ريناس روبي1

By HajarRiham

7.4K 938 289

أرض أمارياسن؛ أرض غريبة يقطن بها سكان عجيبون. أين موقعها في الكون؟ممالك ثلات و رابعة غير مرغوب فيها، صراع بين... More

١.التعويذة المذفونة
٢.ريناس روبي
٣.رابطة غريبة
٤.لم يكن حلما
٥- تفكير و قرار
٦- الصفراء
٧-فستان من أرض الأحلام
٨ -أكاديمية الأسرار
٩-خطة خبيثة
١٠-حقيقة و تخمين
١١-تدريب أم عقاب؟
١٢-لوسين
١٣-الوحش المظلم
١٤-صديقة مميزة
١٥-مملكة كاجي
١٦-إستدعاء
١٧-تصادم
١٨-جاسي و آيسون
١٩-آريس أبيلا
٢٠-تفاصيل
٢١-حرب الذات
٢٣-آفين برهوم
٢٤-تاريخ
٢٥-هوية
٢٦-خطوة و لقاء
٢٧-مهمة صعبة
٢٨-إنهيار
٢٩-حزن و ألم
٣٠-إخوة
٣١-حادثٌ و حديث
٣٢-عتاب و ألم
٣٣-هدنة
٣٤-قصة خيالية و مشاعر غريبة
٣٥-روح قاتل
٣٦-عمدا
٣٨-بِلورة الأبواب
٣٩-ستار الحقيقة
٤٠-بُعدٌ و تغيير
خاص
٤١-طالب جديد
٤٢-التلاعب بالزمن
٤٣- شخص جيد
٤٤-ضغظ الرحيل
خاص
٤٥-الجهة الغربية
٤٦- نيار و لوسين
إعلان
٤٧-انقاذ فاشل
٤٨-كذبة و وعد
٤٩-إنتقال
٥٠-لقاء
٥١-قرار و عتاب
٥٢- ما ليس في الحسبان
٥٣- بأيادٍ متشابكة
٥٤- لقاء وتصادم
٥٥-رفاة الماضي و إختفاء
٥٦-فانيا
٥٧- انكسار قرار
٥٨-تهديد
2
غلاف الجزء الثاني
الجزء الثاني
غلاف جديد

٢٢-إتفاق

103 15 0
By HajarRiham

إرتفعت شمس الصباح ناشرة أشعتها الذهبية في مهمة إظهار ملامح ذلك النصف من الكرة الأرضية..و في منزل ريناس حيث لازال الهدوء يخيم على الأجواء معلنا بذلك أن سكانه لا يزالون نائمين بعد سهرة طويلة و ممتعة،أو على الأقل هذا ما بدى..ففي الحديقة و بالضبظ أسفل إحدى أشجار الزيتون الطويلة كانت جمانة تتخد من مقعد خشبي دائري مجلسا لها و تصغي بصمت لحفيف أوراق الأشجار و زقزقة العصافير..سيمفونية الطبيعة الخلابة..!

قاطع خلوتها تلك صوت خطوات هادئة تقترب شيئا فشيئا، إلتفتت من بين أغصان الورود المزروعة هنا و هنا تحاول إلقاء نظره عن هوية هذا الزائر لتتسع عيناها حين لمحت وجهه..ضيف السيد حسام كما سمَّته، ذلك الشاب الذي يظهر النشاط جليا على وجهه و الذي أقسم والد ريناس أن يبيت لديهم ليلة أمس حين تأخر الوقت..

و دون وعي منها متناسية حالتها وجدت نفسها تتأمله، كان يضع كلتا يديه في جيوب بنطاله و يقف بعيدا عنها غير عالم بوجودها، نظره مثبت بالأفق البعيد بإبتسامة بدت منكسرة عكسها بريق حدقات عيناه ذات اللون الغريب بالنسبة لها..

تنهيدة عميقة غادرت صدرها و أزاحت نظرها عنها ليديها المتوضعة بحضنها..لا تزال تشعر بالضيق الشديد يعتريها..يمنعها من النوم ناشرا ماضيها على شكل كوابيس خطيرة تكاد تقودها للجنون أو الإنتحار..

-"صباح الخير..!" أجفلت حين سمعت صوته يدوي قريبا منها، لترفع نظرها إليه بنوع من التفاجئ متمتمة :" صباح الخير "

إبتسم لوسين في وجهها و إتخد من مقعدٍ بعيد منها نوع ما مجلسا له مغمضا عيناه و منصتا لسيمفونية الطبيعة الخلابة..!

وجدت جمانة نفسها تتأمله من جديد و تتأمل جلسته التي تعبر عن راحته في هذه اللحظة و هو مغمض العينين،  لوهلة حسدته عن شعوره الذي بدى لها مريحا للغاية و تمنت لو كانت بمكانه لدقائق فقط حتى تستريح من ماضيها الذي يطاردها بلا توقف..دقائق فقط..!

-"كيف؟" همست بتساؤل و نبرة برهنت تعبها و رغبتها الشديدة في معرفة كيفية عودتها للحياة مجددا..

و كما بدى لها فقد سمعها لوسين بالرغم من كون نبرتها كانت هامسة ، فقد فتح عينيه ناظرا لها بتساؤل و إرتفع حاجبيه مكملا تعابير وجهه المتسائلة.

و بلا شعور منها مجددا  وجدت نفسها تكمل بخفوت و قد أزاحت نظرها عنه:" كيف يمكنني العودة؟"

هي كانت تقصد العودة لجمانة القديمة..الفتاة المرحة التي لا تفارقها الإبتسامة، كيف تعرف أنها تجاوزت حقا ما مرت به و ليس أنها تدعي فحسب، تضحك ظاهريا و تتمزق داخليا كقطعة قماش بالية؟...

-"حين ترغبين فقط" أجابها بنبرة هادئة و لم يُزح عيناه عن خاصتها البندقية لتعيد أنظارها إليه متسائلة عما قصده بجوابه، إبتسم بهدوء و إعتدل في جلسته مردفا :" لن أسألك شيئا و أتدخل بحياتك ، لكن سؤالك الواهن عكس الكثير، و ما يمكنني قوله لك أنه في اللحظة التي ترغبين من أعماقك في العودة فيها هي فقط اللحظة الحقيقة و الباقي ليس سوى تزييف"

صمت ينظر لتعايير وجهها التي توحي عن تفكيرها العميق في تلك اللخظة، ثم أمال رأسه للجانب سامحا لنفسه في التمعن بها..الفتاة الباكية..!هكذا لقبها منذ رؤيته لها و هي تبكي بحضن والدة ريناس..يعلم في قرارة نفسه أنها تملك مشكلا عويصا ربما أكبر من مشكل أرض أمرياسن بأكملها، لكنه لسبب ما لا يرغب في رؤيتها ضائعة هكذا..

صحيح أنه لا يعرفها حتى أنه لا يذكر حتى إسمها، و قد تقولون أن مساعدته لها شيئ لامنطقي برمته، لكنه كان يؤمن بمبدأ يقتضي أن يعطي مادام بإستطاعته، بالإظافة لكونه منذ وطأت قدماه هذا العالم و هو لا يلقى من سكانه سوى الخير و لم يعترض طريقه أي أحد..طبعا إذا تناسينا محاولات آسر لإستفزازه فهو لا يراه شرا أبدا ،بل فقط شخص يحاول حماية أحبته و إن كان مكانه لفعل المثل أو أمثر..!

لذا فهو لن يتردد في تقديم المساعدة لأي كان..!

إبتسم بهدوء و عدَّل من وضعية جلوسه وهو لا يزال ينظر إليها؛ خصلات شعرها الأحمر التي تتطاير ببطء حول رقبتها و عيناها ذوات الحدقات البندقية الشاردتان في الفراع بتفكير في كلامه ،و طبعا ملامحها التي تعكس ضياعا و تيها كبير..كلٌّ كان كلوحة لفنان بائس نسي بعض الألوان فحسب..!

