الفصل السادس

ابدأ من البداية
                                    

خرجت ماتيلدا مع بكر بعد ان هدأت الاوضاع وسارت تجاه السيارة والتي سرعان ما ترجل سائقها الخاص وفتح الباب لسيده وهو ينظر ارضاً باحترام
ركب بكر بغضب ودرات ماتيلدا حول السيارة وهي تنتفض برداً واضطراباً وركبت جانبه
سارت السيارة بهم فقال بكر غاضباً
- طبعا شهيرة هي اللي كلمتك صح ؟!
قالت ماتيلدا بهدوء وتعب
- ليه رحت يا بكر انت عارف انها هناك ليه كده ؟
بكر بضيق وقد علت نبرته بقوة
- متدخليش يا ماتيلدا ومش كل ما شهيرة تكلمك تروحي تسمعي كلمها وتيجي ..
انا مش عيل صغيرة ورايحة تاخديه وتروحيه بيته ماشي
أومأت ماتيلدا وقالت بهدوء تحاول امتصاص غضبه
- اهدي طيب
اجابها بعصبيه وسخط
- انا هادي ..متقوليش اهدي
زمت ماتيلدا شفتيها وقطعت حديثها حتي لا تثير اعصابه اكثر ..فلا يجب ان تتحدث اليه وهو بتلك الحالة
وعندما وصلت السيارة اسفل قصرهم ترجلت ماتيلدا وهي تتابط ذراعه وتتحدث له بهدوء شديد حتي يهدأ تماما فيكفي غضب وبعد قليل قامت بأخذ كوب العصير من احدي الخادمات ونظرت حولها تطمئن لوجوده داخل دورة المياه ووضعت الاقراص داخل عصيره وقامت بتقليب محتوايات الكوب جيدا واتجهت له بابتسامة هادئة عندما خرج واعطه له
أخذه بكر منها وقبل كفها الرقيق وبدأ بتناوله !!
*******************************
كان صوت ضحكات مازن تشق السكون الهادئ في مطعمه ثم قال لصديقه
- انت فقرة يابني يخرب عقلك .. بس علي فكرة تستاهل انها هزئتك دي اخرتها اصلا
المشكلة انك مبتحرمش
مصطفي ضاحكا
- ولا هحرم وحياتك ثم مال بجسده علي الطاولة يقول بتمعن
- بص يا مازن البنات بالنسبالي زي الاكسجين قولي انت ينفع حد يعيش من غير اكسجين ؟!
انا كده فمعذور يعني
ضحك مازن قائلا ً
- اكسجين ايه بس يابني دا انت سمعتك مسمعة من ايام الدراسة ..
مصطفي بترفع وغرور مصطنع
- لا حاسب يا برنس انا سمعتي مسمعة عشان عشري وودود فالكل عارفني وبعدين مش الكل اوي دا هي دفعتنا ودفعة
فوقينا ودفعة تحتنا ..يعني بتاع عشر ألاف شخص
وبعدين قولي خت ايه انت من الاحترام اديك راهب اهه خليك بقي مترهبن كده انت هتفضل كده اصلا
من اول ما بقيت دكتور وانا حسيت ان حياتك في النازل
سبني انا اعيش حياتي يعني هو لا جواز ولا بنات ..
قال مازن بدهشة
- ما تتجوز يابني حد مانعك ..انت اللي صايع وملكش في المستقيم
اخذ مصطفي رشفة من كوبه قائلاً
- بص يا حبيب قلبي انا ميكفنيش واحدة بصراحة والشرع محلل اربعة وانا معيش اتجوزهم يبقي ليه احرم نفسي بقي وادبس في واحدة
مازن بخبث
- يعني انت مش هتتجوز ؟!
مصطفي بثقة واقتناع
- لا ..وبعدين بص هي بتبقي كيف اصلها
شوف انت دكتور اهه وكنت متفوق بس كيفك انك تشتغل في البيزنيز ونجحت فيه
انا بقي كيفي اعرف بنات واسمع صوتهم واعيش الدور معاهم كده
رفع مازن حاجبيه
- ياراجل
أوما مصطفي بتأكيد
- بص يا معلم ..انا محبتش الا مرة زي ما قلتلك
ومش هتتكرر فانسي بقي البنات بالنسبالي شكليات
وضع مازن فنجان قهوته وهو يقول
- طب قوم يا خفيف..شكليات قال والله انا كنت عارف انك مهزء
*******************************
استندت ماتيلدا علي الوسائد جانب بكر الغارق بنومه في الضوء الخافت للغرفة ..
وشردت بذلك الرجل المدعو خالد ..
اغمضت عينها تتنفس فمجرد التفكير باسمه فقط جعلها تشعر بنبضات قلبها
تنهدت وهي تفكر ماذا عن بطلها الخفي ؟!
هل بعد تلك السنوات استطاعت الشعور مرة اخري باخر !!
يا الهي لقد مرت سنوات عديدة وفقدت الشعور بكل شئ ..
والان بعد ان ظنت ان قلبها قد توقف ..اكتشفت انها مخطئة!
ضمت قبضتها واستندت برأسها عليها وهي تنظر لبكر جانبها هي لم تفكر يوماً بشعورها تجاهه
كل ما تعرفه انها كرهته في البداية واعتادت عليه بعد ذلك واختفي الكره من شدة حبه لها
تنفست بعمق وهي تعبئ رئتيها بالهواء وازداد نبضها سرعة وهي تري عين خالد امامها لم تدقق النظر كثيراً في المقابلة الاولي داخل مطعمه ولكن تتذكره وكأن ملامحه قد نحتت بعقلها !
عينيه ونظراته الثابتة ..صوته والذبذبات لمنبعثة منه لقلبها قبل اذنها
نفخت بضيق تريد التخلص من التفكير به نهضت بعدها خارجا للشرفة تحاول الهدوء او الهرب من عقلها وقلبها! *********************************
كان مازن مازال داخل سيارته اسفل بيته بعد ان اوصل مصطفي لبيته
وبمجرد ما وضع يده علي مقبض الباب ليفتحه ويترجل منها شعر بنبضاته تراجع مرة اخري واستند باريحية محله وهو يبتسم !
هل تفكر به ؟!
ظهرت ابتسامة علي جانب ثغره وهو يمسد خصلات شعره ثم قال بخفوت هادئ وكأنه يتحدث بجميع حواسه
- خديجة ! ..
بعد لحظات ترجل من السيارة وهو يفكر بها .لا يعلم هل يفكر بخديجة تلك الفتاه الرقيقة البريئة ام بماتيلدا والتي هي بالتأكيد علي النقض لفتاته البريئة! ..
صعد الدرجات ودلف لشقته ..اقترب من غرفة والدته وعندما فتح بابها بهدوء اطمن عليها نائمة
اتجه لغرفة مرام وصُدم وهو يستمع لهمسها الخافت
قبض اصابعه بشدة وعصبيه حتي هربت الدماء وابيضت مفاصله جز علي اسنانه وطرق الباب بهدوء فلم تصل له اجابة
..فتحه ببطئ وهو يعلم ادعائها للنوم !
اقترب منها وعدل من وضع بطانيتها وقبل جبينها وخرج بهدوء كما دلف !
اوي الي غرفته وجلس علي فراشه ووضع رأسه بين كفيه يحاول المام الامر بالهدوء ..
هو لا يرجح التعامل بالعنف والقوة الا اذا لزم الامر وللاسف انه يري ان الامر يحتاج للقسوة !
اغمض عينه يتذكر حالة خديجة ونتيجة التعامل بالقسوة والشك بها
لا يريد ان يفعل ذلك بمرام يريد التقرب لها اكثر ومعرفت لما لجأت لمعرفة شاب
وماذا ينقصها لتبحث عنه وتعوض النقص منه !
نهض ودلف للمرحاض اخذ حمامه ثم اسلقي علي فراشه ليرتاح قليلا فغدا سيقابلها !
نعم سيقابل صاحبة نبضات قلبه !
**************************************
قال بكر لمازن
- طب ليه يا خالد باشا ما كنا اتفقنا خلاص !
