الفصل الثامن (الساحر المشعوذ)

2.8K 73 0
                                    

ردت روان بحزم "هذه حكمة منك ...هل تحب تناول بعض الفاكهة والجبن ؟يمكننا تناولها مع القهوة امام النار .....وسارى اذ كان يوجد بعض البسكطويت "
فقال ولف "ابقي حيث انت ساجد البسكويت والجبن واحضر القهوة "
لا بد انه يعي حجمه وتقثه بنفسه وسلطته القوية ...وتلك القوة الموضوعة تحت السيطرة التي تولد تاثيرا لا يلين .
وبقد ما كرهت روان نفسها لرد فعلها الا انها لم تستطع السيطرة عليه وبسرعة بدات تجمع الاطباق فقطب ولف .
-اذهبي واجلسي قرب النار ....ساحمل الاطباق الى المطبخ
قالت بشيء من الحدة "انا بخير "

اطبقت يده على معصمها وقال بهدوء جعل البرد يعتريها "روان ......اجلسي قرب النار ..... لست مضطرة لخدمتي "
ومع ان قبضته كانت متراخية الا انه لم يكن من الممكن تجاهل القسوة في كلامه واصابعه السمراء على بشرتها البيضاء ....وبالرغم من الذعر الذي تملكها تسارعت نبضات قلبها واشتعلت نار في داخلها
نظرت الى وجهه بغضب لكن الكلمات ماتت على لسانها لحظة تصادمت عيونهما فاعتصر شعور غريب معدة روان قبل ان ينفجر وكانه انوار متلالئة
تمتمت وهي تتلوى لتخلص نفسها "انا لست مريضة "
-لست على ما يرام بعد
لكنه تركها وحمل الاطباق فعلقت انفاس روان في رئتيها وقالت "انا متعبة قليلا فقط "
وتراجعت الى الوراء وجسمها متصلب ومن دون اي نظرة اخرى حمل الاطباق وهو على الارجح يتسلى كما فكرت روان باكتئاب
لا....لم تكن التسلية تلك التي راتها على وجهه بل الرغبة ....شعلة سوداء حركت قسمات وجهه بجوع بدائي سارع الى كتمانه
لو انها تستطيع السيطرة على تجاوبها معه بمثل هذه السهولة وانهارت على الاريكة وهي تتنفس بصعوبة
وكررت بشكل الي لم يحدث شيء لقد نظرت الى عينيه وهذا كل ما في الامر وامسك معصمي وباتلرغ من ان بشرتي لا تزال تحترق الا ان شيئا لم يحدث
لو رددت هذا بما يكفي فقد تقنع نفسها
اذن لماذا كان فكها مشدودا الى درجة ان عضلاته راحت تصيح احتجاجا ؟لماذا تشعر ان احدا قد وجه نارا ملتهبة الى عظامها ؟

وفكرت محاولة ان تفلسف الامر ...انها مسالة تجادب بدائية غير منطقية طغت عليها لحظة التقت عيناها بعيني ولف في المعرض ...لقد فقدت اتزانها ولم تستعد وعيها بعد
لكن لو كان الامر هكذا فلماذا تهتم كثيرا برايه فيها ؟
حين عاد ولف حاملا القهوة والبسكويت والجبن جاءت بقصعة الفاكهة من على طاولة الطعام هذه المهمة الصغيرة بعضا من رباطة الجاش ...وبقلب يخفق في صدرها المنقبض ....اخدت فنجانها منه
نظر ولف الى قصعة الفواكه وسالها "الن تاخدي شيئا ؟"
انقبضت معدتها وردت "لست جائعة "
حمل ولف فنجان قهوته وقال "هل انت مضطرة للعمل في المقهى غدا ؟"
-اجل
كان في ابتسامته شيء من السخرية ..كان يعرف انها ستقدم المعلومات لذا سال "هل تستمتعين حقا بالعمل هناك ؟"
تطلعت روان الى القهوة في فنجانها وقالت بحذر "لقد قلت لك اني احب مراقبة الناس ...واخصص فترة بعد الظهر والمساء لاعمل في الفخار "
-اذن هذا هو عملك الحقيقي ؟
قالت "انه ليس عملا وحسب بل اهم شيء في العالم بالنسبة لي "
ارتفع حاجبه "فهمت "
طقطقت النار ونفتث دخانها مع هبة مطر اخرى ضربت السقف بعنف ...ودون ان تقدر على قراءة اي فكرة على وجه ولف تثاءبت روان وقالت "انت على حق ...انا لست على ما يرام ساحضر لك فرشاة اسنان وبعض المعجون وانظف الاطباق ثم اذهب لانام "

مرر يده على فكه مفكرا فاحست روان وكان حرارتها ترتفع
قال "هل لديك الة حلاقة اضافية ؟"
قالت تتحداه ان يسال لمن هي "لدي شفرات حلاقة وساضعها على رف الحمام مع فرشاة الاسنان والمعجون "
وبلباقة الية وقف وهي تقف لكنها احست بنظرته المتسائلة تلحق بها وبلوبو عبر الباب

لزمها لحظة لتترك ما يلزم في الحمام وحين خرجت كانت دفاعاتها قد تعززت من جديد
كان ولف يتوجه بصمت نحوها وبعد نظرة متفحصة قال "تبدين مرهقة ...اذهبي الى النوم ...وسانظف الاطباق"
فجاة احست ان هذه السيطرة الحديدية على النفس تخفي عنفا مكبوتا ومشاعر مخنوقة ....وزعزع اكتشافها هذا مقاومتها واثارها الى حد الياس .
قالت بصوت مختنق "شكرا لك "
قال بدون مقدمات وكان شيئا ما يدفعه لذلك "روان اخبريني عما حدث لطوني ...والا سيبقى دائما بيننا "
علقت انفاسها في حلقها "ماذا تعني ؟"
اصبحت حياتهاالان معقدة بسبب الرجل الواقف هناك ينظر اليها بعينين غامقتين تتاجج المشاعر كلها في اعماقهما ...لم يكن يعدها بشيء ...ولن تستطيع اعطاءه ما يريد رغم تلميحه الى مستقبل ما لهما معا وما يحمل من اغراء لها
قالت بضجر "ليس لدي ما اقول لك "
وتوقعت فورى غضب وربما المزيد من التهديدات لكن رموشه غطت عينيه لثانية وحين ارتفعت لم تعد ترى فيهما سوى الغموض لامع اخضر
-هذا مؤسف ....ليلة سعيدة روان
قالت "اجل ....امر مؤسف ...ليلة سعيدة "
تمسكت بوقارها واسرعت في تبديل ملابسها وهي تصغي بحذر الى تحركات ولف في المطبخ واحست براحة كبيرة حين اغلقت باب غرفة نومها ورائها
في النهاية استسلمت لنوم خفيف متململ لكن حين راح لوبو ينبح نباحا شديدا استيقظت مدعورة وحدقت عيناها بالم الى الظلام الدامس واخد قلبها يخفق بسرعة في حلقها ..
كان ذهولها قويا بحيث مرت لحظات قبل ان تتعرف على صوت ولف وخرجت متعترة من السرير وركضت نحو الردهة .
كان لوبو قبالة باب الشرفة ورمشت عدة مرات الى ان استطاعت تبيان صورة ولف الذي يقف بينها وبين الكلب ...اوقف امره الحازم نباح لوبو المتوحش لكنه حين سمع صوت روان عاد الى النباح مجددا بصوت مرتفع ملاء الردهة واخد يرن في اذنيها .
حاولت تجاوز الرجل الذي يسد طريقها لكن ولف امسك بها بحركة واحدة خفيفة وسحبها الى ما وراء درع جسده المريض وقال امرا "ابقي هنا ....اسمع شيئا في الخارج "
ردت روان مرتجفة "يمكن ان يكون اي شبء فلوبو يدافع عادة عن المنطقة نفوده بشراسة "
قال ةلف هامسا "هذا يناسب اسمه ....لكن من في الخارج لم يكن حيوانا "
وسجلت عيناها بعد تعودهما على العتمة صورة الذكر الواقف امامها ...كتفان عريضتان وصدر يضيق ليصل الى خصر نحيل ....
تراجعت بسرعة الى الوراء وقالت بصوت اجش "انه دائما ينبح على شيء "
-انه لا ينبح على لا شيء الان ...ساخرج و....
-لا
وقعت فريسة مشاعر لم تكن قادرة على تفسيرها فاخدت نفسا عميقا واكملت "لقد هدا ..وكائنا من كان في الخارج فقد ذهب "
حين لم يتحرك ولف تملكها احساس مفاجئ بالاختناق وبالخطر فابتلعت ريقها لترطب حنجرتها الجافةوتابعت "ستتاكد من هذا صباح الغد "
وتلاشى التوتر الثقيل قليلا مع ذلك بقي ولف ينتظر بجمود وبحس بدائي ومع ان لوبو لم يعد يزمجر الا انها احست بحذره .
وقالت "اعتقد انه من الافضل لنا ان نعود الى النوم "
هبة ريح اخرة ضربت المنزل فاهتزت النوافد وولولت الجدران وكانت روان قد استدارت حين تعالى صوت متاوه مستعجل يكاد يصرخ وتبعه صوت ارتطام بالارض .
وجن جنون لوبو وركضت روان الى الباب لكنها لم تصله لان ولف امسك ذراعها وقال امرا "ابقي حيت انت ....يبدو كصوت شجرة ...ومن الخطر جدا الخروج "
-شجرة
ولاحظت بسخرية ان ولف اخد دور الرئيس فما ان يتكلم حتى يصمت لوبو ويتوقف عن النباح
وحل صمت مفاجئ وتحولت الريح الى سكون فقالت بصوت رفيع "انها على الارجح شجرة البلوط القديمة "
استرخت قبضة ولف لكنه لم يتركها "هل هي قريبة من المنزل ؟هل يمكن لاي غصن ان يقع على السقف ؟"
قالت بسرعة لتمنعه من الخروج "لا فالغصن الذي يقلقني في الجانب الاخر ...ولن اخرج في هذا الطقس....ولا داعي لان تخرج انت ايضا "
استدارت بسرعة في الظلام يائسة واحست بدوار في راسها ومدت يدها لتستند الى الجدار فالقت يدا حارة وصدرا رحبا .
امرت نفسها :ابتعدي عنه....لكن الشوق اوقعها في حبائله وفكرت يائسة بانه حين لن يستطع اجبارها على اطلاعه على حقيقة ما جرى .سيرحل .وهذه الحمى والتلهف هي كل ما ستذكره ... .

همست "ولف"
وتلاشت كل الافكار امام الاحاسيس التي اخدت تتسلل الى اعماقها .
-ماذا
لكنه عرف ....كا يمكن ان تخطو الى الوراء وتركض الى غرفتها شرارة مكتومة من المنطق قالت لها ان عليها ان تهرب على الفور الا انها ادركت التفهم الحسي وراء التحدي في صوته .
انه متاثر بلمسة اصابعها مثلها تماما ...واحست بصدره يعلو ويهبط وهو ياخد نفسا عميقا .
كانت روان قد تشوقت الى هذه اللحظة في كل ثابية من الاسابيع الطويلة الماضية ...تشوقت اليها لانهما لم يكونا على علم بفظاعة ما يجمع بينهما .
تلك البراءة كانت مهمة بالنسبة لها مع انها لا تذكر لماذا ...افكار غير مترابطة تلاحقت في راسها وهي تمرر اصابعها على كتفه زسالت بصوت ذاهل "هل تعمل خارج المكتب ؟"
واتهمتها ضحكته بالجبن "وهل يهمك هذا ؟"
-لا
واستسلمت لاغراء بتنهيدة طويلة بطيئة ورفعت وجهها اليه باستسلام فيه شيء من الخجل ...لو ان النور كان مضاء اما تجرات ....همست على صدره "لا اهتم بشيء "
وكانت هذه هي الحقيقة في تلك اللحظة
ولم يستطع ولف السيطرة على الصوت الغريب الذي خرج من حنجرته كما لم يستطع تجنب العناق الذي كانت تطالب به .
وحين تمكن من استجماع ما يكفي من التصميم ليبعدها عنه شدها الى صدره قليلا فاستجابت بصوت شاهق منخفض اشعل النار فيه .
وفكر يلئسا وهو يحاول جلاء ذهنه ...ما من امراة تمكنت يوما من فعل هذا به ..اللعنة ...لماذا لا يستطيع ان يتذكر انها عدوه ...؟
وتردد صدى الكلمات التي قالها من قبل في اذنيه :اخبريني ماذا حدث لطوني والا سيبقى دائما بيننا ...
هل تظن انها تستطيع استخدام الاغواء لتقنعه بان هناك ماهو افضل من اكتشاف هوية قاتل طوني؟
واعترف ولف بغضب بانه لا يزال يريدها بحرارة لم تمت خلال الاسابيع التي فرقتهما .
حسن جدا سيلعب لعبتها ورفع راسه ودس يده حول خصرها الدافئ يضمها اليه وهو سعيد بانفاسها المرتجفة ورموشها المسبلة .
قال بخشونة "لن ينجح هذا يا روان ...لا اعرف الى اي مدى انت مستعدة للتورط لكنني لست مستعدا للمخاطرة ومهما جرى فان ادعك تهربين حتى اعرف كيف مات طوني "
وسقطت روان متحطمة من عليائها ...وجمدت للحظة مصدومة مذلة قبل ان تبتعد عنه
لم يحاول ايقافها ورقبها وهي تبتعد ثم استدار بدوره .
قالت وهي في منتصف الطريق الى الباب "تصبح على خير "
وخنق الخجل صوتها فضحك وقال بلهجة مهينة "تصبحين على خير "
عندما وصلت الى غرفتها ارتمت في فراشها البارد ترتجف من الوحدة والمذلة واخدت ترغي وتزبد بصمت مع توقف عصف الريح وهطول المطر .
انها تكره ولف تالامنتس ....تشمئز منه فكيف وقعت في حبه ؟ومتى ؟لقد تقرب منها بطريقة مذهلة ...وهددها .
حسن جدا ...لقد اهتم لامرها حين وقعت في الماء لكن هذا لا يكفي لاحلال هذا التغير المربك المحرج في مشاعرها

ما من لحظة محددة تعود اليها وتقول انها لم تحبه قبلها تاثيره عليها كان مالبرق كالرعد حتى انها بدات تعتقد انه مجرد ساحر مشعود يوقع في شركه الاغبياء .
لكنها الان وبعد فوات الاوان فهمت الحقيقة ...كانت طوال الوقت تباروه مذهولة مثارة وخائفة وكان قلبها يخونها فاحبت ولن تعود الى سابق عهدها ابدا
استيقضت في وقت متاخر لتواجه تغيرا كليا للطقس ...انه صباح يوم احد رائع .
وبعد ان ارتدت بهدوء الجينز والكنزة تسللت مع لوبو الى الخارج حيث سطعت اشعة الشمس الكثيفة الذهبية على الخليج وحولت المشهد الى لوحة رائعة .
في العادة كان هذا الجمال يرفع معنوياتها الا انها هذا الصباح نظرت اليه بعينين فارغتين الى ان رات الاضرار التبي تسببت بها العاصفة .
كان جد جدها قد بنى المنزل وزرع شجرة البلوط هذه لذكرى اكبر ابنائه الذي غرق في الخليج .

اخدت تراقب الفوضى والدموع تؤلم حلقها وسمعت ولف يقول من ورائها "الشجرة كلها خطرة ....يجب قطعها "
استدارت ...واخد قلبها يقفز كالبهلوان في صدرها ..
لابد ان ولف خرج الى اليخت لانه بدل الثياب التي غسلتها له في الليلة السابقة .....وزادت اشعة الشمس من حدة قسمات وجهه فبدا كتمثال لبطل من فترة ما قبل التاريخ ...قوي يشع سلطة ولم يكن ينظر الى الشجرة بل كان يراقبها بتقيم بارد.
وشجعت روان نفسها ثم قالت "اعرف"
وحاولت ان تبتسم فيما اندس لوبو بين الاغصان ليخرج وفي فمه قطعة خشب ووضعها عند قدميها باعتزاز .
قال ولف متشدقا "الان وقد عرفت انني لن اتلهى باغوائك كم سيلزمك من الوقت لتقولي لي ماذا حدث بالضبط يوم مات طوني؟"
نظرتها المذهولة التقت بعينين اكثر عمقا وعتمة من اعماق البحر ..عينان يسهل الغرق فيهما
سالت مخدرة الاحاسيس "ماذا؟"
-انا اتكلم عن المال
كان رجل اعمال بارد وهو يضيف "كم تريدين للافصاح عن تلك الذكريات روان؟"
لقد اعتقدت انه لا يستطيع اذلالها اكثر مما فعل فسالت شاحبة " وكم انت مستعد ان تدفع؟؟"
قال متوترا "ما يكفي لاعالتك مدى الحياة ...والدتي مهمة بالنسبة لي "
ذكر مبلغا جعلها تشهق ورفعت راسها لتقاوم الحرارة والالم والعذاب ثم قالت بحزم """"انا لا اريد مالك ....وللمرة الاخيرة اقول لك انني لا استطيع اخبارك المزيد "
واضافت بحرارة مفاجئة "هلا رحلت من هنا ارجوك ولا تعد ابدا ....ابد ؟انا لا اريد ان اراك او اسمع عنك او عن عائلتك مرة اخرى "
وبصوت بطئ متكاسل مهدد قال "قوية ...لكنني لن ارحل قبل ان احصل على ما اريد "
-وكيف تعمل امبراطوريتك الضخمة من دونك ؟
ابتسم "انا اتصل بهم بفضل الكومبيوتر والاجهزة الحديثة ولسوف تتكلمين والا ستجدين نفسك من دون مستقبل ومن دون عمل او طمانينة مرة اخرى "
وكا يعني ما يقول ولديه السلطة ليفعل فقالت روان تجادله "اذن كشف ولف تالامنتس اخيرا عن حقيقته"
قفز لوبو واقفا وتراجع الى الوراء حين ظهرت شاحنة جيم القديمة .
-يوم سعيد روان .ولف .
سرت روان برؤية جيم حتى انها كادت تقبل وجهه المجعد اللطيف .
قال "لقد خرجت بالامس واصطدت سمكتين كبرتين لك كانتا في البراد لكن من الافضل تقطيعهما في اسرع وقت ممكن "
هزت روان راسها وانحنت تلتقط الكيس لكن ولف منعها ورفع الكيس من دون جهد .
قالت ببرود "شكرا لك "

مدفوعة بحاجتها الى الابتعاد عن الرجل الذي هددها لتوه بان يدمر حياتها سالت بسرعة "هل ترغب بتناول الفطكور يا جيم ؟فنجان شاي ؟"
-لا شكرا لك اراك فيما بعد
وصعد الى سيارته الشاحنة ملوحا بيده فمدت روان يدها الى الكيس قائلة "ساخد هذا "
قال ولف "انه ثقيل جدا "
ورقبتها عيناه باهتمام شديد وراح بريقهما الذهبي الخفيف يلمع تحت رموشه الكثيفة "روان ....قولي لي ....هذا كل ما عليك ان تفعليه "
حاولت روان ان تسيطر على نبضاتها التي تسارعت حين ابتسم لها ابتسامة مثيرة تجعل اي انثى تفقد القدرة على التفكير .
فردت بهجوم معاكس وسخرية لاذعة "ارجوك ارحل يا سيد تالامنتس فانا لا احتاج الى اي شيء منك لا مالك ولا مساعدتك ..."
قاطعها "انا واثق من انك لا تحتاجين شيئا لكن والداي علماني ان اساعد االمراة ....واحمل عنها السمكط الثقيل ....ماذا تريدين ان تفعلي بهذه؟"
وسارت نحو المنزل فلخق بها
-ضعها في المغسلة ارجوك .
واخدت السكين فمد يده وقال "سافعل هذا "
-لاباس ....فلا اعتقد ان لديك خبرة....
قال وقد صر اسنانه "من اين جئت بفكرة انني مدلل عديم الفائدة وغير كفؤ؟"
ردت بحدة "لم يقل طوني اي كلمة تنتقص من قدرك "
سرها انها استطاعت ان تخترق درعه البارد
قال والحدة في صوته "لقد كبرت كانسان طبيعي ....كنت اخرج مع ابي لصيد السمك واعرف كيف اشرح السمك وكيف اقطعها "
ومن دون اي كلمة اعطته روان السكين اظهر كفاءة ومهارة اعجبتها لكنها زادت من حذرها لتصل الى حدود القلق .
لكسر الصمت المتوتر سالت "هل لديك شيء شخصي ضد هذه السمكة ؟"
كانت نظرته حادة مثل السكين "لا .....لكن اي شيء افعله احب ان اجيده ...ولا استسلم حتى انتهي "
ارتجفت روان هل هو غاضب ؟عظيم ....وهي كذلك فالغضب يبقى الاثارة بعيدا
وضع ولف سكينه من يده "ماذا ستفعلين بالبقايا ؟"
-سادفنها
-سافعل هذا ....اين؟
قالت بحذر "تحتشجرة التفاح قرب حديقة الخضار "
حين انتهت من عملها غسلت يديها وخرجت .
كان ولف يعيد التراب فوق الحفرة حركة ذراعيه وكتفيه الناعمة الرتيبة كانت تجسد القوة والتناسق فانطلق الالم المعدب في جسم روان .....يكاد يجعلها تركع وقبل ان تتحا لها فرصة الوقوف مستقيمة امسكتها يدان قويتان واسندتاها .
-هل انت بخير ؟ماذا حدث؟
قالت كاذبة "لقد تعترت ....ستصبح هذه عادة .....انا بخير "
تركها وتراجع ....تركها تواجه تاثيره الصاعق والكهرباء الباردة التي تسري في الخلاياها
قال "انتبهي كيف تسرين "
واختلطت ابتسامة بنبرة صوته بحيث بدت الكلمات كتعويدة سحر قديمة ...تعويدة
لتكسر الحواجز وتستسلم على الفور
اوه.....يالله....صرت على اسنانها لتمنع نفسها من ان ترتمي بين ذراعيه .
حبها له اطلق حاجة مفترسة كانت مخفية في داخلها وكشف لها كم هي سطحية وضعيفة وعاجزة عن مقاومة غاز غريب .
لكن ...حتى في اول لقاء لهما لم يكن غريبا بالنسبة لها .
قال بصوت خشن "توقفي عن النظر الى هكذا "
تسارعت نبضات قلبها وانفاسها وحاولت ابعاد عينيها عن وجهه القاسي قال شيئا لم تسمعه ثم مد يديه اليها ليسحقها بين ذراعيه ....واحست بالسكون المتوتر الخطير في احضانه وهو يقاوم ليسيطر على نفسه .
ومع ذراعي ولف حولها وخدها المستند الى صد
ره بدات تفهم بغموض كيف يعطل الجزء البدائي من دماغها المنطق والتعقل كانت رائحته كالمسك .....واذهلتها ضربات قلبه المرتجفة واختلطت مع رائحته الخفيفة مثيرة رائحة البحر النظيفة الاذعة
-روان

الازدراء في صوته صدمها فخجلت بمرارة من ضعفها الذي ابقاها دون حراك وانتزعت نفسها بعيدا عنه .
تركها وراح يتفرس في وجهها المحمر بعينين لا رحمة فيهما "مهما رميت نفسك على بحماسة ....لن اتوقف عن سؤالك عما حدث حين مات طوني "
وغاب اللون الاحمر من على بشرتها وهي تتمسك بغضبها لتجيبه بحدة "لم افكر ابدا ولو للحظة انك ستتوقف "
تطلع الى وجهها ...وابتسم من دون ان تصل ابتسامة الى عينيه "اذن لا فائدة "
هزت كتفيها وقالت ساخرة تتجاهل اللمعان في عينيه " لقد وضبت بعض السمك لك واعتقد ان لك فرنا في مركبك الفاخر "
فرد بكل برود "فيه كل المعدات الحديثة ...واذا كانت هذه اشارة الى انك تريدين ان اغادر فما عليك سوى قول هذا "
اجفلت للتحدي الناعم في صوته لكنها لم ترد على تحديه
هز كتفيه قائلا "لدي اعمال اقوم بها على اي حال لكني لا انوي الرحيل في وقت قريب "
بعد خمس دقائق اختفى السمك في يده ....وبينما راح لوبو يئن استدارت روان وقالت بانزعاج "من الافضل ان يجري بيننا حديث عن الولاء ..على اي حال يمكن لهذا ان ينتظر الى ان اقوم بعمل يكسبني المال "
لكنها بقيت تحت الاشجار تراقب ولف وهو يصعد الى يخته قبل ان تستدير وتعود الى المشغل ...حين تهاوى عالمها من حولها في الماضي وجدت السلوان في عملها .
الا انها لم تستطع ان تستقر حتى انها لم تدر دولاب الخزف.
و بدلا من ذالك التقطت قلما و بدات ترسم لتدرك بعد خمس دقائق انها ترسم وجه ولف ... اغمضت عينيها قليلا و حاولت ان تتذكر ملامحه بدقة و تعقب النور و الظل على قسمات وجهه و اخذت ترسم بدقة عضلاته و بنيته لكن بالرغم من مهاراتها في الرسم الا انها لم تستطع ان ترسمه جيدا .
و اخيرا جلست و عيناها مغمضتين تفكر بقسماته القوية و تحاول متعمدة ان تطبعها في راسها بحيث تتمكن من استعادة الصورة بمجرد ان تغمض عينيها .
نباح قصير حاد من لوبو دفعها لتقف ظنا انه جيم لكنها رات ولف طريقة سيره و قساوة وجهه جعلتاها تشعر بالبرد .
التقته عند باب المشغل و سالت " ما الامر ؟ " .
قال بتركيز بارد " امي في المستشفى و يعتقدون انها ستموت هذه المرة ليس لديك خيار روان ... وضبي بعض الثياب هناك هيليوكبتر قادمة لتاخذنا " .
قالت بتعاطف سريع " انا اسفة جدا " .
ثم فهمت ما قاله و اضافت متالمة " ولف لا استطيع ان اقول لها ما حدث ".
للحظة رات غضبا عميقا شرسا على وجهه سيطرت عليه فورا لكن ليس قبل ان تتراجع خطوة مرتجفة الى الوراء .
و بصوت ضرب رباطة جاشها قال " ستدهبين الى اوكلاند حتى و لو اضطررت الى ربطك و اختطافك و حين نصل ستقولين لها ما حدث ذالك اليوم و الا بامكانك التفكير مليا بما ستصبح عليه حياتك ما ان انتهي منك ... امي اهم بالنسبة الي مما ستكونين انت يوما .
قالت بحرارة " لا يمكنك اختطافي " .
نظر اليها نظرة كحد السيف " حاولي منعي الخيار الوحيد هو ان تقولي لي ما حدث لطوني بالضبط ".
و كان يعني ما يقول ... و ظهر التهديد صريحا غير مبطن و بدا قادرا على انتزاع الحقيقة منها انها تفهم المه ... لقد ضحت بطوني من اجل ابيها .
لكن لم يكن امامها يومها اي خيار .
للان صوت ولف قليلاو هو يضيف " اذا كنت تحاولين حماية شخص ما فقد عنيت ما قلته في السابق ... انا مهتم بالحقيقة و ليس بلوم احد .
رفعت نظرها اليه بحدة قرات نضرته الهادئة التي ارضت غريزتها فسالت يائسة " و هل يمكن ان اثق بك ؟" .
فرد ببساطة " اجل " .
ادركت روان بجبن انها اذا قالت له الحقيقة فستسلمه المسؤولية و يمكنه ان يقرر ما يقوله للامه .
استدارت الى داخل المشعل و قالت بصوت متعب " حسن جدا ... ساخبرك "


انتهى الفصل االثامن

روايات احلام / عينان قاتلتانWhere stories live. Discover now