-"لوسين..!" همس بإسمه جاذبا بذلك إنتباهها و قاطعا حبل أفكارها المقعد ذاك، رفعت نظرها إليه فأردف و قد إمتدت يده تدعك خلف رقبته بنوع من الإحراج :" إسمي لوسين.."

تنهدت جمانة بخفوت و شبح إبتسامة هادئة إنعكس على ملامح وجهها المتعبة و أجابته قائلة :"و أنا جمانة"

أومأ برأسه و كأنه تذكر إسمها للتو ثم أعاد نطقه ببطء شديد و كأنه يجرب شيئا جديدا عليه..

بالرغم من سهرتهم ليلة أمس رفقة عائلة ريناس إلا أن تعرفهم على بعض الآن يعد شيئا آخر..بداية لتعارفهم ربما..!

و مجددا حلَّ عليها صمت طويل بدى غير منتهي خصوصا و زقزفة العصافير التي تزيد شيئا فشيئا و تجذبهما نحو دوامة هادئة تُصفي الذهن تصفية لامتكررة..

كلاهما ينظران للسحب بتفكير و بريق عيونهم يعكس آلاما مختلفة..

لم يقطع ذلك السكون و يخترق تلك اللوحة الفنية الهادئة سوى صوت فريتز و هو يصفر و يسند رأسه المكور لكلتا يديه و يمشي بخطوات جعلها مترنحة عمدا و يستنشق الهواء ببطء قبل أن يزفره ببطء أشد..

توقفت قدماه عن السير فجأة حين فتح عيناه و وجد نفسه أمام لوسين و جمانة ليرمش مرتين بتفاجئ و دهشة قبل أن يصيح بإبتسامة ماكرة و هو يقول :" صباح جميل هذا و أول ضحايا اليوم هذان الإثنان.."

تقدم خطوتين للأمام ثم توقف و أمال رأسه للجانب مفكرا..جمانة تبدوا فتاة كئيبة للغاية، هو لا يعلم مابهذا نظرا لتفويته فرصة معرفته للأمر الأمس، لكنه يراه غير مهم إذا كان سيساعدها لتضحك قليلا..

إبتسم بمكر و أدار رأسه لينظر للوسين الذي ينظر للسماء مفكرا في أمرياسن بكل تأكيد.. ماذا سيحصل لو حاول فتح عينيه عن ورعة العالم  من حوله؟..ماذا سيحصل لو جعل له همَّا آخر غير أمرياسن؟..

و عند هذه الفكرة بالضبظ قفز بمرح جوار جمانة ليجلس بجانبها و ييدأ العبث في شعرها ذو اللون الأحمر المثير بنظره..
حركت جمانة رأسها للجانب و يدها إمتدت لترجع بعض خصلات خلف أذنها غير واعية بأصابع فريتز الطويلة..

-"يا إلهي هذا ممتع..!" صاح و أنزل نظره لرقبتها قبل أن يمد كلتا يديه ليذغدغها بقوة جعلتها تصرخ و تقفز من مكانها بهلع..

-"ماذا هناك جمانة؟" صاح لوسين و وقف أيضا ينظر إليها و هي تتحسس رقبتها و تلتفت حولها بريبة، ثم إقترب منها بأن خطى بضع خطوات نحوها مركزا أنظاره عليها..

-"لا أعلم..لا أعلم..شيئ ما ذغذغني" صاحت دون أن تنظر إليه..

ليقلب فريتز عينيه بملل و ينهظ من مكانه قائلا :" ليس هذا ما أردته..اللعنة..!"

توجه ناحيتها من جديد و مد يده مجددا لرقبتها لتصيح بقوة هذه المرة و تتحرك بهلع قبل أن تتعثر ببعض الحصى..

-"إحذري.." صاح لوسين و أسرع يمسك بها قبل أن يرتطم وجهها أرضا، فوجدها تتنفس بصعوبة و هي تمسك برقبتها و تحرك يدها عليها بهلع..

صفق فريتز بمرح و قفز مكانه كطفل صغير و هو يصيح ناظرا لجمانة الشبه ساقطة بين ذراعي لوسين: " مرحى..مرحى.."

-"ما الذي يحصل هنا؟" صوت ريناس شبة النائم من جعله يتوقف عن القفز و يلتفت حوله بريبة بحثا عن مخرج ما للهروب..

ساعد لوسين جمانة على الوقوف لتُسرع ريناس إليها بخوف بعد أن لاحظت حالتها مردفة :" يا إلهي..!ماالذي حصل لك جمانة؟"

ساعداها على الجلوس لتتمتم مجيبة إياها و هي تتحسس رقبتها: لا أدري..شيئ ما كان يذغذغني هنا"

زفرت ريناس بقوة و إلتفتت تنظر لفريتز الذي كان يدعي أنه يتأمل السماء الصافية و هو يصفر كعادته، لكنه حين شعر بأنظارها عليه إلتفت إليها صائحا بتذمر :" لا تنظري إلي هكذا..كنت أحاول جعلهما ينتبهان لبعضها فقط..كل منهما كان يسبح في عالمه الخاص بلا مبالاة.." صمت قليلا حين لاحظ كونها لا تزال تنظر إليه بسخط فاكمل بإستسلام :" حسنا..حسنا..أردت الحصول على بعض المرح فحسب..!"

********

إذا لم تتذوق التعاسة يوما فإعلم أنك لن تحصل على السعادة..! جملة كان آسر يصفها بالهراء الامنطقي..يُلون حروفها بحبر أسود و يمزق الأوراق أين خُطت بلارحمة..

لكنه اليوم عاد ليتسائل عن حقيقة وجودها..و بينه و بين نفسه كان يتمنى أن تكون حقيقة و تغفر له طيشه حين كذبها..كان يتمنى أن يسيل مدادها على قلبه فيزهر ربيعا كان يأمل وصوله..

تنهد بعمق و ألم، و أراح ظهره لكرسيه الدوار متأملا سقف غرفة مكتبه..الأمراض أنواع و أشكال متعددة لكنه يعترف أن أخطرها ذلك المرض الذي يصيب قلبك و لا تجد له علاج..عفوا..! بل يكون علاجك أمامك و لا تستطيع الوصول إليه..حاجز ضخم يمنعك منه.!

منذ أيام قليلة تولَّد سؤال خطير بين ثنايا أفكاره..سؤال يرغب في قتل روحه المعذبة و إنهاء قتالها الذي لا فائدة له؛ هل يتراجع للخلف و يأسر كل شيئ بذاخله كما أسر إسمه شخصه؟

لكنه حين يصل لجوابه يعود لوعيه كسكير أخرق قام بإحراق أحلامه بعود ثقاب..!

زفر بقوة و هو يعدِّل من جلسته و ينظر للأوراق أمامه بشرود..لقد حاول إشغال نفسه كثيرا في اليومين الماضيين حتى لا تجذبه دوامة التفكير السوداوي، و وصل به الأمر للمبيت في الشركة كليلة أمس حين إنتهت سهرتهم الأسرية التي حملت بالنسبة له إكتئابا من نوع خاص و حديث..

قطع حبل أفكاره طرقٌ طفيف على باب مكتبه ليتنحنح سامحا للطارق بالدخول، ظهر وراء الباب سكرتيرته الخاصة المبتسمة و التي لم تصمت طويلا إذ قالت بعد ثوان من وقوفها: " لقد حضر المبرمج الذي أوصيت عليه سيد آسر "

أومأ لها برأسه و نطق قائلا بنبرة جدية :"دعيه يدخل"

و ما إن توارت عن أنظاره حتى تنهد متسائلا لما لم يسقط في حب سكرتيرته كما يحدث عادة في جميع الأفلام؟، و لأنه مجددا لا يرغب في التفكير كثيرا فقد بعثر أقلامه و أعاد تجميعها منتظرا دخول زائره..