اجابه بهدوء شديد
- لا مكناش اتفقنا ولا حاجة انا مش فاكر اني قلت هبيع المطعم كله .. انا قلت هنتفق
ثم اقترب من الطاولة وهو يعدل من وضع فنجانه قائلاً
- بص يا باشا انت مش فارق معاك المطعم وارباحه في حين انها فارقة معايا ببساطة انا معايا فلوس ومش محتاج سيولة عشان ابيع اي مطعم من بتوعي بس انا رغم ذلك وافقت اني ابيع للنص وكده نسبتك هتبقي النص معايا
ودا عشان خاطرك بس طبيعي مش هبيعه كامل ..صح ولا ايه ؟!
اومأ بكر قائلاً
- خلاص مش مهم اللي زودنا من 20% ل 50% هيخليني اقنعك برده وتبقي 100% قريب
ابتسم مازن ببرود وهو يريح ظهره علي كرسيه وقال
- تمام ..الايام بيننا يا بكر باشا
نمضي العقد ونحتفل بليل بالشراكة اللي كبرت دي
ضحك بكر بسعادة وبدؤا في امضاء العقود !
.........................................
وفي المساء كانت ماتيلدا امام المراة تضع اخر لمساتها عندما شعرت بيد بكر وهي تحيط بخصرها بعد ان اقترب منها نظر لها عبر المراة وقبل عنقها الظاهر من ثوبها ..
كان الثوب باللون الاحمر القاني كلون طلاء شفتيها القاتم وقد رفعت خصلاتها الشقراء لاعلي باناقة
التفتت لبكر بابتسامة وقالت بتوسل
- بليز يابكر بلاش الفستان دا .. خليني البس الاسود
رفض بكر بضيق قائلاً
- يا حياتي دا اقيم ودي حفلة مهمة جدا وخلي بالك هيكون فيها طبقات كبيرة اوي
وبعدين انا موصي علي الفستان دا لاحتفال شرا المطعم ويلا اديني خت نصه وبرده دا انجاز علي ما اكمله ..
وبعدين ماله بس الفستان يا حياتي ماهو حلو اهه
ماتيلدا بضيق وهي تنظر لنفسها بالمراة
-عريان اوي يابكر .. وانا بضايق من اللبس دا
بكر بغضب
- تاااني نفس الكلام ..انتي لسه متعودتيش يا ماتيلدا .. هو لا عريان ولا حاجة كله لابس كده ياروحي وبعدين انتي مش شايفة القماش وجماله باين انه قيم جدا ودا اللي يليق بعيلة الديب ولا انتي عاوزة حد من اخواتي يبقي لابس افضل منك ولا حتي اي حد من الاحتفال يبقي جاي اشيك من حرم بكر الديب !
تنهدت ماتيلدا فلا جدوي من الحديث فهي ترتدي مثل تلك الاثواب منذ سنوات بالادق منذ زواجها من بكر ولكن تشعر بالاضطراب الشديد اليوم من رؤية خالد لها هكذا !!
نهرت نفسها بشدة حينها علي طريقة تفكيرها فليس له شئ ولا يجب ان تفكر هكذا !
***************************
كانت الموسيقات والالحان في كل مكان احتفالا بهذا الاحتفال الكبير فبكر الديب اصر علي دعوة الجميع والصحافة
ابتسم مازن بسخرية فبرغم انه رجل محنك ولكن ابتلع الطعم بسهولة !
فجأة شعر بقلبه داخل صدره ابتسم داخله وهو يلتفت لينظر لمدخل المطعم
يعلم انها تدلف الان !
وبالفعل استدار ورأها تسير جانب بكر !
اقترب منهم وصافح بكر وهو يبارك له مرة اخري ثم نظر لها وهو يجزم انه يستمع لنبضاتها الان برغم اصوات الموسيقي حوله وامتدت قبضته او بالاحري خضعت فقط لتضم قبضتها الصغيرة الباردة للمرة الثانية !
تهربت ماتيلدا من عينه وهي تحيه بابتسامة باردة متوترة وبدء الاحتفال اقتربت زينة وصافحت كلاً من بكر وماتيلدا فعرفهم بكر وهو ينظر لزوجته
- زينة مديرة اعمال خالد يا حياتي
ثم نظر لزينة وتابع وهو يشير لزوجته
-دي مدام ماتيلدا مراتي
ابتسمت زينة ببرود وهي تفكر هل هذه التي يريد الرقص معها !!
لا تنكر انها فاتنة ومجذبة بشدة ولكن لقد قابل خالد العديد من هن اجمل وافضل ويتمنن رضائه !
وبعد فترة بالفعل بدأت الموسيقي وتوجه كل كابل للرقص الهادئ عليها
قالت ماتيلدا لبكر حينها
- انا مكنتش عاوزة ارقص يا بكر
بكر بهدوء وهو يحتضنها
- ليه بس يا روحي مالك ؟!.. انتي بقالك فترة مش كويسة ومبتناميش
أومأت ماتيلدا
- فعلا وحاسه اني دايخة وجيت الاحتفال عشانك يا حبيبي بس مش عاوزة اتحرك كتير
ابتسم بكر قائلاً
- خلاص عموما لما الموسيقي تخلص هنعد ومش هنرقص تاني بس انا قمت بعد ما اقترحت زينة يعني اننا نرقص .. أومأت ماتيلدا له تريد ان ينتهي هذا الاحتفال سريعا وينتهي هذا النبض القاسي !
ووقتها اقترب مازن بزينة من بكر وقالت زينة بتلاعب وهدوء
- ينفع اخطف بكر باشا شوية منك يا مدام ماتيلدا .. لو سمحت يعني ولا ايه رايكوا ؟
ابتسم بكر وهو يومأ محييا لها قائلا بدعابة ورقي
- بالطبع سيدتي الجميلة
ابتسم الجميع وابدلوا كما اراد مازن !!
اقتربت ماتيلدا باضطراب شديد من مازن والذي اقترب بدوره بشدة
وهو يحيط خصرها بذراعه اليمني ثم امتدت يده اليسري وامسك يدها اليمني وكعادتها باردة بشدة !
قربها من موضع قلبه وهو مازال ممسك بها وهدء الكون فجأة من حولهما
لا يوجد به غير صوت الموسيقي الهادئ ودقاتهم الصاخبة !
ابتلعت ماتيلدا ريقها وهي تنظر بشرود وخفقانها يتسارع بشدة
قال مازن بهدوء
- اهدي !!!
شعر وكان نفسها قد قطع وهي تنظر له متسائلة
هل ما سمعته حقيقة ؟!! هل طلب منها الهدوء !
قالت بنبرة حادة وبضيق منه ومن نفسها
-اهدي من ايه ؟! انا كويسة ..!
ابتسم مازن وقال
-انا مبكلمكيش اصلا !
قطبت بين حاجبيها بعصبية فهل يسخر منها الان !!.. وقالت بضيق
- والله !!.. اومال بتكلم مين ان شاء الله ؟!
مازن بهدوء وابتسامة متزنة
- بكلم قلبك !!
خفق قلبها بشدة علي ذكر اسمه ونزلت ببصرها عن عينه حتي لا تراه
فقال وهو يضع كفها اكثر علي موضع قلبه
- بيدق زي دا ولا اكتر ؟!
تشنجت بشدة وهي لا تستطيع تحمل قربه اكثر .. ما هذا ؟!
ابتلعت ريقها سيتوقف قلبها من سرعة نبضه !
قال مازن بخفوت
- بعيد الشر عنك ! .. مش هيوقف متخافيش !
حينها بالفعل حبست انفاسها وهي تفكر هل هو انسان كيف يشعر بها وكيف يقرأ افكارها !!
وشعرت بالدوار الشديد بسبب ارهاقها وقربه المرهق والمنهك لها وتشبثت بسترته تحت كفه حتي لا تسقط
قال مازن بقلق
- مالك ؟! .. حاسه بوجع .. ولا نبض بس ؟!!
لم تجبه بل ازداد خفقانها كازدياد تشبثها به ولا تعرف ما حدث ولا تشعر
فقط تشعر بذراعه المحيطة لها بقوة وتملك غريب!
شعر مازن ببطئ خطواطها بين يديه وتوقف وهو يشعر بثقلها بين ذراعيه !!
**********************************  

أشعر بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن