر لقد خرجت تبتسم أيضًا.
_يبدو ان ابنة عمك ماهره بالاقناع.
_ ماهره فقط؟؟ ياا رَجُل انها ممتازة.
_تتحدثون في ماذا ؟
_لا شئ يا نور.. كيف حالكِ يا أميرة تالين؟
_ بخير الفضل لنور.
رمق نيثان انس بأبتسامة ليرجع عينيه السوداوتين إلى تالين:
_اتمنى ان تتخصلي من تلك الأفكار الغبية يا تالين.. قلت لكِ لن اتخلى عنكِ ابدًا سأفعل المستحيل من اجلكِ.
_لا بأس يا نيثان.. تخليت عنها.
تحولت أعين تالين لنور لتكمل:
" ف حبنا يستحق . "
ابتسمت نور بخجل وأخذت برفع خُصل شعرها الذي تبعثر نتيجه الهواء لتكمل تالين:
_سأذهب الان.. اتمنى لكم التوفيق في رحلتكما.
_____________