[في شفائه مرض]

137 9 80
                                    

~بسم الله~

تتوسط الشمسُ وسط سماءٍ خالية من النجوم، في ذلك اليوم نثرت حروفها على الجميع مسببتا حرا قاتلاً لنفُوس،
أخذت ورودُ الياسمينِ وعِبق النرْجِسِ حدادا لبهائها وكبريائها الغامِض..
وسط كُل تلك الأزهار متنوعةِ الشَكل والأرصفةِ الملونة، يقبع ذلك المنزل المُحترم..! في الخَارج يبدُو لك كاعتدال خواطر الأرواحِ المرهفة لكن لوْ خطوت بفضولك لِداخل لأغاظتك احتمَالاتك الفارغة..
يَرمي بذلك السِكين المُلطخ بالدماءِ نحو السجادة الصُوفِية الحمراءِ بعد استيعابه لما قَدمت يداه على فعله،
يَترَنحُ بتعب مُؤلم وعيناه غرقتا في بحر الدهشة والحِيرة،
صمتٌ..
صَمتٌ قاسي عَم المكان..
خوفٌ..
ندمٌ..
أحَاسِيس فاضحة لمرارة الحَقيقة..
يَحْشُر كفيه في وجهه مع هَمسات راجية:
"أ...أمِي لم أقصد ذلك، يَا أمي أرجوك استيقظِي ..آسف "
يُتلي كلماته بِشهقات تَعْلو مع كل كلمة تَفَوه بها ثُغره الشَاحب.
****************
فِي ذلك المكتب البَهار بألوانه الزرقاء الدَاكنة مع سقفً بِطلاء أبيض يلمع وأثات ذهبية مُزخرفة .

يَجلُس أُولئك الأطباء الخمس أمام ذلك الفَتى ذُو الملابس البيضاء والجَسَدِ المهْزُول، تَفصِلهم تلك الطاولة الخشبية الطويلة..
يَنظر لشِماله ناحية النافذة ذات الإطار الفِضي المُطِل على حديقة المشفى..
أَردف صاحب النظارات الطبية ضامًا أصابعه وسط كف يَدَيْه الكبيرة..
"مرحبا ما اسمك..؟"
لم يتلقى إلى الوُجُوم المتطفل على مجلسهم الجَسِيم، شروده صَاح في الزاوية،
أَعاد ذلك الطبيب سؤاله لِيَستفيق من شُروده موجها مُقلَتيه الحادتين نحوه ليَسترسِل بِبَعض الخُمول:
"مُوريس..إسمي موريس.."

" إِذن يَا موريس هَلا أخبرتنا ما حدث ذلك اليوم ؟ "

جَحظت عيناهُ في ظلامٍ صَارم ليقُول وأطرافه بدأت في الانهزاز :

"قتلتها..نعم قتلتها لم أشعر بما اختلجني لحظتها،
كل ما أذكره هو صُداع رأسي الذي أَفاقني والدِماء التي لطخت سَاعِداي ."

أَنْهى كلامه بهدوء تَام رُغم عيونه التي بُرزت عروقُها ليُعيد ناظِريه لتلك النافذة مُرهِقة الزَوال .

بعد نقاش لم يدُم الكثير عن حالته النفسية جَزموا أنه مريض نفسي بمتلازمة {اليَد الغريبة} حيث يمكنه القتل بدون وَعي منه، ومَن يصِل لمراحل القَتل يكون قد تملكه ذلك المرض اللعين بقوة..لكنه بعد كل شيء يُوجد عِلاج، يوجد أمل أليس كذلك؟

الشهر الثاني من فَصْل صيفٍ ملعُون ليس وكأنه أول فصل يُلقي بلعناته عليه..
مكوته في ذلك المشفى لِلْأمراض النفسية والعَقلية، لم تكن بأيام مُفرِحة متواصلة، أو نعيم دائم لرُوحه المأسورة..بل كانت عِبارة عن جلسات يومية تُغْرِس في قلبه ألف ِرماح كئيبة،

شِفَاء زائِف.. [قصة قصيرة]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن