الفصل الثاني.. الحلم الدامي

1.4K 63 20
                                    


كلما مر يومٌ على بقاء "سولينا" داخل هذا القصر كلما ازدادت ثقةً بأنَّ من المستحيل أن تتقرب من سيده حتى أنَّها تخلَّت تماماً عن ذلك الحلم الغبي الذي دفعها لتصرَّ على القدوم بدلاً عن والدها؛ و إن لم تعترف بهذا من قبل.

لكن حقيقة فقده لوالده جعلتها تتفهم جموده الدائم، واختفاء تلك الابتسامة عن وجهه الساحر. فلم يمضِ على وفاته سوى أسابيع وقد كان يمثِّل له كلَّ شيء؛ خاصةً أنَّه فقد والدته منذ ولادته.

حتى هذه الأجواء الكئيبة الموحشة التي يفرضها على أرجاء القصر بدأت تتقبلها؛ تفهماً لحزنه، و للوحشة التي يشعرها في غياب والده.

توالت الأيام، وكلُ يومٍ كان يمرُ على "سولينا" كسابقه. تقضي طوال النهار داخل حجرة المكتبة بين تلك الكتب تشغلها عن التفكير بهذا القصر وساكنيه. وإن كان الطقسُ صحواً تتنزه في الحديقة الخلفية برفقة كتاب، وتلجأ إلى حجرة الطعام عندما تحين وجباتها اليومية. وتلك الحجرة كانت المكان الوحيد الذي تلتقيه فيه. لكنَّ الليلة لن يشاركها وجبة العشاء فلديه ضيفة أنفرد بها في جناحه الخاص.

هذه الليلة ليست الأولى. لقد استقبل امرأة أخرى قبل يومين أتت مساءً وبقيت في جناحه حتى الصباح، ولم تنصرف إلا بعد أن تناولت الإفطار برفقته.. وبالتأكيد أنَّ هذا ما سيحدث مع ضيفته لهذه الليلة.

ألقت نظرةً خاطفةً نحو مقعده الخالي والشعور بالوحشة يملأها. إذاً، سيتغيب عن وجبتي العشاء والإفطار بالفعل.

في غيابه, تبدو الحجرة كئيبة لا تُطاق. رغم أنَّ الصمتَ المحيط بها الآن لا يختلفُ عن ذلك الذي يحيطهما في حضوره. إلا أنَّها تفتقد تواجده برفقتها وإن لم يوجه إليها كلمةً، أو يبدي أيَّ اهتمامٍ.

لكن ليس بعد مجيء الضيفة الأولى لزيارته.. فقد بدا واضحاً ل"سولينا" الطريقة التي يلجأ إليها مضيفها للتغلب على أحزانه.

ظنَّت أنَّه من النوع الذي لا يحبذ الاحتكاك بالآخرين وأنَّه يفضِّل العزلة، وأنَّ سهراته الخاصة تقتصر على امرأة واحدة -وإن كانت حقيقة هذه العلاقة غير المشروعة مرفوضةً تماماً، وتثير اشمئزازها- لكن حضور امرأة أخرى الليلة، وقضاءها الوقت في جناحه الخاص على النحو الذي قضته سابقتها أخبرها أيَّ نوعٍ من الرجال هو.

كما وعت جيداً أيَّ نوعٍ من النساء الذي يفضِّله؛ إذ كان يكفيها النظر إلى عشيقتيه لتعرف.

مجرد استحضار صورتيهما في ذهنها يثير ضيقاً عظيماً في صدرها ويثير غيرةً مزعجةً داخلها؛ فهما فاتنتان تفوقانها جاذبيةً. تملكان حضوراً آسراً بملابسهما الملفتة ونظراتهما الواثقة.. ومن الواضح أنَّهما تملكان الخبرة الكافية، والثقة الكبيرة للتعاملِ مع شخصٍ ساحرٍ ك"آدم".

الهجين "روح آدم"Où les histoires vivent. Découvrez maintenant