وصيّة الشّهيد

186 15 2
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

كلّ ما لدينا هو من الشهداء، والثورة ثمرة دماء الشهداء.

بتاريخ 19/10/1980م الساعة العاشرة وعشر دقائق ليلًا، أكتبُ وصيّتي في بضعة أسطر.

في كلّ ليل يسقط نجم إلى الأرض، ومجدّدًا هذه السماء الحزينة تغرق بالنجوم.

أمّي العزيزة! تعلمين أنّي أُحبّك كثيرًا وتعلمين أيضًا كم أنّ ابنك عاشقٌ للشهادة وما مدى عشقه للشهداء.

أمّي! الجهل الحاكم على مجتمعٍ ما يجرّ أفراده إلى الفساد، والحكومات الطاغوتية هي مكمّل لهذا الجهل، وربما تطول القرون حتى يأتي إنسان من سلالة الأطهار لقيادة مجتمع تائه ضعيف. والإمام1 هو خلاصة سلالة المكمّلين لخطّ الإمامة والشهامة والشهادة.

أمّي العزيزة ! ...
كلامه كان ولا يزال يبعث روح الإسلام في صدري ووجداني المهترئ والصدئ.

167

إذا نلتُ شرف الشّهادة، اطلبي من الإمام أن يدعو لي لعلّ الله – بعظمة الإمام – يقبلني رغم سواد وجهي، شهيدًا!

أمّي العزيزة، كنتُ وما زلتُ أنفر من النّاس المتواطئين واللّامبالين. كثرٌ هم أولئك الّذين ليس لديهم معرفة كافية بالإسلام، ولا يعلمون لماذا يعيشون وما هي أهدافهم، ولا يعرفون أصلًا ما يقوله الإسلام.

ليتهم يعودون لأنفسهم!
من ناحيتي أقول للشّباب، عيون الشّهداء تُحدّق بكم فانهضوا وتعرّفوا إلى الإسلام واعرفوا أنفسكم.

أبي وأمّي! أنا أُحبّ الحياة ولكن ليس بالقدر الذي أتلوّث بها وأغفل عن ذاتي وأنسى.

عليٌّ عاش واستشهد، والحسين عاش واستشهد، وأنا عاشق لشهادة الحسين  عليه السلام.

النموذج الخالد للإنسان المؤمن هو التخلّص من حبائل الهوى والشهوات وأنا أيضًا أُحبّ هذا النموذج.

الشّهادة في قاموس الإسلام هي أشدّ الأعمال التي تضرب في كيان الظلم والجور والشرك والإلحاد وستبقى تضربه وتاريخ الإسلام أثبت ذلك.

أبي! نحن غدًا ذاهبون لقتال أناس كالكفّار في صدر الإسلام، لا يعرفون لماذا ولأجل أيّ شيء يُقاتلون، أولئك البعثيّين العراقيّين.

انظروا إلى اليوم الذي نعيش فيه وكيف أفسد الاستعمار مجتمعنا، إنّ هؤلاء عقبة كأداء في طريق الثورة وينبغي أن نُزيل هذه العقبة كي نُكمل طريق التكامل.

168

أمّي العزيزة! أُقسم بالله إذا بكيتِ لأجلي لن أرضى عنك أبدًا، تأسِّي بزينب واستودعيني عند اللّه.

اللّهمّ ارزقنا توفيق الشهادة في سبيلك.

الإسلام دين النضال والجهاد وهذا طريق يحتاج للإيمان والإيثار والصبر والاستقامة.

أخواتي وإخواني وأبي! اعذروني وأرجو منكم أن تُكملوا طريقي.

والسلام، محمّد إبراهيم همّت
الساعة 12:15 –  بافه
غرفة عمليّات الحرس

169

همت فاتح القلوب (مكتمل) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن