part 4 : الجدران الأربع

165 7 2
                                    

لطالما كان المرء رهينة مصيره ، فهو كالدمية الخشبية في يد قدره . حيث تتعانق خيوط الدمية بأنامل القدر الذي يلعب دور المتحكم و المسيطر ، فيحركها كما يشاء تارة لليمين
و طورا لليسار، غير مكترثا برغبة الدمية، لكونها لا تملك القدرة على التعبير و التكلم. مثل الإنسان تماماً، فهو
لا يمكننه لوم القدر أو معاتبته . لأنه ببساطة رفيقه الأبدي.
نحن البشر لا يمكننا تغيير مصيرنا لكن لدينا قدرة تحديد مساره.
فهل ستتمكن سو وون من تغيير وجهة قدرها أم لا؟
هذا ما سنكتشفه في سياق الأحداث.

في إحدى العمارات الفخمة المطلة على نهر الهان،
و تحديداً في الشقة عدد 141 ، و التي تقع في الطابق الثلاثين .
كانت سو وون مستلقية على أريكة فخمة تتوسط غرفة الجلوس ،ذات الطراز العصري .
حيث كانت تغط في نوم عميق بسبب المخدر.
لكن ها قد بدأ مفعوله بالزوال ، لتفتح عينيها تدريجيا
بسبب الضوء المنعكس على بلور النافذة .
فتستقيم لتنظر في كل الاتجاهات . فتعلم أنها في مكان غير الذي كانت محتبسة فيه .
بالتأكيد! فكيف يمكنها المقارنة بين تلك الغرفة المهجورة
و بين منزل السيد الشاب -صاحب أفضل الشركات الموجودة في كوريا الجنوبية -السيد بيون بيكهيون ؟
فهو يريد أن تكون ممتلكاته من أفضل تراز، و منتقاة بدقة لذلك وقع اختياره على هذه الشقة الفخمة ،
و التي تطل على نهر الهان. ففي الصباح تنسدل خيوط الشمس لتنير غرف الشقة . أما حين ينسدل ستار الظلمة، فحينها فقط تغط أميرتنا في لباس من الفضة، إذ ينعكس ضوء القمر على زجاج نوافذها العديدة، فيقابل رفيقته؛ الأضواء الاصطناعية التي تنبعث من المصابيح المرصفة على طول نهر الهان
و حول القناطر. فيضيف ذلك إحساسا بالراحة و جوا شاعريا تفيض فيه الحواس .
فمن منا لا يحلم بشقة كهذه؟
أليس من العدل أن نطلق عليها شقة الأحلام؟

سؤال وجيه لكن لن نقوم بالإجابة عنه في الوقت الراهن ببساطة لأن كل منزل، و رغم جودة بناءه،
و تفاصيله الجميلة و المبهرة ، لا يغدو بيتا للاحلام إلا في حالة وجود السعادة بين أركانه ، و الإحساس بالدفء
و الراحة بين جدرانه .
لكني أؤكد لكم بأن هذا لن يتحقق؟
كيف أعلم؟
أليس هذا هو السؤال الذي يدور في عقولكم الآن؟
توقعت هذا لذلك أنا أمتلك إجابة قد تشفي غليلكم ؛ ببساطة لأن بحوزتي حدس لا يخطئ .
لكن رغم قدرتي على التكهن بمصيرهم. إلا أنني لا أستبعد فكرة أن تقوم شخصيات الرواية بخيانة أفكاري لتخرج عن مسارها لترسم قدرها بنفسها .
محال! أنتم قد تقولون هذا ... لكن باختصار لا انا و لا انتم بإمكاننا معرفة النهاية لذلك فل نتتبع سيرورة الأحداث لنعرف مآل الرواية.

و الآن لنعود إلى بطلتنا سو وون التي كانت قد استيقظت أخيرا . في بادئ الأمر لم تستوعب الفتاة تواجدها في هذه الشقة . إذ انتشرت الشحنات السلبية الموجودة في جسدها لتعم عقلها و قلبها ،فهي الآن خائفة و حائرة.
أسئلة عدة تحوم في ذهنها، و مشاعر مضطربة هي العنوان الرئيسي لواقعها الحالي.
لا يمكننا معرفة خبايا المرء إلا إذ تعمقنا في نفسيته،
و هذا ما سنفعله الآن.

قدري و مصيريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن