أكوام من الآهات

89 19 136
                                    

ما الّذي حل بي، وأي تعويذةٍ تلك الّتي بَدلت أحوالي؟

ما الّذي كدرني وأغشاني؟
فتركني كغصنٍ متيبسٍ بالي، ينتظر أنْ يلفظ آخر أنفاسهُ ليصبح فانٍ.

ما الّذي حدث؟

أصبحتُ كثيرةَ التّشتت بكلمةٍ واحدةٍ أفتت، أشتعلُ من الغضبِ كقطعةِ حطب وأرفع رايتي البيضاء بما تبقى لي من خيلاء.

نُعت بكوني غريبةُ أطوارٍ ولم أكنْ أبالي؛ فأنا سعيدة لكوني استثنائية في عالم مليءٍ بالنّسخ.

لكنني اكترثُ الآن، الوضع بات مزعجًا لحد لا حد له.

أحتاج لكتفٍ اتكأ عليه وقت حاجتي، أبوح له بكلّ ما هو معتكفٍ بأيسري، وأخبره بكلّ ما يجول في خاطري دون أن يسخرَ مني ومن معتقداتي.

أحتاج لمن يشاطرني أفكاري واهتماماتي، لمن يفخر بنجاحي وكأنهُ خاصّته، ولمن يقول بأعلى صوته :وجدتُ العالم بها.

أحتاج لشخصٍ أتسكع معه حتى بزوغ الفجر، نسخر من أنفسنا ومن هذه الدّنيا ككل، أصوات قهقهاتنا تزعج سكان الحي فينهروننا و يطلقون علينا أبشع الأوصاف من شرفاتهم، نركض ونركض ثُمَّ نتوقف؛ حتى نلتقط أنفاسنا ونبدأ بالضّحك.

أحتاج لمن أضحك معه كما لم أفعل من قبل، لمن سيجعل عيناي تتقلص من كثرة الإبتسام ولمن سيجعل جفوني تتلاقى، لمن سأتعرى أمامهُ من كلّ المشاعر والأفكار الّتي تتخبط بي، ولمن سأجلس معه مُرخيةً دفاعاتي.

لكن أين سأجد هكذا شخص، في هذه الدّنيا أم في عالمٍ موازٍ؟.

ألم يتساءلوا عن ماهية المشاعر الّتي تخالجني حين يعبثون بجمراتٍ لم تُخمد بداخلي بعد؟
أم أن الأمر لا يعنيهم ما لم يسبب لهم الأذى ؟

يقولون الكثير وألوذ بالصمت، ليس لكوني بكماء أو لعجزي عن الإتيان بالحجج والدّلالات، بل لأنهم يلعبون دور العقلاء وهم أبعد ما يكونون عن العقلانية، ومع توالي الأيام فقط أدركتُ أهمية الإبتعاد عن  هذا النّوع من الأشخاص تحديدًا؛ كي لا أصاب بعدوى غبائهم.

أتعلم ذاك الشّعور، حين تفضل الإنعزال مع أنكَ اجتماعي، حين تدّعي الغباء لكونه الخيار المناسب وليس لكونكَ غبي ولو بمقدارِ حبة خردل، وحين تعتزل الأشخاص رغم خوفك من الوحدة .

هذا ما حل بي، فأنا أرى بأن الجهل  والسّكوت في أحيان كثيرة أفضل بكثيرٍ من الولوج في نقاشاتٍ عقيمة في أوجِ اشتعالها، فأي فكرة جديدة مرفوضة وأي اختلاف فهو جرم يُحاسب عليه القانون.

نحن هنا حيث نقدس السّائد، وندنس المتفرد.

الإختلاف كالسّم يتَوغل في عروقي، أحيانا أخاله كلعنة مبهمة، كلّ ما بها غامض، تحتاج لترياقٍ يستخلصُ من ناب شيطان خيّر وَوديع، فأين سأتمكن من إيجاده؟

أشعر بأنني أحتضر، فهل سأجد من يرثيني بعد الممات؟ أم أن معتقداتي ستتكفل بالأمر؟

لم أعد أفهمني، أنظرُ في مرآتي فلا أبصرني بل أبصر جثمانا مطمورًا بأكوامٍ من الآهات فمن أنا؟ أين أنا؟ وأين سأجدني؟

اليوم وبكامل قواي العقلية أطالب بأن أصبح نسخةً تتمتع بالكثير من المزايا والصّلاحيات، فكونكَ استثنائي لهو أمر مملٌ وموجعٌ للغاية، حيث ستجبر على التّضحية بأحد الأمرين في سبيل الآخر، فإما أن تخسر نفسك لتحظى بصحبتهم أو أن تختار ذاتك لتكون وحيدًا من نعومة أظافرك وحتى مماتك.

الآن فقط أدركتُ، أن أصعب أنواع الغُربة ليس ذاك الّذي يتعلقُ بالأوطان والأشخاص بل ذاك الّذي يرتبط بالذات.

ففي أي بقعة أمست ذاتي، فوق أي أرض وتحت أي سماء؟

************************************
مرحبا...... لقد عدت مجددا فكيف أمسيتم أو أصبحتم؟

نص جديد بناء على طلب الفاتنة am_y3219- أتمنى أن ينال على إعجابها-فكيف كان؟.
+بإمكانكم اقتراح مواضيع تتناسب مع محتوى الكتاب هنا لو أردتم.

مساحة لنقدكم.

مساحة لذكر الله.

سؤال كيف هو أسلوبي الكتابي هل تحسن، أم ساء أم ما زال كما هو - من بداية الكتاب وحتى الآن-؟.

حسنا لمن لم يفهم المغزى من الفصل كنت أتحدث عن شعور الغربة وعدم الإنتماء لوطن، لمجتمع، لثقافة بعينها، أو للذات، هل رأيت نفسك بين السطور؟

لم أنشر  في الأسبوع السابق كما أخبرتكم، في الواقع لم يكن هناك سبب لإنقطاعي، فقط كنت أشعر بالضغط من المهام الكثيرة التي على إنجازها ولا ازال أشعر، انا من ذلك النوع من الأشخاص الذين يؤجلون أعمالهم إلى آخر لحظة وإن تعرضوا للضغط فيشعرون أن نهاية العالم قد حانت-معلومات لا فائدة منها-

المهم اعتنوا بأنفسكم إلى لقاء آخر - أكون قد أنهيت به شوطا كبيرا من مهامي-
دمتم بحفظ الله ورعايته.

آفاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن