الفصل السابع

ابدأ من البداية
                                    

******************

بنفس الوقت **
لم تجد السيارة مكانها .. صرخت بالهواء بعربية صريحة :" أنت غبية نادين .. غبية .. لماذا صرفته ".
وجدت جوارها رجل يبدو مخيفاً في هذا الشعر الأسود والشارب العريض الذي يبدو مصبوغاً وكأن تحته رجل ذو بشرة ليست له .. مع هذه المنابت البنية اللون .. يتحدث بعربية سليمة :" نعم يا آنسة .. ما بك؟!!".
دفعته للخلف بعيداً عنها ..يبدو كرجال العصابات .. خائفة منه وهي في مكان غريب .. قبل أن تبتعد كان يمسك بيدها يمنعها الفرار :" من أنت ؟!!.. وماذا تفعلين هنا ؟!!".
همست فيه بتوسل :" رجاء أتركني .. حضرت بسيارة أجرة .. لأني كنت مدعوة للغداء .. لكن حدثت أمور تجعلني لابد لي من المغادرة فووراً ".
لا تعرف لماذا تشعر بأن الدموع تريد مغادرة مقلتيها بالفعل .. بريق عينيها جعله يدرك أنها خائفة .. ترك يدها ليقول :" تريدين المغادرة لأين ؟!!".
أجابته ببطء تنفس :" أريد الوصول لأول محطة للقطار ..".
مد لها يده بسلام تقديمي لشخصيته :" عمرو نوار علوان ".
صعدت معه حتى تغادر هذا المكان بكل ما فيه من وقاحة .. تستجمع كرامتها التي أريقت على أبواب هذه السيدة الغيور ..
لا تعلم لماذا عليها الدفاع عن نفسها أمامه .. غمغمت وهي تفرك كفيها ببعضهما :" لا تظن أني من هواة الصعود مع أي شخص !!".
ابتسم لدرجة جعلت أسنانه تشع بياضاً .. ثم تحدث :" هل صدر عني ما أخبرك أني قد أعتقد هذا ؟!!".
حاولت المكوث براحة ثم أعلنت له بعد فشلها :" لا .. لم تفعل .. أعتذر منك .. لم أقصد هذا .. لكن عندما وجدتك تتحدثين بالعربية علمت أنك في مأزق ".
لم يقص عليها أنه ظنها أحدى العميلات اللواتي من الممكن جعلهن يتفقدن آل دحية بالمراقبة ..
سألته بطريقة مباشرة :" ما عملك ؟!!.. أقصد ماذا تفعل هنا ؟!!".
أجابها بغمغمة من لا يكترث بالإجابة :" أنا هنا مع عائلتي في إجازة ".
لاذت بالصمت المطبق فكل ما فيه من غموض يدعوها للصمت ..
بعد نصف ساعة كاملة **
:" لا أصدق .. أني لم أجد تذكرة للعودة قبل الغد .. كيف هذا ؟!!".
عقد ذراعيه فوق صدره .. مهيأ لها الطريق للقبول الحتمي بعرضه الذي لم يعرضه بعد عليها :" موسم الصيف على وشك النهاية بدخول الخريف والصقيع .. لذا الجميع يغادر .. هل لي أن أقدم لك عرضاً .. تستطيعين البقاء معي في منزلي حتى الغد ".
قبل أن تنطلق شفاهها بما بدأ يظهر له في عينيها من غضب واشمئزاز .. رفع كفه لأعلى محدداً بجدية :" لست وحدي هنا .. نحن عائلة كبيرة ".
سألته لتعلم ما تريد .. وهو وجود نساء :" هل زوجتك معك ؟!!".
أجابها بحركة رفض من رأسه :" لا .. لست متزوجاً .. لكن بنات عمي متواجدات ".
تمتنع بضم يدايها لصدرها وكانها تحتمي بهما :" لا أظن أنه صواب العودة .. لدى أناس لا أعرفهم .. شكراً لك.. أفضل أن أظل هنا حتى أجد تذكرة .. ربما يعيد أحدهما تذكرته فأنالها ".
فك يديه وجلس على المقعد الخشبي الذي كانا يستندان عليه .. مما جعلها تهتف فيه :" لماذا تجلس ؟!!.. هيا غادر .. أذهب لعائلتك .. وبنات عمك .. هيا ".
لم يتحرك من مكانه فهتفت به :" لماذا لا تتحرك ؟!!.. لا .. أريدك .. يكفيني جنون اليوم .. امرأة غيور .. وبنات خال لا أعرف ما هن حقاً وهل هن أقرباء أم لا يوجد أحد بالمرة ".
مسد عضلتي فخذيه براحتيه وكأنه يمسح عنهما التعرق الغاضب .. كان الغضب ينطلق شزراً من عينيه .. ثم هتف بصوته الصادح :" عندما سمعتك علمت أنك عربية .. أثق في كل بنات بلادي أنهن شريفات .. لم أكن لأتركك بالطريق الخالي هكذا .. يخرج لك أحد الشباب السكارى وينهشك وأنت ما كنت ستستطيعين شيئاً .. لكن أنا مخطئ .. ظلي هنا في مكانك وحدك .. سأذهب أنا لبنات عمي الخياليات .. وأنت تشبثِ بمكانك وأدعي الله ان لا يخرج عليك لص يطعن قلبك من أجل أن ينال حليك هذه أو هاتفك حتى ".
بدأت خطواته تبتعد .. نظرت حولها المكان خالي خلو الصحراء من الأنفس ..شاهدت مشرد عجوز يتكوم على أحد الأرصفة حاملاً حقيبة سوداء قذرة الشكل .. تخيلت ذاك الرجل سينقض عليها خاصة عندما ابتسم لها .. فوقفت وهي تنادي بلهفة مستغيث :" سيد عمرو .. سيد عمرو ".
تدور حول نفسها فلم تجد له أثر لم تجد أمامها غير الخروج من المحطة للخارج قاصدة سيارته بالمرآب حيث تركوها ..
هرولت أقدامها تبحث عنه وتلحق به .. وجدته كانت السيارة في المنحنى يهم بالمغادرة فعلاً .. هرولت أكثر تشير بيديها بينما حقيبتها تهتز فوق ظهرها .. فلم يسمعها .. ظلت تنادي : سيد عمرو .. سيد عمرو ".
لكنه لا يسمعها .. هتفت بحدة باسمه بلا ألقاب :" عمرووووووو".
أوقف السيارة مكانها ونظر حيث كانت تقترب بهرولة شديدة تجاهه..
اقتربت لاهثة بالفعل .. انحنت أمامه تسند كفيها على ركبتيها لتنظم أنفاسها .. حتى تمالكت نفسها رفعت عينيها تجاهه لتجده ينظر لها من فوق نظارته الشمسية وكأنه ما زال ينتظر كلمتها .. هتفت بصوت متفطع :" يبدو عرضك أفضل حل".
عقد حاجبيه بشكل من يفكر بلا تذكر لكلام سابق .. ليس من عادته ولكن هناك شيء يجذبه تجاهها .. هتفت به وكأنها تدرك ما ينوي قوله :" رجاء .. لن تتركني هنا وحدي ".
أخرج رأسه وأعلى جذعه من النافذة .. يجيبها :" ظننتك لا تريدين هذا الحل ".

الآن،فقط أجيبك؟[الجزء الخامس من سلسلة حد العشق]!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن