من الطارق؟!

Beginne am Anfang
                                    

- طارق افتح الباب، دعني اذهب لبيتي ارجوك.
- بيتكِ حيثُ انا موجود.
قالها ببساطة واضافت هي بخُذلان:
- انتَ لا تُحبّني.
- انتِ زوجتي!
- لا تُحِبّني!
- انتِ غبيّة.
رفع وجهها اليه ونطق جُملته مُبتسِما، مسح دمعها، قرص وجنتيها يُلاطِفُ الطفلة بداخلها، عانقها بحنان وقال:
- انتِ زوجتي الوحيدة، انا لن استطيع استبدالكِ بأيّ إمرأة.
وقبل ان تتسائل عن نهال قال الحقيقة التي من المُفترض ان يقولها منذُ زواجه:
- نهال زوجتي فقط على الورق.

بدى الحنقُ جليًّا على نظراتها، وزادت مشاعرهُ رحمةً عليها، قادها ليجلسا على الاريكة واردف:
- سأُخبركِ بكُلّ شيء، ولكن أُريدُ وعدًا منكِ ان يظلّ هذا الحديث بيننا وايضًا ان تُخبريني بأمر تلك الأدوية ما رأيك؟
لقد قايضها بالحقيقة مُقابل سرّها الذي لا يعرفه احد، خائفةٌ هي من ردّة فعله وخوفها الاكبر ان يبتعد عنها او يخبر الجميع بعُقدها النفسيّة ولكن بالرغم من ذلك دفعتها الغيرة لمعرفة سبب زواجه من صديقتها واعطتهُ وعدها.

اخبرها بكُلّ شيء من البداية الى حوارهُ الأخير مع نهال وشعر حينها ان همًّا عظيمًا انزاح عن كاهله، ليتهُ اخبرها منذ اوّل يوم، كانت حينها ستتفهمه وتبقى معه ولكنّهُ لم يُرِد تشويه صورة نهال ظنًّا منهُ انها تستحق الستر.
راقب تفاجؤها من الحقيقة ولم يكبح نفسهُ عن غمر وجهه بين خُصلاتها -الغزيرة الملتوية كأغصان العنب- والهمس بحنين:
- لقد ظلمتِني كثيرًا يا بيداء، ولكنني طيّب وسأُسامِحكِ على كُلّ لحظات الشوق التي راودتني نحوك، وآهٍ كم كانت طويلة تلك اللحظات!

طغت عواطفهما على كُلّ ردّة فعلٍ أُخرى ووجدت بيداء نفسها امام طوفانٍ من المشاعر المُتقدة من قبل طارق، بدى رُجلًا آخر بعيدًا عن ايّ مرّة عرفتهُ فيها، وكان استسلامها امرًا محتومًا؛ فدومًا ما كانت ضعيفةً امام كُل ما يمنحهُ اياها من حُب.
- إذن؟ ألن تُخبريني عن الاكتئآب؟
قالها بعد ان اطفأ سيجارته والتفت اليها باهتمام لتهمس بتوتُر:

- بدأ الأمرُ منذُ ولادتي، كنتُ طفلةً محشوّةً بالعيوب، كدُمى القُماش المُرتّقة، سنوات وسنوات لم استطِع منح نفسي الحُب، اشعرُ دومًا بالقلق والخوف والعجز والإضمحلال امام كُلّ احداث حياتي، عندما تزوجنا ظننتُ انكَ ستُغيرني، ستسمع احاديثي القصيرة عن اسمرار بشرتي، انكسار ظفري او بثرة صغيرة على وجهي، ظننتُ اننا سنتحدث طويلًا ونضحك كثيرًا ونغفوا ببقايا الكلمات على شفتينا ولكننا لم نفعل، على العكس، ذاك الفراغ بدى كبذرة صغيرة تنمو منذ اوّل لقاءٍ بيننا.

اخفضت بصرها عنهُ ورمقت صورة سراج التي تضعها بجانب فراشها وابتسمت:
- مجيئ سراج ملأ القليل من ذلك الفراغ ولكنهُ القى بكاهلي المزيد من الهلع، الرُعب بأنني قد لا استطيع لعِب دور الأُم، كنتُ انهار ما ان يغفوا بعد نوبة بكاءٍ طويل لأنني لا استطيع فهم رغباته، لا اعرفُ متى يحتاج ان اُطعمه او متى يستوجِبُ ان ينام، بدى الأمرُ يزدادُ حدّة مع كُلّ مرحلة من مراحل حياته، عندما يجلس، يحبو، يتحدث ويركض، كُلّها ضاعفت مُشكلتي في التعامُل معه الى ان اضطررت الى الذهاب الى الطبيبة واخبرتني انني أُعاني من إكتئآب ما بعد الولادة.

بيداءWo Geschichten leben. Entdecke jetzt