(الفصل السابع)

ابدأ من البداية
                                    

ازدرد رمقه وهو ينظر لي بسخط: "سيأتي اليوم التي تخضعين به، تذكري كلامي هذا جيدًا بيرال"

"في أحلامك الوردية فقط " حدثته بضيق وتابعت سيري دون أن أسمع رده، لأن الوقوف معه لن يجدي نفعًا، والنقاش بهذه الأمور سيطول، ولست بمزاجٍ جيدٍ لأستمع للترهات.

من المستحيل أن أقبل يوماً به، سقف أحلامه مرتفعٌ جدًا، سيسقط في النهاية ويُكسرَ عنقه، الطمع والجشع يوديان بالمرء للهلاك بكل تأكيد.

وصلت أمام باب جناح والدي وطلبت من الحارس أن يخبره بأني أرغب برؤيته، نفذ الحارس بسرعة، دلفتُ للداخل بعد أن عادَ الحارسُ وقال أنه ينتظرني.

ناظرته بشوقٍ كبيرٍ وانحنيتُ لهُ بأدب واحترام " كيف حالك أبي؟" سألته وقلبي ينبض بشدة من فرط التوتر، خائفةٌ من كونه لا زال غاضبًا مني.

نظر إلي بحب ظاهرٍ في عينيه تأمل وجهي الشاحب بشوقٍ وأجاب بنبرة أبوية حانية" بخيرٍ ابنتي"

وأشار لي كي أجلس على الأريكة بجانبه، لم أتردد لثانيةٍ في تنفذ طلبه، فتح لي ذراعيه واحتضني وبادلته بسرعة.

غصةٌ شقت طريقها نحو حلقي، وعيني امتلأتا بالدموعِ الحارقة لدي رغبةٌ ملحةٌ بالبكاء، حاولتُ تمالكَ نفسي لكنّ حضنه الأبوي الدافئ لم يساعدني، فلم استطع كبحَ دموعيَّ أكثر، وانفجرت باكيةً وتعالت شهقاتي وأنا أشد على عناقه أكثر.

ربت على ظهري بحنان بالغ يواسيني ويخفف عني، بعد مدة أخرجني من أحضانه ومسح دموعي عن خدي بإبهامه، نظر لعيناي الحمراوين وتكلم بحنانٍ " لا تبكي جميلتي، لا تنزلي هذه اللآلأ من عينيكِ حبيبتي، لا أتحمل منظرك الباكي هذا، أرجوكِ لؤلؤتي الصغيرة"

مسحتُ دموعي من عيني وتنهدت بحرارة، استأنف حديثه الأبوي الذي يطربُ أُذني " لا أريد رؤيتكِ حزينةً، أين ابتسامتك المشرقة وعيناكِ المرحة! لمَ كل هذا الحزن؟ حتى وجهك أضحى شاحبًا خاليًا من الحياة! "

أجبته بعد أن تمالكتُ نفسي ومسحت بقايا الدموع العالقة بين رموشيَ " يشقّ عليّ مفارقتكَ مولاي، هذا صعبٌ جدًا لقد مرت أيام هذا الأسبوع كالجحيم لأنني لم أركَ فيها، كيف لي أن أتحمل فراقك؟ "حاولت أن لا أُعاود البكاء من جديد عند تذكر موعد سفري غدًا أُحسُ أن قلبي مشتعلٌ بنارٍ تكويهِ لمجرد تذكر هذا الأمر.

أمسك بكفي بين يديه وطبطب عليها وحدثني بهدوء "لا تقلقلي عزيزي، لن تطول فترة سفركِ، إنها بضعةُ أشهرٍ فقط، وأعدك أن آتي لزيارك كل فترةٍ، للاطمئنانِ عليكِ، فأنا أيضًا ليس لي صبرٌ على فراقكِ صغيرتي"

سألتهُ بأملٍ لكن صوتي خرج ضعيفًا مهزوزًا "أتعدني بذلك أبي؟"

"أعدك صغيرتي" أجابني بصدقٍ بادٍ في عينيه وعاد ضمي لأحضانه وهو يكرر وعده مرة أخرى ليطمأنني ويزيد من عزيمتي أكثر.

لؤلؤة البحر (رباط)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن