- يا إله السماوات احفظ قلبي من سهام عينيها!
كيف تبدوا امرأةً عاديّة ككُلّ نساء العالمين بهذه الفتنة؟! بل كيف تختلطُ الدهشة بالخجل والشوق والإحراج بنظرةٍ واحدة!
- انا، انا فقط اردتُ ان أُجربها؛ لكي اعرف كيف تعمل عندما يستيقظ سراج!
كانت كلماتها مُتقطّعة، متلعثِمة تحاولُ فيها اخفاء دموعها للموقف المُحرِج الذي وضعت نفسها فيه، نهضت بغية الخروج من هذا المكان بأسرع وقت لكي لا تنتحب امامه؛ فبعد لقائهما الأخير زاد حنقها عليه.

لقد اخبرتهُ يومها انها لا تريده وهربت على الفور ولم يهتم كعادته، بل لم يحاول ان يُعيد التحدُّث معها حول الأمر؛ ربما لأنّ لديه البديل.
والحقيقة التي لا تدركها انّ كلماتها ذلك اليوم خدشت رجولته؛ فلا يمكن لأيّ رجُل بالكون ان يحتمل الرفض الصريح من زوجته! ولكنّهُ بطريقةٍ ما عذرها على كُلّ ما يجول بداخلها من حنقٍ وكُرهٍ تجاهه، وتفهّم انّ جُرحهُ لها لن يطيب بين ليلةٍ وضُحاها.

- بيداء!
قالها وهي تمرّ بجانبه ورُغمًا عنها التقطت نبرته الحنونة وخبأتها بداخل قلبها المُتألّم لتشفي ولو قليلًا من حُرقتها، اكمل دون ان يلتفت اليها:
- لم أكُن اعلم انّ نهال صديقتكِ.
لم تُعلّق فزفر مُكملًا بتردُد:
- سأُخبركِ بكُلّ شيء، فقط عندما تكونين جاهزة لسماعي.
ودلف لغُرفة ابنه تاركًا اياها تُفكّر بعذاب، هل يا تُرى هي جاهزة لمعرفة اسبابه؟! هل سترتاح عندما تعرف حقيقة الأمر ام ستتألم اكثر؟ وكُلّ سؤال يجُرُّ معهُ الكثير من الأسئلة، ولم تستطِع ان تُقرر، على الأقل ليس الآن.

***

استلقت بيداء على الاريكة بإسترخاء واغمضت عينيها لتزفِر الهواء من فمها لعدّة مرات لتصفية ذهنها بينما جلست منال على كُرسيّها وبيدها مُفكّرة صغيرة، ارتدت نظارتها الطبيّة وقالت بعد صمتٍ قصير:
- لماذا لا تُريدين الكتابة عن علاقتكِ بوليد؟
ّ- لأنّهُ لم تكُن بيننا علاقة بالمعنى الحرفي، والسبب الثاني انّ ما فعلتهُ والدتهُ آلمني للغاية؛ ولا اشعُر ان بإمكاني كتابة تلك الأحداث.
اجابت بيداء بصدق وهي تشعُر بحُرقة اقصى قلبها لمُجرد مرور الذكرى ببالها.

- حسنا لا بأس؛ أُريدكِ ان تحكي لي ما حدث بالتفصيل، لا تحاولي كتم ايّ شعور او كلمات، انا هنا لأسمعكِ الى النهاية.
اومأت بهدوء وعادت بذاكرتها ولغرابة الموقف بدت وكأنّما تُشاهد فيلمًا قديمًا؛ تقِفُ هناك تلمح حياتها من كُلّ الجوانب؛ كيف كانت مُجرد فتاة بريئة ساذجة!
- لقد شعرت ببعض السعادة؛ لن اكذب، الكثير من السعادة، انا وهو وبيتنا الصغير، طفلان والكثير من الحُب، تحوّل طريقي ذلك اليوم الى ساحة منزلي الخيالي برفقة الرجُل الذي لم اتخيّل للحظة ان يلتفت لي.

عُدت الى المنزل واخبرت والدتي التي فرحت للغاية بالأمر ولكنها نصحتني بأن أُفكّر مليًا الى ان تمُر الإجازة، ومرّت بسُرعة البرق وقلبي يرقُص على ايقاع الفرح؛ فبأكثر احلامي تطلُّعًا لم اتخيّل ان ارتبط برجُل كوليد، لن أُنكِر انّني انجذبت اليه بعض الشيء منذُ ان رأيته وكان هذا حال مُعظم الفتيات بالجامعة فهو شخص وسيم ولبِق إضافة لكونه مُقرّب من كُلّ طُلابه.
- متى اخبرته بموافقتك.
قالت امل عقِب تدوينها لبعض الملاحظات فأجابت بيداء ببعض الأسى:
- التقيته بيوم ظهور النتائج، كنتُ يومها قد احرزت نتيجة مُبهِرة بالمقارنة مع الصعوبات التي واجهتني في ذلك العام، وما ان عاد لسؤالي عن رأيي بفكرة الارتباط به حتى منحتهُ موافقتي.

بيداءWhere stories live. Discover now