انتظرتك منذ الازل

1.4K 19 0
                                    

  " الو ""
كانت لورا تنتظر ان تسمع صوت دييغو راميريز البارد ,,
لكنها فوجئت بصوت امراة , فقالت بعد تردد :
" هل ... هل بامكاني التحدث مع السينيور راميريز ؟".
" السينيور راميريز يأخذ حماماً في بركة السباحة , هل الامر طارئ ؟".
" نعم . سانتظر على الخط ".
اخذت لورا ترتجف ..اذا اقفلت السماعه , فلن تستعيد شجاعتها لتطلبه من جديد .
فمن الافضل الانتظار .
" لحظة من فضلك ".
كانت لورا تطرق بعنف على طاولة الهاتف وتحاول تهدئة اعصابها ..
من مع دييغو في بركة السباحة ؟ ربما كونسويلو ذات القامة الممشوقة والعينيين السوداوين الجميلتين , .
ليس من الصعب التصوّر ان هذا الرجل لا يمانع في رؤية النساء الجميلات في زي السباحة .
فقالت في صوت متردد :
" إني ......... لورا ترانت ".
" آه .....!"
ران صمت طويل , وتسائلت لورا ما اذا كان محدثها يكتفي برؤيتها تعتذر جهاراً .
فقال اخيراً في لهجة مالوفة :
" هل زرتِ والدك ؟".
" اني ..... نعم . مساء امس .
اني مستعدة للتفكير في عرضك ...."
عمّ صمت من جديد , وطال الى حد انها ظنت ان المكالمة قطعت .
وبعد ثوان عديدة .. قال دييغو في لهجة لا مبالية :
"من الافضل ان تكلميني عندما تقررين قبول العرض ".
بعد ساعات من التفكير المستمر والعذاب للتوصل الى هذا الحل , كانت تامل منه على الاقل ان يقوم هو ايضاً بجهد من جانبه ,
لكن يبدو انهه ليس من طبيعة دييغو راميريز انه يبدي بعض التفهم و قليلاً من الرحمة .
همست في صوت مخنوق :
" حسناً إني اوافق على الزواج منك ".
طبعاً لم تكن تنتظر منه كلمات الحب , لكن خاب ظنها من ردة فعله الموجزة .::
" ساوافيكِ بعد نصف ساعه , هل انتِ في الفندق "؟.
"نعم ".
" الى اللقاء يا لورا ".
بينما تذرع الارض بعصبية ذهاباً واياباً بين غرفتها وغرفة الجلوس ,
بدا لها الوقت طويلاً , كانت في حالة قلق وبلبلة عاجزة عن ان ترى المنظر الساحر الذي يطل من شرفتها على البحر وراء شاطئ روملي ابيض محاط باشجار النخيل العديدة .
لماذا يريد دييغو راميريز هذا الرجل الثري وصاحب النفوذ وزير النساء ان يتزوجها ؟
صحيح ان عمل لورا كعارضة ازياء يجذب اليها الاضواء وصحيح انها تتمتع بجمال خلاب ,
لكنها لا تعتز بذلك ,
ان بشرتها الشقراء الفاتحة لابد ان تكون العامل الفعال الذي جذب هذا الرجل المحاط بالنساء السمراوات .
لكن هذا السبب ليس كافياً ليتزوجها .
" الزواج اللاتيني لا يمكن فسخه " هكذا قال والدها .
انتفضت عندما تذكرت انها ستفسخ الزواج الذي تعتبره رباطاً مقدساً وذلك بعد ان يخرج والدها من السجن .
تطلّعت الى نفسها في المرآة بعد ليلةٍ لم تخلد فيها الى النوم , بدت شاحبة الوجه .
فاسرعت الى الحمام , ووضعت بعض المساحيق على وجهها لتخفي شحوب بشرتها ..
وعندما سمعت طرقات متواصلة على الباب , ظلّت لحظة مسمّرة في مكانها ,
فالكابوس الذي بدأ منذ توقيف والدها مازال مستمراً والله وحده يعرف متى ينتهي ! .
تقدّمت بخطىً بطيئة وفتحت الباب , وفوجئت بدييغو الذي كان يرتدي بنطلون جينز ضيقاً وقميصاً بيضاء .... ياخذ يدها ويطبع عليها قبلة ,,
وبسرعة تخلّصت منه وابتعدت عنه قائلةً في لهجةٍ فظة :
" هذا النوع من اظهار العاطفة لا يبدو ضرورياً ".
رفع حاجبيه متعجباً وقال :
" الا تعتبرين انه من الضروري ان تقبلي مني دليل حبي المتواضع ؟"
" من الافضل ان تدخل ".
وعندما اصبحت في غرفة الجلوس الصغيرة المفروشة على الطريقة الاسبانية , التفتت نحوه وقالت :
" قبلت الزواج منك لسبب واحد انت تعرفه ,
ولا داعي لان نتبادل العاطفة التي لا نشعر بها تجاه بعضنا البعض ".
" العاطفة ربما لا تشعرين انتِ بها يا حبيبتي , لكن ذلك لا ينطبق عليّ
يجب ان نحتفل بهذه المناسبة , الا ترين ذلك ضرورياً "؟.
" لست في مزاج يؤهلني لان احتفل باي شئ ما يا سينيور , لكن فنجان قهوة يكفي لتهدئة اعصابي ".
وبينما كان دييغو يعدّ القهوة في المطبخ , خرجت لورا الى الشرفة واسندت ظهرها الى الدرابزين وراحت تراقب برغبة الازواج اللامبالين الذين يسترخون على الشاطئ , منذ ان وصلت وهي تحلم بان تعود الى هنا في شهر العسل بعد ان تتزوج برانت في لوس انجلوس .... اين هي من هذا الحلم الان ؟
قالت ببرود وهي تاخذ فنجان القهوة من يد دييغو بعد ان اصبحت في غرفة الجلوس :
"شكراً ".
رفع هو كاسه وقال :
" اتمنى لنا .... زواجاً خصباً ".
قالت لورا بصوت جليدي :
" دعك من هذه الاوهام .. هذا الزواج لن يكون سوى صورياً , ولا تنتظر ان تنجب اولاداً ".
وللحظة ظلّ جامداً ثم اخرج كاسه ووضعها على الطاولة وقال في هدوء وثقة :
" لا يا حبيبتي ,ليس الامر كذلك , لن يكون بيننا زواج ابيض .
لن اتزوج إلا مرة واحدة وزوجتي ستكون ام اولادي ,
وستكونين انتِ تلك الزوجة , وليس سواكِ ."
سالته في صوت مرتعش :
" لكن لماذا ؟ لماذا تصرّ على ان تتزوجني ؟
اننا لا نعرف بعضنا بما فيه الكفاية .. فكيف يمكننا بالتالي ان نحب بعضنا ؟".
فقال في لطف وهو يلامس شعرها الاشقر البراق الذي تركته ينسدل على كتفيها :
" لن يكون من الصعب معالجة هذه الامور في اوانها ".
بدأ قلبها يلين امام كلماته الرقيقة وأضاف :
" الم يسبق لكِ يا لورا ان التقيتِ احداً للمرة الاولى وشعرتِ بهذا الاحساس الغريب ,
عندما رايتك في حفلة عرض الازياء , انتِ التي كنت انتظرها منذ زمن من دون ان اعرف ذلك ".
احست لورا وكانها مخدرة , صوته العذب فعل فعله فيها , وراحت تتطلع الى عينيه السوداوين الجميلتين ,
وفمه المكسيكي , ثم ادركت انه ياخذ فنجانها من يدها بلطف ويجذبها الى ذراعيه .
هذا العناق الطويل لم تذق طعمه من قبل ..
كانت يداه تداعبان وجهها وعينيها ,, وكان يهمس في اذنيها كلمات الحب الناعمه ,
في البدء تقلصت لورا , لكنها سرعان ما استرخت , لم يسبق لها ان شعرت بالتفاعل مع الاخرين ,
واحتلتها رغبة في ان تتخلى عن المقاومة امام هذا الرجل الذي اختارته ,
لكن لم تكن هي التي اختارته ....
استعادت وعيها في الوقت الذي كان دييغو يرفع راسه مواصلاً الهمس بكلمات ناعمة ..
وفجاة , دفعته عنها واتكأت على الحائط , وراح قلبلها ينبض بسرعة جنونية وعيناها الخضراوان تحدّقان فيه في تعبير يتعذر تفسيره .
ثم قالت في صوت لاهث :
" اني لا أؤمن بهذا الهراء .. لماذا ؟".
اقترب منها على مهل وقال في صوت مبحوح وهو يداعب خصلة شعرها :
" ومع ذلك شعرت يا حبيبتي بأني لم اكن في نظرك مجرد عابر سبيل ,
لقد احسست تجاهي بالحب والرغبة ... وزواجنا ملائم تماماً وسيكون ناجحاً ".
ابتعدت لورا, عندها كانت تبدو منطويةً على نفسها , قالت :
" في رأئي , هذا الزواج ليس له الا هدف واحد يا سينيور , وهو ان يؤدي الى تحرير والدي ".
" كلما اسرعنا في الزواج كان في وسعي ان احقق هذا الهدف , كل ما استطيع عمله هو ان اقنعهم بالاسراع في محاكمته . واذا كان بريئاً .....".
صرخت وهي ترمقه بنظرة قاتمة :
" طبعاً هو برئ , في حياته لم يقم باي عمل اجرامي , فكيف يمكنه ان يتواطأ في تجارة المخدرات او تهريبها ؟".
" يبدو انه لا يقوم بأي عمل ثابت , وليس لديه مهنة معينة ؟".
قالت وهي تنظر الى النافذة لتخفي الدموع المترقرقة في عينيها :
"ترك كل شئ بعد وفاة والدتي , كان يريد ان يبتعد عن كل شئ يذكّره بها ".
فصرخ دييغو :
" بما في ذلك ابنته ؟".
" كان مضطراً لان يضعني في مدرسة داخلية في دير للراهبات , ماذا يمكن ان يفعل رجل ارمل بابنة في الثانية عشرة ؟
كان من الصعب ان ارافقه واتقاسم حياته على متن سفينة تظل مبحرة ".
" طبعاً , لم يكن ذلك مناسباً ".
ثم ربت على المقعد الواسع الذي يجلس فيه وقال :
" تعالي واجلسي قربي يا حبيبتي ".
لكنها جلست في مقعد اخر وسالته :
" متى تظن انه يمكنك اقناعهم بتحديد موعد المحاكمة ".
" الوقت مبكر لمعرفة الجواب . ربما شهر او شهران ...."
" يا الهي ... ! كل هذه المدة ؟".
" اشكري ربكِ , هناك العشرات ظلّوا في السجن من دون محاكمة ".
" نعم , اعرف . مساء امس اخبرني والدي بذلك , حسنا .... لم يبقى امامنا الا ان نتزوج في اسرع وقت ممكن ".
فقال دييغو بسخرية :
" هذه العجلة تغمرني فرحاً , ويجب ان تتم حفلة الزواج في مكسيكو .. لدّي هناك العديد من الاصدقاء والعلاقات والمعارف الذين قد يحقدون عليّ اذا لم يتسن لهم حضور العرس ..
ليس لديّ اهل مقربون . وباستثناء كونسويلو , ارملة اخي , قريبتي الوحيدة , هي التي تعيش في المسكن العائلي في كويزنافاكا . انها طاعنة في السن ولا يمكنها ان تاتي الى مكسيكو في هذه المناسبة ".
" اليس لديك اب او ام ؟".
اجابها وهو يضغط بشدة على شفتيه :
" كلا . مات والديّ في حادث طائرة وهما عائدان من كانساس . كنت في الرابعة عشر انذاك ".
فقالت لورا بحنان :
" انني اسفة ".
الم تمر هي ايضاً بمثل هذه المحنة ؟
قال دييغو وهو يهز كتفيه :
" الشباب يشفون بسرعة من هذه الصدمات , والان يجب ان نحدد تاريخ العرس .
الزواج المدني يمكن ان يتم خلال اسبوع ,
يوم الجمعه المقبل , والزواج الديني في اليوم التالي ".
" لماذا كل هذه السرعه ؟".
" كي تجري الامور بصور افضل والى ان يحين هذا الموعد , لا يمكنني ان اعرض عليكِ ان تسكني معي في مكسيكو ,
لذلك ساطلب من كونسويلو ان تستقبلكِ في منزلها ".
قالت بلهجة جافة :
" اريد .... ان ابقى قرب والدي : لماذا لا يمكننا ان نتزوج هنا في اكابولكو ؟".
قطب دييغو حاجبيه وقال :
"  ان معظم الشخصيات الكبرى التي انا بحاجة اليها من اجل قضية والدك كلها في مكسيكو , حيث مراكز اعمالها . لذلك فمن الضروري ان يحضروا العرس ".
وضع يده بلطف على يد لورا وقال :
"وتعويضاً لذلك , يمكننا ان نعود الى هنا حالاً بعد انتهاء حفلة العرس ونقضي شهر العسل في فيلا جاسينتا . وهكذا تتمكننين ان تذهبي لرؤية والدكِ يومياً ".
كان عليها ان تكتفي بهذا الوعد , واقترحت على دييغو امهالها يومين للقيام بالاشياء الضرورية , وقال دييغو ان كل النفقات ستكون على حسابه , فاضطرت الى قبول ذلك لان المال القليل الذي تحمله لا يكفي لشراء الملابس الفخمة التي من المفروض ان ترتديها كزوجة السينيور دييغو راميريز .

غضب العاشقWhere stories live. Discover now