ثم إنه جلس وحيدا في زاوية المقهى يقبل فنجان قهوته و يتغزل بسيجارته شارد التفكير في أمور لا أحد يعلمها غيره يبحث عن حلول لمشاكل جمة آل وضعه نحوها يقوم بترتيب أولوياته الأهم فالمهم
الجميع يراه قد فقد عقله خصوصا وأنه كان اجتماعيا لدرجة كبيرة وفجأة صار يحبذ الوحدة و الابتعاد عن الناس معتزلا الكلام الفارغ و ردوده باردة جدا حتى ولو كان الأمر ذو أهمية فلم يعد يعنيه أن يشتغل بغيره أو يقحم نفسه في جدال عقيم يجني منه إزدراء الطرف المقابل
يعيش عالمه الخاص بعيدا عن كل ما يعكر مزاجه و يبتسم لنفسه من حين لآخر ما وضع جميع من شاهده في حيرة و تساؤل عن ماهية الطريق التي سلكها هذا الشخص و طريقة دراسة عديد القضايا التي يراها الناس معقدة و يصعب تفكيكها أما بالنسبة له فبسيطة حد القهقهة فهو لم تعرف السلبة سبيلا الى تفكيره الذي استقى من كل بحر من بحور العلم قطرة و دعٓمه بالحجة الداحضة و الأسس العلمية القاطعة لكل مجال للشك في نتيجة التحليل
تناول سيجارة أخرى بعد أن إرتشف من فنجانه نظر إليها مطولا كعادته يريد معرفة السبب الذي يجعل تقبيلها جميلا لهذه الدرجة ، هو يعلم يقينا أنها قاتلة أو على الاقل مضرة بصحته
