في اليوم التالي كانت تقدم بعض الكعك لطاولة المرأة بأبتسامة صغيرة ..لتسمع صوت الجرس ينبأ بدخول شخص لتستدير و تشاهد مجموعة رجال دخلوا يرتدون الأسود بالكامل وعلى رأسهم الرجل الذي ملامحه كانت أقسى من الجميع ..
أنقبض قلبها حالما لمحتهُ من بين الجميع ببدلته الرسمية الراقية و شعرهُ المصفف بطريقة رجولية تليق بهِ و عيونه الحادة التي تخيفها كثيراً ترمقها بشدة ..
ابتلعت ريقها لتتوجه نحوهم و تحمل دفترها الصغير الذي تدون بهِ الطلبات
أقتربت من طاولتهم لتقف بحذر وحمحمت تسألهم بأدب عن طلبهم لتدونه بعد أن أجاب الجميع عما يريدونه
و الآن الفقرة الصعبة وهو طلبه رغم أنها تعلم أنه لا يطلب سوى القهوة إلا أنها توجهت نحوه تسأله بأدب عن طلبه
هو لم يجيب بقي ينظر لها فقط وحاولت التكلم " سيدي ارجوك لدي عمل .." ليقول بصوته العميق "طلبي المعتاد "
هرولت عائدة إلى المطبخ لإعداد القهوة خاصته حتى تتخلص منه ..
الذين كانوا معه كانوا مخيفين مثله هيئتهم تدل على الثراء والخطر وكأنهم ينتمون لمافيا ..
حضرت طلبهم لتعود لعملها وهي تحاول نسيان نظراته الغامضة لها ..
مرت مدة لتجدهم قد غادروا لتتنهد بارتياح لأنهم جعلوا الزبائن يهربون بخوف واضح من ألاسلحه التي يحملونها والأسود الذي يرتدونه وأصبح المقهى فارغ إلا منهم ..
سمعت صوت جورج يناديها لتستغرب وتذهب نحوه ليقول لها "السيد لوقا يريد التحدث معكِ إذهبي له وأحرصي على إرضائه .." لم تدعه يكمل كلامه تقول له "عذراَ سيدي لكن من هو ..؟"
"إبنتي إنه سياسي في الدولة وشرف لنا أن يأتي للمقهى خاصتي " أستغربت من حديثه وتسائلت عن هويته ولماذا يريد التحدث معها ..
دخلت إلى الغرفة الصغيرة بقلب متوتر لتتوسع عيونها برعب بعد أن لمحته يجلس على الأريكة بثقة ويحدق بها بعيون واثقة و نظرات غامضة ..
والاضواء تنعكس على وجههِ لتبرز ملامحه الشيطانية الوسيمة ..
أما عنه فهو شارد فيها.. لعنة حياته التي منذُ رآها لم يستطع نسيانها ..تتجول في رأسه مراراً سيطرت على تفكيره وروحه تحركاتها كالفراشة في الحقل.. طريقتها في الكلام وأدبها ..ينجذب لها يوماً بعد يوم ..
لم يكتفي بمراقبتها بل أراد المزيد ..أراد أن يلمسها يشعر بها..وبجسدها بجانبه ..
لعن نفسه مراراً وتكراراً ..يخبر نفسهُ أن يبقى بعيداً حتى يجد الوقت المناسب للتقرب منها لأنه لن يتركها ولو أرادت موته..وهو الذي إذا أراد شيئاً يحصل عليه حتى لو أقام مجزرة ..
لكنه كالمراهق اللعين وجد نفسه بقربها في المقهى يصطدم بها وكم أثارت مشاعره ورجولتهُ وملامحه الباردة لا تعبر عما في داخلهِ ..
"مرحباً يا صغيرة .."قال بصوته الخشن وهو يرفع يده وكأنه يلقي التحية لتتجمد في مكانها تتنفس بسرعة تحاول التخفيف من ذعرها
"ماذا تريد سيدي .." أخبرته بنبرة مهتزة وهي تحاول عدم توضيح انها خائفة منه في كلامها لا تعلم لمَ تخاف منه وينقبض قلبها ولكنها تشعر بأنهُ خطير جداً من ضخامته الشديدة ووشومه التي تملئ رقبته وأصابع يده ونظراتهُ لها..
"لا داعي للحديث الطويل لذا سأختصر الأمر عليكِ .."تحدث وهو يقوم من الأريكة يتجه نحوها ببطئ وهي عادت خطوتين إلى الوراء
"أنا أريدكِ ...زوجة لي " همس بصوت واثق وهو ينتظر ردها لتتوسع عيونها بصدمة من حديثه تشهق من صدمتها
أقترب منها بشدة لدرجه أنها أنحنت على الطاولة خلفها عيونها تلمع بدموع فلم يقترب منها أحد هكذا همس وهو يضع يديها خلف ظهرها "أريدكِ أمرأة لي ..وافقي وستعيشين كالملكات معي .."
كانت تفكر بأنه مجنون ومختل لتحاول إبعاد ذراعهِ التي أمتدت تحاول مسك يدها وعطره الذي ملئ أنفها يخدرها لتصرخ بفزع " أبتعد عني..هل انت مجنون .."
هل يرى نفسه في المرآة..إنه كبير في السن يبدو وكأنه والدها ..
تكلم وهو ينظر لخوفها الذي آلمه "سأعالج الطفل المريض .. و أجعل أريس يدرس بأرقى مدرسة في الدولة.. سأجعلهم يعيشون برفاهية عالية.."قالها بعد أن
قرأ عن أبنها المريض وعمليته ليفكر بخبث يليق به ..لقد وجد الطريقة الوحيدة التي ستجعلها تكون أمراته ..
أنب نفسه لأجبارها وإيذائها بهذا الكلام لكن لا يوجد طريقه اخرى ..هو يريدها ولن يتخلى عنها ..يريدها بجانبه ..في حضنه ..زوجة له ..
كيف عرف عن أينجو وأريس ..لمعت عيونها بقهر تدرك أن هذا الرجل خطير ..خطير جداً
نظرت لهُ بغضب وخوف لتتكلم صارخة وهي تضرب صدره "من أين تعرف عائلتي ..من أنت ؟هاا ..؟"
"أنا أعرف كل شيئ عنكِ صغيرتي .."ماذا يتحدث كانت حائرة ومصدومة تحاول عدم الاغماء ولكنها ترنحت تشعر بالدوخة تصيبها وكادت أن تقع ليسارع في إمساكها بقلب مرتجف "صغيررتي .."
لم تجيبه وجهها يشحب ليجلب ماء ويغسل وجهها به ويحاول جعلها تشرب الماء ولكنها رمت الماء عليه تريد الوقوف وهو متمسك بها
بدأت بالبكاء بصوت عالي تضع يدها على وجهها تحاول إخفاء نفسها لينقبض قلبه يقترب منها "أرجوكِ توقفي عن البكاء .." لم تجيبه ليصرخ عليها "قلت تووقفييي"
شعرت بالذعر لتنظر له بعيون حمراء من الدموع وهو لم يحتمل ينزل نظراته وتحدث بصوت هادئ "أعلم أنكِ خائفة ..لكن صدقيني أنني أفعل هذا لأجلكِ.."
"أنتظر جوابكِ خلال ثلاثة أيام .."
نظرت له بنظرات مرتعبة وتأملت شكله شعره الأسود بخصلات بيضاء ، لا تنكر أن جمالهُ قاتل ولكن هي لن تستسلم لهُ أبداً ..
لن تتزوج رجل بعمر والدها ..
غادر بعد أن أعطاها رقم هاتفه لتنفجر بالبكاء فهي طوال هذه الدقائق قلبها يكاد ينفجر من النبضات الخائفة منه تخاف منه جداً..وكلامه المجنون الذي قاله زاد من خوفها ..
_
_
بعد يومين ...
آرسيليا التي تراقب حالة أينجو تفكر في كلامه ..هل سينقذ أينجو حقاً لا تعلم بماذا تفكر حقاً لتبقيه مع آريس ليعتني به وهي تخرج للعمل تحاول طرده من تفكيرها فهي لم تنام طوال يومين تشعر بالقلق
وصلت المقهى لتدخل وتبدأ العمل بحزن كبير متناسية العيون الحادة التي لم تفارق تفكيرها..
كيف انقلبت حياتها لهذهِ الدرجه كيف رآها في المقهى تمنت لو انها ماتت و تخلصت من هذا الهم الذي يجثو على قلبها ويمنعها من التنفس..
بعد مدة طويلة جداً أكملت عملها وأستأذنت من جورج بالذهاب إلى المنزل تخرج وتنوي العودة للمنزل ليتصل بها آريس ..
أجابت على الهاتف بقلق فهو لا يتصل بها لتشعر بقلبها يتوقف عن النبض بعد أن أخبرها أن أينجو يكاد يموت وهو لا يتنفس ..
شعرت بقدميها لا تتحملها لتصرخ بخوف وهي تحاول تجميع الكلام "ماذا تقصد ..آريس أجبني " صرخت بدموع وتشعر بنفسها على وشك الموت
"فقط تعالي للمشفى "
وصلت للمشفى بوجه شاحب وعيون حمراء تركض كالمجنونة لترى آريس يجلس على الكرسي لتتوجه نحوه بسرعة تقول بصوت مرتعب "آريس تحدث ..أين صغيري ..تحددثث" صرخت ببكاء نهاية كلامها ليحتضنها آريس يبكي أيضاً يقول "أقسم لكِ أنه كان نائماً ولكني رأيت وجهه يتحول للأزرق وهو يبدو وكأنه على وشك الأختناق لذا أتصلت بالأسعاف .."
جلست على الأرض تنتحب وآريس ينظر لها بدموع وقهر فهي تبدو وكأنها تكاد تجن لينزل لها ويحتضنها بقهر "آرسيليا توقفي ارجوكِ .."
"صغيري ..إنه يرحل عني " قالت بهمس مبحوح ودموعها تنزل ببطئ من عيونها الجامدة
أتى الطبيب جيمس لهم يقول بتعاطف "آرسيليا أينجو يحتضر ..لا نستطيع إنقاذه ولا حل سوى العملية "
لم تجيبه تنظر للجانب بجمود ودموعها تنزل لتنزل يدها نحو جيبها تخرج ورقة صغيرة ودونت الرقم بيد مرتجفة لتنزل دمعة أخيرة من عيونها تجيب بهمس بعد أن سمعت صوته
"موافقة على الزواج منك .."