أستيقظت على صوت المنبه لتتنهد بتعب وتستقيم لتنظر بجانبها وتحديداً الجسد الصغير الملاصق لها لتبتسم بحب وتقبل جبهته بحنان أمومي..
دخلت الحمام لتستحم وبعد مدة خرجت لترتدي جينز أسود وقميص أبيض وسترة سوداء وتربط شعرها على شكل كعكة لتتوجه نحو السرير لأيقاظ طفلها
همست بحنان أتقنته منذ مراهقتها لتهزه وتيقظه بقبلاتها ليستيقظ و عيونه تقع عليها ليبتسم بنعاس "صباح الخير ماما " ردت عليه تحية الصباح لتتكلم " هيا صغيري أستيقظ يجب أن تذهب للمدرسة "
غسلت وجهه و جعلته يرتدي ملابس المدرسة لتمشط شعره البني عكس شعرها الأسود تتأمله بحب شعر بني عيون عسلية وخدود حمراء لطيفة ..
أمسكت يده لتقول له "هيا صغيري يجب علينا النزول لإيقاظ آريس "
دخلت الغرفة لتنظر لذلك الجسد النائم بسلام على الأرض وفمه مفتوح لتضحك بسخرية وتؤشر ل أينجو
ليتوجه نحوه ويسحب شعره ليتستيقظ مذعوراً..
نظر آريس لهم بغضب ليتأفأف بأنزعاج لتصرخ به بغضب " هيا آريس ليس لدي اليوم بطوله لك يجب علي الذهاب للعمل..هيااا " صرخت آخر كلامها بغضب بعد أن شاهدته يحاول الرجوع للنوم لتجره من كتفه وتدفعه نحو الحمام
__
تمشي بجانب آريس الذي يحمل أينجو وهم يتوجهون نحو المدرسة ليصلوا بعد مدة وودعت آريس البالغ من العمر سبعة عشر عاماً وقبلت وجنته وهي تخبره أن ينتبه لدروسه جيداً ليحمر خجلاً ويومئ لها بحرج
ثم وضعت الحقيبة في ظهر أينجو وهي تقبل جبهته بحنان وتوصيه بأن لا يتعب نفسه
أومأ لها بطاعة لترفع يدها وهي تودعه لتتنهد وتذهب للمقهى الذي تعمل به ..
هذا كان روتينها اليومي ألأستيقاظ مبكراً وتجهيز أينجو للذهاب للمدرسة وأيقاظ آريس للذهاب للثانوية
وبعد أن توصلهم وتطمأن عليهم تذهب لعملها ..
فتحت قفل المتجر المغلف باللون الأبيض من الخارج محاط بالأزهار والألوان المشرقة لتدخل وتلفحها رائحة القهوة والحلويات فهي تعمل في مقهى لتقديم الكعك والحلويات والمشروبات ..
مالك المقهى جورج رجل كبير في السن ولطيف جداً وافق على عملها عنده عندما رأى حالتها وحاجتها الماسة للمال ..
هي تعمل جاهدة على توفير مبلغ عملية أينجو المريض بالقلب منذ ولادته وتولت العناية به وتربيته منذ عمرها السادس عشر لتعطيه الحب والحنان والإهتمام الذي كانت محرومة منهُ ..
أخذت على عاتقها الأهتمام بعائلتها المكونة من طفلها البالغ ستة سنوات وأخيها المراهق الذي تشجعه على دراسته بعد رفضه الدراسة ورغبته في مساعدتها في العمل
لترفض هذا القرار بشدة تريد أن يحظى بالشهادة الدراسية التي حُرمت منها ..
أدارت اللوحة التي تشير إلى المقهى المغلق لتستبدلها بالجهه المعاكسه والتي تشير إلى أن المقهى مفتوح ..
لتتنهد وهي تستعد ليومٍ جديد و تضع أبتسامة مزيفة تستقبل بها العملاء فلا مجال لها للبؤس يجب عليها العمل مع إبتسامة رغم التعب الذي يحيط بها
"ستفعلين أي شيئ من أجل أينجو وآريس..لا بأس آرسيليا .." شجعت نفسها بهذا الكلام الذي يتراود بداخلها كل يومِ من أجل أن تستمر
بقيت تعمل لمدة سبع ساعات متواصلة حتى دخل عليها آريس الذي لوح لها بتعب لتتوجه نحوه بعد أن أعطت أحد العملاء طلبه تقبل وجنته
" حبيبي هل جلبتَ أينجو من المدرسة " تحدثت بقلق تنظر لعيونه البنية كخاصتها ليتحدث بطمأنينة وهو يقول "لا تقلقي أختي هو بخير والسيدة مارغريت تعتني به "
لتتنهد براحة ليطلب منها أن يساعدها لتومأ لهُ غافلة عن النظرات التي تخترقها
بعد مدة تعبت من الوقوف و الركض هنا وهناك لتتوجه نحو طاولة في زاوية المقهى تنوي تنظيفها ..
مسحت الطاولة بشرود و رأسها ممتلئ بالأفكار بمصيرها و مصير عائلتها
تنهدت بحزن داخلي وأستدارت لتصطدم بجسد صلب وقوي و كادت أن تقع لكن اليد الخشنة التي امتدت أسندتها لتشهق بخوف
أدارت رأسها للذي أصطدمت بهِ فأبتلعت ريقها حالما وجدت رجلٌ ينقط رجولة و وسامه بشعر اسود وخصلة بيضاء و ملامح أخافتها حد النخاع لا تعلم لماذا شعرت بالرعب من هيئتهِ على الرغم من وسامتهِ خصوصاً عيونه الرمادية القاتلة ..
تسارعت نبضات قلبها بعد ان تعرفت عليه حيث يأتي يومياً ويجلس على هذهِ الطاولة خصيصاً و أحياناً تشعر بنظراته عليها التي تشعرها بالخوف والفضول تجاهه ..
وقفت بأستقامه وسارعت بالاعتذار بخجل وقلق منه "آسفه سيدي لم اقصد .." نظر لها ولم ينبس بشيئ
بملامح صارمه و حادة قام بتعديل ياقة قميصهُ لتلاحظ الاوشام التي تملئ يديه واصابعهُ ..
حمحم بهدوء ليردف ببروده " لا بأس " صوته كان خشن دب الرعب في جوفها وبدون أن تتكلم أستدارت ترحل بسرعة
وضعت يدها على قلبها الذي ينبض لتستند على الكرسي تهدئ نفسها
وعت على نفسها بعد مدة لتستقيم بسرعة تسمع صوت آريس يناديها لتتوجه نحوه
نظرت في المقهى لتجد مجموعة فتيات فقط ولا وجود للرجل المخيف
__
أخرجت الأموال من تحت الوسادة لتعدها ووضعت مبلغ في جيبها وتسترجع الباقي لتنزل للأسفل و هي تمسك بيد أينجو وتخرج من المنزل بعد توصية آريس بعدم الخروج وان يعتني بنفسه وآريس قلب عينيه وأخبرها أنه ليس صغير لتوصيته
دخلت بناية المشفى الكبيرة التي أعتادت على رؤيتها منذ ستة سنوات لتتوجه نحو السكرتيرة المسوؤلة عن المواعيد مع الطبيب لتخبرها بأسم المريض وتومأ لها الأخرى تخبرها أن تجلس حنى تنادي إسمها
جلست على الكرسي وأحتضنت صغيرها وهي تنتظر وقت دخولها للطبيب ، تشعر بالخوف الشديد عليه تتمنى أن تحتضنه وتخفيه من العالم لكي لا يتألم ويحصل له شيئ ..
كان المال هو الحل الوحيد لعلاج صغيرها ولكنها لا تمتلكه ..تكره نفسها كل يوم لعدم إستطاعتها على إجراء عمليته الجراحية
لقد كان أينجو نتيجة أخطائهم ، لكن هو وآريس أجمل ما في حياتها تضحي بروحها في سبيلهم وهي تحاول جاهدة لكي تجعلهم يعيشون الحياة التي يستحقونها
الحياة التي لم تعشها يوماً ..
سمعت أسمه لتذهب نحو غرفة الطبيب تحمل أينجو لتدخل وهي تبتسم للطبيب جيمس الذي رحب بها ليشرع بفحصهِ تحت نظراتها الساكنة من المشهد الذي يتكرر كل شهر ..
نظرت لهُ بأستفهام عن حالته ليبادلها بتوتر وقلق من ردة فعلها "أرجوك دكتور جيمس أنت تقلقني فقط أخبرني هل هناك أي تحسن فيه "
تنهد ليبتدأ بالكلام " أرسيليا يؤسفني أن أخبركِ أن حالتهُ تزداد سوءاً يوماً بعد يوم والحل الوحيد هي العملية التي يجب أن تجري قبل مرور خمسة أشهر .."
"يؤسفني قول أن قلبه ضعيف وربما يموت اذا لم يجري العملية "
أنقبض قلبها من الفكرة ونزلت دموعها بقهر وضعف تبكي من فرط التعب والألم من فكرة أنها لا تستطيع توفير المال له خلال هذه المدة ..من أين ستجلب هذا المبلغ الضخم ..لا تستطيع إنقاذ صغيرها
خرجت من المشفى تتمشى في الحديقة بجانب أينجو الذي لا يعلم بما يدور حوله لتحاول كتم دموعها فهي تريد فقط الوصول للمنزل والبكاء حتى تجف دموعها ..
ما الذنب الذي اقترفتهُ لتعيش ببؤس وشقاء هكذا ، أمضت جميع حياتها بتعب لم ترى الراحه منذ ولادتها لم يبقى لها سوى أينجو وآريس والان أينجو سيرحل عنها إذا لم يجري العملية
تقسم أنها ستموت لو حصل لهُ شيئ ..
بعد مدة طويلة تجلس على السرير بجانب أينجو النائم وآريس الذي يراقب بحزن لتحتضنهُ وهي تمسك دموعها وتقول بأرتجاف "سأنقذه.. سأحاول لن أدعه يرحل ..أبداً "
بادلها أريس بأبتسامة " أعلم أنكِ ستفعلين لا تقلقي أختي ..هو سيكون بخير " قبلت وجنته لتخبره بان ينام جيداً لتخرج وتتوجه نحو غرفتها
أغلقت الباب لتجلس وراءهُ بأنهيار وتبكي بحرقة ودموعها الساخنة تكوي روحها لتشهق وتغطي فمها تشعر بأنها عاجزة عن أنقاذ عائلتها لا تستطيع تحمل فقدان أحدُ منهم ..تتمنى لو تستبدل آلام طفلها بألمها لكي يعيش حياته
هو صغير ما ذنبه لكي يتألم هكذا ..
هل سيأتي اليوم الذي سترى فيه أينجو بخير ويكبر بجانبها أم ستفقده.. وعند هذا التفكير نزلت موجة جديدة من الدموع لتستلقي على الأرض الباردة تبكي وتضع يدها على فمها حتى لا تخرج صوتاً ويسمعها آريس ..