~مـفـر القــلوب~

67 0 0
                                    

الفصـــــــــــل الــثاني

ثقيلة تلك اللحظات التي لا تشاركيني فيها، موحشة الأيام بدونها، يريد صمتي التكلم والهمس في أذنها كم أحبها، لكن صورتها وهي خائنة لا تفارقني، أمعن صديقي النظر ليّ، لتظهر له ملامحي التعيسة بشكل مقلق، لذا سألني بفضوله المهتم عليّ أفصح عما يجول في صدري:
-هل أنت علي ما يرام؟
ابتسمت له لأخفي ضيقي وأنا أقول بنفي:
-نعم أنا بخير!
كنت فاشلًا في الكذب عليه، وظهر ذلك في طريقة هروبي من نظراته الفاحصة لي، وكأني أخشي أن يكتشف ذلك، ومع هذا ألح عليّ لشعوره بوجود خطب ما:
-لا أشعر، هناك شيء يأخذ حايز كبير من تفكيرك ويؤلمك!
أجابته كمُعترف دون أنظر له:
-نعم هي، لم أتوقع أن يصل بنا المشاكل إلي هذا الحد، لماذا لم تتحمل؟، لماذا تذهب لرجل أخر وأنا لا؟، كل يوم مرت به بجانبه كنت أكرها تدريجيًا...
قاطع حديثي وهو يدافع عنها بحده:
-هي لم تحبه، هي حاولت نسيانك حينما فقدت أمل رجوعك، هي مازالت تحبك لديها فعل أي شيء لأجلك، تحب عيوبك قبل مميزاتك، ماذا تريد أكتر من هذا كي تغفر لها خطأ كنت أنت المتسبب فيه؟
فاض بي الكيل من إتهام الجميع ليّ بأني المذنب في حقها، وصحت رافضًا ما يقول:
-هي لم تتحمل ليس ذنبي تتحمل خطأها وحدها!
بنبرة هادئة وثبات إنفعالي مريب سألني:
-لو تزوجتها اليوم تتوقع في الغد خيانتها لك؟
لم أتوقع سؤاله هذا، لكن أجابته علي الفور نافيًا تلك التهمة الشنيعة في حقها:
-لا، أنا أعرفها أكثر من نفسها، وأثق بها كثيرًا، أسير خلفها مغمض العين أيضا، ولا أشك في خيانتها!
نظر ليّ بغرابة وهو يهتف بإندهاش:
-فكيف تقول الآن أنها خائنة، هل أنت مجنون تسأل وتجيب علي نفسك!
مررت أصابعي بين خصلات شعري وأنا أسأله بضيق:
-هل أنا بلغت في حكمي عليها.
سدد ليّ نظرات نارية قاتلة وكأنه يريد الفتك بي وهو يهتف بإستهزاء:
-لا لم تبالغ في حكمك، أنت فقط كسرتها وهي لا تستحق هذا، وهي وقفت بجانبك كثيرًا، وأمام الجميع لأجلك وأنت لم تفعل شيء لها!، والأكبر أنها تعلم أنك لا تستحق وتحبك وتريدك، أنت خسرت الكثير بخسراتها بعدم محاولاتك لبقاءها بجانبك!
.....

تجمعت هموم الدنيا وأحزانها علي ملامح وجهي التعيسة، فكلما حاولت بجهد فتح بابًا للسعادة معه أغلقه في وجهي ليحاصرني  أكثر داخل تلك الدائرة السوداء، كأن الحياة تأبي منحي فرصة ثانية لأصلاح ما أفسدته بأفعالي المتهورة، حينما فكرت أزالته مني برجل غيره، كم كنت حمقاء!، فعلتي هذه جعلتني أقطع أخر حبل للوصال معه.
بعينين تحبسان الدموع الحارقة وقفت أمام باب منزل صديقتي المقربة وتؤامتها، رنيت جرس الباب ووقفت أنتظر فتح الباب علي أخر من الجمر، فتحت صديقتي الباب وهي تنظر بغرابة لحالتي المزرية ثم هتفت تسألني بقلق:
-ما بكِ يا فتاة؟
كالطفل الذي وجد أمه بعد معاناه في البحث الطويل، أرتميت في أحضانها بعد أن أعطيت لدموعي تصريح خروج، شهقت صديقتي بصدمة وهي تحضني وبالكاد تسيطر علي دموعها، عاودت تسألني بنفس النبرة القلقة:
-ماذا حدث اخبريني أرجوكِ؟
-لماذا يفعل هذا بي، هل خطأي أنِ أحبتته أكثر مما ينبغي!
صرخت بتلك الكلمات بين ضلوعها بمرارة، خرجت توأمتها علي صوتي وهي تهتف ومتسألة:
-هل فلحت معكِ المرة الرابعة أم لا؟
وحينما رأت حالتي التي لا أحسد عليها تابعت حديثها بثقة:
-يبدو أنها كانت محاولة فاشلة، أخبرتك هذا الكائن لا يستحق فرصة ثانية، يجب أن تنتظري القدر يأتي به لكِ ساجدًا علي ركبته وترفضِ!
نظرت صديقتي إليها بعتاب كي تبلع لسانها داخل فمها المسموم، ثم جذبت يدي وأجلستني علي الكنبة، وجلست أمامي وأحتضنت كفي براحتيها وهي تقول بنبرة عقلانية ومكسنة للألم:
-حينما ذهبتي إليه كنتي علي علم من رفضة لكِ، مهما كانت درجة حبه لكِ يجب أن يثور في وجهك أنها الغيرة يافتاة!
صاحت فيها تؤامتها بصوتها الجمهوري المتزمت:
-أي غيرة تتحدثي ياحمقاء، أنها تركت رجل مُقتدر لأجله، رأت جميع ألوان وأشكال الرجال أفضل منه، ومازلت تحبه هو، أنه لا يستحقها!
هتفت في وجهها في إصرار متجاوزة إحساسها بالألم والقهر:
-نعم يغير عليّ من نسمات الهواء، وكرامته أحب إليه مني، أو أستخدم سلاح كرامته كي يفر مني!
انتصبت في وقفتها تخبرني بحسم:
-حسنا، مازلتِ تحبيه أنتظري أن يجمعكم الله بمشئيته، وأدعِ الله بعودته لكِ بدل أن تنعتِ حظك!
أيادت صديقتي رأي تؤامتها وهزت رأسها بإيجاب وهي تقول:
-أويد رأيها أتركيه لله حتي يأتي به
كانت تُرعبني فكرة تحول حبيبي إلي مجرد ذكرى، ألا يحق ليّ الحديث إليه كثيرًا، ألا أهاتفه في أي وقت وإن كانت الثالثة صباحًا، أخفتني فكرة أن أتحول إلي فتاة وحيدة لا أحد يهتم بها، ولا أحد يُباغتها بكلمات الحب، وأكره كل الكره أن أخيل نفسي دون زوج وأبناء، وأن أظل وحيدة دون أسرة طوال العمر، وما أخافني هو ما حدث رغم ثقتي بعدم حدوثه!
يكفيني أني حُرمت من أبي وأعمامي وأخوالي ولا أعرف عنهم شيء، لا أتخيل حياتي دون حبيب عمري.
..........
عام بعد عام يمضي ولازلت أشتاق لك، ورغم بعد المسافات بيني وبينك أشتاق لك، تسقط من عيني عبرة حين يُذكر أسمك، رغمًا عني أشتاق إليك، وعلي عهدي الذي أخدته بيني وبين نفسي أن أظل دائما أنتمي لك، عساك أن تفهم كم أحبك، خلقت لي حياة أخرى حين أتيـت، شعرت أني أمتلك حظًا لأول مرة، أحببتك بقلب باع الكل وأكتفي بك، حبك الشي الثابتّ الذي لو يمرنّا مليون خلاف، أظّل أحبك كل يوم أضعاف مضاعفة، أحبك وسأظل أحبك حتي تنقطع أنفاسي، أحببتك حينما استثنيتي وكأن لا وجود للعالم بعدي، أحببتك حُب لو تعلم بِه لندمتَ خجلًا من البُعد، فهل قطعنا كُل هذا الطريق معا لنُنهيه هكذا غرباء!!

أكتب لك وأنا أعلم أنك لن تقرأ حروفي، حروفي التي تخدش روحي وأتمني تصل لك، وأنا آخبرك أنك الخيبة التي لا أستطيع دفنها،
ولكني في النهاية اكتشفت أني لا أكتب لك، أنت لم ولن تقرأ، أنا أكتب لتلك الروح التي تطاردني ولا أجد لها مفر إلا لك!
~تمــت بـحمد الله~


لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 31, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لم أعد أحبك-قصص قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن