✯. آداب الطعام و الشراب .✯

147 9 0
                                    

آداب الطعام والشراب
كان عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- غلامًا صغيرًا تربى عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وذات يوم جلس يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان لا يأكل من أمامه ، ولا يتأدب بآداب الطعام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سَمِّ الله ، وكُلْ بيمينك ، وكُلْ مما يليك [متفق عليه].
***
جلس رجل مع النبي صلى الله عليه وسلم على طعام ، فأكل الرجل بشماله ، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقال له: (كل بيمينك). فتكبر الرجل وقال: لا أستطيع -مع أنه يستطيع أن يأكل بيمينه- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا استطعت) ما منعه إلا الكبر. فُشُلَّتْ يد الرجل ، ولم يقدر على رفعها إلى فمه بسبب كبره ومخالفته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم. [مسلم].
***
الإنسان لا يستغنى في حياته عن الطعام والشراب ، لكن المسلم لا ينظر إلى الطعام والشراب على أنهما هدف وغاية ينبغي أن يسعى إليها ، وإنما يجعل طعامه وشرابه وسيلة يتوصل بها إلى الحفاظ على حياته ومرضاة ربه سبحانه.
وهناك آداب يجدر بكل مسلم أن يتحلى بها في طعامه وشرابه ، وهي:
الأكل من الحلال: على المسلم أن يحرص على الأكل من الحلال واجتناب الحرام ، يقول تعالى:{يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [_البقرة: 172]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طلب الحلال واجب على كل مسلم. [الطبراني]. لذلك فالمسلم يبتعد عن الطعام والشراب المحرم ، مثل لحم الخنزير ، والدم ، والميتة ، والخمر ،… ويستمتع بما خلقه الله من طيبات.
الاعتدال: فالمسلم يعتدل في الأخذ بأسباب الدنيا وملذاتها ، وقد أمر
الله -سبحانه- بالتوسط في الطعام والشراب ، فقال: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف: 31]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاءً شرَّا من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات يقِمْنَ صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسِه [الترمذي].
غسل اليدين قبل الطعام: المسلم يحرص على النظافة ، وغسل اليدين قبل الأكل وبعده؛ لأن دينه دين النظافة والطهارة.
التسمية في أول الطعام: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله -تعالى- فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله ، فليقل: بسم الله أوله وآخره [أبو داود والترمذي]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يأكل ، ولم يسَمِّ الله حتى لم يبْقَ من طعامه إلا لقمة ، فلما رفعها إلى فيه (فمه) قال: باسم الله أوله وآخره. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: (ما زال الشيطان يأكل معه ، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه.
[أبو داود والنسائي].
عدم عيب الطعام: المسلم لا يعيب طعامًا اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان لا يعيب طعامًا أبدًا ، إن أحبه أكله ، وإن كرهه تركه.
النية في الطعام: المسلم يحول جميع أعماله إلى طاعة وعبادة باستحضار النية الصالحة ، فهو يأكل امتثالا لأمر الله -سبحانه- ومن أجل تقوية جسمه والمحافظة على حياته؛ حتى يؤدي دوره في الحياة ويقوم بعبادة الله.
التفكر في آلاء الله المنعم الرازق: فعلى المسلم أن ينظر فيما أمامه من ألوان الطعام وروائحه المختلفة وأصنافه المتعددة ، وقد خرجت كلها من الأرض ، فسبحان الله الذي أنبتها وهيأها للإنسان.
الأكل من جانب الطعام: المسلم يأكل من جانب الطعام مما يليه ولا يأكل من وسطه ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم عمر بن أبي سلمة أن يأكل مما أمامه. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يأكل من أعلى الصحفة ، ولكن ليأكل من أسفلها ، فإن البركة تنزل من أعلاها [أبو داود والترمذي].
الاجتماع على الطعام: يستحب الاجتماع على الطعام لتنزل البركة على الحاضرين ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الأربعة ، وطعام الأربعة يكفي الثمانية [مسلم].
وقد جاء جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يشكون إليه أنهم يأكلون ولا يشبعون ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (فاجتمعوا على طعامكم ، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه [أبو داود].
عدم استعمال أواني الذهب والفضة: لا يجوز للمسلم أن يستعمل الأواني المصنوعة من الذهب والفضة في طعامه أو شرابه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم. [مسلم]. والمسلم يأكل بيده ، أو ما تيسر له من أدوات المائدة.
جلسة الطعام: يستحب للمسلم إذا كان يأكل على الأرض أن يجلس على إحدى قدميه ويرفع الأخرى ، ولا مانع من أن يتناول طعامه على مائدة ، ويكره أن يجلس المسلم متكئًا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا آكل متكئًا). [البخاري].
عدم الأكل في الشارع: المسلم يتجنب الأكل والشرب وهو يمشي في الشوارع؛ لأن ذلك لا يتناسب مع آداب الأكل ، وينافي آداب الطريق.
كيفية الشرب: إذا أراد المسلم أن يشرب ماءً أو غيره -مما أحل الله من المشروبات- فعليه أن يشرب على ثلاث مرات وأن يتنفس خارج الإناء ، وأن يسمي الله إذا شرب ويحمد الله إذا انتهى ، ولا ينفخ في الشراب ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفخ في شراب. [ابن ماجه] وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشربوا واحدًا كشرب البعير ، ولكن اشربوا مثنى
وثلاث ، وسمُّوا إذا شربتم ، واحمدوا إذا أنتم رفعتم [الترمذي].
حمد الله عقب الأكل: إذا انتهى المسلم من طعامه فإنه يحمد الله -سبحانه- ويشكره ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل طعامًا فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. غفر له ما تقدم من ذنبه [أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مَكْفِي ولا مُستغني عنه ربنا [البخاري]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها [مسلم والنسائي والترمذي].
الاقتصاد في الطعام: المسلم يقتصد في طعامه وشرابه ، فهو يشتري كمية الطعام التي تكفيه ، حتى لا يضطر إلى إلقاء كميات كبيرة من طعامه في سلة القمامة ، فهو يعلم أن هناك من المسلمين في أنحاء العالم من لا يجد لقمة خبز ولا
شربة ماء.
بقايا الطعام: الإسلام دين النظافة ، والمسلم نظيف ، لا يلقي القمامة في الشارع ، ولكنه يحرص على وضعها في صندوق خاص ، فإلقاء القمامة في الشوارع تؤدي إلى كثرة الحشرات ، مما يؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض ، وليحرص المسلم على أن يكون طعامه على قدر حاجته ، فإن اشترى طعامًا يعلم أنه زائد عن حاجته؛ أهدى لجيرانه منه.
أكل طعام غير المسلمين: أحلَّ الله للمسلم أن يأكل من أطعمة أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى) قال تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} [المائدة: 5] وذلك بشرط ألا يكون الطعام والشراب حرامًا مثل لحم الخنزير أو الخمر ، فعندئذ لا يحل أكله أو
شربه. 

كن مع الله 6 (آداب إسلامية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن