◾◾◾
إدوارد لورنزو رجل ذو شخصية هادئة، إنه يشبه نسيم الربيع و جماله أيضاً، هو رجل شهمٌ يحترم النساء كثيراً، و حين تراه قد تعتقد في الوهلة الأولى أنه أمير او ملك قضى حياته في تعلم آداب الكلام و التصرف. لكن عند التعمق في شخصيته، ستكتشف أن هدُوءه السلمي في الحقيقة هي طبقة علوية تبقي شياطينه محبوسة في الداخل، هدوءه ذلك هو بمثابة غطاء، أو وعاء من أجل الدقة.
وعاء يحتوي حقيقته الخشنة التي ستخدشك حين تلمسها.
لقد كان يتكأ على الجدار، و ذراعيه المفتولتان معقودتان على صدره و عُروقه الغليظة بانت بوضوح على بشرته. رأسه كالعادة إحتوته قبعة كلاسيكية و أخفت خصلات شعره الطويلة.
جفنيه مسدولان ،رغبة منه في عزل العالم عن عينيه و اختار التأمل... بينيلوبي كانت محور تفكيره في ذلك الوقت، و قد تسائل إن كان قد ارتكب خطأ حين وافق على قراره و على مشاركته فيما تفعله.
هو غير مرتاح للأمر، لا يحبذ جونغكوك و لا يحبذ قربه من بينيلوبي، خاصة بعد أن كشف له عن ملامحه... و تسائل كيف ستكون ردة فعلها بعد أن ترى وجهه.. ردة فعله هو كانت صادمة بالنسبة له فماذا عن بينيلوبي؟
تفكِيره الزائد توقف حين رن هاتفه المحمول في جيبه فاضطر لإخراجه حتى يرى من المتصل، و حين قرأ الإسم على شاشته، تسللت إبتسامة جانبية على الفور إلى شفتيه، و اعترف في أفكاره ان المتصل قد اختار الوقت المناسب تماماً.
رد على المتصل بنبرة لعوبة
_إيشيكا ياماموتو ،هل إشتقت إلي؟
ضحكت إيشيكا بخفة على كلامه، هي إمرأة لا تستطيع الكذب، و دائما تقول الحقيقة، لذلك لم تستطع ان تنكر حين سألها لأول مرة ما إذا كانت تبادله المشاعر.
يعرفان بعضهما البعض منذ أن كانا مجرد مراهقين تافهين، وقعا في الحب في ذلك السن الصغير، و في البداية ظن الجميع انها مجرد نزوة سوف تلقى نهاية مثل باقي النزوات الأخرى التي لا تملك قيمة، لكن حدث ما لم يتوقعوا حدوثه.
تطورت مشاعرهما و ازهرت، حبهما لبعضهما البعض كَبُر اكثر، و صارا أسيران للعشق. لكن الظروف منعتم من البقاء معا و انتهى بهما الأمر بتولي منصبيهما كزعيمين.
إيشيكا ياماموتو زعيمة عصابة الياكوزا العريقة تحتم عليها تولي المنصب حتى تستمر سلالتها، و امرأة بمثل مقامها تحتم عليها الرضوخ لقواعد البوشيدو و هو دليل الساموراي.
و احد قوانين البوشيدو يتضمن عدم إدخال الغرباء.
هي إمرأة يابانية الأصل، من سلالة ساموراي عريقة و لا يمكنها التزوج برجل ليس ياباني و لم يحفظ عادات و تقاليد الساموراي.
قبلها، والدها هو الذي كان يتولى الحكم، و قاد العصابة بصرامة حارصا على الخضوع لمبادئ البوشيدو، و كان لا يسامح أي شخص يتعدى على القواعد، و إذا رغب أي محارب ان يكفر عن ذنوبه فسيكون عليه ان يتقبل العقاب عن طريق قطع إصبع او تلقي الجلد او الإنقاص من رتبته ثم الخضوع للتمارين القاسية التي تسبب الألم الجسدي و النفسي و في النهاية صبره و استمراره يكافأ عليه.
ايشيكا أصبحت الزعيمة، و لحد الآن لم تتزوج بالرغم من بلوغها سن الأربعين.
هي رفضت ان تعطي قلبها و جسدها لرجل غير إدوارد لورنزو، و أقسمت بشرفها كساموراي و كزعيمة للياكوزا انها سوف تبقى عذراء و عزباء طالما ليست متزوجة بحب حياتها.
_انت تعلم جيدا.
أخبرته، الحزن كان واضح في نبرته، و ذلك آلمه كثيراً. فقد مرت سنوات عديدة و لم يتمكنا من العيش معا و استهلاك حبهما.
_Ishika, tesoro....mio à more.
أغمضت إيشيكا عينيها حتى تركز على صوته الرجولي و الجذاب الذي يسلب أنفاسها دائما، لقد كان يغازلها و يُذكرها بالماضي حين كانا معا، و عندما يقول لها مثل ذلك الكلام الرومنسي وجها لوجه.
_بإشارة واحدة منك، سوف أحارب من أجلكِ، فقط وافقي و سوف أقاتل من أجل حبنا.
عضت إيشيكا على شفتها العليا حتى تمنع نفسها من البكاء.
_عزيزي إيدي، نحن بالغين، علينا أن نتحمل المسؤولية و علينا أن نفكر بعقلانية، لا يمكننا رمي كل شيء وراء ظهورنا ثم التصرف بأنانية، ماذا عن الجميع؟
كان صوتها خافتا، و مهتز حين تكلمت معه. و هو يدرك انها على حق.
لا يمكنها رمي واجباتها كزعيمة و الهرب من مسؤوليتها، لأنها مسؤولة على أناس يحبونها و يطيعونها و ينتظرون منها ان تقودهم حتى تصبح غير قادرة على القيادة.
انهم ينتظرون منها ان تتزوج، و تحصل على وريث قبل فوات الأوان، لأنها ان لم تفعل، فسلالتها سوف تنقرض، بالرغم من وجود إبن عمها، محارب الساموراي الذي تثق به، و يدها اليمنى.
هو يرفض تولي الزعامة، احتراما لها.
_سوف نصبر اكثر، إيشيكا، والدك سوف يستسلم و سيسمح لك بالزواج مني.
_لا تكن متأكدا، انت تعرف انه يتمسك بالقوانين كأنها الحياة، إنه يتنفسها مثل الأكسجين، لن يخلى عنها و لن يسمح لي بالتعدي عليها ابدا طالما هو حي، و انا لا استطيع جلب العار لعائلتي، و متابعيني، شرفي مهم جدا إنزو.
ابتسم على كلامها، لم يشعر بالغضب، أو الحزن او الإزعاج مما تقوله، بل العكس، هو فخور بها لأنها تتمسك بمبادئها، و تعتني بشرفها و تقدره، و ذلك ما جعله يقع في حبها منذ البداية.
إمرأة بمثل قوتها و عزيمتها و صرامتها، ذلك ما يناسبه و ما يريده و كل ما يحتاج إليه؛
إمرأة تستطيع تحمله.
_لماذا اتصلتِ، ميو أموري.
سألها، فأجابته فوراً.
_أبي يريد رؤيتك... قال و أقتبس:"أخبري ذلك اللقيط إنزو أن يأتي لزيارتي"
قهقهة إيدي بملإ أشداقه، لم يسبق و ان نعته والدها بكلمة محترمة ابدا، صحيح ان إنزو لقيط، والدته كانت عاهرة في الماضي،و قد تخلت عنه عندما كان في الرابعة من عمره فأخذه والده زعيم العصابة التي يديرها الآن خفية.
والد إيشيكا لا ينعته باللقيط لكي يؤذيه او ليعبر عن سخطه او كرهه له، بل ينعته كذلك حتى يذكره فقط ما يكون و انه غير مناسب لابنته إيشيكا.
_سوف أمر يوم غد.
أجاب باختصار.
تحدثت إيشيكا مجدداً، و هذه المرة بتوتر واضح من نبرة صوتها.
_توخى الحذر، إنزو.. لدي إحساس سيء، واضح انه يريد منك شيئاً.
همهم لها موافقا بصوته الجذاب، ثم ودعها و اقفل الخط.
أخذ نفسا عميقا ثم عدل قبعته الموجودة على رأسه بعد ذلك ركز بصره على باب الغرفة. حيث تقبع في داخلها بينيلوبي التي تواجه مصيرها.
◾◾◾
_سوف أسألك سؤالا، و جوابك سيقرر إن كنت سأسمح لك برؤية وجهي.
أخبرها جونغكوك، يده على خدها المُصبغ بالحمرة إثر الخجل و التوتر، وجهه المُقنَع كان قريب جداً من وجهها بشكلٍ خطير على قلبها.
بينيلوبي وجدت ان تلك فرصة لا تعوض، إن كانت تريد أن ترى ملامح وجهه كيف تبدو فهذا هو الوقت المناسب، لكن ماذا لو لم يرقَ جوابها إلى مستوى توقعاته؟
لن يريها وجهه.
ترددت في القبول بالرغم من فضولها.
_ماذا لو لم يعجبك جوابي؟
سألته.
فأجابها باختصار :
_سوف تكونين قد ضيعت فرصتك الوحيدة في رؤية وجهي.
رمشت مرتين على التوالي، و حدقت في وجهه المغطى بالقناع، نظرت بالتحديد إلى عينيه التان تطلان من الفتحتين، و هي تعرف أنه يحدق إليها أيضاً من خلالهما.
فُضولها إزداد ،لكنها في نفس الوقت لا تريد أن تخسر فرصتها الوحيدة في رؤيته. لذلك راودتها فكرة أخرى أفضل من فكرته. و حرصت على إعلامه بذلك.
_قم بتغطية عيناي ثم دعني ألمس وجهك، أعتقد أن بهذه الطريقة كلانا رابح.
إلتزم الصمت، فهو لم يتوقع ان ترفض عرضه، و لا ينكر ان عرضها قد أعجبه، فبهذه الطريقة لن يضطر إلى إظهار وجهه إذا كان جوابها مناسباً، لكن ما لم يفهمه هو :مالذي ستجنيه من ذلك؟. هي لن تتمكن من رؤية وجهه، فكيف ستكون رابحة؟
وضع إصبعين، السبابة و الوسطى تحت ذقنها بعد أن ارتفع عن الأرض، أعينها مجدداً صارت ترمقه من الأسفل.
رس إبهامه على شفتها السفلى و داعبها بلطف قائلا
_و ماذا ستجنين من ذلك؟
لم ترد عليه، فلم يضغط عليها.
_كما تريدين.
فك ربطة عنقه ببطء تحت أنظارها، و حرص على إبقاء محجريه عليها حتى يتفرج على ردات فعلها و كان الجو بينهما ثقيل و حساس. بدا و كأنه ينزع ثيابه حتى ينخرطا في الأنشطة الجنسية.
ربطة عنقه ذات اللون العقيق، أسدلها أمام وجهها إقترب حتى صار لا يفرق بينهما سوى بضع سنتمترات خطيرة.
ببطء،قام بتغطية عينيها، ثم خلع قناعه.
أحس بالهواء يلفح بشرة وجهه، و أحس بعدم الراحة لأنها أمامه، يمكنها ان تخلع الربطة و ترى وجهه في أي لحظة.
أخذ يدها ثم بسطها على خده، و تحدث بصوت أجش و أقرب إلى الهمس، قلبه إهتاج بسبب التواصل الجسدي الصغير ذاك، و تلك اول مرة أحس ببشرتها على وجهه. و أول مرة تلمسه.
تفرج عليها بينما تركها تحرك يدها على وجهه الوسيم أصابعها رست على عينيه فتحتم عليه إغلاقهما لفترة و قد تحسست رموشه السوداء، ثم أنزلت أصابعها حتى وصلت إلى أنفه.
فتح عينيه حتى يواصل تأملها، و أصابعها وصلت إلى شفافهه الناعمة، مسحت عليهما بلطف و استغرقت في ذلك حتى توقفت حين أحست ببعض الخشونة في جانب شفته السفلى على الجهة اليمنى.
لقد أرادت ان تتحسس وجهه لكي تقطع شكها باليقين. طوال مدة معرفتها لجاك و هي تشك فيه و بعد أن تحسست وجهها تلقت الإجابة على شكوكها.
أضافت يدها الأخرى فصارت تمسك بوجهه بكلتا يديها، و خاطبته بهمس.
_لماذا ترفض ان ارى وجهك؟
قرب وجهه منها ثم ألصق جبينه على جبينها مجيبا على سؤالها بنفس النبرة
_لا احب ان يرى أحد وجهي، خاصة انتِ. لا اريد ان ارى ردة فعلك حين ترينه.
ما زالت لم تفهم، حين لمست وجهت، تمكنت من الإحساس ببشرته الناعمة و تمكنت من الإستنتاج بأنه و بلا شك انه يملك وجه يُسيلُ اللعاب، فما الداعي لإخفاءه؟
جونغكوك وضع يديه على كتفيها ثم دفعها برفق حتى صارت مستلقية على ظهرها.
تسارعت أنفاسها و صدرها صار يعلو و ينخفض و لكن ليس من الخوف، لقد تجمدت في مكانها و رغبت بشدة ان تخلع ربطة العنق التي تمنعها من رؤية وجهه الجذاب.
وضع يده على عنقها ثم قرب وجهه حتى صارت شفاهه تلامس خدها، بعض من خصلات شعره المصفف تهربت من مكانها و انسدلت إلى الأسفل و داعبت بشرة وجهها.
تحدث بصوت هادئ، معبرا عن أفكاره و احاسيسه.
_بينيلوبي،لقد وعدتك في الماضي بأنني سوف استعيدك مهما كلف الأمر، اخبرتك انني فور ان اعثر عليه ستعودين معي، و لأكون صريحا، لقد عثرت عليك بعد اسبوع فقط من هروبك، لكنني تركتك ترحلين، و ها قد مرت اربع سنوات على فراقنا و صبري قد نفذ مني..
يدهُ التي كانت تحاوط عنقها بلطف، حط إبهامه على شفتها السفلية مجدداً ثم داعبها بلطف، نظر في شفاهها الممتلئة و شعر برغبة قوية في تذوقهما.
استمر في إخبارها.
_لقد نفذ صبري، و قد جئت حتى استعيد ما هو حقي و ملكي، كما وعدتك بيني، لذا اريد منك تكوني صريحة و تخبريني مالذي تريدين قوله لي، و ما تخططين له، لأنني أجد حقيقة انك من أتى إلي اولا غريب و مثير للشك...
بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها الآن، لأنها ستخبره ما كانت تطبخه طوال هذه السنوات وراء ظهره. و لا تعرف كيف ستكون ردة فعله بعد أن يعرف الحقيقة المرة... حقيقة انها عاشت مع رجل غيره، و أحبته، و تركته يلمسها، حتى لو لم تفعل شيء يتعدى الحدود لكن يبقى ما فعلته خيانة.
سمحت لجاك ان يقبلها، ان يضع يده على جسدها و سمحت لنفسها ان تقع في حبه بالرغم من كونها متزوجة من جونغكوك.
كيف ستخبره انها خانته.
إعتنقت الصمت، و انتظرها حتى تجيب عليه، و بعد مدة من الهدوء و عدم الإستجابة، أدرك انها لن تتحدث، فقرر أن يرمي كل ما لديه على الطاولة، قرر ان يكون شفافا، لأنه لا يحب الكذب، و الدوران. و ما قاله تاليا كاد يقتلها من الصدمة و الخوف.
حرص على أن يهمس لها الحقيقة في أذنها
_لا داعي لتخبريني، انا اعرف كل شيء، اعرف انك كنت تعيشين مع رجل غيري، و اعرف انك سمحت لنفسك ان تحصلي على الحب من شخص غيري بالرغم من انني الأحق بك.
وضع شفتيه على صدغها ثم قبلها هناك مطولا، بعد ثوان فرق شفاهه عن بشرتها ثم نظر إلى وجهها و قد تملكته رغبة قوية في خلع الربطة عن عينيها حتى يرى التعبير الذي تحمله.
قررت أن تتحدث بعد لملمت ما تبقى من شجاعتها و تحدثت إليه
_صحيح انني عشت معه، أحببته و ما زلت أحبه لكنني لم اتعدى حدودي.
وجد ذلك في غاية السخافة، لم تتعد الحدود قالت.
_لا أدري ما هي الحدود بالنسبة لك، لكنني كل ما اعرفه هو أن العيش مع رجل آخر بينما انت متزوجة امر غير مقبول.
صوته كان هادئا، و تحدث إليها بكل لباقة ممكنة و لكن نبرته لم تكن تعكس ما كان يشعر به في قلبه
لقد كان يشعر بالغيرة الشديدة
_تكملة الفصل في بارت جديد، استمروا في القراءة _