4_أحقآ عذراء

14K 233 3
                                    

تنهدت تابى باستياء قبل ان تأخذ امبير من بين ذراعى آشرون الذى حملها بشكل عكس عدم خخبرته في هذا المضمار, و ضمتها إلى صدرها. قالت و هى تقبل حاجب امبير "اللمس مهم جداً."
آخذ آشرون نفساً مضطرباً و قال "لن اقوم بتقبيلها ايضاً."
نصحته تابى بنبرة جافة "ملّس إذن على شعرها, و افرك ظهرها, اجعلها تشعر بأنها في امان. توقف عن مقاومة اقتراحاتى."
سخر آش من كلامها "و كيف تقترحين ان افعل هذا؟ هل اعمد إلى زرع شخصية جديدة؟ أنا لا اجيد التعامل مع الاطفال. و لا خبرة لدى مع هذا النوع من المشاعر."
اجابته تابى بتصميم و هى تضع امبير بعناية بين ذراعيه "لم يفت الوقت على التعلم. قربها منك اكثر. لاطفها و عانقها. و ارجوك لا تقل لىّ انك لا تملك خبرة في ملاطفة النساء و معانقتهن."
صارحها آشرون على الفور "انا لا ألاطفهن بل امارس الجنس معهن. و هذا ليس حواراً لائقاً امام طفلة!"
احست الطفلة بإنزعاجه و استيائه فراحت تئن مما دفعه لأن يدس اصابعه تحت قميصصها و يفرك ظهرها بحركة تنم على عدم ارتياح.
حثته تابى و هى تقترب منه لتضع رأس الطفلة قرب كتفه "قربها منك اكثر. لن تعضك."
لا يذكر آشرون انه شعر يوما بهذا القدر من التوتر و عدم الارتياح. لقد ادرك ما تريده منه لكنه لم يشأ ان يفعل ذلك. إنما عاد و فكر ف شركته التى ستصبح له مئة بالمئة بعد الزواج فقرب الطفلة من صدره, معتبراً ان النتيجة تستحق منه مثل هذه التضحية.
اقترحت تابى "تحدث إليها."
"عـــمّ؟"
طرح آشرون هذا السؤال بجدية تامة و قد جمد في مكانه حين استكانت الطفلة في احضانه و التصقت به بملء ارادتها, و شعر بالارتباك من جراء دفئها الغريب و وزنها فيما تضع هى راحتيها الصغيرتين على جلده.
"حدثها عن الاسهم و الاسواق إن شئت. لا يهم ما تقوله في مثل هذا السن. ما يهم هو نبرت الصوت."
و راح آشرون يغمغم بأغنية يونانية مخصصة للاطفال.
"إذا مشيت في الغرفة و انت تحملها فيمكن ان تشعر بمزيد من الاسترخاء."
صر آشرون بأسنانه بدأ يخبر الطفلة رأيه في تابى باللغة اليونانية, مع الحرص على ألا يظهر اى عداوة في نبرته. رفعت امبير إليه عينين بنيتين كبيرتين مليئتين بالثقة و اندهش آشرون من قدرتها على منح هذا القدر من الثقة لشخص غريب تماماً عنها. إذا استطاعت طفلة ان تحاول, فيمكنه هو ايضا ان يفعل على الرغم من انه لا يستسيغ الاستماع إلى توجيهات تابى و إتباعها.
اعترف بتكشيرة انها تثير جنونه لكنه استمر في فرك ظهر الطفلة بنعومة و هو يتحدث إليها. و اسندت الطفلة رأسها بهدوء إلى كتفه.
همست تابى "أعطنى إياها. ستنام مجدداً."
هزأ منها آشرون بعد ان وضعت امبير في سريرها و غطتها مجدداً "و هكذا انتهى الدرس الاول." منتديات ليلاس
إلا انه لم يكن ينظر إلى الطفلة بل إلى تابى. فالثوب الحريرى الرمادى اللون التمع في الضوء الخافت المنبعث من الممر, و انسدل على منحنيات جسدها, مبرزاً مفاتنها حين انحنت فوق السرير.
علق قائلاً "لعله من الافضل ان تغطى نفسك اكثر حين تكونين معى ام ان هذه دعوة؟"
اتسعت عيناها البنفسجيتان فيما هى تتجه نحو الباب ثم رمقته بنظرة عدم تصديق من فوق كتفيها قبل ان تسأله "هل تظن انك لا تُقاوم اوما شابه؟"
سار آشرون بخطى واسعة نحو الباب و قال "لا يمكن ان تكونى بهذه البراءة. لا يمكن التنبؤ بردود افعال الرجال حين يُعر ض امامهم هذا القدر من البشرة العارية."
قاطعته تابى بغضب و هى تعقد ذراعيها على صدرها و قد اربكها ان تعلم انه قادر على ان يرى جسمها من تحت ثوب نومها "أنا لا اعرض نفسى. عندما جئت إلى هنا, لم يخطر لىّ ان اجدك."
أطبق آشرون قبضته على معصمها و جرها إلى الممر, مغلقاً الباب خلفه ثم ابلغها بنعومة "يعجبنى ما اراه."
حدقت تابى فيه بغضب عارم, ولاحظت الظل الداكن الذى خلفته لحيته النامية و ابرز ذقنه العنيدة و كيف ان اللحية النامية عززت مظهره الرجولى و قالت "لكنى لا اعرض نفسي عليك."
"حــــقـــاً؟"
احنى آشرون رأسه الوسيم و طبع قبلة صغيرة على فمها و ضمها إلى صدره من دون مقدمات, ملامساً ظهرها الممشوق براحتيه بلمسة جعلتها ترتعش.
كان لهذه القبلة اليتيمة فعل آسر. و ساومت تابى نفسها كى تكملها للحظة واحدة. لكنها قالت له بصوت مرتجف "لا."
"لا؟"
التمعت العينان الداكنتان و هما تنظران إليها. انحدرت الأصابع الطويلة على عمودها الفقرى, و قال "يمكننا ان نمرح لساعة او اثنتين."
"هل ابدو لك سهلة إلى هذا الحد؟"
تصلب جسدها إذ شعرت بالإهانة في نبرة اقتراحه هذا. هل يظن ان فكرة تسليته لبضع ساعات تجعلها تشعر بالإطراء؟ علاقة سهلة و سريعة نظراً لغياب اى بديل آخر أكثر إثارة؟
ضاقت عيناه المذهلتين و احاب "انا لا اطلق احكاماً كهذه على النساء. انا لست من دعاة التميز بين الجنسين. انا استمتع بالعلاقة, و انا واثق انك تفعلين ايضاً."
"انت مخطئ."
شرعت تقول هذا بحرارة, و هى تفكر في انه مختلف بعض الشئ عن الرجال الذين ظنوا ان لهم حق الاستمتاع بجسدها لمجرد انهم دعوها لتناول الشراب و لم يستطيعوا فهم نفورها.
اكد لها آشرون بنبرة ناعمة و هو يداعب بأصبعه خط شفتها السفلى "إذا لم تستمتعى من قبل فهذا يعنى انكِ لم تكونى يوما مع الرجل المناسب."
احتبست الانقاس في حلقها في تجاوب مع لمسته الساحرة.
قالت له تابى بطريقة جافة, و هى تبتعد عن متناول يده مكافحة الرجفة الغير متوقعة التى تملكتها من جراء انفصالها عن جسمه الدافئ "انت استاذ في فن الاقناعلكنتك تضيع وقتك معى.... على الرغم من انى عذراء إلا اننى اعلم ان الرجل يمكن ان يتفوّه بأى كلام و ان يقدم أى وعود ليجعل المرأة تستسلم له و تشاركه فراشه."
"عــــذراء؟"
ردد آشرون كلمتها بنبرة ذهول و عدم تصديق و قد تشنجت ملامحه السمراء ثم اضاف "أهذا صحيح؟ ام انه طُعم لتوريطى أكثر؟"
هزّت تابى رأسها ببطء و من ثم أطلقت ضحكة عالية قبل ان تقول "أنت كثير الشك و لا تثق بالنساء. لا اريد ان اورطك في اى شئ. في الواقع, اعتقد ان تورطنا إلى هذا الحد هو فكرة سيئة."
جادلها آشرون بنعومة "لم اكن افكر في التورط بل في تبادل بسيط للمتعة."
لاحظت تابى كيف فصل حتى بين التورط و بين العلاقة الجسدية و سجلت انه يعانى من خوف شديد من الالتزام. لم يشأ ان تسئ فهم العرض الذى يقدمه : تبادل جسدى للمتعة ليس إلا, من دون اى قيود. قالت له بفظاظة و هى تدير له ظهرها "تصبح على خير ."
"عذراء...... حقاً؟"
همس آشرون بهذه الكلمات في أثرها, و تردد صدى صوته العميق في داخلها في سكون الشقة التى ساد فيها الصمت.
ادارت تابى رأسها ببطء نحوه و ردت "حقاً!"
قطب آشرون تقطيبة خفيفة و حدق فيها بعينين تلتمعان فضولاً و دهشة تحت الاضواء الخافتة "لماذا؟"
"لم ارغب يوما في ذلك."
تناهى إليها صوت ناعم في عقلها يقول حتى اليوم. فتلك القبلة المثقلة بالشغف و تلك اللمسة الشهوانية من يديه الرشيقتين أثارتا في تابى مشاعر لم تشعر بها قط في حياتها.
همس آشرون بثقة فيما فيما هى تبتعد عنه و شعرها الاشقر ينسدل على ظهرها كنهر متدفق "لقد رغبت فىّ....."
علمت تابى ان عليها ان تلتزم الصمت لكنها لم تستطيع ان تقاوم العفريت الصغير في داخلها, هذا العفريت الذى اثار حفيظته فأدارت رأسها ناحيته, بعد ان استسلمت لرغبتها في إزعاجه و همست بنعومة "يبدو جلياً.... انى لم ارغب فيك بما يكفى."
فكر آشروون بكآبة و هو يعود ادراجه إلى غرفته بخطى واسعة ليستحم بالماء البارد. ان مثل هذا الهراء يمكن ان يثير بعض الرجال فيعتبرونه تحدياً لكنه ليس من هؤلاء لأن المنطق لطالما تغلب لديه في الرغبة. إذا اقام علاقة معها فقد تختلط الامور و تعم الفوضى و هو يكره الفوضى و لا يحتمل مثل هذه العلاقات لفترة تتعدى ما يتطلبه محو رقم المرأة المعنية من هاتفه.
و ذكر نفسه بالنتائج الأليمة لعلاقته الأخيرة المتهورة التى كانت أسوأ حتى من واقع ان تابى عذراء. وجد صعوبة في ان يصدق هذا إنما لم يستطيع ان يرى ايضا الفائدة التى يمكن ان تجنيها من إخباره كذبة مماثلة. لابد ان المرأة التى تبقى عذراء حتى سن الخامسة و العشرين تتوقع الكثير من حبيبها الأول و إلا لِمَ ستنتظر كل هذا الوقت؟ لن يكون ابداً ذاك الرجل, لا يمكن ان يتناسب مع الإطار الذى وضعته او المتطلبات التى تريدها. لقد حذرته و عليه من الآن و صاعدا ان يلتزم حدوده معها.

أكثر من حلم أقل من حب روايات عبير للكاتبة لين غراهامWhere stories live. Discover now