-"مرحبا سيد آسر" نطق شاب في بداية عشرينياته تدلت خصليتن من شعره الأملس و الأسود على جبينه و بالضبظ فوق نظارته الدائرية العريضة التي عدل وضعيتها بسبابة يده اليسري في حين حملت اليمنى حاسوبة الصغير..

-"تفضل سيد أيهم" نطق آسر  و أشار للكرسي المقابل لمكتبه، فتقدم المدعو بأيهم بخطوات تابتة ناحيته..

-"قهوة أم شاي؟" سأله و أراح ظهره لكرسيه ممعننا النظر بوجهه..

إبتسم أيهم قائلا :"شكرا لك سيد آسر، لكن سيكون من الرائع أن نناقش موضوع إستدعائك الطارئ لي"

بادله آسر الإبتسام ممررا إبهامهه على ذقنه بخفه قبل أن يجببه قائلا بتساؤل :"أعمال مهمة أليس كذلك؟ "

ضحك أيهم و أومأ برأسه ليضحك آسر بدوره محركا رأسه بقلة حيلة صائحا :" وحيك يافتى..!كم مرة أخبرتك أن تسقط الرسيمات بيننا أثناء العمل ؟"

رفع أيهم حاجبيه بإستمتاع قائلا :" العمل عمل سيد آسر..حين ألتقيك خارجا يمكنني إسقاطها"

حرك آسر رأسه بقلة حيلة من تصرفات صديقه هذا، ثم ما لبث أن تنهد قائلا بنبرة هادئة :"حسنا إذن..أرغب بكميرات صغيرة صوت و صورة"

عقد أيهم ما بين حاجبيه في تسائل واضح قائلا: "و من أخبرك أني أبيع كاميرات؟..أنا مبرمج إذا كنت قد نسيت"

رفع آسر حاحبيه مدعيا التفاجئ صائحا :"أنظروا كيف ذهبت الرسميات أدراج الرياح.."

أزاح أيهم نظره عنه للأرض بإحراج ثم تلمس خلف رأسه بيده محاولا بذلك التخفيف من توتره، ليضحك آسر قائلا :" لا عليك..!..إسمعني جيدا.." تنحنح و عدَّل من وضعية جلوسه فأعاد أيهم إنتباهه إليه

-"أعلم أنك لا تبيع كاميرات..لكن أعلم بنفس الوقت أنك خبير بنوعياتها نوعا ما..ما أرغب به سهل للغاية: كاميرات صغيرة تُربطها بهاتفهي و الأهم أن تكون صوتا و صورة"

ظل أيهم يبحلق في وجهه كالصنم لثواتي قبل أن يزفر محركا رأسه ليبعد بذلك أنظاره عنه قائلا :" حسنا سيكون ما طلبته موجودا بأقل من ساعتان، لكن صدقا علي أن أعلم أي ورطة هذه التي أسقطت نفسك بها "

ظهر شبح إبتسامة هادئة و متعبة على وجه آسر و أراح ظهره لكرسيه الدوار ثم مرر أصابع يده اليمنى على ذقنه في شرود هامسا :" لستُ أنا من سقط يا صديقي..لستُ أنا..!"


*********

تسللت ريناس كلصٍ حديث بهمنته في رواق المنزل عائدة لغرفتها بعد أن تأكدت من كون لوسين سيبقى برفقة جمانة و أنها لن تكون بمفردها في غيابها، ثم أغلقت الباب ببطء شديد بعد أن دلف فريتز خلفها و هو يترنح في مشيته بإستمتاع..

-"لما تتحركين على أطراف أصابعك يا فتاة؟ " صاح فريتز لتتوقف ريناس عن ملتفتة إليه و معيدة سؤاله في سرها..

أجل لما تتسلل هكذا؟..ليس و كأنها  ستقوم بجرم ما..!
الأمر فقد أنها ترغب في رحلة أخرى ضمن رحلات كتاب أمرياسن و لا تريد أن تُكشف، لكن بتصرفها هذا سثتير الشبهات من حولها، خصوصا إذا كانت إحدى الخادمات قد رأتها و هي تتسلل كلص محتال ناحية غرفتها..!

أحيانا نصبح أغبياء فقط من أجل وصولنا لأهداف و غايات.!

أخرجتْ كتاب أمرياسن ليصيح فريتز مصفقا بيديه بإستمتاع و يقفز ناحيتها مستعدا لغوض رحلة عجيبة أخرى، إبتسمت ريناس بقلة حيلة من تصرفاته و فتحت الكتاب تتصفح أوراقه بخفة..

العجيب و الجميل في الأمر في الآن نفسه ،أن الفقرات التي سبقت و سافرت إليها تتحول لجملٍ غير مكتملة و لا تجذبها ناحيتها مرة أخرى و كأنها بذلك تترك المجال لإسترسال باقي القصة و كتمان السابق..

سحر أكادمية الأسرار إن كنتم تتسائلوان..!

زوبعة كثيفة ألمَّت بها لتسافر روحها من جديد لتاريخ أمرياسن المستعصي..

وجدت نفسها هذه المرة ببلاد باردة يغطيها بياض الثلج من كلِّ جانب، و بالرغم من كونها لم تشعر ببرودة الجو إلا إن رؤية محيطها هكذا بعث شعورا بالبرد بأوصالها..

إلتفتت لفريتز الواقف جوارها و المبحلق في كلِّ ناحية قبل أن تمرر بدورها أنظارها على المكان من حولها، و على بعد بضع أمتار منها وجدت آيسون يسير ببطء و يضم طرفي معطفه الصوفي على صدره محاولا بذلك تدفئة جسده ربما..

ركدت و فريتز ناحيته حتى أصبحا يسيران بمحاذاته، ثم أخدتت تتأمله بنوع من التسائل الغريب..وجهه الذي طغت عليه الحمرة بفعل البرودة و أصايع يديه التي أصبحت شبه متورمة..

لمحت إبتسامة واهنة و شبه سعيدة على وجهه لتلتفتت لما رآه بين ثنايا هذا البياض..!

على بعد مسافة معقولة منهم كان شخص ما يسير بسرعة و يضم معطفا أحمر اللون لصدره كما غطى رأسه بقلنسوته فلم تظهر من ملامحه شيئا، ركد آيسون بسرعة ناحيته فلحقاه ريناس و فريتز..

-"معذرة..!" صاح آيسون و جذب ذراع ذلك الشخص يرغب في جعله يتوقف عن سيره المهرول السريع..

ثم حدث كل شيئ بسرعة، جعلت ريناس تصرخ بلا صوت كالعادة و تضع يديها على فمها بينما قفز فريتز بهلع و يديه إمتدتا ليمسك بأذنيه و هما ينظران لآيسون الساقط أرضا و ذو القلنسوة الحمراء الجاثي فوقه و الذي يضع سكينا حادا على رقبته في حركة تهديدية..

رياح باردة و مفاجئة أزالت الغطاء عن رأس ذلك الشخص، فظهرت خصلاته شعره أو بالأحرى شعرها الأشقر و وجنتيها المحمرتان ببرودة الجو ثم عيناها الزرقاوتان..

نطقت ببضع كلمات إنجليزية لم يستطع آيسون فهمها لكنه في الآن نفسه لم يُبدل أي جهد لتخليص نفسه من بين يديها..

-"أردت سؤالك فحسب..لكن تبين أن الحديث معك صعب للغاية..!" همس من بين أنفاسه التي صارت ثقيلة بسبب ثقلها هي و برودة الجو، فأزاحت هي سكينتها و بحلقت في وجهه لثواني قبل أن تعيد وضعها على رقبته بقوة أكبر هذه المرة صائحة بعربية بدت له محطمة للغاية: " من أنت؟..من أرسلك ورائي؟"

إبتسم آيسون غير آبه بعنقه الذي جرح بالفعل و تكلم مجيبا إياها: " أدعى آيسون..أتيت لهذا العالم بحثا عن شخص يستطيع إكمال الطريق رفقتي"

رمشت الفتاة بأهدابها الطويلة لثواني قبل ان تميل برأسها للجانب مكررة :" هذا العالم؟"

أومأ آيسون برأسه و إستغل إندهاشها ليرميها بعيدا عنه رفقة سكينها و ينهظ من على الأرض الباردة ممسكا بظهره بألم، لكن قبل أن يرفع نظره ناحيتها تفاجئ بهجومها عليه ناوية طعنه هذه المرة..

-"لا يجب على الجميلات مثلك العبث بأدوات حادة" صاح بمكر بعد أن أمسك يدها و إنتزع سكينتها يرميها بعيدا عنهما، إنتفضت الفتاة تحاول تخليص معصمها من قبضته و تتمتم بكلمات أنجليزية طويلة،  لكنه ظل ينظر إلى محاولتها تلك بملل للحظات قبل أن يتركها ببطء شديد..

-"لا أعلم عن هذا العالم شيئا، لكن ما بدى لي منطقي للغاية هو أن تواجدك في أرض خطرة كهذه يخفي و رائه الكثير" رفعت الفتاة نظرها إليه و هي تفرك معصمها بألم ثم رمقته بنظره مشمئزة دون  أن تنطق، فأردف هو:" سأعرض عليك إتفاقا"

-"ماذا تريد؟" سألته بنبرتها المنكسرة تلك فإبتسم مجيبا :" سأرافقك و أساعدك أيا كان ما تسعين إليه و في المقابل تساعديني في التعرف أكثر على هذا العالم حتى أجد الشخص المناسب"

أدارت الفتاة رأسها بتفكير و هي تنظر للمكان من حولها و قبل أن تجيبه ألمت زوبعة كثيفة بريناس و فريتز معيدة إياهما من تلك الرحلة الغريبة

************

مرحبا كيف حالكم؟

أتمنى أن يكون الفصل قد نال اعجابكم 😎

كيف ترون مسار الرواية؟ 😉

من يملك أي تسائل بأي حدث فليتفضل 😚

لا تنسو التصويت للفصل إذا عجبكم💥💥
و تلتقي بفصل آخر إن شاء الله...و إلى ذلك الحين دمتم سالمين و براعة الله

أحبكم في الله ❤❤❤❤

👇👇👇👇

And see you next part😍😍😍

Continue Reading

You'll Also Like

93.9K 5.2K 47
فتحت عينيها ببطء ورأت شخص يركع أمامها على ركبه ونصف وينظر لها بصدمه شديده لتقول بغباء -ايه يا عم قاعد كده ليه هو انت هتتقدملي نظرت حولها لتجد نفسها...
2.1K 206 15
كنت قد عرفتُ معنى مُتيّم الهوى، وها انا الان اجري خَلف دالّي طَرزتُ اثرّه في روحِي فعرفتُ معنى الضنى بعد أن خُلِع طِرازي، جَريتُ خَلفهُ بِسرعة أُنادي...
7.1K 607 50
ما هي الحرية ؟ هل هي مجرد أسوار تجاوزناها ؟ لكن ماذا نحتاج بعد؟ الحب؟ ربما، لكن ماذا عن ....الأسرار؟ أليست سجون تبقينا أسرى لها؟ لكن بعض الأسرار كشفه...
6.4K 821 11
أؤُمِن بالقدَر، أُؤمِن أن صُدفة لقائنا كانت تدبيرُ العزيز الحكِيم.. لم تكن عَبَثاً، وإنّي مُمتنة لتِلك الصُدفة التي جمعتنِي بِك. .. الغلاف من صُنع ال...