الفصل العاشر (يبدو أنني سأعيش آخر حلم مع جوديا)

15 1 0
                                    

لكنها غادرت الكهف و حين تبعتها و جدت نفسي خرجت من حلم يقظتها لأنها خرجت، تم أخدت تخطو خطواتها الأولى نحو هدف ما، يبدو شيئا ما متير للاهتمام يتجسد في مشيتها، أعد خطواتها مرة أخرى لتصل إلى الخطوة الألف و تمنية و تمانون و بالضبط عند باب الكهف حيث جثتي الهامدة، اقتربت منها و بدأت تتفحصها جيدا و أنا أحاول فهم ما يحدث لي؟ كيف أتت لهنا أعلم أنها رأت ذلك في الحلم لكن هذا شيء غريب، و همت بالرحيل لأتبعها أعد خطواتها مرة أخرى حتى منزلها و بالضبط في غرفتها، اتجهت لخزانة كبيرة تبحت داخل الكتب و بينما هي منشغلة في البحث انزلق نظري لكتاب كتب عليه التخلص من الأرواح المأجورة، استعرته بسرعة أقرأ فيه و كأنه يتحدث علي، الروح المأجورة و الأبناء المتناقضة و كل ما قيلة فيه أشعر أنه تجسيد لحالتي، حتى قرأت وللتخلص من هذه الروح المأجورة عليك ترقب الليلة التي يكون فيها الهلال  منورا المكان بأكمله، و اجلس في مكان خال و أحط نفسك بالشموع و انظر للهلال دون غفوة حتى...انتظر أين "جوديا"؟، خرجت من غرفتها أبحت عنها في كل مكان حتى وجدتها في صيدلية المنزل تأخذ بعض الأدوية تم خرجت مسرعة من منزلها، و مرة أخرى أعد خطواتها حتى أفلت العد حين وجدتها تتجه إلى جثتي، حطت الحقيبة جنب الجثة و بدأت في إخراج بعض الأدوية لتعالج جثتي، و أنا جالس في ركن الكهف أشاهدها في صدمة، بدأت في مسح جميع الجروح بعد ذلك وضعت العصابات في يدي و رأسي، تم حقنتني بشيء أبيض كالماء لا أدري من يكون، تم قبلتني لا في الحقيقة كانت تزودني ببعض الأكسجين، فقمت متجها لجثتي و وضعت تقتي في يد "جوديا" عائدا إلى هذا الجسم النحيف، تم دخلت فبدأت أشعر ببعض الألم ينتاب جسدي لأفتح عيني في الكلية مجددا أمام السور و القمامات...، لكن هذه المرة بهدف و هو محاولة التخلص من هذه الروح، و جلست أنتظر المساء و أرى هل يوجد هلال أم لا، و لحسن حظي كنت في بداية شهر شعبان، سيكون الهلال اليوم لذلك بذلا من الجلوس قررت شراء الشموع، و عدت لأنتظر المساء حتى حلت الثانية بعد منتصف الليل، عندما ساد الصمت في المكان و معظم الناس نائمين ومن لم ينم فهو الآن في فراشه و إن كان في الشارع فهو بعيد عني لأنني في خلوة يخاف الناس الوصول إليها عندما يحل الظلام، أحطت نفسي بالشموع و بدأت أراقب الهلال، لم أتجاوز الربع ساعة حتى نمت بكثرة التركيز و الاسترخاء، و استيقظت على ضجيج هذه الحياة دون نتيجة، أظن أنني لم أقرأ بقيت الجملة لذلك لم أفلح في هذه التجربة، عدت لمنزلي استحممت بسرعة أخدت فطوري تم اتجهت نحو مقعدي، ولم تكن "جوديا" هناك أنداك و لم تشغل بالي بعد، ما كان يلعب في مخيلتي هو نجمة بيضاء في السماء تقترب مني شيئا فشيئا حتى حطت بيني و بين السور جانب القمامات، لتتجسد أمامي على هيئة "جوديا" و "الروح المأجورة" ذات الرؤوس الثلاثة و الأيدي، يودعاني بأيديهم و أنا أبتسم لهم حتى بدأت صورتهم في التبخر مع الرياح، تم بدأت الصورة أمامي تتغير فانصرفت الغيوم و لم تعد موجودة مما جعل السماء صافية تظهر إزراقها المريح، و أصبحت الرياح نسيم يصفع وجهي و يريح نفسي، أما الأمطار فذهبت مع الغيوم بعدما نظفت بيوت و شوارع المدينة، و الجو الحار أصبح معتدل مما جعل البهجة و السرور في وجوه المارة، بحيث كانوا شبه غائبين ثم خرجوا كأنهم جراد منتشر منشدة الفرح لا الغم و الغيض و الهموم تزحم نفوسهم، أما أنا فأحس كأنني طفل صغير لا زال في نهد أمه يحيط به الأمان و يشحنه حنان، فمن كنت أطلق عليهم أبنائي و زوجتي ذهب مع النجم الذي حط في الأرض تم غادروا كرة أخرى...و هكذا ليحل حولي كل ما يمكن أن يطلق عليه جميل، وليزداد جمالا نهضت من مقعدي مبتسم و غادرت الكلية متجها لأفخم متجر في المدينة يبيع أجمل الورود و الزهور، فاقتنيت من جميع أنواعها قليلا لأكون باقة ورد تفوح منها رائحة الحب و العشق، و أخطو أولى خطواتي في طريقي نحو هدفي الذي كنت أتردد عليه مرارا و تكرارا و أردد في فمي أغنية يا عاشقة الورد، تم أدق دقات متتالية في منزل كادت تغطيه الورود، و تفتح لي زهرة الباب و تنظر لي في ابتسامة و حب و حنين،  لأقول لها : نعم أحبك، كنتي صديقتي و أختي و أمي و أخي و أبي و كل شيء في حلم يقظتي، أما الآن فأحدثك لتكوني عشيقتي، "لينا" صاحبة الضحكة اللينة...                                                                 
كنت في أشد فرحي و انتصاري،  أخيرا تخلصت من الروح المأجورة و لن أعود إلى زمن الأحلام،  أبتسم الآن و ابتسامة صادقة تنبع من أعماق قلبي،  لتعود هذه الابتسامة إلى صدمة تخرج أيضا من أعماقي بعدما تسللت صورة "جوديا" و تجسدت على جسد "لينا"،  و من دهشتي قلت بصوت عالي سمعه كل من يحيط بي داخل و خارج المقصف ماذا؟، لتطير الطيور من فوق السور و كذلك الذبابات التي تحوم حول الأزبال غادرت أيضا، حينها أدركت أن هذه الروح بدأت تصبح عدوة لي، لقد سئمت منها...                                                                
نهضت غاضبا متقلب المزاج،  سرعان ما تغيرا بفكرة ستخلصني من هذه الروح،  فخرجت من الكلية أجوب دروب مدينتي و كلما انسدل نظري لواجهة أي مكتبة دخلت أبحت عن الكتب التي أعطت أهمية للأرواح... قضيت النهار بأكمله في بحثي دون جدوى، ولازلت أتجول شارد الذهن أفكر في مصيري، و أنطق بكلمات في همس قائلا "جوديا" "الروح المأجورة"                
من هي "جوديا" و كيف استطاعت تدميري، لم أعد أفهم تلك الشخصية الغامضة ولماذا لا أحد يتكلم معها؟                          
و لماذا يرسم القلق على وجهها؟ جلست مسندا ظهري على جدار أحد المحلات و أراقب المارة أمامي في قلق، كان الجو شبه حار في ليلة أنار الهلال دروبها، لكن كان هناك شخص يبدو أنها امرأة بمشيتها المتوازنة، تغطي سائر جسدها بزيف أسود تظهر عينيها و حقيبتها في يدها، تذهب كأنها متسللة لتدخل في محل صغير جدا، قمت مقتربا من المحل لأعرف ما يدور هناك، كان هناك خياط ملتحي يجلس في محل ديق يحيط به الأثواب و يرتدي جلباب، دار بينهم حديت طويل، أستمع و أفكر حتى غادرت المرأة دون أن تدرك أنني سمعت حديتهما...                                      
يبدو أنني وجدت حل لهذه الروح المأجورة، الفقهاء بعضهم يستغل فقهه في تسخير الجن و يدخل في عالم الأرواح، دخلت عندما غادرت جلست أمامه دون إلقاء السلام، كان يرتشف كأس شاي، بدأ يتطلع في بنظرات قلقة مقربا الكأس من شفتيه دون جغم جغمة، و قاطعت هذا الصمت وقلت له بعد زفير أنا هو، بدأ ينظر لي تم شرع في الضحك الهستيري و يقول أنا هو أيضا، قطعت ضحكه و قلت تلك الروح أصبحت مأجورة عندي...

من فضلك... Where stories live. Discover now