《إلي روحي و نفسي اللتان دمرتاني و أحيتاني》

19 4 0
                                    

كنت أسير على الرصيف ممسكة بمظلتي بإحكام كمن يمسك درعًا ليحميَ نفسه من سهام العدو، و بالفعل فقد بَدَا المطر لي عدوًا يطلق سهامه علي بسبب ذنب اقترفته أو لم أقترفه.

دخلت سريعا إلي البيت و ألقيت التحية على أمي و صعدت إلي غرفتي ثم أخذت حمامًا ساخنا و استلقيت على السرير بعد ارتداء ملابس نومي، لم أُتعب نفسي في تشغيل النور بغرفتي فلطالما تعودت على ظلامها.

بعد أن مللت من التحديق بالسقف اقتربت من النافذة لأشاهد تساقط المطر أو لنقل"رامي السهام المميز."

منذ طفولتي وأنا اكره المطر، أكرهه حقا بدون سبب.
الجميع من معارفي يعتقدون أن السبب هو أن جسدي ضعيف يتعب سريعا بسبب المطر، و لكنني لا أظن ذلك.
فالكل يحب المطر، صغيرا كان أو كبيرا، مريضا أو صحيحا، فلماذا أنا أكرهه؟!
بقيت افكر بهذا السؤال حتى استسلمت لنوم عميق دون إرادتي.

>>>>>>>>>>>♡<<<<<<<<<<

استيقظت بإرهاق، فتحت عيني ووجدت نفسي في بحرٍ من زهور الهَيْدرَانجْيا(الأرطاسية) الملونة كانت غاية في الجمال.
أحببت ذلك كثيرا فأنا من عشاق الأزهار كثيرا، و بعد دقائق من التحديق فيها قمت لاستكشاف هذا العالم الذي أنا به، خطرت ببالي بعض الأفكار الاعتيادية مثل أنني في حلم او أهلوس أو هذا خيالي أو أنها أحلام يقظة.

المهم أكملت مسيرتي و لا أنكر أنه كان يراودني قلق طفيف في أعماقي.
بقيت أسير في الهَيدرانْجيَا أو الهِيدرَانجِ-سمها كما شئتْ- حتى رأيت شجرة كبيرة من بعيد، لقد عرفتها رغم بعد المسافة فهي شجرتي المفضلة السَاكْرا أو الساكورا أو شجرة زهور الكرز.

اقتربت منها و عندما كدت أصل لمحت شعرا أسوداً طويلا جذابا بديعا ساحرا مثيرا ، و من خلف كل ذلك الشعر فستان أبيض قصير نسبيا يصل إلي الركبتين يتمايل مع النسيم العليل حول الشجرة كموجِ بحرٍ لطيف.

اقتربت من الفتاة تاركة مسافة معقولة و قلت بصوت متوتر:
المعذرة..!!

التفتت إليَ و بمجرد ذلك توسعت عينايَ لا إراديا بسبب جمالها الساحر أو لنقل أن عيونها لها سحرها الخاص.
عيون حمراء كالدم الصافي ، شفاهٌ زهرية جميلة كلون زهور الساكورا ، وجه صغير بسيط و لطيف ، لقد بدت كدمية ميتة ذات جمال باهر.
بجدية لو كنت صبيا أظنني كنت لأقع في حبها بسبب جمالها.

وقفت أمامي و اقتربت مني و أمسكت بيدي و الابتسامة لا تفارق وجهها و قالت لي بصوت عذب:
أهلا بك يا زهرتي لقد كنت في انتظاركِ.

تعجبت و قلت لها:
لماذا تنتظرينني؟.. و أين أنا و ما كل هذه الأزهار و من أنتِ و كيف..

قاطعتني ضحكتها الخفيفة العفوية خجلت من نفسي و احمرت وجنتاي قليلا بسبب طريقتي المتسرعة في إلقاء الأسئلة الكثيرة عليها.

قالت في صوت رقيق:
لا بأس عزيزتي سوف تعلمين كل شيئ في أوانه ، فقط اصبري و تعالي معي..

لم أنتبه لنفسي إلا و الفتاة الحسناء تنفخ في أذني بهدوء، نظرت لها متفاجئة فأنا حساسة في مثل هذه الامور.

ضحكت ضحكة خفيفة و قالت:
آسفة لكنكِ كنتِ شاردة لذا فعلت ما فعلت ^^

''اوووه يا لها من لطيفة''قلتها في نفسي ثم أجبتها قائلة:
لا بأس كنت فقط مندهشة لهذا المكان إنه واسع و فارغ على عكس المكان الذي استيقظت فيه، إنه هو كالأفق ليس له نهاية.

ابتسمت لي قائلة:
آنسة "إيميليا"لقد حان الوقت.

نظرت إليها بعيون مليئة بالتساؤلات لكنها ظلت مبتسمة لا تنطق و بعدها بدأت تبتعد عني تدريجيا ثم وقفت باستقامة جذابة كأنها أميرة عظيمة و رفعت يديها و بدأت تقول أشياء لم أستوعبها بسبب اندهاشي.

-:أيها الفراغ الكبير ☆
أسمعنا اللحن البدي
أيتها البذور الصغيرة☆
أزهري الزهور الجميلة
أيها القمر الساحر ☆
أضئ و أنر الفراغ المظلم
اليوم يوم نمو العالم الجديد☆
في فضاء الكون الفسيح
إنها الزهرة الذابلہ☆
التي ستغدو ناضرة

لم أعلم ماذا حدث بعدها فقط أيقظني صوت المنبه المزعج للذهاب إلي المدرسة..

~يتبع~♡

* ·  ¡'° .عالمي زهرٌ ذابِلْ °'¡Where stories live. Discover now