رواية هل تدري عنّي بقلمي حنين...

De user25284134

29.9K 1.4K 69

تراه ولا يراها! تعشقه ولا يلتفت إليها! تتمنّاه ولا يدري عنها شيئا! وتظل تدور وتتساءل هل ستدري عنّي يوما؟! Mais

الفصل الأول هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الثاني هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الثالث هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الرابع هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الخامس هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل السادس هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل السابع هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الثامن هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل التاسع هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل العاشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الحادي عشر هل تدري عني (حنين أحمد)
الفصل الثاني عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الثالث عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الخامس عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل السادس عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل السابع عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الثامن عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل التاسع عشر هل تدري عنّي(حنين أحمد)
الفصل العشرون هل تدري عنّي (حنين أحمد)
الفصل الحادي والعشرون والأخير هل تدري عنّي (حنين أحمد)
خاتمة هل تدري عنّي (حنين أحمد)

الفصل الرابع عشر هل تدري عنّي (حنين أحمد)

1.1K 58 5
De user25284134


الفصل الرابع عشر

قبل عامين

الجزائر

منذ عودتهما من مصر ولقاء ذاك الرجل وحالها انقلب رأسا على

عًقِب.. وكأنها انطفأت فجأة ولا يفهم السبب!

ذبلت وانخفض وزنها وأصبحت هادئة ربما أكثر من المعتاد..

هل كانت تحب غيّاث هذا؟ أهذا هو سبب حزنها الواضح؟!

حتى والده سأله عن سبب تغيّرها ولم يعلم ماذا يقول؟!

زفر بقوة لتنتفض الجالسة بجواره وهي تهتف:"ما بك خالد؟ منذ

عودتكما من مصر وأنتما متغيّران.. ماذا حدث هناك لتكونا

هكذا؟"

رمقها مطوّلا قبل أن يقول:"لماذا وافقتِ على زواجي من فاطيما؟"

"ماذا؟"

فغرت فاها للحظات قبل أن تتجهّم ملامحها وهي تقول:

"وماذا كان بيدي لأفعل؟! هل أترك جدّك يدمّر العائلة مرة

أخرى؟ ألا يكفي ما فعله قديما بعمك الذي وافته المنيّة بعيدا عن

العائلة وعن وطنه؟! كان لابد لي من احتمال الأمر حتى لا يعيد

التاريخ نفسه فوالديك لن يحتملا الأمر هذه المرة"

"وكل هذا مبرر لتوافق زوجتي على زواجي من أخرى؟!"

سألها وهو يرمقها بغموض لتصِرّ على أسنانها بقوة قبل أن تهتف

بحدة:"لماذا تكرر الأمر خالد؟ أتريدني أن أصرخ بك أم أطلب

منك الطلاق لتشعر أنني زوجتك حقا؟"

انحنت نظراتها بألم وهي تقول بحزن:"وكيف سيكون لي حق

بمنعك وأنا أرض بور لا تطرح كما يقول جدك"

اشتعلت عيناه بقوة وهو يمسك ذراعها بعنف هاتفا بغضب:

"ما هذا الهراء الذي تقولينه؟ وكيف تعرفين أنكِ السبب ولست

أنا؟ كُفّي عن ترديد ما يقوله جدّي كالبلهاء يا سارة.. أنتِ زوجتي

ومن حقكِ الاعتراض على زواجي بل لقد انتظرت منكِ هذا

الاعتراض أن تشعريني أنني من حقكِ وحدكِ ولا حق لأحدٍ سواكِ

دون جدوى ولا أفهم هل هذا يعني أنكِ ستتركيني لها بهذه

السهولة؟ أم أنكِ على ثقة أن قلبي ملككِ وحدكِ حتى لو كانت

فاطيما هي المعنية بالأمر"

ظلّت ترمقه بانشداه وهو يتحدث وملامحها تظلم من المعاني الخفية

للكلمات قبل أن تقول بخفوت:"هل هذا يعني أن قلبك بدأ يميل

لها؟"

أشاح بوجهه عنها لتمسك بذراعه هذه المرة وتقف بمواجهته تنظر

بعينيه مباشرة وتسأله:"أجبني خالد.. هل مال قلبك لابنة عمك؟

ألن يكون زواجكما صوريا كما أخبرتني والدتك؟"

رفع حاجبه وهو يقول:"أمي من أخبرتكِ ولست أنا سارة لذا

اسأليها هي.. هل يمكن لقلبي أن يتعلّق بسواكِ أم لا"

وقبل أن تقول شيئا آخر كان يغادر صافعا الباب خلفه بقوة

جعلتها تنتفض وهي تفكر هل خسرت رهانها على قلبه؟

******

دلفت إلى غرفتها لتجدها كعادتها مؤخرا جالسة على الفراش

شاخصة ببصرها ولكن هذه المرة دون دموع والحمد لله..

جلست بجوارها لتنتبه لها فاطيما فتعتدل قليلا بجلستها لتضمها

زوجة عمها وهي تقول:"ما بكِ ابنتي؟ منذ فترة وأنتِ متغيّرة ماذا

يحدث معكِ أخبريني؟ ألست مثل والدتكِ؟"

وضعت رأسها على صدر زوجة عمها لتتساقط دموعها دون وعي

منها وهي تقول:"قلبي يؤلمني"

"فداؤكِ قلبي يا قرة عيني.. أخبريني ماذا يحدث معكِ وسأكون

بجواركِ أم لديكِ شك بهذا؟"

نفت بهزة ضعيفة من رأسها قبل أن تقول بخفوت:"دوما كان العقل

هو الحكم لدي.. عندما صارحني بحبه قبل فترة من وفاة أبي

أخبرته أنه لا سبيل سوى بالزواج حتى وأنا أعلم ظروفه جيدا كأي

شاب من أسرة عادية.. ومات أبي وظللت لعام كامل أتجاهل

وجوده فقط لأنني أعلم أنني سأغادر وهو لا يملك أن يمنعني

خاصة أنه مازال بنفس الظروف.. وسافرت وأجبرت نفسي على

عدم التفكير فيه فربما نسيني وربما كان وهما وربما وربما ولكني

كنت أخدع نفسي..."

صمتت تلتقط أنفاسها وهي تتحاشى النظر لزوجة عمها التي ربما

انتابتها الصدمة بالوقت الحالي من حديثها لتتابع بحزن:

"خدعت نفسي لسنوات أنني لا أكنّ له أي مشاعر وأنه فقط كان

شعور مختلف بسبب عمري ومشاعره آنذاك ولكني لم أنساه قط

حتى أنني كنت أحلم به بكثير من الأوقات وأستيقظ أبكي قليلا ثم

أضحك على مشاعر المراهقة التي تنتابني وأنا على أعتاب الثلاثين

وعندما أصرّ جدي أن أتزوج من خالد رأيت قصة أبي تُعاد مرة

أخرى.. فما ذنبه خالد وهو متزوج يتزوج من أخرى؟ وما ذنب

زوجته أن يتزوج زوجها عليها ويتم تجريحها بتلك القسوة؟"

انخفض صوتها وهي تكمل ودموعها تتساقط مجددا:

"وما ذنبي أنا ألّا أتزوج من يحبني وأحبه؟ لماذا أكون زوجة ثانية

فقط من أجل تفكير عقيم وتعنّت لا أهمية له؟"

"فاطيما.."

همست زوجة عمها بتعاطف فلم تعلم أنها رافضة بهذا الشكل

خاصة أنها اتفقت معها أن الزواج سيكون صوري حتى يصمت

الجد ويتركهما لفترة.. حماية لهم فقط من التشتت كما حدث من

قبل..

"أعلم خالتي, أعلم أن الزواج كان حماية وحتى نتخلص مما قد

يحدث لو عارضنا جدي وكنت صامتة واستمعت لكِ وفعلت ما

تريدونه ولكن...."

"هل رأيتِ الشاب عندما عدتِ لمصر؟"

سألتها زوجة عمها وهي تخمّن ما قد حدث لتومئ فاطيما بأسى:

"أجل, كل هذه السنوات كان يتعذّب وكان ينتظرني.. كان يحاول

الوصول إليّ.. يحبني خالتي ويريد الزواج بي وها أنا أجرحه

للمرة الثانية وأغادر تاركة إياه وربما هذه المرة ينساني حقا ويبحث

عمّن تستحقه"

ارتعش صوتها بآخر الجملة ودموعها تزداد انهمارا لتضمها زوجة

عمها بقوة وهي تربّت عليها ولم يلاحظا هما الاثنين من استمع

لحديثهما خلف باب الغرفة.

******

عاد للمنزل يتوقع حالتها بعد الغباء الذي صرّح به ليتفاجأ بعدم

وجودها بالشقة!

هل صعدت لوالدته؟ ولكن بعد ما دار بينهما تصعد لها؟ أم تسألها

حقا كما طلب منها ساخرا؟!

كاد يصعد لشقة والديه ولكنه لا يرد رؤية أحد بهذه الحالة لذا

فقد دلف لغرفته وأبدل ملابسه واستلقى يستدعي النوم دون

جدوى..

وكيف ينام وهي ليست بين أحضانه كما اعتاد منذ زواجهما؟!

زفر بقوة وهو يتقلّب على الفراش وكأنه يتقلّب على جمر قبل أن

يروح بسبات عميق دون أي إرادة منه وداخله يتساءل..

ماذا سيفعل أيخسر قلبه أم عائلته؟!

******

قوة ضربه للباب جعلت الجدران تهتز حولها ودموعها تنهمر بقوة

ماذا يحدث معه؟! ما الذي غيّر خالد أم هي الحمقاء كما نعتها؟!

هي أبدا لن تتركه لها حتى لو كان زواجا صوريا لن تتركه ولم

تخطط أبدا لذلك فما الذي جعله يظن أنها ستتركه لها هكذا بكل

بساطة.. إنه لها حبيبها وزوجها هي.. من تمنّت ومن حلمت به

ليكون لها ومهما كانت تحب فاطيما أم تتمنى لها الخير فلن تترك

زوجها لها ولو أنها تعلم جيدا أن فاطيما لا تريده ولولا عمها

وزوجته لكانت وقفت أمام جدها كما فعل والدها رحمه الله من قبل.

زفرت بضيق قبل أن تبدّل ملابسها وتصعد لحماتها فتح لها حماها

الباب وأخبرها أن زوجته مع فاطيما بغرفتها التي باتت لا تغادرها

إلا لِماما فاقتربت من الغرفة لتستمع لحديثهما معا لتبرق عيناها

بقوة فها هي وجدت الحل الذي سيريحهم جميعا فقط لابد أن

تنتبها لخطواتهما وأن تشترك معهما زوجة عمها.

******

(مصر)

رنين هاتفها أيقظها من النوم لتجدها عصماء تصرخ بها أن

تستيقظ فالمجنون يريد الزفاف بعد الفرقة الثانية وهي لا تريد..

أبعدت الهاتف عن أذنها للحظات قبل أن تضعه مرة أخرى وهي

تقول:"وهل سيتزوجك رغما عنكِ يا حمقاء؟ أخبري والدكِ

برفضكِ للموعد ولا أظن أن والدكِ يوافق على الموعد من

الأساس"

صرخت مرة أخرى بأذنها وهي تهتف:"أجل.. شكرا لكِ همسة"

أغلقت الخط بوجهها كعادتها لتقهقه همسة وهي تتمتم:

"وعلام تريدين الاستيقاظ همسة إذا لم يكن صراخ الحمقاء عصماء

أو البلهاء فلك أو المجنونة فريدة؟"

نهضت لتعد الإفطار لوالدي رياض قبل الذهاب للجامعة كما

اعتادت منذ استقرّت معهما وأحيانا كانت حسناء تتولى المهمة

ويتناولون الإفطار معا جميعا ووجود أرغد وغيّاث كان شبه دائم

على الوجبات الثلاثة.

واقفة بالمطبخ تدندن لحنا لتشعر بأحد يقف خلفها التفتت

والابتسامة مرتسمة على وجهها فبكل تأكيد هي الجدة أو الجد

لتتجمد الابتسامة على شفتيها حالما وجدته أرغد..

"صباح الخير همسة"

بادرها أرغد لتجيبه بخفوت:"صباح الخير"

والتفتت لما تفعله مرة أخرى وكل ما فيها يصرخ لماذا جاء بهذا

الوقت المبكّر على غير عادته؟ فهي تتهرب منه منذ فترة وتنجح

بالفعل فما الذي أتى به منذ الصباح الباكر؟!

"هل تريد شيئا خاصا على الإفطار؟"

سألته همسة وهي تحاول التقاط أنفاسها من خلال الهواء المعبق

برائحة عطره الرجولية الرائعة لتجفل والصوت يصلها بجانب

أذنها وهو يقول:"هل لي بكوب من قهوتكِ الخاصة؟"

أومأت دون صوت فقد شعرت أنها ستصرخ به لامحالة بل وربما

تقوم بطرده من الشقة بأكملها فأعصابها لم تعد تحتمل أبدا ما

يفعله خاصة نظراته التي تحاصرها ولا تفهم ماذا يريد منها؟!

*******

"فريدة.. اذهبي لخليل واعطيه هذه الورقة وأنتِ بطريقكِ للمدرسة

حبيبتي.. وهو سيرسل الطلبات مع الفتى الجديد"

هتفت بها والدتها لتلوي فريدة شفتيها بنزق قبل أن تقول:

"حسنا أمي سأغادر الآن هل تريدين شيئا آخر؟"

"كلا حبيبتي, اعتني بنفسكِ"

سارت لمحل العم أبو خليل كما يطلقون عليه والذي يديره خليل

                                                          ابنه منذ كان بالمرحلة الإعدادية وحتى هذا الوقت فعلى الرغم أنه

التحق بكلية التجارة مع فلك شقيقتها إلا أنه ظلّ بالمحل دون أن

يتكبّر أو تتبدّل طباعه الطيبة وربما هذا ما يلفت نظرها له!

دلفت للمحل لتجده يحضر بعض الطلبات لفتاة ما جارتهم بالحي

والفتاة واقفة تهيم بملامحه الرجولية الجذابة وهو لا يكاد يراها من

الأساس فكتمت ضحكتها وهي تلقي بالتحية ناظرة للفتاة

باستخفاف قبل أن تراه يلتفت لها وترتسم ابتسامة لطيفة على

وجهه جعلتها تريد قتله مع جملته المغيظة:"كيف حالكِ فريدة؟"

وكأنه لا يراها يوميا وربما أكثر من مرة باليوم وهي تمر على

المحل فلوت شفتيها ساخرة قبل أن تقول:"بخير كما كل يوم

خليل"

"هل تريدين شيئا؟"

سألها لتتمتم داخلها ساخرة (بل جئت أملأ عيني من جمال

ملامحك)

بسطت يدها بالورقة المكتوب عليها الطلبات وهي تقول:

"هذه طلبات أمي من فضلك أرسل لها أحدهم بها"

وقبل أن يتسنى له الحديث كانت تغادر تاركة إياه ينظر بإثرها

رافعا حاجبيه يتساءل لماذا يشعر أنها تسخر منه دوما!

*******

خرجت من الشقة لتذهب للجامعة وما إن أغلقت الباب خلفها

حتى وجدته أمامها يرمقها شذرا وهو يهتف:

"لماذا رفضت الزواج يا عصماء؟"

ارتبكت لرؤيته للحظات قبل أن تستعيد أنفاسها وهي تقول

ساخرة:"هل فقدت الذاكرة حبيبي؟ نحن متزوّجان بالفعل"

رفع حاجبه وهو يهتف:"عصمااء.. أجيبي السؤال, لماذا لم توافقي

على الموعد الذي أردته؟"

زمّت شفتيها بحنق قبل أن تقول:"هل أنت على وعي لما تطلبه

جودت؟ تريدني أن أظل عامين بأكملهما متزوجة وأدرس؟!

أنت تعلم أنه لا طاقة لي أبدا بهذا ثم ماذا سيحدث لو رزقنا الله

بطفل؟ كيف سأتابع دراستي وقتها؟!"

"بالنسبة للطفل سنتحاشى مجيئه ودراستك هل سيمنعكِ أحد

عنها؟ هل أخبرتكِ أنك ستتركين الجامعة مثلا؟"

هتف بحدة لتزفر بقوة قبل أن تهتف:"جودت أبي لم يكن موافقا من

الأساس وحتى لو حاولت الموافقة كان سيجد طريقة لرفض الأمر

وأنا لن أغضب أبي أبدا"

"لكن لا مشكلة لديكِ لأن تغضبيني أنا أليس كذلك؟"

هتف وقد شعر بالغضب والإحباط وتساءل ألم تعد تحبه؟!

ألا تشتاقه كما يشتاقها؟!

اقتربت منه وهي تفهم جيدا ما يدور بداخله لتمسك بيده ترفعه

لفهما تقبّله بحب وهي تقول:"أنت حبيبي ستتفهّم موقفي وموقف

عمك كما اعتدت منك دوما.. أم أنك ستخذلني هذه المرة؟"

رمقها بغموض يعلم أنها متلاعبة من الدرجة الأولى فمال عليها

يهمس لها بشوق:"ربما بعض الرِّشوة قد تنفع بهذه الحالة"

تظاهرت بعدم الفهم على الرغم أن احتقان وجهها فضح فهمها

لما يرمي إليه فقهقه ضاحكا وقبل أن تبتعد كان يجذب رأسها

ويقبّلها برقة وحب وهو يهمس:"هذه تصبيرة فقط صغيرة علّ

النار بداخلي تهدأ قليلا يا متلاعبة"

*******

"غيّاث.. لماذا تجلس هكذا؟"

نادته همسة متسائلة عن سر جلوسه بصمت على الدرج ولم تكن

لتلاحظه لولا أنه دقّقت النظر فالمكان مظلم قليلا وعيناها لم تعادا

الظلام إلى حد ما وما إن أضاءت المكان حتى وجدته أمامها!

"أنتظركِ"

قال بهدوء لتسأله:"هل هناك شيء؟ ثم لماذا لم تنتظر بالداخل؟"

زفر بقوة وهو ينهض واقفا أمامها متجاهلا كل ما قالته ويسألها:

"أريد عنوان فاطيما"

رمقته بريبة قبل أن تسأله:"لقد عادت للجزائر"

"أعلم أنا أريد عنوانها هناك"

قال بجمود لترمقه بقلق وهي تقول:"غيّاث, لا تذهب إلا بعدما

تتحدّث إليها حتى لا تسبب لها مشكلة"

ظل محدّقا بها للحظات قبل أن يسألها:"هي تحبه؟"

أجفلت فلم تتوقع هذا السؤال أبدا ولكن لديه الحق ففاطيما لم

تفعل شيئا يدل على كره ذاك ال خالد..

"لا أظن, هي لم تقل شيئا عنه سوى أنه ابن عمها فقط"

همّ بالتحدّث لتقول سريعا:"ولكنها أيضا لم تشجّع الحديث عنك

غيّاث لا أريد لقلبك أن ينكسر لو ذهبت ووجدتها أصبحت له

حقا"

أطرق برأسه للحظات قبل أن يقول:"سأذهب بأي حال فلن أظل

في انتظار المستحيل طوال العمر, ستكون لي أو سأنساها للأبد"

منحته العنوان واسم عائلتها المعروفة ليغادر شاكرا إياها وتتابعه

هي ببصرها وقلبها يتألّم من أجله تتمتم بخفوت:

"ليت نسيانها بهذه السهولة أخي"

*****

(الجزائر)

"كيف حالكِ طمطم؟ لماذا لم تعودي تحضرين حتى نجلس معا؟"

قالت سارة زوجة خالد وهي تدلف لغرفة فاطيما لتعتدل الأخيرة

بجلستها وهي ترحّب بها قبل أن تقول بخفوت:"لا أريد أن أزيد

حزنكِ, يكفي ما أتسبب به للجميع"

شعرت بألمها رغما عنها فهي تحمّل نفسها ذنب ما يفعله الجد بهم

على الرغم أنه لو لم تعد فاطيما لكان أجبره على الزواج من أي

فتاة أخرى حتى تنجب له الطفل الذي يريده..

زفرت بخفوت قبل أن تجلس جوارها وهي تمسك بيدها قائلة:

"لقد سمعت حواركِ مع والدة خالد"

أجفلت فاطيما وهي ترمقها بقلق لتسارع بطمأنتها:

"لا تخافي يا حمقاء, مصلحتنا واحدة.. لدي خطة لنرتاح جميعا

ولن يستطيع جدك وقتها أن يفعل شيئا"

"حقا؟ لن أنسى لكِ هذا المعروف أبدا يا سارة"

هتفت فاطيما بامتنان لتقهقه سارة وهي تغمزها قائلة:

"هل تظنين أنني سأترك لكِ زوجي بهذه البساطة يا فتاة؟

يحلم العجوز أن يبعدني عنه طالما بداخلي نفس يتردد"

رمقتها فاطيما بغِبطة وهي تقول:"ليتني بمثل قوتكِ"

"بل أنتِ أكثر قوة مما تعتقدين يا فتاة, لقد خلقنا أحرارا ولن

يستعبدنا أحد مهما كان هدفه.. وأنا أعتمد على قوتك هذه

ولكن أخبريني أولا هل هناك وسيلة لنصل إلى ذاك الرجل الذي

يحبك"

تخضّبت وجنتيها وهي تشيح ببصرها بخجل لتزم سارة شفتيها

وهي تهتف:"هل هذا وقت خجل يا طمطم؟ هيّا أخبريني كيف

نصل إليه؟"

"سأهاتف همسة وهي ستساعدني بكل تأكيد"

******

لم يكن يتخيّل أن العجوز سيرهقه هكذا.. ما هذا الرجل لا يفهم!

لقد قرر السفر بعدما عرف من رياض أنها قد أُرغِمت على ابن

عمها وأنها لا تريده.. هذا ما شجّعه على السفر ولكنه لم يظن أن

جدها سيكون بكل هذا الصلف والغرور والتعنّت!

لا يفهم لماذا لا يوافق حتى على مقابلته هل يعلم من هو من

الأساس؟!

هل أخبره ذاك ال خالد عنه لذا لا يريد مقابلته بل يرفضه قبل

حتى أن يراه؟!

لا يريد أن يتخطّاه ويذهب للعم مباشرة بل ربما يذهب لخالد يحطّم

له وجهه ويرغمه على تركها رغما عن أنفه..

زفر بقوة قبل أن يتلقّى اتصالا من همسة يقلب عالمه رأسا على

عقب ولكن هذه المرة للأفضل.

****

كان يجلس مع جده ووالده بمنزل جده ليتفاجأ باتصال من أحد

أهم وجهاء البلدة يطلب الزيارة هو ومجموعة من وجهاء البلدة

والسبب غامض حتى الآن!

ولكن لماذا يشعر أنه يعرف السبب في حضور هذه الجاهة؟!

كتم ابتسامته وهو يعلم من خلف كل ما يحدث.. ومن سواها

زوجته التي ظنّها تسلّمه لابنة عمه واستسلمت بسبب حديث

جدّه المثير للأعصاب ولكنها فاجأته بما فكرّت به خاصة بعد

جفاء معاملتها معه تارة وتارة أخرى تقترب حد امتلاكه بكل كيانه

وهو يتأرجح بين هذا وذاك تبعا لمعاملتها وقد شعر بالسعادة لهذا

التلاعب من جهتها.. فلأول مرة يكتشف هذا الجانب بزوجته

الهادئة.

"ترى لماذا تأتي كل هذه الجاهة؟ هل هناك شيء يحدث ولم تخبرنا

به يا أبي فلم أرك شعرت بالدهشة من حضورهم"

قال هلال والد خالد وهو يرمق والده بتمعّن ليجيبه والده ببرود:

"لا أعرف ولا أظن لو وُجِدَ شيء يريدونه منّا أن يجدوه متاحا"

كاد خالد يقهقه على ثقة جده المطلقة ولا يعلم أن هناك مفاجأة

كبيرة بانتظاره فاتّحاد نون النسوة لديهم بالمنزل يجعله يتوقّع

ألّا توجد فرصة للرفض أمام جده.

********

"يا إلهي جدّي لا أصدّق أنكم جئتم جميعا لهنا"

هتف بها غيّاث ما إن رأى جدّيه ورياض وحسناء زوجته وأرغد

شقيقه وهمسة ليجيبه جده وهو يربّت على كتفه بحب:

"والدك سيأتي يوم ذهاب الجاهة أنت تعلم مسؤلياته الكثيرة ولكنه

سيكون موجود معنا وقتها"

لم يهتم غيّاث في الواقع بوجود والده كثيرا فدوما تقبّل ابتعاد والده

عنهما منذ الصغر ووعدم اهتمامه بشئونهما..

أكمل أرغد:"كما سيأتي جودت ووالده وعمه ليكونوا معنا يوم

الجاهة اطمئن أخي لن نعود لمصر إلّا وهي زوجتك"

ابتسم غيّاث بسعادة وهو يضم شقيقه بقوة قبل أن يلتفت لهمسة

قائلا:"لولاكِ لم أكن لأصل لهنا همسة"

ابتسمت بخجل وهي تقول:"لم أفعل شيئا غيّاث, كنت همزة

التواصل بينكما فقط وكل ما أرجوه أن تكونا سعداء معا"

ربّت على رأسها بحنو أخوي ليزيح أرغد كفّه عن رأسها وهو

يرمقه بنظرة ذات مغزى ليكتم ضحكته بقوة وهو يشيح بوجهه

عنه ويسير مع أسرته للفندق الذي يقطن به هذه الفترة والذي قام

بالحجز فيه لأسرته.

******

جالس بين الجاهة يرمقهم بابتسامة دبلوماسية وهو يشعر بالنار

التي تخرج من جوه جده بجواره وفرحة والده بالجاهة وبغيّاث

وأسرته.. حسنا هو أحب الشاب على الرغم من الموقف

السخيف الذي حدث بينهما عندما كانا بمصر إلا أنه شعر أنه

يحب ابنة عمه بقوة وأنه سيطمئن عليها معه و.. حسنا ليرى ماذا

سيكون رد فعل جده والذي يشعر أنه سيكون ناريا..

"لقد أتى هذا الرجل الكريم وأسرته الطيّبة قاصدين إيّانا بالخير

ونحن لا نرد أحدا جاء بالخير كما تعلم.. لذا فقد أتينا اليوم حتى

نطلب ابنتكم الكريمة فاطيما هذا الرجل الكريم غيّاث فماذا قلت

يا حاج؟ هل سينول المراد أم ستردّنا خائبين؟"

بدأ كبير الوجهاء بالقول ليعقد الجد حاجبيه وهو يقول متظاهرا

بالدهشة:"ولكن ابنتنا مخطوبة بالفعل لخالد ولا يخطب المسلم على

خطبة أخيه المسلم أليس ذلك يا حاج؟"

"إذا لنخيّرها هل توافق عليه أم عليّ"

هتف غيّاث وهو يقف بمواجهة الجد ليعقد الجميع حواجبهم

ويمسك أرغد بيده يحاول جعله يجلس مرة أخرى..

لفد أوصاه الرجل ألّا يتحدّث طالما هم معنيين بالأمر وهو بكل

تهور لم يكن من شِيَمه أبدا وقف يعارض الرجل..

احتّدت ملامح الجد وهو يهتف:"ابنتي لن تجلس بمجلس الرجال"

ثم التفت لكبير الوجهاء وهو يقول:"هل هذا الطيب الكريم؟ هو

لا يعرف حتى عاداتنا"

كان خالد قد غادر قبل أن يتحدث الرجل وهو يشعر أن الأمر

سيتفاقم خاصة أن جده لا يريد التنازل أبدا..

غادر والده خلفه عندما احتّد الأمر ثم طلب كبير الوجهاء أن

يتحدث مع خالد ووالده بمفردهم ووافق الجد على مضض فلو

كان الأمر بيده لكان طرد هذا ال غيّاث وأهله منذ اللحظة

الأولى ولكنهم أرغموه على هذه الجلسة بجلبهم لكبراء البلد ورجل

الدين (إمام المسجد) بالبلدة..

خرج الرجل ليجد خالد بوجهه الأحمر ومعه والده يحاول تهدئته

"سأسألك بني وكل شيء سيترتب على ردك.. هل تريد ابنة عمك

زوجة لك؟! زوجة ثانية بالطبع؟!"

"بالواقع يا حاج أنا لا أريد الزواج على زوجتي.. فهي غالية لدي

كما ابنة عمي غالية ولا أريد أن أظلم أي منهما"

أدرك الرجل أن خالد لا يريد الزواج بابنة عمه وشعر أن الفتاة

أيضا لا تريد وأن الوحيد الذي يريد هذا الزواج هو الجد لذا فقد

عاد للمجلس وجلس أمام الجد وهو يقول:"خالد رجل من أفضل

الرجال ولكنه متزوج كما أنه يرى الفتاة كأخت له وها قد أتى

رجل جيد يستحقها فلماذا تريد أن تظلمها وتجعلها زوجة ثانية

وتوجد فرصة لتكون ملكة بحياة أحدهم؟"

صمت الجد للحظات وهو يشعر أنه تم حصاره ولابد له من

الموافقة فلو لم يفعل ستكون إهانة كبيرة للجاهة وهو لن يفعلها

أبدا:"حاشا لله أن نعيدكم خائيبن ولكن لنا بعض الشروط"

"وأنا موافق على أي كان ما ستطلبه"

هبّ غيّاث من مكانه مرة أخرى صادحا بالجملة فزمّ الجد شفتيه

بحنق منه فيما أمسكه أرغد مرة أخرى يجلسه وهو يهمس له:

"المرة القادمة الرجل سيقتلك.. اهدأ أخي هداك الله ماذا حدث

لك؟"

أجابه ببساطة:"عشقت.."

*****

دلفت للغرفة لتجدها على تجوبها شرقا وغربا لتضحك بقوة وهي

تهتف:"ما بكِ يا عروس سيتحطم سقف شقتنا بسببكِ.. ما كل

هذا التوتر؟"

"اصمتِ سارة.. أشعر أنني سأفقد الوعي, ماذا لو سألني جدي؟

ماذا سأقول له؟! بل ماذا لو غضب منّي عمي؟! أنا لا أريد أن

أغضبه"

ثم خفتت نبرتها وهي تقول:"لا أريد أن أفقده.. يكفي من فقدتهم

سارة"

أدمعت عينا سارة وهي تقترب منها تضمها بحنو قائلة:

"لا تقلقي حبيبتي, جدي لن يستطيع الرفض بسبب الجاهة خاصة

لو رفض خالد كما أتوقع فلو لم يرفض لقتلته على كل حال"

قهقهت فاطيما من بين دموعها لتبتسم سارة وهي تتابع:

"أما عمي فلا يريد سوى سعادتكِ وبكل تأكيد سعادتكِ ليس مع

رجل متزوج.. أنتِ تستحقين أن تكوني ملكة على عرش قلب

زوجكِ يا طمطم, كل فتاة تستحق أن يكون زوجها لها بمفردها لا

شريك لها فيه"

لحظات ودلفت زوجة عمها تزف البشرى خِفية وقبل حتى أن

تدرك ماذا يحدث كانت تقف أمام جدها وعمها والأول يسألها:

"لقد تقدّم لخطبتكِ غيّاث الرشيدي وجاء بجاهة كبيرة من أجلكِ

فهل أنتِ موافقة عليه أم تريدين ابن عمكِ"

لم تستطع الرد فقط نظرت تجاه عمها ليبتسم لها بحنو وهو

يجاورها يحيطها بذراعيه يهمس لها:"أعلم أنكِ لا تريدين خالد

ولكن هل تريدين غيّاث؟ لن يحدث شيء لا تريدينه ابنتي"

صمتت وقد تخضّبت وجنتيها حتى شعروا أنها ستفقد الوعي من

الخجل وجدها يرمقها بتمعّن يريد إدراك رأيها لتومئ لعمها بخجل

قبل أن تهرب لغرفتها التي تنتظرها بها سارة لتصرخ بعد لحظات

من دخولها الغرفة باسم سارة عاليا..

"سااااااااااارة"

نهاية الفصل

Continue lendo

Você também vai gostar

112K 2.2K 6
ساب أبنة عمه ليلة زفافهم وهاجر وعاد بعد أربع سنوات يريد الزواج من اخر !! غير مبالي بمصير الأولى او سمعتها ...! وبالطبع ابنة عمه الدرامية قررت الانتق...
249 55 21
غفا الحبر على الاوراق ...فلُطخت اوراقه ..وتبعثرت الكلمات..
34.5K 1.3K 5
قصه قصيره ثم..اعلم ان خلف كلمة ثم يحوي الكثير والكثير..او يحوي صمت موجع..ثم فرح او ثم ألم او ثم خزلان او ثم الشفاء القلب او ثم الامل..الامل فقط لها...
2M 40.9K 71
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" التي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...