20- ليس بمغفل

ابدأ من البداية
                                    

" لم أفعل، " أجابت بسرعة وتحركت والحارس لم يشك بها بل أكمل بحثه في الأنحاء

تحركت مرة أخرى حتى وقفت في وجهها بائعة للورد مترجيةً إياها بعد أن تفحصت ملابسها الغالية " أرجوكِ، اشتري مني .. لم أذق الطعام منذ الصباح. "

شعرت بالحزن وأخرجت ثلاثة عملات لتعطيهم لها فتوسعت أعين البائعة واحتضنتها وهي تبكي " شكرًا لكِ يا ابنتي، هذا ليس حق سلة من الورود بل حق خمسة سلال. "

" لا عليكِ، " أجابت وكانت ستتحرك لكن البائعة أوقفتها " السلة ؟ " فمدت يدها لتلتقط وردة حمراء وهي تبتسم " تكفي هذه. " وسرعان ما هرولت من جديد،

كانت تكافح لتخرج من المدينة لكنها وجدت الحراس منتشرون في كل مكان وكلما ابتعدت عن الإزدحام كان إيجادها أسهل، فعادت مرة أخرى نحو السوق، ربما يجب أن تنتظر هنا الليلة حتى ييأس محمد وبعدها تخرج، لكن أين ستبيت ؟ في الشارع !!

هرولت بسرعة لتدخل في باب إحدى البيوت المهجورة، بدى متخلخل كثيرًا ولا يسكنه أحد، أغلقت الباب وأسندت ظهرها عليه تلتقط أنفاسها بخوف وهي تتمسك بالوردة،

تقدمت للداخل لتجد أنه بالفعل كما حسبته، مهجور تمامًا ولا تعرف لماذا ؟

جلست على الأرض وهي تسند ظهرها على الحائط، كانت تستمع لأصوات الحراس بالخارج يصيحون هنا وهناك وبعضهم صرخ " هلا تسرعوا !! محمد باشا سيقتلع رؤوسنا واللعنة !! إن جاريته قد ضلت طريقها وهو يبحث عنها منذ الأربعة ساعات !! "

" بحثتم في ذلك المنزل ؟ " صرخ الآخر فسقط قلبها فورًا لكن أجاب عليه صوتٌ مختلف " نعم، إنه مهجور. "

عقدت حاجبيها بحزن، لقد أخبرهم بأنها تاهت وليس أنها هربت .. بالتأكيد لا يريد إخبار الجميع بأن جاريته قد هربت منه؛ لأنه شيءٌ مُخزي.

أغمضت عينيها بتعب ومسحت الدمعة عن عينيها بيدٍ مرتعشة، لو قابلته في ظروفٍ عكس هذه لكانت قد بقيت معه وحاولت تصحيح أفكاره الحمقاء التي توارثها أبًا عن جد.

لم تشعر بنفسها إلا وهي تسقط غارقة في النوم بعد فترة كبيرة من الإرهاق.

لكنها استيقظت والظلام قد حل على رجلٍ يقتحم الغرفة التي تجلس بها ولقد ظنته أحد الحراس وارتعبت لكن ما أرعبها أكثر كون ذلك الرجل لم يكن من الحراس، بل شخصٌ يتمايل في وقفته وأخرج شمعة ليشعلها وحينها وقعت عينيه عليها،

بدى مخيفٌ لها كثيرًا وأعينه حمراء وليس ثابت في مكانه، كان ثملًا بشدة وابتسم لتظهر أسنانه الصفراء من بين شفتيه وهو يتقدم منها " مرحبًا يا جميلة ! "

قال بصوته القبيح ذلك فسقط قلبها وحاولت الهرب لكنه حجز الباب بجسده ليكمل " أتعلمين ؟ أنفقت كل أموالي على الشراب ولم يتبقى معي أي نقود لجلب عاهرة. "

1622حيث تعيش القصص. اكتشف الآن