٢٣-آفين برهوم

101 14 0
                                    

كمعادلة لا يمكنك حلها أو كمجهول تبحث عنه بشعف و شوق و خوف في الآن نفسه..هكذا كان آسر وهو يتجول بمكتب ريناس بالشركة و يتأمل اللوحات المعلقة هنا و هناك أو بعض الديكورات التي حرصت على إختيارها بنفسها أو بمساعدته هو ، و يفكر بصمت في ذكرياتهما معا..ضحكها..لعبها..صراخها بوجهه..غضبها..إنتصاراتها..إنكساراتها..و الأهم مشاركتها ليومها معه..

إبتسم بإنكسار و تنهيدة أليمة غادرت صدره بعنف علَّ ذلك الشعور بالخيبة يزول رُفقتها..هو يعترف أنها لم تعده بشيئ و لكن في الوقت ذاته يلوم نفسه لتعليق آمال كبيرة عليها..

لن يُجبرها على شيئ و لن يضعظ عليها بالأسئلة.. لكن واجبه إتجاهها يدعوه للوقوف خلفها و التصدي لأي ضربة غادرة قد تتصيد لها دون أن تدري..و عند هذه الفكرة بالضبظ إلتفت ينظر للوحة مقابلة لمكتبها مباشرة، ضمت تجسيدا لشفق الغروب بإحتراف بداخلها، و ليس هذا ماجذب نظره بها بل تلك الكاميرا الصغيرة التي ثبتها على حافتها قبل قليل، ليست هذه الوحيدة هنا بل هناك أخرى  حتى يستطيع رؤية جميع الزوايا.

يعلم في قرارة نفسه أن ما فعله مبتذل و نتائجه غير مضمونة البتة، لكن ما يرغب به هو مراقبة تصرفاتها التي أصبحت مريبة مؤخرا و أيضا كل ما قد يربطها بلوسين ذاك..فكر في أن يضع واحدة بغرفتها أيضا لكن أخلاقه لم تسمح له بفعلٍ شنيع كهذا و إكتفى بمكتبها في الشركة..

-"آسف ريناس..!" همس بتعب و قدماه توقفتا عن السير أمام مكتبها ناظرا لتلك الصورة ذات الإطار الوردي التي ضمت بداخلها فرحا كبيرا بأعينها و هي تشدُّ الخناق على رقبته، إبتسم بهدوء متذكرا كيف أجبرته على أخدها بطريقتها الفضَّة و المرحة في الآن نفسه،  و يده إمتدت بلا شعور منه ليمسك بها و كأنه رغب في عودة تلك الأيام حيث كانا لا يكفان عن اللعب سويا بالرغم من سنهما الذي تجاوز السادس عشر..

قطع تأمله  بالصورة و غوصه في ذكرياته تلك، صوت فتح الباب بقوة و قهقهاتها التي كسرت هدوء المكان..

رفع نظره لها بتوتر فهو لم يكن يعلم أنها ستأتي للشركة اليوم و ظن أنها ستنشغل مع صديقتها المكتئبة تلك، لكن مابدى له من ضحكاتها و إمساكها بكتفي جمانة التي تخفض نظرها للأسفل بنوع من الإحراج ربما؟ هو أنه لا وجود لمكتئب غيره في كل هذا العالم..

-"صباح الخير آسر" صاحت بإستغراب ما إن رأته يقف قرب مكتبها و يده تمسك إطار صورتهما معا، ثم ما لبتت أن تركت ذراعي صديقتها و تقدمت بالخطوات نحوه قائلة بتساؤل :" ماذا تفعل بمكتبي؟..هل كنت في إنتظاري؟"

أزاح آسر نظره عنها بتوتر فلم يسبق له أن كذب عليها بشيئ أو أخفى عنها أمرا لكنه مضظر الآن لمصلحتها، تنفس بهدوء و أعاد تعديل وضعية الصورة فوق المكتب مجيبا إياها بنبرة دعى في داخله ألا تفضحه :" أجل..كنت أريد رؤيتك"

ريناس روبي1Where stories live. Discover now