الفصل الاول

67 1 0
                                    

علت أصوات طبول و ابواق جيش الملك ثيودو ملك مملكة فولاسة أمام حِصن المَلك سيمو مَلك قبائل الباكي و زمجرت باثة الرعب في صفوف محاربين الباكي الذين وقفوا على أسوار حِصنهم الحجرية محدقين في الموت المنتصب أمامهم , فبعد أقل الشهر من مقتل المَلك ثير مَلك فولاسة و تتويج إبنه ثيودو ملكاً إبتدأ المَلك ثيودو حملته الساعية للثأر لمقتل والده و لَمِا أصاب مملكة فولاسة القرمزية التي التصق باسمها لون الدماء التي رَوَت ارضها عقوداً و خصبت ترابها و جعلتها مقبرة لمن يتجرأ عليها , مملكة تحصّنت في سلاسل جبلية لا يمكن الاقتراب منها إلا من خلال مضيق صخري سلب ارواح ألوفاً من أعدائها , مملكة فيها من الخير ما يكفي قروناً حتى إن تمكّن الحصار منها , مملكة حمتها الطبيعة بمعنى الكلمة , لكن وحده المَلك ثير والد المَلك ثيودو من اِستطاع اخضاعها , فقد تمكّن المَلك ثير من اختراقها بجيش لا يتجاوز نصف جيشها و قام باعدام ملكها الظالم و مجلس شيوخها الفاسد , المَلك ثير المُنصف هذا ما لقَّبه به شعبه خلال العقدين التي تلت تربعه على عرش مملكة فولاسة.

فُتحت بوابة حِصن المَلك سيمو العملاقة و مضى خلالها مبعوث المَلك ثيودو و معه عشرة من فرسان فولاسة , استقبل المَلك سيمو المبعوث بنفسه و قام باسلوب الضيافة على أكمل وجه و حسب عادات قبيلة الباكي على الرغم من حصار جيوش الملك ثيودو لمملكته , و أثناء الاجتماع قرأ المبعوث رسالة المَلك ثيودو قائلاً: من ملك مملكة فولاسة الى سيمو , سأمنحك فرصة كما منحتُ أعدائنا الذين باتُوا في الارض و سكنوا التراب , فرصة لتحيا انتَ و قبيلتك , قم بتسليم من ساهم في قتل والدي و قف معي في حملتي. عمَّ صمت شديد في قاعة الاجتماع أثناء ما طوى المبعوث مخطوطته و اعادها داخل ردائه الفولاسي. استثمر المَلك سيمو الدقائق القليلة للتفكير في اجابة كافية و شافية لتحمي قبيلته من تهديد مملكة الفولاسة , كان مُوقناً بقدرة حصنه المنيع كما كان مُوقناً بقدرة فولاسة على تنفيذ ما ارسلوا مبعوثهم ليقوله , لكنه لا يستطيع أن يعارض قبيلته التي لطالما وقفت في وجه الظلم و الاستبداد و لا يستطيع الوقوف مع المَلك ثيودو لانه نقيض والده. كان المَلك سيمو حليفاً لمملكة فولاسة و صديقاً وفياً للمَلك ثير قبل أن تتمكن سيوف الغدر من اختراق صدره , فبعد اِغتيال المَلك ثير و تتويج إبنه ملكاً قطعت قبائل الباكي جميع العلاقات بينهم و بين مملكة فولاسة , لم يقطعوها عداوة بل احترازاً من تصرفات المَلك ثيودو التي لم تخلو من العنف و التنكيل و الطموح الدامي. استغرق تفكير المَلك سيمو وقتاً جعل تفكير مجلس شيوخ الباكي و وزراءه يتخبط في مصيرهم الغامض , أخذ يفكر في المجازر التي اصابت الممالك الثلاث التي اجتاحها المَلك ثيودو قبل أن يبلغ باب حِصنه , فكر في كل ما سمعه عن جيش فولاسة و حروبه الطاحنة ضد مملكة بيراق و مملكة فيلور و مملكة دوان التي لم يعد لها وجود على خارطة العالم , فلم يستطع مجارات الافكار التي كانت تتخبط في رأسه فسيل الدماء فيها كان اسرع من أن يستشف منه جواباً يحمي به قبيلته و مكانته. و عندما طال تفكير المَلك سيمو و أخذ التعب يسكن أقدام مبعوث المَلك ثيودو استدار المبعوث و مضى قاصداً الخروج من القاعة دون استأذان , فاوقفته كلمات المَلك سيمو قائلاً: اخبر ثيودو ان لا ينتظر إجابتي لانه سوف يراها بأم عينيه قريباً. كانت كلماته واضحة جداً , فقد اسقط الالقاب من إسم المَلك ثيودو كما فعل هو معه في بداية رسالته المُهدّدة , فاعتلى وزراء الملك سيمو القلق و لم يجرؤ لسان احدهم النطق بكلمة واحدة كما احتفظ مبعوث ثيودو بصمته و استأنف خطواته الى خارج القاعة.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Nov 02, 2019 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

رواية عديم الظلWhere stories live. Discover now