الفصل الخامس

18K 480 5
                                    


...قبل موعد الحفل بيوم..
كانت بدور تجلس في الشرفة و تنظر للنجوم ..و شاردة ..و بينما هي هكذا دخل ثائر الشرفة و استغرب حالتها ...فجلس امامها و لن تنتبه له ..لذلك قال ...
ثائر :بدور
انتبهت بدور له و نظرت له و قالت :ايه ده انت دخلت امتى
ثائر :بجد ماخديش بالك مني
بدور :الصراحة لا اصل كنت سرحانة
ثائر :هو ليه دايما بتبصي للنجوم ..دايما بلايقكي بتبصي للنجوم
ابتسمت بدور و قالت :الانسان العادي يشوف النجوم جسد صلب ملهوش معنى في حياته و برغم جماله من بعيد إلا أن لو انت قربت منه هتتحرق .. النجوم دي ليها ميزة عجيبة ..من بعيد او الظاهر ليك يبان انها جميلة .. جميلة جدا لكن كل ما تقرب منها اكتر يزيد دافع الهروب لان يظهر لك انها ممكن تأذيك بنارها ..و دي ميزة هتبقى في شخصين الاول الخبيث اللى يظهر لك الحاجة الكويسة و الخير و هو في الاصل عايز يأذيك ام التاني فهو يبان جميل اوي من بعيد لكن لما تقرب منه تلاقيه تعبان و عاكس اللى احنا شايفينه من بعيد ..فهمتني
ظل ثائر ينظر لها متأمل اياها و قد اعجبه كلامها بشدة فأبتسم و قال :عندك حق كلامك صح... انتي غريبة اوي على فكرة
بدور بتساؤل :ليه
ثائر بتنهيد :يعني خليط من بنت الحارة و فيلسوفة ..خليط من قوية و ضعيفة انت خليط من حاجات كتير
بدور :بص يا ثائر .. انا اللى شوفته علمني ..علمني مضعفش ادام اي حد ..الفلسفة مش شرط نتعلمها الفلسفة لغة الناس احنا احيانا بنتكلم بطرق فلسفية و منطقية و احنا مش واخدين بالنا فهمتني
ثائر و هو يهز راسه :اها فهمتك
بدور :بس انت بردو غريب ..بتبقى قاسي فجاة و حنين فجاة و كاره فجاة و صديق فجاة ..يعني مش محدد نفسك يا ثائر
ثائر :انا شخصيا مش عارف ايه اللى بيحصل ..تعرفي يا بدور اول شوفتك فيها قولت ايه ..قولت انك مجنونة و غريبة .. و لما عشرتك الايام دي حاسس انك انسانة صادقة مش عارف ليه برتاح لما اكلمك ..برتاح اوي ..بحس انك جواكي طفلة صغيرة بتحاولي تخفيها بس بتظهريها لنفسك ..خايفة تظهريها لحد ..صح
بدور :انا اول مرة احكي لحد حكايتي او ابكي حد .. او اشكي لحد ..طول عمري بعيدة عن الكل يعني زي ما تقول مش عايزة اقرب من حد ..
ثائر :حستها ..صحيح هو ليه مينفعش تأكلي غير كمية معينة و الكلام ده ..
بدور :لان الهضم بتاعي صعب ممكن مشاكل كتير في معدتي علشان متعودة اخد دواء معين بعد الاكل و اكل كمية معينة ..
ثائر :اممم طب ليه مقولتليش
بدور :عادي انا بس ملقتوش موضوع مهم
ثائر :لا طبعا مهم
نظرت له قليلا و قالت :مش بقولك غريب
نظر لها هو ايضا و ظلا ينظران لبعضهما و كلا منهما في عيونه كلام كثير لا يعلمها و لا يفهمها إلا العيون ...فاقت بدور من هذا الحديث و نظرت لساعتها و وجدت الساعة اوشكت على الثانية فتنظر لثائر و تقول..
بدور :احم الوقت اتأخر ..لازم ننام علشان الحفلة و التجهيزات و الكلام ده
ثائر :ماشي اسبقيني و انا هاجي وراكي ..
ابتسمت و هزت راسها و قامت و اتجهت الى الداخل ...بينما ظل ثائر جالسا في الشرفة و عقله يشغله التفكير ...اين وعد الانتقام ؟ ...اين ما قولته يا ثائر؟ ..اين وعودك ؟ ..فقط ألتزمت بعهد السلام بينك و بينها ..و ماذا الان ..لا تعلم أليس كذلك ..فأنت تسير فطريق معتم لا يعلم احد نهايته ..نعم ..طريق العواطف طريق معتم ملئ بالضباب و ثائر الان يسير به ..و لا احد يعلم النهاية ....
بينما بالداخل ..
لم تختلف بدور كثيرا عن ثائر ..فبداخلها حديث لا يصمت .. حديث بين النفس و العقل و القلب ..و كلنا منهم له رايه الخاص ..صراع داخلها شديد لا تعلم من تستمع له ..لاول مرة تكون هكذا في حيرة من امرها دائما كانت تسير مع كلا منهم في مواقف تلأم راي احدا منهم لكن الان ..المسكينة احتارت من تختار و هي ترى ان جميع الآراء صحيحة ..النفس تقول ..ان ما يحدث إلا شيء جميل تتمناه منذ زمن طويل ..طويل جدا ..و ان هو الاحتواء ..فلم تشعر بهذا الاحتواء إلا و هي معه ...لكن يأتي العقل يصد و يرفض راي النفس و يقول انه يتلاعب بها و سوف يكسرها و يكسر هذا المعتوه الذي يدافع عنه ..و هنا يأتي القلب و يدافع و بشدة و يقول لها ألا تستمع لعقلها و ان تستمع لها و للنفسها لانهما يتفقان نسبيا اضافة ان القلب يرى شيء كبير جدا ..شيء جميل جدا ..شيء يلقبه الناس بأسم الحب ...توقفت بدور عند هذة النقطة و تسأل ..ما هو الحب؟ ...نعم هي لا تعلم الحب و لم تراه من قبل ...صار الصراع يشتد بينهم و هي تشعر بتعب فتهز راسها طاردة كل هذا ثم تغمض عيونها و بعد دقائق تذهب الى نوم عميق ...
يدخل ثائر الغرفة و يجد ان بدور نامت فينظر لها قليلا و فجاة يشعر بأن قلبه يدق .. يدق ..فيضع يده على قلبه و يشعر بشيء كبير بداخله يقول له ..لا تتركها ابدا ...اغمض ثائر عيونه و تنهد ..ثم اتجه الى السرير و رقد و ظل ينظر لها حتى نام ...

قطة تتحدي فهد للكاتبه هالة الحسينيWhere stories live. Discover now