الفصل الثاني

ابدأ من البداية
                                    

ربتت (لمياء) على كتفها مرة أخرى وهي تقول :
- أنا عارفة ياجوجو ماشاء الله حسام كان مستواه كويس وحاليا ساب لك ميراث معقول .. بس تفتكري هيستمر للأبد من غير مايخلص .. دلوقتي الصيدلية بيديرها دكتور بييجي يوم وعشرة لا مش فاهمة ايه ده وانت حتى مابتسأليش عليها وسايباه براحته ومكتفية بالمبلغ اللي بتاخديه كل شهر منها، وحتى الأرض اللي في بلد والد حسام ماتعرفيش عنها حاجة غير الايراد اللي بييجي منها كل كم شهر ولا عارفة ده حقك ولا لا وسايبة إخواته من باباه يتحكموا فيها على الرغم من إن علاقتهم مع مامته مقطوعة تماما .. حبيبتي اقلقي على حاجتك وحاجة، بنتك شوية مش كده اصحي بقى وفوقي وشوفي حالك .. أنا مش بأقولك اشتغلي عشان محتاجة بس عشان تعملي حاجة مش كل الأيام تبقى زي بعضها، وليلك زي نهارك وبكرة زي امبارح عيشي وعيشي بنتك جنبك اخرجي شوفي الناس وبنتك الصغننة دي ذنبها ايه تتحبس كده .. عيشي حياتك ياحبيبتي الدنيا ماوقفتش ومش هتقف .. إنت بس اللي وقفتي الزمن بتاعك وهو لسه بيتحرك حواليكي .
صمتت (جمانة) وعادت إليها ذكريات الأعوام الثلاثة الماضية بعد وفاة ( حسام ) في ذلك الحادث الذي دمر سعادتها .. وطفلتها الصغيرة التي لم يتخطى عمرها الشهور الستة وقتها، الآن طفلتها على أعتاب عامها الرابع وهي تعيش معها وبعيدة عنها في نفس الوقت .. كم تألمت !. كم حزنت !. كم صرخ قلبها وأنّ بين ضلوعها !. كم تحملت وسادتها دموعها وتبللت بها !. كم من مرة حلمت به يضمها لصدره في حنان كما اعتادت وهي معه !. آهة صرخ بها قلبها انعكست على شكل تنهيدة حارة خرجت من بين شفتيها وهي تجيب بخفوت :
- أنا هاجرب يا لميا .. هاحاول .. ع الأقل عشان ملك وعشان أخرج من اللي أنا فيه وأشغل عقلي اللي قرب يتجنن بأي حاجة.
ابتسمت (لمياء) وتنهدت بارتياح وهي ترد :
- طيب كده تمام احنا متفقين .. هاعرف الأخبار وأكلمك ونشوف هنعمل ايه، دلوقتي ايه رأيك بقى ناخد ملوكة وماما ونخرج نتغدى برا ونتفسح شوية .
بادلتها (جمانة) الابتسامة وقالت :
- ماشي أوك .. بس ماقلتليش أنت أخبارك ايه ؟ من ساعة مادخلتي وانت عمالة تطبطبي علي وماطمنتينيش عليكي .. عاملة ايه وأخبارك مع أحمد ايه ؟
ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتي (لمياء) سرعان ماتلاشت لتقول لأختها بسرعة كأنها تداري أمرا ما :
- كلنا كويسين أنا وأحمد وحمايا وكله اطمني .. خلينا فيكي انت أنا دلوقتي هاروح اقول لماما تجهز وتلبس ملك على ما أنت تلبسي ونخرج سوا ماشي !
صمتت (جمانة) فهي تعلم أن شقيقتها لا تريد أن تحملها آلامها مهما كان قدرها لكنها تغاضت عن الأمر وهي تعطي الفرصة لشقيقتها لتتحدث إليها وقتما ترغب، أجابت بابتسامة :
- أوك .. أنا هالبس أهو وإنت قولي لهم .
خرجت ( لمياء ) من الغرفة واستندت لبابها بظهرها وهي تتنهد ثم همست لنفسها :
- أقولك ايه ياجوجو .. إن حب عمري بيخوني .. ومش قادر يتحمل أو يصبر على إن مفيش ولاد لحد دلوقتي ونفسه يكون أب .. أقولك ايه بس وانت فيكي اللي مكفيكي ..
ثم ذهبت في صمت وخطوات بطيئة منكسرة لغرفة والدتها لتخبرها أن تستعد ليخرجن سويا

خارج اسوار القلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن