الفصل الأول

36.1K 582 12
                                    


رواية (قبل فوات الاوان) الجزء الاول:-
الفصل الاول:
-شاب فى منتصف العقد الثالث من عمره يقف بشكل واثق أمام زجاج نافذة مكتبه ينظر إلى اللاشىء ، يضع يده اليمنى داخل جيب بنطاله و يده اليسرى ممسكة بالجاكيت الخاص ببدلته خلف ظهره ، لا يقطع شروده سوى دخول السكرتيرة قائلة:
"أستاذ مهند ساعات العمل خلصت ، اقدر اروح؟"
*مهند بهدوء:
"تقدرى تتفضلى"
-أجل هذا هو مهند السليماني حفيد احمد السليمانى مالك أكبر عدد من شركات الأقمشة فى الوطن العربى والذى منذ سبع سنوات اصيب بحادث سبب له شللا فى قدميه ، و من هنا رأى انه من الأفضل أن يتحد أحفاده الثلاثة(محمود ، إسلام ، مهند) معا فى رعاية تلك الامبراطورية العملاقة ، محمود فى سن الثلاثين ، إسلام فى سن الثالثة و العشرين ، اما مهند فى سن السادسة و العشرين ، لكن الأخوان محمود و إسلام قاما بالاستيلاء على معظم املاك ابن عمهما مهند خاصة ان والده كريم السليمانى متوفى و ليس له سوى امه المريضة ، اما محمود و إسلام فكان والداهما و جدهما مساندين لهما بهذا القرار ، و لكن شاءت الاقدار و استطاع مهند فى ثلاثة اعوام ان يجنى اسما و أرباحا توازى ما قدماه الى جانب رعاية امه ، حتى اقدموا على الإفلاس و عرض قصر السليماني العريق لمزاد علنى و هنا استطاع مهند الحصول عليه مجددا ، و بالرغم من ذلك ترك بقية أفراد عائلته يعيشون فى هذا القصر حفاظا على تراث العائلة مع العلم بأن والدة مهند و والدة محمود و إسلام شقيقتان ، إلا أن النقود هنا تتكلم ، و تم تناسى هذا الأمر من قبل مهند و تصالح الأحفاد ، و لكن أبى مهند ان يشارك احدا بما اجتهد فيه فقط قام بمساعدة اولاد عمه ليقفا مجددا لانه يحب اختهما الصغيرة و يخشى شيئا يمس سعادتها
-يقف مهند امام زجاج نافذة مكتبه و هو يحدق فى الفراغ بعيون حادة كالصقر و حاجبان معقودان ونظرة واثقة تخفى الكثير من الانكسار بداخل هذا الأسد القوى ليتنهد بتعب ثم يتوجه للخروج من شركته الى سيارته السوداء ، قاد مهند سيارته حتى وصل إلى مستشفى خاص يوجد بها سيدة ليست عزيزة على قلبه بل هى قلبه كله ، دلف مهند ثم أخذ يمشى إلى ان وصل الى غرفة بها سيدة مستلقيه مكبلة بأكثر من إبرة مغروسة بجسدها الواهن الضعيف ، هذه السيدة تعنى لمهند الدنيا بما فيها ، يؤلمه الوضع الذى يراها فيه ، يتمنى بكل دقيقة ان يصبح مكانها ، فقط مقابل ان لا يراها تتألم بهذا الشكل و هو مكبل لا يستطيع درء الألم عنها
-اوقف مهند الطبيب المشرف قائلا:
"أمى عاملة اى دلوقتى يا دكتور؟"
*الطبيب بحزن:
"زى مانت شايف ، الحالة زى ما هى مع كل اسف الأدوية مش جايبة نتيجة ، خصوصا ان علاج الكانسر بيتأثر بالحالة النفسية للمريضة و هى مش مساعدانا خالص"
*مهند بوجوم:
"اعمل اللازم و متأثرش ف حاجة يا دكتور و أن شاء الله تتعالج"
-اومأ الطبيب ثم ترك مهند الذى عاد ينظر إلى والدته بوجوم و فى ذهنه الكثير من الأسئلة منها:
"ليه يا أمى علطول حزينة و انتى عارفة كويس انه بيخلى حالتك أسوأ؟ يا ترى انتى مش راضية عنى؟ ولا مش راضية عن اختك و عيلتك اللى مش بيسالوا عنك؟ ولا مش راضية عن نفسك ، نفسى اعرف اى اللى مزعلك و مخليكى مأخرة علاجك كدة؟"
-تنهد ثم اكمل:
"انا بدعى ربنا كل يوم انه يريحك من عذابك حتى لو هتسيبينى ، انا فعلا مش مستحمل اشوفك كدة ، بقالك خمس سنين ملازمة المرض ده و بتصرخى منه و مخطيتيش خطوة واحدة ادام ، ياااااارب اشفيها يااااارب"

ابن رحمي الجزء الأول من رواية قبل فوات الأوان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن