الجزء الثاني

Start from the beginning
                                    

على مائدة طويلة فاخرة دهنت ارجلها بماء الذهب محاطة بثماني كراسي متشابهة، امتلأت عن اخرها بالطعام المعتاد للعائلة والغريب عن نور وكريم الذين جلسوا غير مصدقين اعينهم فهم لم يروا طعاما قط مثل هذا فكانت اول مرة يأكلوا لدرجة الشبع وأن لم يظهروا ذلك لتتذوق السنتهم شيء جديد وزادت سعادتهم عندما قالت خالتهم أن ما تبقي من طعام سوف يحملونه إلى منزلهم ولكن قاطعها داغر بعد أن لاحظ نظرات نور المتكررة له اثناء وضعه الكثير من الطعام امامها باهتمام واضح ثم ينظر إلى مشيره وهو يمسح فمه بمنديل السفرة
-"أنا محتاج اقعد اتكلم معاهم الاول يا مشيره في حاجات عاوزه اعرفها منهم"
فداغر لم يعقب إلى الأن على سكوت نور فهو دكتور في القانون ومن اشهر المحامين يحب أن يسمع كثيرا قبل أن يتكلم ويحكم فالقأنون في دمائه حتي لو استخدمه بطريقة ملتوية واللعب على ثغراتة الكثيرة جاء صوت كريم وهو ينظر إلى داغر ويسأله باحترام غير معهود منه
-"هو حضرتك بتشتغل ايه؟"
ابتسم داغر ونظر له واكتفي بكلمة واحدة دون غرور:
-"محامي"
أندهش كريم وهو ينظر إلى المنزل الفخم قبل أن يعود النظر إلى داغر ويتكلم هذه مرة بطريقة مستفزة وذكية في نفس الوقت :
"بس احنا يا عموعندنا محامي في الحته بتاعتنا اسمه استاذ بيومي العتر راجل كبير هو كمأن محامي ليه معندوش بيت زي ده وغني زيك"
أنتفض داغر عند سماعه اسم بيومي العتر ولاحظت مشيره ذلك ورفع كوب من الماء كي يبلع كلام كريم ثم رفع رأسه ونظر إلى كريم بعد أن تمالك نفسه من جديد وضع كلتا يديه على المائدة واستعد برد لجذب أنتباه الجميع :
-"شوف يا كريم البلد دي فيها دكاترة ومهندسين ومحامين ومدرسين بالملايين مفيش واحد زي التأني فيهم الغني والفقير مع أنهم اخدين نفس الشهادات اللي ملهاش لزمه علشأن فيه الأهم منها"
رفع سبابته ووضعها بين حاجبه واذنه في اشارة إلى المخ ثم اكمل :
-"بص يا كريم دماغك هي اللي هتوديك للمكان اللي أنت عاوزه لازم تشغلها علشأن توصل هحكيلك حكايه غريبه شويه في دكتور جراح كبير وده بيشتغل بأيده مع مرور السنين بدأ سنه يكبر واديه تترعش قرر يجيب دكتور شاب يشتغل بأيده وهو يقف جنبه أتقدم اتنين دكاترة علشأن يشتغلوا مع الجراح ده واحد اتخرج وكأن جايب امتياز مع مرتبه الشرف والتأني دكتور نجح بالعافيه تفتكر اختار مين"
أندهش الجميع لمعرفتهم الاجابة الأكيدة وهي الدكتور الحاصل على درجة الامتياز الا نور التي رفعت يدها بالنفي مما جعل داغر ينظر لها في ترقب محاولا فهم إشارتها وهي تشاور على عروق يديها وهي تقبض يديها وتفتحها لم يفهم حتي كريم ماذا تريد أن تقول نور إلى أن ضحك داغر وهو يصفق بيديه لها فينظر الجميع له كي يشرح لهم ما فهمه من إشارات نور ظل داغر ينظر إلى نور في إعجاب شديد بعينين تلمعأن فرحا بينما نور ظهر عليها الخجل الواضح واحمرت وجنتيها فزادتها جمالا عقب داغر على إشارات نور بعد أن نهض من مكانه :
-"نور قالت أن الجراح الكبير اختار الدكتور اللي نجح بالعافيه وده صح فعلا هقولكم ليه علشان عمل اختبار عملي للاتنين لقي أن الدكتور اللي جايب امتياز ايده مهزوزه اما التأني أعصابه حديد ايده ثابته فأختاره"
كانت كلمات داغر تأخذ حيزا في عقل كريم وأعجب بها لدرجة تبين انه يتساءل عن كيفية استغلها، فتح داغر غرفة مكتبه وتحدث إليهما وكان كريم هو من يقوم بالرد على الأسئلة و الاستفسارات، استوعب داغر روايات كريم جيدا وفهم ما يعانونه من شوء معاملة نرجس لهم و ابيهم ضعيف الشخصية، أشعل سيجارا ضخما كعادته ووعدهم بحل قريب لهذه المشاكل كانت نور تراقب جميع تحركات داغر وأيضا بيئة مكتبه، نظرت اليه و أشارت له أنها تريد أن تصبح مثله محامية ولكنها بدون صوت ليذكرها داغر بالجراح، فهمت ما يريد أن يقول فعليها أن تعمل على القضايا و عليها أن تستعين بمحامي صغير، وعدها أنه سوف يقف الى جانبها من البدايه، امتلاء صدر نور بالفرح وازداد إعجاب داغر بها ولَم يكن إعجابا بذكائها فقط بل لجمالها أيضا.
دخلت سالي المكتب عليهم حاملة حقيبة مليئة بملابسها القديمة أعطتها إلى نور ثم نظرت لوالدها وتحكي له عن السلسلة الذهبية التي وجدتها نور اثناء ترتيبها الغرفة فيأمرها داغر بإحضارها، ذهبت سالي إلى غرفتها دون ان تسأل عن السبب ولتحضر السلسلة ثم يأخذها داغر من يدها بعد ان نهض من مكانه ولفها حول رقبة نور ووعد سالي بشراء اخرى لها ولكن ظهر على وجهها الغيرة الواضحة من فعلة والدها ولكنها لم تعلق وامتثلت له، حضر اسماعيل في موعده المحدد ليأخذ ابنائه وطلب منه داغر ان يأتي بهم كل يوم جمعة لقضاء اليوم معهم ابتسمت نور عند سماعها ذلك وزادت فرحتها عندما ودعها داغر بعد ان قبلها على خدها شعرت كأنها تطير في سماء عالية وان ما يحدث حلم بكل المقاييس ظلت نور شاردة طول الطريق تضع يدها فوق صدرها تمسك السلسلة ليس لقيمتها بل تتذكر حين لفها داغر حول عنقها وظلت تحلم بيوم الجمعة القادم.
ظلت نرجس تراقب باهتمام حتى ظهروا امامها وطلبت منهم الصعود مباشرة مما جعل نور تشعر بالقلق ولكن كريم طمأنها ولكنها علمت ان فرحتها لن تطول وسوف تنتهي بكابوس.
*تــــابعونـــــي*

شعاع نور Where stories live. Discover now