جرح وشم الروح! ملاك علي.

Galing kay Magharibia

21.9K 297 24

لمحةٌ من الماضي... كان يقبلها...بمهلٍ وكأن كل الوقت ملكه... برقّة وكأنه يخشى عليها من عنف قبلاته....بين كل قب... Higit pa

المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد و العشرين
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرين
الفصل الرابع والعشرين
الفصل الخامس والعشرين
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون:

الفصل الخامس عشر

596 7 0
Galing kay Magharibia

فتحت عيونها لتسرع وتُغلقها بسرعة...آلام فضيعة تنهش جزؤها السفلي...وكأنها تعرضت لسقطة موجعة...استقامت بجذعها العلوي تزحفُ بصعوبة والآلام تزداد مع كل حركة تقوم بها...لتستند على الحائط خلفها وتجهش بالبكاء...كل ذكريات الليلة الماضية انمحت فجأة لتستوطن مكانها وحدةٍ قاتلة...موحشة!

الدماء في الشرشف الأبيض جعلها تشهقُ بقوة...والدموع تتكون من جديد لتغيب خلفها حمرة دماءها!

لم يرحم أنها كانت تتألم...في لحظةٍ ما كانت تُبعده عنها دون أن يستجيب...كان شخصًا آخر لم تعرفه...!!

استيقظت من الذكريات التي مازالت تؤرقها على أنينٍ قريب...بتأنٍ خشية من الألم كانت تنهضُ متجهةً حيث الصوت قادم!

الغروب مازال يُرسلُ بأشعته الحمراء على المكان الذي تعودت الاختباء فيه قبل أن تعرفَ "عقاب"...أطلت برأسها لتجد "كريم" الطفل الذي مهما مرت السنون إلا أن وجهه الهزيل وعظامه البارزة تُعطيه صورة أقل بكثير من سنوات عمره!

-" هل انت بخير؟" همست وهي تقترب منه لتمُد رجلها تُحركه بينما تلتفتُ حولها..."هيييي أنت...ما بك؟"

بعنفٍ كانت تدفع كتفه ليسقط نائما على بطنه...ثم تشهق وهي ترى الدماء تُزين سرواله المفكوك من الخلف!

لثواني تجمدت وهي تُحدقُ بالدماء...التي ذكرتها بدمائها على شرشفٍ أبيض رغم أنها لم تكن بهذه الكمية...إلا أنها نزفتها في تجربة مهما كانت رائعة في بدايتها إلا انها لا تتمنى إعادة تجربتها!

التفتت حول الجسم المسجي بدمائه أمامها، للمرة الأخيرة أعادت التأكد من أن البقعة البعيدة والمعزولة في تلك المنطقة الصناعية خلف مصانع تعليب الأسماك...والتي ساهمت نتانة الرائحة في عزلها أكثر...إلا من أمثالها من الأطفال الذين تعودوا أن تلك النتانة أسهل من نتانة النفوس!

فهل هناك أقسى من أمٍّ تتركُ فلذة كبدها للشارع كي تتمتع بساعات نشوة مريضة بعيدا عن متطلبات طفلٍ...كان نتاجها!

أم هناك أبشع من أبٍ...علمَ جسد ابنه، انتقامًا من زوجة هو اختارها...ليُفرغ سخطه من اختياره في طفولةٍ!

ماذا عن أب استباح جسد ابنه؟

ربما تلك النتانة تُعتبر رفاهية لهم...لما كانت ستؤول إليه حياتهم لو ما زالوا في كنفِ من يجدرُ بهم حمايتهم!

-" ساعدني أرجوك..."
همست وهي تضعُ يديها أسفل ابطيه تجرهُ باتجاه مخدعها...لكن أنينه جعلها تجلسُ قريبًا من رأسه...تُقربُ أذنها حيثُ ملامحه المُتقلصة بألم...كانت تُحاول أن تتبين همساته...عندما رفع يده بصعوبة يُشيرُ لنقطةٍ معينة اتبعتها عيون سراب...التي سقطت على كيسٍ بلاستيكي نتن...حبت باتجاهه وبمجرد أن رفعته كانت رائحة نفاثة تخرج منه...لتُقدمها له...وكأنها قدمت إليه الحياة!

باستمتاع اتبعت كيف أخذ نفسًا طويلا من داخل الكيس البلاستيكي...لتسترخي حواسه والرائحة تتغلغل لصدره باتجاه كل خليةٍ بدماغه!

أعاد الكرة عدة مرات...وكأنه يقتنص من فرصةٍ لا تُعوض...وكأن ما يستنشقُ هو الأكسجين!

وأخيرًا حدق بها...لملامحها المُتعبة وللهالات الزرقاء التي يُخالطها اخضرار مرعب أسفل عيونها...ثم آثار أسنانٍ على فكها والتي تحول للونٍ داكن!

هو يعرفها منذ قدومها للشارع...كانت الشيء الوحيد الذي لا يتغير في الشارع...ضآلتها، ونظرتها القوية...رغم أن الكل يعلمُ أنها فتاة من البداية...إلا أن شيئًا بها ألجمهم عن التصريح بالأمر في وجهها...!

-" شُكرًا..."
همس أخيرًا وعيونه مازالت عليها...يقرأ اختلافًا لكن كالعادة لا يستطيع أن يقوله.
-" تعال..."
قالت وهي ترفعه باتجاه مكان نومها...المخدر كان قد أسكن آلامه...!
...

-" اللعنة عليك كريم…أقسم في المرة المُقبلة سأتركك لتموت!"
قالت بصراخ وهي تنظر لخطوات كريم السريعة ومعطفها يظهر في قبضته أسفل انارة القمر المكتمل...حتى اختفت في الظلام.

كلما ابتعدت خطواته كان جزءٌ منها يُودعُ آخر ما تبقى لها من عُقاب...معطفه...الذي احتمت به لأيامٍ طويلة...تنفست بإحباط، ربما هذا أفضل...فكما خرجت من منزله ذلك الصباح...وهي عازمةٌ على عدم العودة...الآن تُودع آخر ذكرى منه...التي تُذكرها بعقاب القديم...الذي كان يُمثل الأمان لها...!

......

باب المخزن من القصدير الذي يصدر صوتا مزعجا بمجرد تحريكه...ثم أصوات الضحك والموسيقى تصله حيث يقف خلف أشجار النخيل الباسقة...ظهر بمجرد أن اختفت السيارة ذات الدفع الرباعي التي يستقلها ستة رجالٍ!

ضبابة أغرقته به سيجارته وهو ينفثُ دخانها وعيونه على المستودع الذي يعرفه كراحة يده...رمى بقايا السيجارة وهو يُمرر أصابعه يتخلل شعره الطويل الذي عبثت به الرياح التي تحملُ نتانة الأسماك وملوحة البحر...لتجعل الرائحة زاكمة للأنفاس.

بمجرد ما خرج أحد الرجال من المخزن كان يضعُ حافة سكينه على العرق النابض في عنقه...وهو يهمسُ قريبًا من أذنه مُحذرًا:
-" إن كنتَ تريد لدمائك ان تُغرقنا...فلتصدر صوتًا"

ابتلع الآخر ريقه وهو يُحرك رأسه بإذعانٍ...ليعود للأمام دون ان يُغلق باب المخزن الثقيل...وعقاب على أثره!

لثواني كانا واقفان دون ان يُثيرا اهتمام الموجودين...الرجل واقف بينما عقاب خلفه...ساهمت ثيابه السوداء على عدم تباينه في الظلام الذي ينتشر بعيدًا عن البقعة التي يرتكزُ عليها الضوء...حيثُ أريكة بالية يجلسُ عليها رجلٌ أصلع ضخم وأمامه المسحوق الأبيض وبطاقة بنكية...بينما رأسه يسقطُ للخلف في نشوة!

لكن الصوت الذي صدر أعلمه أن الحاسة التي يتمتعُ بها "الأصلع" لم تندمل رغم غرقه في نشوة المخدرات.
-" كنتُ انتظرك يا عُقاب..."
لم يرفع رأسه...مازال يُحدقُ في السقف الذي يختفي في الظلام...بينما النسوة اللاتي يُحطنه انزوين بعيدًا...كان يعرفُ إحداهن "سامية"...تلك المرأة التي تُكلفُ بتهيئة الفتيات ليكن جيدات لمُتطلبات الزبون...تلك التعليمات التي تجعله يعود مرةً أخرى...!!

عيونها الآسفة عليه...مازالت تتذكر الرعب الذي يحتل ملامحه وهو يُدفعُ دفعًا نحوها...منذ اللحظة التي أصبحت بها أما لطفلٍ تعدى المراهقة منذ سنواتٍ فقط...عرفت أن ما اقترفته كان مشينًا...كانت قد اغتصبت طفولته!

تذكرت ابنها "ماجد" الذي عافها منذ أدرك مهنتها ليُغادر البلاد دون أن تعرف له طريق...لكنهم يعلمون كيف يصلون إليه...والصور التي شاهدتها في لحظة تمردٍ منها وقد ضاقت ذرعًا بعملها...أكدت لها انهم يعرفون له طريق...ابتسمت بحالمية وهي تتذكر صوره التي تصلها بين فينةٍ وأخرى...في ردهة الجامعة...في المقهى...أو معانقًا أصدقاءه...لم تُحب نظرات الشقراء لابنها!
لكن في اللحظة التي امتهنت الدعارة...فقدت حقها في اختيار أصدقاءه وحياته!
توجهت بنظراتها حيثُ يجلس "الأصلع" كما يُطلقون عليه...الذي يُثير حنقها وتتمنى لو تغرز سكينا في بطنه...لتجعله يدفع ثمن كل لحظةٍ أُجبرت بها على مسايرته بتصرفاته الشاذة...لكنها لن تستطيع يومًا...ليس وهي لا تعرفُ مكان ابنها!

-" هل تؤمن ان الإنسان بسبعة أرواح تماما كالقطط...أنتَ كذلك..."
تقلصت عيون عقاب وهو يُحدقُ به...رفع رأسه لتلتقي عيونهما...فغر عن ابتسامة لتظهر سنه الذهبية وسط أسنانٍ صفراء...وهو يستطرد " أنت محظوظٌ لعين لأنك ابن اخت المعلم...لو فقط كنتَ غير ذلك كنتُ سأفرغُ بطنك في اللحظة التي عدتَ بها...وليس فقط ان تُرسلَ بعيدًا كما طلب خالك...لكنه أؤكد لك...أنه ذاق ذرعًا بك...ولن يتساءل عن مكان جثتك...خصوصا بعد أن جعلت منا أضحوكة"
شخر الذي بين يديه برعب ويد عُقاب تضغطُ على السكين الحادة...كان يظهرُ عليه الغضب وهو يعود لسنواتٍ عندما عاد من غيبته ليُقبض عليه بتهمة حيازة المُخدرات...لتتطور لجريمة قتلٍ...لكنه تربى على ألا يستهين بأي وثيقة تصله...أي معلومة مهما كانت تبدو غير ضرورية لأنه يعلم ان يومًا ما ستُفيده...عندما قُبض عليه الابتزاز كان وسيلته كي يخرج من ذلك الجُحر المنسي حيًّا...ليتخذ الشارع ملجأه مُنتظرًا اللحظة الحاسمة ليستغلها...!

اتسعت عيونه بصدمة وهو يسمع صوت الرجل...لتتراخى يده عن مقبض السكين، استغلها الآخر يُحاول اخراج سطوته أسفل حذاءه العالي الرقبة...لكن عُقاب تدارك الأمر وهو يغرزها في عنقه...ليسقط جثةً هامدة تندفعُ منها الدماء!
صراخ النسوة وتحرك "الأصلع" بعدم راحة...بينما عُقاب يقترب منه...ليتجه مُباشرةً إليه...وهو ينسل السلاح من خلف حزام سرواله...ويقف قريبًا منه!

صرخ الرجل بألم...وصوته كسر السكون الذي غلف المكان والرجل الآخر يسقطُ جثةً هامدة...بينما عُقاب يُفرغُ رصاصة بين أصابع قدمه العارية…قبل ان يرفع سلاحه في وجهه!
-" ابن العاهرة...آه هذا مؤلم"
صرخ والألم تنهش قدمه لتنشر بسرعة في كل جسده.
-" أعد ما قلته؟"
همس عُقاب بفحيحٍ وهو يقتربُ منه ببرود...عيونه التي ازداد دكانة 
تُركز في عيونه التي بدأ الرعب يتسلل اليها:
-" خالك لن يهتم بموتك...لأنه مشتت منذ مقتل ابنه..."
ملامح عُقاب لم تتغير وهو يقول:
-" ابنه؟؟؟"
رغم الألم إلا أنه لم يستطع إلا أن يبتسم شامتًا...وهو يستطرد بينما يدنو حيث زجاجة الخمر ثم يرفعها لفمه...ليتسلل المحلول اللادغ لحنجرته مُسكنًا آلامه.
-" قبل ظهورك...اكتشف أن احدى العاهرات كانت تحملُ ابنه...وأخفت الأمر...كان صغيرًا عندما قُتل إثر تشابك ناري مع الشرطة...صديقك الوحش هو من وضع الرصاصة بين حاجبيه"
الآن عرف سبب كرهِ خاله لمصطفى العالمي...كان الأمر شخصي أكثر منه عملي...!

مصطفى العالمي...اسمٌ لطالما تصدر سطح كل أولوياته...كيف كان يمقته لأنه السبب في دخوله السجن...كيف نظر إليه ببرود وهو يدخل مُحاكمتهُ ليشهد ضده...كفردٍ في عصابة تتصدر خانة الأكثر المطلوبين.
نظراته وهو يُحدقُ به...لم تكن لرجل قانون...بل كانت لرجلٍ مجروح...وعندما فقط عرف من تكون زوجته...عرف لما نظرته تحملُ ذلك الغضب الهادر...والإصرار بالانتقام!

عندما فقط رآها كصورة طبق الأصل عن تلك الجامحة الفاتنة التي أدارت الرؤوس...سكن ذلك البركان داخله!

-" هناك طلقة وحيدة في هذا المُسدس...ستُخبرني أين هيا جنا...أو سأفرغُها في رأسك"
ضحك الرجل الآخر بقوة...حتى قاطع ضحكاته الصاخبة سُعالٌ حاد...العروق البارزة في عنقه الأبيض...ووجهه المحمر أظهره بصورةٍ مُقرفة...أكملها وهو يبتسم بمجون وهو يحاول تمالك نفسه:
-" تقصدُ تلك المُعاقة...لا أُصدقُ أن ذلك الجمال أخرج من جسده تلك البشاعة...تلك الأوربية ك... "
ضربةُ عُقاب بمؤخرة المسدس...جعلته يبتلع الباقي من كلماته...مسح الدم الذي سال من جانب فمه وجسده يهتز بضحكٍ مكتوم...
ليقول بصوتٍ آمر:
-" أقتليه..."
التفت عُقاب خلفه ليرى شابة عارية تماما...سلاحٌ بين يديها التي ترتعش...كان غباءً منه ألا يعتبرهن مصدر تهديدٍ له.

-" أقتليه...وسأحرركِ..."
قال الأصلع يُحاول أن يستدرجها...لكن الدموع كانت تجري على خديها بقوة...بينما تنظر لجثة الرجل تارة لتنظر إليهما تارةً أخرى.
-" لقد قتلته...انت قتلته..."
قالت باتهام بينما صدرها يعلو ويهبط بانفعال...استجمعت أنفاسها وهي تُوجه السلاح لكليهما...لتستطرد:
-" كنا سنهرب...بعيدًا عن كل هذه القذارة...كنا سنبدأ حياتنا بعيدًا...لكنك قتلته"
-" نعم...نعم هو قتله...اقتليه وأقسم لك أن تذهبي بعيدًا...لن أجبركِ على البقاء..."
لكنته تحملُ الصدق...لتوجه فوهة المسدس لعُقاب...وقبل أن تُطلق الرصاصة كانت تلتفتُ حيثُ "سامية" خلفها التي عاجلتها بضربةٍ جعلتها تفقدُ وعيها.
-" الأفضل أن تقتله...لأنه لن يرحمني"
قالت وهي تُحدقُ بقوة في عقاب...الذي التفتت للأصلع يُحدقُ به بطرفٍ...بينما سامية تأخذ الثلاث فتيات المُتبقيات للداخل.

-" إذن؟؟؟" همس عُقاب..." لم يتبقى إلا انا وأنت"
-" جنا...جنا..."
قال الرجل وهو ينفث الدخان دون أن يستطيع التحكم بارتعاشة أصابعه...التي أفلتت عدة مرات العلبة الذهبية التي تحوي السجاير...لتسقط مصدرة دويا على الطاولة الزجاجية!
-" هل تعلم أنني كنتُ هناك في اللحظة التي تكونت في رحم والدتها؟؟...استمتعتُ جدا بصراخها "
أغلق عيونه يتذكر لك اللحظة من أكثر من عشرين سنة...عندما هاجم وصديقه على الشقة الصغيرة التي تكتريها ميريام...!!
كانا قويين...مُنتشيين...وصراخها بينما صديقه يتلذذ بها كانت تصل إليه ليستمتع بها!
ضغط عُقاب على قدمه ليفتح عيونه بألم.
-" لو تعرفُ فقط كم تلذذتُ بأنينها المُستغيث...أتخيل كيف ستكون وهي أسفل جسدي"
لم يعد عُقاب يستطيع أن يضبط أعصابه...لينزل عليه يضربُه بقوة...بينما ضحكات الآخر تزداد...لتمتزج مع صراخ عُقاب
-" من أيها الوغد...من اغتصبها؟؟؟...من ؟؟؟"
لكن "الأصلع" كان يستلذ بتعذيبه...أوقف ضحكاته ليقول:
-" ألم تعد تُريد ان تعرف أين تلك الغبية...لكن اتعلم...انا ميتٌ ميت...لكن سأموت وأنا مُتأكد أن الإجابة على هذا السؤال...ستُولد بركانا حاميا من التساؤلات داخلك..." سكت قليلا ليُكمل..." شيء آخر...انا فقط من يعلم بهويته...كان مُنتشيا لدرجة أن سقط على جسدها مغميا عليه ...وعندما استفاق...كان قد نسي أين كان وماذا فعل"

التفت عقاب حوله...ليبتسم بانتصار...عاد إليه وجذبه بعنفٍ من كم قميصه الصيفي...ليضعَ ذراعه على الطاولة الزجاجية...ثم يرفع أحد السيوف الخاصة برجاله...ويهوي بها وهو يهمسُ:
-" ليس قبل أن تتمنى الموت ولا تصل إليه...."

صرخته مع تهشم الزجاج أيقظ الفتاة الفاقدة لوعيها...لتهرب خارجا وهي تحبو على يديها وركبتيها...فبشاعة الذراع الموشومة وهي تنفصلُ عن جسد الرجل أصابتها بالرعب...بينما جسده يتلوى بألم والدماء تندفع من كتفه لتطال كل مكان...حتى ملابس عقاب الذي لم يتزحزح من المكان...إلا ليجره ويُطل عليه من الأعلى!

كان كالشيطان الأسود...وهذا أثار رعبه...ليقول له بتوسل:
-" سأخبرك...لكن أرجوك أرحمني!"

استمع له عُقاب بإنصاتٍ دون ان تتغير ملامحه...وبمجرد ان أنهى حديثه...ضغط على الزناد لتنطلق الرصاصة وتستقر بين حاجبيه...فما أخبره به...يجب أن يموت معه!

……

(نعم قريبًا سأصل...لماذا لا تنام الآن لتستريح)

اسندت رأسها للخلف بمجرد ان بعثت الرسالة مُجيبةً ماسين...في تلك الحافلة المهترئة التي تستقلها...باتجاه المدينة التي تركتها من أشهرٍ طويلة وأقسمت ألا تعود!

اهتزاز الحافلة القديمة مزعجٌ لنومها الخفيف...لتكتفي بمشاهدة الوجوه القريبة منها والمُتعبة كحالها...التفتت للجانب الآخر حيث توقف صوت تقيؤ السيدة الصغيرة لتراها تستندُ على الشاب بجانبها بإعياء...الإضاءة الخفيفة انعكست على الحنة الحمراء التي تُزين يديها ورجليها لتبدو كعروس جديدة، بينما الشاب بجانبها لم تبتعد نظراته عنها... أسفلُ أرجلهما توجد سلة من الخيزران يظهرُ رأس الديكِ منها...لتحير في أمرهما...هل هما ذاهبان لشهرِ عسل أم لأحد الأضرحة القريبة من المدينة والتي تُعرفُ زائراتها بالعاقرات...ليتجهن إليه حاملات لقرابين خاصة للولي الصالح، جهلٌ مازال مُتفشٍ في الأقلية -التي مازالت ترى أن بركة رجلٍ مدفونٍ تحت أنقاضٍ، لتتخذ كقبةٍ مزخرفة تكريمًا لمكانته  فوقه- أقوى من الطب الحديث ...نظراتها مازالت عليهما...لا يبدو أنهما من الجهلاء الذين تنطلي عليهم حيلة الاولياء الصالحين...لكن من تكون لتحكم عليهم...فربما يبحثون عن بصيص املٍ ليتشبثوا به بعدما أُغلقت عليهم جميع المنافذ...فهي أدرى بضغطِ المجتمع عندما يُسلط بكل أنظاره نحو شخصٍ ما...ليتركه كالمجنون يبحثُ عن لمحة أمل ولو في غريبٍ غادرته الروح لبارئها منذ سنواتٍ...لتتركه عظاما يترجوا منها البركة!
فلو كانت تتحدث لتبرأت عما يفعلون من خرفات وشركِ بالله باسم صاحبها!
مازالت عيونها على المرأة التي تستندُ على صدرِ زوجها بينما هو يُحيطها بتملكٍ...عندما التقت نظراتهما لتبتسم بإعياءٍ لها لم تردها صوفيا وهي تهربُ بعيونها بعيدًا...لتُحدقَ أمامها...حيثُ تظهرُ لها أطراف رؤوس تستندُ على مقاعدها...وهي تتساءل

هل ستضعفُ أكثر فتلجأ لتلك الخرافات يومًا؟ ربما من أجل الحب؟؟ أو ربما من أجل الحظ!

من يدري؟؟

لكل راكبٍ في هذه الحافلة المُثقلة حكاية، لكن هل ستكون بسوء حكايتها؟

هل هناك من يهربُ من ماضيه بينهم؟

تعالت دقات قلبها وهي تعترفُ لنفسها انها تهربُ...مهما كانت تكره المكان الذي تقصده الذي ارتبط بعقلها بيومِ محاولة اختها للانتحار...عوض أن يتشبثوا بها هربوا بعيدًا...كما تفعلُ الآن...لكنها أرادت بشدة أن تذهب لمكانٍ تعرفه جيداً...خوفها من عدنان بتلميحاته التي لا تنتهي...والتي تخشى ان تُخبر ماسين بها...ليدله على أول الخيوط لماضيها...هي لا تعرف بمقدار معلوماته...رغم ثقتها أن بنفوذ يوسف وابن عمته استطاعا دفن الموضوع...إلا أن نظرات عدنان تُخبرها غير ذلك!

اهتزاز الهاتف برسالة جعلها تجفل وهي ترفعه.
(كنتُ أتمنى لو سافرتُ معكِ...لن اترككِ تملين...سأقص عليكِ القصص وسأُلاعبُكِ حتى نصل لوجهتنا...ثم أقبلك مودعًا...أنا أشتاقُ إليكِ منذ الآن)

احمرت رغم انه بعيدٌ بعدة مسافات عنها...إلا أنها وكأن نظراته مُسلطة عليها...لترتفع سخونة وتشملُ كل جسدها...ككل مرة ينظر إليها...لا تعرف متى أحبته...متى أصبح جزءً لا يتجزأ من حياتها؟

لم تعد ترى نفسها في علاقةٍ تُغرقها بالوحل...بل تستشعرُ راحةً تسكنها وهي بجانبه...تنسى هواجسها وكذا آلامها...تُريدٌ فقط ان تبقى قريبة منه لا تفعلُ إلا أن تُحدق به...وتغرق في كيف يبتسم بخجل...كيف يصمتُ فجأة عندما يُقاطعه أحدهم مانحًا إياه فرصةَ للحديث...كان فريدَا من نوعه...!!
وحبهُ كل ما تحتاجه الآن...تحتاج تلك السكينة التي يبعثُها لروحها!

(هل تُحبني؟)
في لحظة جرأة بعثت له...لتُغادرها والهاتف يهتز باتصالٍ منه.

يا إلهي...هي ليست مستعدة لتُجيبه خصوصا في حالتها المضطربة الآن!
ضغطت على الهاتف...لتعلو أكثر دقات قلبها وهي تستمعُ لعنفِ أنفاسه...أغلقت عيونه تتخيلُ نفسها بجانبه...يتبادلان أطراف الحديث بينما يتغذيان...كيف كان يأخذ الخس الذي لا تأكل من السلطة أمامها...كيف يتقاسمان عشق أصابع البطاطس المقلية...وكيف يمد لها بتلقائية شوكته المحملة بقطع الطماطم التي يكره مذاقها باتجاه فمها...كلها أشياء حميمية أدمنتها!
-" لو تعرفين فقط..."
همس بحشرجة واضطراب...هي محظوظة انها ليست بجانبه الآن...لأنه يعلمُ أنه لن يفلتها حتى تُصبح له...قلبًا وقالبًا!
ليس وعدنان يُخبره أنها ربما لن تعود...ربما تكون آخر مرة يُودعها هي هذه المرة...!
-" أعرف ماذا؟"
أجابته باختناق من مشاعرها
-" أن الحب...كلمة بسيطة عما أشعرُ به تُجاهك"
الصمت ساد بينهما...هي مخنوقة بتلك المشاعر المرعبة التي تولدت فجأة...وهو مخنوقٌ في حاجةٍ لها
-" سنتزوج...قريبًا جدا صوفيا...أريدكُ لي كيلا نفترق مجددا...لأنني لن أسمح لك أن تبتعدي عني..."
-" ماسين...؟!!!"
همست توقفه...لكنه لم يعر لها اهتماما وهو يُكمل
-" عند عودتكِ سنتحدث بالتفاصيل...أريدكِ أن تُخبري والدك...أو ربما والدتك...وانا بدوري سأخبر جدي ووالدتي...آههه...كم أريدك صوفيا"
اهتزاز هاتفها جعلها تُبعدهُ عن أذنها...لتُهمس له:
-" هاتفي انتهى شحنه...انا أحبكَ ماسين"
ثم أغلقت الخط...وضربات قلبها تزداد عنفا وكلماته تُعاد في خِلدها!

وصلت للمنزل في ساعة مبكرة جدا من صباح يوم السبت...الجو في ذلك الحي كما تركته، وكأنها لم تُغادره يومًا...النسوة كن يفقن مُتعذرات انهن يكنسن أمام منازلهن بينما كل ما يفعلنه هو الثرثرة...والدتها كانت واحدة منهن...وكأن كل الشارع توقف عن الحركة والتنفس والجارة تُنبئ والدتها لأمرٍ...لتلتفت ناحيتها وتُحدقُ بها بعدم تصديق!
-" صوفيا..." همست بصوتٍ غير مسموع...لكنه وصلها لتهز رأسها باستجابة تُخبرها أنها هنا.
لتُسرع إليها تحضنها بقوة...بينما عيون صوفيا مازالت على الأخريات المُبتسمات بحبورٍ يُشاركن جارتهن بعودة طفلتها...التي تبث أشواقها لهن كل صباحٍ!
لم تهتم والدتها لوداع جاراتها...بل دفعتها باتجاه الباب وكأنها لم تُصدق للآن ان صوفيا حنت عليهم وقدمت للزيارة.
-"والدكِ ذهب للسوق...سيعود في وقتِ الغذاء...تعالي ربما اخوتكِ قد استيقظا من النوم..." عادت تُمسك بخديها بحميمية "لو تعرفين كم سعِدتُ بقدومكِ حبيبتي...كم يومًا ستلبثين أم فقط عطلة نهاية الأسبوع "
قاطعتها صوفيا وهي تُبعد وجهها من بين يديها وهي تقول
-" أسبوعين...لحين بداية الفصل المدرسي الجديد"
-" كيف أبليتِ في امتحاناتكِ؟؟؟"
عادت تسألها برسمية بينما تتمسك بيديها وكأنها تخشى ان تنفلت منها لتُعانقها...التفتت صوفيا حولها...نفس الأثاث وكأن شيئًا لم يتغير بتغيرها...نفس صباغة الجدران...أحست بها غريبة عنها...فجأة اشتاقت لغرفتها الصغيرة الحميمية...!
-"ربما من الأفضل ان ترتاحي...فانتِ متعبة!"
رفعت حقيبة ظهرها وهي تحرك رأسها بنعم...وتتجه للغرفة التي تعودت ان تُقاسمها مع اختها الصغيرة "أسماء"...دلفت لتجد سريرا كبيرا الذي كان بغرفة ابويها سابقا يحتل أغلب الغرفة...بينما أختها تنام بوداعة في وسطه...اقتربت تنظر إليها...شعرها الأسود...فمها الصغير المزموم...شفتها العليا المرتفعة والسفلى المكتنزة وعظمي خذها الظاهرين...كانت تُشبه مرح جدا...نسخة مصغرة عنها!

  ماذا كانت ستقول هذه الأخيرة عندما تراها؟
كانت هذه آخر فكرة قبل أن تستلم للتعب...وتنام!

……….

الساعة الحادية عشر
فتحت عيونها...لم تصدق أنها ستنام بهذا العمق...كانت وحيدة في الغرفة التي رغم كل شيءٍ أشعرتها بالانتماء...بالراحة وكأن العالم توقف عن اللحاق بها فجأة...أخذت نفسًا عميقًا وهي تدلفُ خارجةً من الغرفة.

في المجلس كان والدها يستندُ للخلف على وسادة عريضة بينما أخوها الصغير يجلس بجانبه في تركيزٍ مع أحداث الرسوم المتحركة المعروضة في التلفاز الذي يظهرُ عليها أنه جديد من البلاستيك الذي مازال على جانبيه...التقت نظراتها مع نظرات والدها.

كانت نظراته تحملُ الشوق...وكأنها لم تعرف يومًا صاحبها...الشيبُ غزا حاجبيه وبعضًا من رموشه...الجلد المحيط بهما تهدل ليُغطي أغلب عيونه...بينما بؤبؤها الرمادية كانت تُحيطُ بها دموع وكأنها خُلقت هناك لتبقى للأبد...دون أن تنمحي أو تسقط!

-" أهلا يا ابنتي...نورتي منزلك"
همس بحشرجة وفخر وهو يستوي...لتُسرعَ تكسر جمودها وتتجه إليه تلثمُ يده...التي بانت عروقها الخضراء نافرة وكأنها تستعد للخروج!
لم تُجبهُ وهي تُعاودُ الوقوف أمامه برهبة سكنتها منذ صغرها...ليستطرد وهو مازال يتطلعُ إليها...وملابسها التي لم تتغير هيئتها رغم انها غابت لأشهرٍ طويلة..." كيف حال الدراسة...؟؟"
-" بخير...أستأذن"
قالت لتُسرع هاربةً من أمامه باتجاه المطبخ...لتجد والدتها أمام المقود المسود...بينما تُضيف الخضار للقدر الكبير وبجانبها الكسكاس المقلوب في إناء فسيح من الفخار...بينما تظهرُ حبات الكسكس على جانبيه!

بينما أختها "أسماء" كانت ناشرةً قدميها وبينهما كانت تُقشرُ القرعة الحمراء في إناء بلاستيكي...وكأنها في مهمةُ شاقة!
-" أتمنى ألا يكون "يوسف" قد أزعجك...بحّ صوتي وأنا أخبره أن يُخفض الصوت...منذ شراء والدك للتلفاز وهو يجلسُ مشدوهًا أمامها..."
-" لا بأس..."
قالت صوفيا وهي تجلسُ القرفصاء لتُمرر يدها على شعر "أسماء" التي حدقت بها بافتنان...دون أن توقف يديها عن نزعِ القشرة عن الخضر أمامها!
-" أسماء...يمكنكِ الإنصراف"
قالت والدتُها وهي تُحدقُ في صوفيا التي تتحقق من هاتفها في كل مرة...لتظهر الخيبة على ملامحها.
-" شكرا ماما"
أجابت أسماء وهي تُسرعُ خارجةً لم تُصدق أنه وأخيرًا أُطلقَ صراحها...لتنظم لأخيها لمُشاهدة الرسوم المتحركة.
ابتسمت صوفيا وهي تتبعها بعيونها...بينما عيون والدتها عليها لتقول:
-" لا تخشي عليها...رغم مظهرها القابل للكسر بنفحة هواء إلا أنها ذكية...تحتل المراتب الأولى على صعيد المؤسسة دائمًا"
-" أما زالت مرح تُرسلُ المال من أجلهما"
شخرت والدتها باستهزاء لتلتفتُ لما كانت تقوم به وهي تقول ببرود:
-" يوسفُ ربما...أما "هي" لا شيء لديها لتُقدمه...هي مُجرد ..."
-" أمي يكفي..."
همست صوفيا بغضب وقد بدأ جسدها بالاهتزاز رغمًا عنها...لا تُصدق أن والدتها ما زالت على عهدها القديم رغم كل ما حصل لهم !!
-" أليس هناك أحدهم؟"
غيرت والدتها من دفة الحديث، نبرتها فجأة استحالت لبرود مع القليل من الاهتمام

-" أحدهم؟؟"
كررت صوفيا خلفها بعدم فهمٍ...التفتت والدتها لتُحدق بالباب قبل أن تُعاود النظر إليها...بينما تسمحُ يديها بقطعة قماشٍ قبل أن تضعهما عليها باهتمام:

-"ابنتي انا والدتك... يمكنك اخباري ان كان هناك رجل ما في حياتك"
سكتت قليلا تنظر لملامح والدتها...ربما هذه الفرصة لتُخبرها عن ماسين...وعن رغبته بها!

دون ان تحيد بنظراتها عنها كانت تقول بنبرة جعلت والدتها تُحدقُ بها باهتمام
-" نعم هناك...أحدهم" همست بخفوت لتنبسط ملامح والدتها بسعادة، جعلتها تستطرد بثقة " طالبٌ معي...لكنه يكب..."
سكتت وقد اختفى الاهتمام، لتسكن المُفاجأة محله....كانت والدتها تُحدقُ بها وكأنها ألقت فجأة نكتة سمجة وتنتظر منها ان تضحك:

-" طالب؟؟؟ تقصدين ما زال يدرس؟؟!" سألتها وهي تبتعدُ عنها لتُمشط ملامحها أكثر..." الم تجدي الا طالبا؟ ألست في جامعة خاصة بالأغنياء!؟؟ اليس هناك استاذ او حتى موظف!؟؟"

ضربت يدا بأخرى...وهي تُكرر:
-" طالب؟ ...يا رب العالمين ما الذي فعلتهُ في حياتي لأُرزق بمثل هذا الغباء في حياتي..."
-" أمي..."
قاطعتها وهي تقول بفحيحٍ، ليرسم الحقد ملامحها مُظهرا الكره الشديد:
-" هي كانت مُستهلكة...امرأة سيرتها على كل لسان تزوجت دكتور من عائلةٍ عريقة...تتلاعبُ بالمال كيفما تشاء...أنا أعرف أنها تُحاول إثارة غيظي بالمال الذي تُرسلهُ كل شهرٍ وكأننا نشحتُ عندها"
غارت عيونُ صوفيا من الحقد الذي مازال يسكن جنبات والدتها اتجاه "مرح"...لكنها لم تستطع ان تأتي بأي كلمة...بينما والدتها تُمسكُ بها بشدة مؤلمة وتقول بترجٍ:
"يا ابنتي...لا تكوني بغباء والدتكِ وترضينِ بالقليل...يجبُ أن تكوني ذكية فتحصلي على رجلٍ لن يدعَ رجلكِ تطأ الأرض...أنظري للصور التي أرسلها يوسف لوالدك لها ولأولادها...كل صورةٍ في مكانٍ مختلف من العالم...وتلك الغبية كالأرنب حامل للمرة لا أعرف كم...أنظري لذكائها...تعرفُ أنها من البشاعة ان تحتفظ بشخصٍ كيوسف بجانها...فتربطه بها بالأولاد...النساء فقط من يفهم النساء...أرجوكِ يا ابنتي لا ترضي بأقل من "يوسف"... "
-" أنتِ مريضة..." قالت صوفيا بخواء وقد سكنها البرود...لترتفع يد والدتها وتنحط على خذها بقوة لم تشعر بها صوفيا...فقد كانت في عالمٍ خاصٍ بها...أعادها لنقطة البداية حيثُ مازالت تتخبط في ذلك المكان حيثُ روحها تغرقُ في عالمٍ مظلمٍ لا قرارة له...وكل ما يتراءى لها دماؤها العفنة وهي تسيحُ لتُغرق روحها النجسة...لأن كلام والدتها كان يغوص داخلها ويتردد وجزءٌ منها كان يؤكده...جزؤها القديم الذي مازال يقبع في مكتن مظلم في جوفها كسرطان خبيث كان يُخبرها أنها على حق...والدتها على حق!
شهقت برفضٍ وهي تهربُ باتجاه غرفتها...لتستند على الباب بضعفٍ...وتبحثُ بعيونها عن شيءٍ حادٍ يجعلُ شعورها يختفي...لتتنفس براحة وهي تلمحُ كراسة أختها حيثُ يظهر قاطعَ أوراقٍ حاد...يدعوها لنزع نسيجها وترك دماءها تسيل...دون أن تدري أن عيوناً مرعوبةً كانت تُحدقُ بها...وذكرى بعيدة جدًا لصراخٍ وبكاء عاد ليطفو للسطح...وأختها الكبرى تُحمَل خارجا كجثةٍ هامدة...وعقلها الصغير يُدركُ أن تلك الجثة ستُحملُ مجددا...لكن هذه المرة ستكون جثة صوفيا!

..........

Ipagpatuloy ang Pagbabasa

Magugustuhan mo rin

226K 13.4K 28
"جمعها القدر به بعد أن عصِفت بها الحياة حيث كانت تُواجهها بمفردها، رأت به ومعه ما لم تراه بحياتها من قبل، قسوة وحنان، حبٍ وكره، لم تفهم ما الذي يُريد...
3.7M 55.2K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
387K 30.1K 52
أفعى رقطاء هـيَ لاا تَهاب أحدًا تَدس نفسها وسط المخاطر لتَرد ثأرًا مدفون لِثلاثُ عقود من السنين أكبر مخاوفها هيَ عدم الخوف وعدم ذرف الدموع عيناها مل...
835K 24.6K 39
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...