"1"

906 90 34
                                    

" انا سجنك الذي ألقيت بنفسك فيه دون أن تدري... سجن بلا ابواب..بلا قضبان..بلا جدران...حدودي تشمل كل مكان،ولا تشمل اي مكان ...مفتاحي بين يديك طوال الوقت،لكنك لا تأبه بوجوده..لأنك في الحقيقة.....لا تدري بوجودي!".

******** 
                             "1"
هلع امتطاني...قفز بي عن السرير فور استيقاظي...قفزة شاهقة،كادت تيقظ"سلمي"... حاولت إيقافه عند حده...نجحت نوعا ما...لكني لم استطع كبح شهيق أخذ يتسرب مني بلا رحمة،حتي كاد قلبي أن ينسحق بين ضلوعي طالبا الرحمة،لكن بلا فائدة...

تجمدت في مكاني،ألصقت يداي بركبتي متسندا،ومحاولا تهدئة هلع جن جنونه،لكنه لم يهدأ بتاتا...

فجأة قفزت بعنف متهللا...

لكن لم يكن الهلع هو الفاعل هذه المرة..

بل انها فرحة جنونية ركلته وتولت القيادة!

كان ذلك حين عادت الدماء الي عقلي وأدركت الحقيقة،حقيقة أن كل ذلك كان حلما...

مجرد حلم...

وقتها ضحكت ساخرا.... مني!

يالي حقا من ساذج..حلم عابر يفعل بي كل هذا!

فجأة انتبهت لصوت جرس منبه يرن كنت غافلا عنه،فالهلع جعلني شبه أصم...

أدركت أنه من ايقذني(المنبه)..أو بمعني ادق ...من انقذني..

رمقته بتعجب لبعض الوقت؛فلم أكن أظن أن ألد اعدائي..سيصبح يوما منقذي!

ضغط زره،فدوي الصمت،صمت مخيف جعلني مرتبكا؛فالادرينالين الذي تدفق وقتها...لم يجف بعد.

لوهلة ظننت ان تفاصيل ذلك الحلم تلاشت من ذاكرتي،وان كل ما استطيع تذكره فقط هو اني كنت مفزوعا وقتها...

لكن للأسف...كنت مخطئا تماما!

فقد اكتشفت ان ذلك الحلم لازال عالقا برأسي،بأدق تفاصيله،يأبي الخروج...

يكاد وضوح تفاصيله أن يتغلب علي وضوح تفاصيل الغرفة التي أقف فيها الان!

كأنه شريط فيديو رقمي مسجل في رأسي...

أعدته الي نقطة البداية،لأري العجب بذاته..

صورة مشوشة أخذت تتضح..

اضواء مبعثرة اخذت تتجمع..حتي أصبحت الرؤية عنصرا متاحا.. فوجدت نفسي في غرفة غريبة،لم أتعرف عليها في البداية،لكن بعد تمعن النظر..بدأت أشبه عليها..وأتمنى أن أكون مخطئا!

فالشئ الوحيد الذي يشبه مكانا جدرانه رمادية داكنة،تخلو من أي شباك الا ذلك الذي في الاعلي ذو القضبان الفولاذية التي تتخلله والضوء الذي تسلل منه لينير منضدة ملتصقة بالارض تتوسط الغرفة،علي جانبيها كرسيان من الحديد التهمهما الصدأ،أجلس علي أحدهما الان...

بالتأكيد إنه سجن!

وليس سجنا عاديا،فحين حاولت القيام عن الكرسي،كمحاولة لايجاد تفسيرا لهذا الجنون...

أمسك بي من الخلف شيئا ما!

التفت للوراء مفزوعا...فوجدت اغلال حديدية يمتد طرفها من اسفل الكرسي،ويلتف الطرف الآخر حول يداي بعنف،كأني وحش مفترس بأبي الخضوع...

وقتها بلغ الرعب مني أقصاه...أو هكذا كنت اظن...

فقد تبين لي أن الرعب الحقيقي لم يبدأ بعد!

كان ذلك حين سمعت صوت خطواته...

شخص ما دخل الغرفة..ويبدو من صوت خطواته أنه...يتجه نحوي!

تسلقت الارض بعيناي ببطء ؛فهذة المرة تغلب فيها الخوف علي الفضول...

وكان ما وجدته حينها...مجرد رجل عادي...لم اتعرف عليه في البداية،وايضا بعد فحص ذاكرتي لم اتذكره،حتي تأكدت انني لم اري هذا الرجل في حياتي...
بدا حاد الملامح،نحيل نسبيا،وجهه خال من التجاعيد الا من غمازتين طويلتين حفرتا علي خديه،يغطيهما شعر لحيته شديد السواد،يتدلي من رأسه شعر طويل يلامس معطفا اصفر...

أخذ يرمقني بجدية،في نفس الوقت الذي أخذ فيه يسير نحوي بخطوات بطيئة،خطوات رغم بطئها الا أن كل خطوة منها كانت بمثابة سكين بارد ينغمس في قلبي ببطء،حتي كاد يقتلني هذا الرجل بدون حتي أن يلمسني!

بدأت في المقاومة رغم استسلامي قبل حتي أن يدخل...

صرخت بأعلي صوت منتظرا الرد...لكنه لم يحرك ساكنا،بل ظل يسير بنفس السرعة،وبنفس النظرة الثاقبة،نظرة أسد متربص الي غزالة علي وشك أن تصبح غدائا.

صوت خطواته أصبح عاليا،لكنه لم يكن الصوت الوحيد،فصوت جلجلتي للاغلال الممسكة بيداي تجاوز كل الاصوت،أغلال يجلجلها احد تعدي حاجز الفزع،حتي كادت الاغلال أن تتفتت الي قطع صغيرة،لكنها لم تفعل، بل صارت اقوي..

وقتها توقفت عن الحركة،فقط انتظرته حتي يصل ويفعل بي ما يشاء،فقد بلغ الاستسلام ذروة لم يصل لها من قبل.

حين وصل إلي بعد ٧ كيلومترات من المشي..توقف فجأة،

ورفع يده فوق وجهي وكأنه يمسك بشئ ما بدا كسكين أو عصا او.. انه لا يمسك بشئ من الاساس!

لا اعلم؛فالرؤية عادت مشوشة من جديد،لكن هذه المرة لم تتضح بمرور الوقت،بل زادت تشويشا حتي...أعتمت!

الحالة 101حيث تعيش القصص. اكتشف الآن