فاطمة المشكاة

Start from the beginning
                                    

{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
(سورة يوسف)

القرآن الكريم عندما يسرد لنا قصص الماضين ليس للسرد واحياء ذكر أحداث تلك السنن، بل لتكن عبرة مما قد مر فيها من تفصيل لكل شئ، أي بيانا وتمييزا لكل شئ مما يحتاج إليه الناس في دينهم الذي عليه بناء سعادتهم في الدنيا والآخرة، وهدى إلى السعادة والفلاح ورحمة خاصة من الله سبحانه لقوم يؤمنون به، رحمة من الله لهم يهتدون بهدايته إلى صراط مستقيم.

#همسة_في_أُذن_البصيرة :

قال تعالى:

{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
(سورة البقرة)

إن آية الكرسي في الواقع هي مجموعة من توحيد الله تعالى وصفاته الجمالية والجلالية التي تشكل أساس الدين،

وبما أنها قابلة للاستدلال العقلي في جميع المراحل وليست هناك حاجة للإجبار والإكراه تقول هذه الآية:

{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}

(الرشد) لغويا تعني الهداية للوصول إلى الحقيقة، بعكس!

(الغي) التي تعني الانحراف عن الحقيقة والابتعاد عن الواقع.

ولما كان الدين يهتم بروح الإنسان وفكره ومبني على أساس من الإيمان واليقين، فليس له إلا طريق المنطق والاستدلال وجملة:

(لا إكراه في الدين)في الواقع إشارة إلى هذا المعنى، مضافا إلى أن المستفاد من شأن نزول هذه الآية وأن بعض الجهلاء طلبوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

أن يقوم بتغيير عقائد الناس بالإكراه والجبر فجاءت الآية جوابا لهؤلاء وأن الدين ليس من الأمور التي تفرض بالإكراه والإجبار وخاصة مع كل تلك الدلائل الواضحة والمعجزات البينة التي أوضحت طريق الحق من طريق الباطل، فلا حاجة لأمثال هذه الأمور.

والاية الشريفة تقول كنتيجة لما تقدم فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.

(الطاغوت) صيغة مبالغة من طغيان، بمعنى الاعتداء وتجاوز الحدود، ويطلق على كل ما يتجاوز الحد.

لذلك فالطاغوت هو الشيطان والصنم والمعتدي والحاكم الجبار والمتكبر، وكل معبود غير الله، وكل طريق لا ينتهي إلى الله، وهذه الكلمة تعني المفرد وتعني الجمع.

أما المقصود بالطاغوت، فالكلام كثير بين المفسرين.

قال بعض إنه الصنم، وقال بعض إنه الشيطان، أو الكهنة، أو السحرة،

ولكن الظاهر أن المقصود هو كل أولئك، بل قد تكون أشمل من كل ذلك، وتعني كل متعد للحدود، وكل مذهب منحرف ضال.

وإن الآية في الحقيقة تأييد للآيات السابقة التي قالت أن لا إكراه في الدين، وذلك لأن الدين يدعو إلى الله منبع الخير والبركة وكل سعادة،

بينما يدعو الآخرون إلى الخراب والانحراف والفساد.

على كل حال، إن التمسك بالإيمان بالله هو التمسك بعروة النجاة الوثقى التي لا تنفصم،والإشارة في نهاية الآية إلى الحقيقة القائلة إن الكفر والإيمان ليسا من الأمور الظاهرية، لأن الله عالم بما يقوله الناس علانية - وفي الخفاء - وكذلك هو عالم بما
يكنه الناس في ضمائرهم وقلوبهم.

وفي هذه الجملة ترغيب للمؤمنين الصادقين، وترهيب للمنافقين.

(وسنتطرق في تسلسل البحث ان شاء الله تعالى للمعنى الباطني لكل من نور الايمان ومن هم أوليائه ،والكفر والطاغوت ومن هم اتباعه والله ولي التوفيق وبه المستعان لما فيه الخير والصلاح لي انا العبد الذليل ولكل طالب لحقيقة النور كهادي ودليل وليس هذا على الله بعزيز).

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

(البقرة)

#جاري البحث...

المشكاة بين عالم الحقيقة والنورWhere stories live. Discover now