توطئة

98 17 50
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

العاشر من محرم الحرام أو عاشوراء

في مثل هذا اليوم تمر علينا صفحة سوداء قاتمة من تاريخ الامة
صفحة رُسِم عليها بخط احمر صورةٌ مرعبة تُذهل الناظر لها

صحراء..
حرارة شمس..
عطش..
وكثيرٌ من الدموع

رضيع مذبوح ..
صوت أضلاع تتكسر ..
بكاء أطفال عطاشى مرعوبين ..

فتاة صغيرة قد هربت بعيداً ..
حافيةً تهرول فوق شوك الأرض قد احترق طرف ثوبها..
تلوذ من سوط فارس ..
تتعثر وتقوم..
تنظر يمينا وشمالا..
لاتعلم اين تقصد ..

نساء يركضن من نارٍ قد احرقت خيامهن ..
لكن اين يذهبن في تلك الصحراء وقد قُتِّل اهل بيتهن؟؟

ومن بعيد..
هناك..
ذلك الجبل الشامخ أسود اللون..
لو امعنت النظر سترى انها عبائة واقفة فوق التلٍّ هناك..
انها زينب بنت علي بن ابي طالب عليهم السلام

عيونها تتلفت بِحَيرة يميناً وشمالاً وسط كل هذا
الى السماء تارة والى ذلك الثوب الذي على الارض تارة اخرى
لحظة ..
ليس ثوباً
بل كان جسداً !! ..

جسدٌ قد رضّت الخيل صدره وظهره بحوافرها !!!

لكن مازالت تلك السهام المكسرة على صدره تتحرك حركة طفيفة لتومئ بنَفَس قليل..

نعم ..
مايزال حياً..

رغم كثرة جراحه مازال وجهه مشرقاً  ..

شفاهه الذابلات من العطش كانت تسبح الله تعالى بصوت خفي وتناجيه استعداداً للقائه

عيونه الغائرات ترى نسائه واطفاله قد احاطها جيش عدوه لكن لاقوة له ليذبَّ عنهم
وكيف يفعل وقد أُحيط هو الاخر بجنود كثر بسيوفهم ورماحهم ؟!

وفي ذلك الحال..
طلب منهم شربة من ماء ..
فأبوا ان يسقوه ورد احدهم "والله لا تذوق الماء حتّى ترد الحامية فتشرب من حميمها !!"
نعم لقد اقسم بالله !!!
هو مسلم يعتقد بالنار والحامية ويفعل ما يفعل؟؟؟!!!!

ثم تقدم رجل قبيح المنظر منهم ..
رفسه بقسوة وتربع على صدره ...
رفع سيفه وضربه على هامته اثنتي عشرة مرة !!!!

ومن ثم انزل حربته او سيفه الى رقبته..
و بدأ يحز رأس ذاك الصريع بأبي وأمي...
الرأس الذي كان يقبله رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه الطيبين !!
رأس الحسين بن علي عليهما السلام
الذي لم يكن له الا ان يتشهد الشهادتين ...
وفاضت روحه الطاهرة..
نعم لقد ذبحه كما يذبح الكبش!!

واخته هناك من بعيد تنظر و قلبها يحترق وهي تنادي
"يامحمداه....."

رُفع الرأس الذي بدا كشمسٍ مشرقة على رمح عالياً..

و الناس حوله يحمدون الله تعالى على نصرهم وربما صلوا شكراً !!!!!

ثم أُخذن النساء المخدرات سبايا الى الشام
الى من ؟!
الى من يدعوه أميرا ً للمؤمنين وانما هو للفاسقين امير

لكن ..
كيف حدث كل هذا ؟!

هذه اللحظة من تاريخنا حيث تحدث هكذا فاجعة ماشهد تاريخ البشرية مثل قسوتها
لابد ان نقف عندها ونتسائل
لماذا حدث هذا وكيف؟!

كيف اولئك الاشخاص الذين على جباههم اثار السجود يكونون بتلك القسوة
ويذبحون شخصاً عطشاناً ثم يمثلون بجسده !!
ثم يأخذون عياله سبايا !!

وهل كان الطرفان مسلمين حقا؟!

هل كان الاسلام بهذه القسوة منذ البداية لكننا من لم ينتبه ؟!!

الكثير منا امضى حياته يقول كما تقول ابائه
او يقدس اشخاصاً لايعرف عنهم شيئاً
يجد نفسه مضطرا للتبرير لرجال خارج اطار الانسانية
قد رماهم التاريخ في أسفل سافلين

لكن آن الاوان لنقف وقفة شجاعة لانستمع بها لكل اولئك المستنسخين

نعم نحتاج ان يعلمنا الاخرون او يدلونا على الصواب في كثير من الاحيان ونحتاج ان نتّبع في بعض الامور..

لكن هذه المرة سنقف وننظر بعيوننا نحن وليس عيون غيرنا المليئة بالحقد المتوارث
لنقرر موقفنا نحن..

فهل هذا هو الاسلام الذي نريده؟!!
وهل هو نفسه الذي يريده الله تعالى ؟!!

ايها القارئ
منطلق الكتاب هو الحديث عن واقعة أليمة في تاريخنا

واقعة الطف أو كربلاء
هناك حيث قُتل سبط الرسول (صلى الله تعالى عليه واله وصحبه الطيبين)
وحفيده وريحانته وسيد شباب اهل الجنة _كما ورد بالحديث الصحيح_
الحسين بن علي بن ابي طالب قُتِل مع أهل بيته عليهم السلام أبشع قتلة !!

لكن لنكن واقعيين
لماذا علينا ان نتحدث عن أمر من تاريخ مضى وذهب ، بدل التحدث عن مستقبلنا ؟!
وهل هو بهذه الأهمية لنجعله متعلقا بالاسلام كله؟!
او ليكون نقطة تحول في أمة الاسلام ؟!

يتبع..

----------------
ارجو ان يكون كتابا نافعا لي ولكم ان شاء الله تعالى
وربما خلال الكتاب ستخطر بأذهانكم اسئلة او اشكالات لكن قد تجدون الاجوبة عند الانتهاء ان وفقت
والله ولي التوفيق

قوانين الكتاب (سأكررها لكم في كل فصل)

١_يمنع منعا باتا الرد على اي تعليق من قبل شخص غيري بأي شكل كان مطلقاً وان رد احد سواي على تعليق ارجو تنبيهه..
٢_يمنع منعا باتا التعدي على اي معتقد لأي شخص كان باي صورة كانت

هذه القوانين من يقبلها اهلا وسهلا ومن لايقبل فلا مرحبا به

والسلام على من اتبع الهدى ؟

وقفة مع ثورة الامام الحسين بن علي عليهما السلامWhere stories live. Discover now