1

1.8K 63 19
                                    

صباح كل يوم اربعاء يتوجه ضياء نحو دار الايتام ويحمل معه العديد من الهدايا ليهديها للاطفال

كان جميع الاطفال يحبونه ويسعدون بمجيئه ويعتزون به

تعلقه الشديد بهم لم يكن الا لانهم يذكرونه بصغره، كان مثلهم في يوم من الايام بريئا رقيقا شفافا، لكن الايام صنعت به ماصنعت

سرح بذكرياته وعاد الى ذلك الوقت الذي كان فيه صغيرا محفوفا بحنان ام كانت له الدرع الحصين
كانت له الملاك الحارس الذي مالبث ان يحميه من كل شيء حوله

بينما كان والده نقيضا لملاكه الحارس
حيث كان له مرصدا لكل حركاته يعاقبه على كل مايبدر منه ويعنفه
تذكر كيف كان يصب عليه الماء البارد في ليالي الشتاء العاصفه فقط لانه اخطأ في صلاته

كيف كان يضربه ان تخلف عن صلاته او تاخر عنها
هذا ماجعل ضياء يكرهه بشده الصلاه ويؤديها خوفا من والده

لم يكن يعلم لماذا عليه ان يخاف من الله ?لما عليه ان يعبده ?من هو الله ? لماذا خلقه ? ان كان الله موجودا لما لا يراه ? هل الله امر بالقسوه وبالعنف ?

كل تلك التساؤلات كانت في عقله الصغير لكن كان يخشى ان يسالها لاي من والديه فقد كان يخشى عقاب والده وقد حذره والده من سؤال هذه الاسئله

كبر وكبرت مخاوفه من والده وكبرت الفجوه بينهما وكان ذلك بعد وفات والدته التي كانت ملاذه الوحيد تذكر الليالي التي قضاها في بكاء مرير يرثو بها والدته الراحله

استيقظ من ذكرياته علي يد احد وضعت على كتفه
استدار ليرى صديقه الصغير محمد
كان محمد احد الاطفال في الميتم لكنه كان مميزا عن الباقين
كان يشبه ضياء كثيرا وكان ضياء ياخذه معه في بعض الاحيان للتنزه او لشراء الالعاب له

تحدث محمد ليخرج ضياء من افكاره
:اخي ضياء لما انت سارح هكذا!

تبسم ضياء واخد الصغير في عناق دافئ
:لاشيء ياصغيري انا فقط كنت افكر في ماذا اهديك في عيد ميلادك

برقت عيناه فرحا وسرورا وقال
:حقا ماتقول،شكرا لك يااخي انا احبك كثيرا كثيرا

ضحك ضياء وراح يلعب مع محمد والاطفال الاخرين محاولا بكل مايملك ان يخرج نفسه من دوامه الماضي

_______________
بينما في حياه اخرى بعيده كل البعد عن حياه ضياء
كانت تجلس شمس وتتصفح احدى مواقع الانترنت باحثه عن عمل مناسب لها ولمجالها

كانت تركز بشده على شاشه الحاسوب عندما صدر صوت مرعب من خلفها جعلها تقفز من شده خوفها
وضعت يدها على مكان قلبها واستدارت غاضبة من ذلك المتطفل الذي دخل غرفتها دون اذن

امسكت به من اذنه وراحت تشدها بقوه بينما الصغير يصرخ مطالبا بحريته
:من سمح لك بالدخول ايها الفأر الصغير

اجاب وخرج صوته متألما
:اتركيني ياشمس بالله عليكِ انا اسف لم اقصد اخافتكِ كنت اريد ان العب معكِ قليلا

زجرته بحده
:وهل تسمي هذه لعبه ياعلي يجب ان اخبر ابي عن تصرفاتك هذه

اصفر وجه علي خوفا من والده فرغم ان والده رقيق في تعامله معهم ومحب لهم الا انه عندما يغضب يتحول كليا لشخص اخر

فقال متوسلا
:لا ارجوكِ ياشمس انا اسف، والله انني اسف لن اكررها

تنهدت بضيق وهي تفلته من يدها قائله
: هذه المره ساسامحك لكن ان كررت تصرفاتك تلك ساخبره

قفز مقبلا اياها
:شكرا شكرا اختي الجميله

:توقف عن التملق ياولد واخرج لانهي اعمالي

:حسنا ساذهب الى اللقاء

وخرج صافقا الباب بقوه
تنهدت هي بصوت مرتفع فهذا الصغير لن يعقل ابدا

_________________
يجلس ضياء وحيدا في المساء ينظر في ارجاء منزله الموحش
لم يعش طفولة طبيعية وذلك ادى الى ظهور العديد من الامرض النفسية
اكتئاب- توحد- فوبيا من الاماكن الضيقه

كل يوم يتناول العديد من اقراص الدواء ويذهب كل اسبوع مره واحده لاجل معالجة حالته النفسية

تمدد على فراشه وراح ينظر الى السقف لساعات الى ان اغمضت عينيه بغير شعور وراح في سبات

راى نفسه واقفا في مكان مظلم على جرف عال … خطوة واحدة فقط وينتهي كل شيء

رفع قدمه ليلقي نفسه في الجرف الا ان صوتأ خلفه اوقفه
صوت اشتاق لسماعه كثيرا
استدار وهو يهمس
:امي

رأى خيالها فقط قبل ان ينتهي به الامر واقعا من ذلك الجرف العالي

نهض مفزوعا من ذلك الحلم او الكابوس الذي يرافقه منذ زمن شعر بالدموع تنحدر على خده الشاحب ليسارع لمسحها
نظر لساعة الحائط ليجد الساعة تشير الى التاسعة والنص
اي انه تأخر عن عمله نصف ساعه
سارع للاستحمام وتغيير ثيابه وخرج مسرعا بعد تقبيل صوره والدته

وصل للشركة التي يعمل بها ليصعد السلم بدل المصعد لشده استعجاله

وقف يتنفس بقوه ويسند يديه على ركبتيه حينما سمع صوت مجتبى زميله في العمل وهو يقول

:اهلا ياضياء لقد تاخرت وفاتك الكثير
تعال لترحب بزميلتنا في العمل رغم انها لم تحدث احدا من الرجال منذ مجيئها لكن لا ضير من القاء التحيه عليها صحيح

رفع عيناه لتقع على ذلك الوجه المنير وذلك السواد المحيط به كأنه قمر متوهج في ليلة ظلماء
عباءه حالكه السواد تغطيها من راسها لاخمص قدمها
اضافه الى ان وجهها خال من اي مساحيق تجميل

ازاح عينه عنها وراح يحدث مجتبى قائلا
:اخرس يارجل الا ترى انني متعب وكذلك انا متأخر فليس لدي وقت لتفاهتك

رغم قوله ذاك الا ان شيطانه وسوس له ليخبره
:ان تلك المحجبة تشكل خطرا كبيرا وعليه تجنبها بقدر الامكان

ياترى ماذا سيحصل ?

تابعونا …………
---------------------------
رايكم (∩_∩)

تائه في بحر الظلمات Where stories live. Discover now