حسن وروان

5 0 0
                                    

جلس الأثنان في مقهى بلدي في وسط البلد، بعيد قليلاً عن الآخرين، كانت المرة الأولى لها في أن تجرب الجلوس في مكان كهذا، لم يظهر عليها أثر القرف والتكابر من المكان أو التأفف بل على العكس كان تشعر بمزيج من شعور الإثارة والسعادة التي تشعر به مع تجربة شيء جديد.
ظلت أول ثلاث دقائق تتلفت كالطفل في اكتشافه لشيء جديد، هي كانت ترى المقاهي  كل يوم في طريقها ولكن هذه المرة الامر مختلف، فهي صارت جزء من منظر اعتادت أن تراه من الخارج.
أنتظر (حسن) حتى تنتهي (روان) من جولتها في المكان مسحا بعينيها البنيتان ذو لمعة تبدي حماسها الشديد وولعها، بإبتسامه هادئة منه تعبر عن فهمه بما تشعره.
يربط (حسن) علاقة صداقة متينة مع (روان)  تجعله لا يخجل من قول ما في صدره بلا حواجز ربما لا يمكن قولها لأحد آخر حتى أصدقائه الرجال. وكذلك (روان) عندها بنفس المكانة.
رغم إنهم تقابلا قليلا إلا إن بينهم سجل محادثات طويل أذاب وأزال عنهم حواجز كثيرة عدا ملامسة الجسد أو ما يثير عواطفهم. فهو حريص على ألا تتجاوز صدقاتهم حيزها وهي كذلك ضمانا لاستمرار صداقتهم.
فكل منهما يرى في هذه العلاقة مهرب له من العالم كله فليس سهل خسارة هذا مقابل حب يفسد كل شيء ويضيع ملاذ الآمن لهما. فكان يسير على كل منهما أن يحكي ملاحمة العاطفية بلا حرج أو تخوف على مشاعر الاخر فهما يفهمان بعض جيدا وهذا ما كل ما يحتجانه وهدف صداقتهم من البداية.
وفي هذا اليوم كان وعد من حسن أن يكسر روتين حياة روان بشكل عفوي كما أنها قد اشارت من قبل عن ما يعجبه في القهاوي رغم إنها ليست بنفس كفائة الكافيهات ففارق المقارنة في صف الكافيهات بشكل عام. حينها لم يجادل أو يدافع عن مزاجية المُلازمة للقهوة البلدي. واليوم هو رده الفعلي المفاجئ لها.
أنتهت (روان منير) ، بنت رئيس إدارة فرع لإحدي الشركات الكبري في مجال الازياء والموضة. ذات ال 26 عام ومصممة أزياء في نفس الفرع. من جولتها التفقدية لتعود بنظرها إلى حسن، شاب طويل القامة ذو بشرة خمرية ولحية خفيفة، لديه من العمر 30 عام، يعمل في قسم العلاقات العامة لشركة غزل ونسيج. قائلة "المكان يجنن يا حسن، الطراز الكلاسيك ده بعشقة بيرجعني لأيام زمان وجو القهاوي في الافلام القديمة. ميرسي.
ليرد حسن" مكنتش متوقع بصراحة الانبهار ده بالقهوة، كنت فاكر أنك مش هتعرفي على المكان ،أو على الأقل هتتخنقي من الدخان وهتطلبي نمشي على طول بس فرحت جدا بردة فعلك وقبل ما نمشي ناخد كام صورة سيلفي. نسجل بيهم اللحظة دى.
" هو ينفع بجد، مش هيقولوا علينا حاجة " قالتها روان
“ ولو قالوا هيفرق معاكي"
روان " لأ، بس بصراحة هبقى محرجة جدا"
حسن " خلاص مفيش مشكلة بلاها صور، وانا عارف أن التجربة دي مش هتطلع من دماغك وهتزعلي إنك محتفظتيش بصورة ليها."
روان" أقنعتني يا حسن كالعادة، هتصور وهكسر الخجل ده، برغم اني قليل جدا  اما بحس بالخجل ده. وغالبا مش بحس بيه غير في خروجتنا."
تجاوز حسن التعليق على ما قالته في ميل كلامها حتى لا ينجرف الحديث لمواضيع لا يحبذ أن تفتح بينهما.
" قدمنا ساعة كدا لحد ما يعبرنا القهوجي، وممكن ميجيش خالص.“ قالها حسن بحس فكاهي

تعجبت روان " غريبة رغم أن القهوة مليانه،  ازاي تبقى الخدمة قليلة والناس كتير كدا."
"ليكي حق تستغربي بس الناس هنا مش جية عشان تشرب كوباية شاي متشربش اصلا، لأ القهوة دي بتربطهم بذكريات قديمة بصحبة كانت بتجمعهم على تربيزة مع اصحابه زمان اللي اتفرقوا بين مهاجر لبرا البلد واللي نقل واللي اتوفى واللي استشهد  واحيانا بكون مهرب من قرف الحياة، واحيانا بتبقى راحة بال لراجل زهقان من دوشة عياله في الشقة، وغيرهم تفتكري دول مستنين كوباية شاي، يعني بالمختصر الخدمة هنا تحصيل حاصل."

كانت تتقلب مشاعر روان مع كل جملة يقولها حسن، لترد روان" وانت تعرف كل دول وظروفهم يا حسن؟
حسن" الحقيقة أنا معرفش دول بس عارف ناس شبهم مش في الشكل في الهم، كلنا شبه بعض بنختلف في الشكل والزمكان بس هما تقريبا كام قصة متوزعة على الكل؛ كل واحد بيعشها باسلوبه وبألفاظه. وكمان المشاعر واحدة عندنا كلنا بتختلف في قوتها.  حالة الحب اللي بيحس بيها الوحد دلوقتي هو نفس الشعور اللي حسه القدماء. ألم الفقدان هو نفسه في المواطن المصري والمواطن الكندي مفيش فرق. الحكمة إننا نفهم قد ايه تشابهنا متقارب"
روان " طب ليه بنحس بالغربة من اللي حولينا ما دمنا كلنا متقاربين زي ما بتقول"
حسن" لأن أغلبنا مستني الغير يفهمه من غير كلام، ولو اتكلم عن اللي بيحس بيه بيقولوا بالألغاز، غير الشعور بالخوف من أن الناس تستغل بعض وقت ضعف، يعني الأسباب بتكون مننا أكتر  من كون الآخر ميهموش أصلا أنت حسه بايه ، بيستكفى بهمه واللي فاكر أنه الوحيد اللي حاسس بيه."

روان" لحد ما يجي الشخص إللى شبه وفيفهمه من غير ما يتكلم ويكون محل ثقة ويتعهد أنه مش هيستغل التاني."

حسن" بالظبط ساعتها حياتهم بتتغير 180 درجة وليسوا أنهم اتولدوا من جديد، بس المهم أنهم يستمروا في الكلام لبعضهم من غير تفكير في عواقب الكلام ، وفعلا يتوصلوا لفهم كبير لبعض بس ده ميمنعش ضرورة أنهم يعبروا عن كل ما في نفسهم ".

روان" تفتكر أن ده اللي مخلينا مكملين، رغم كل علاقتنا العاطفية تقريبا فاشلة."

حسن" علاقتنا العاطفية فاشلة لأن بيكون بينا وبينهم فروق في اسلوب التفكير وطريقة الحب وأنتظار أن الشعور يستمر لنهاية بس ده بيحصلش فطبيعي أن العلاقة تنتهي، أما بالنسبة بعلاقتنا دوامها جي من شعور الحرية محدش فينا ملزم بأنه يهتم أو يعمل أي حاجة فبيخلينا نحسه بالراحة وفي النهاية بيطلع إللى أحنا منتظرينه هو نفسه اللي بيحصل من غير طلب"

روان "...اممم تحيا الصداقة الف مرة، ويغور الحب اللي يفرقنا.

حسن" تحيا تحيا"
صوتهم العالي بإحتفالهم بالصداقة جعل البعض ينظر لهم بإبتسامه وآخرون لم يكلفوا أنفسهم عناء الالتفات.

تابع.

Hai finito le parti pubblicate.

⏰ Ultimo aggiornamento: Sep 01, 2019 ⏰

Aggiungi questa storia alla tua Biblioteca per ricevere una notifica quando verrà pubblicata la prossima parte!

قهوة بلديDove le storie prendono vita. Scoprilo ora