الفصل الثاني

7.3K 304 10
                                    


الفصل الثاني :

أثار اسم تلك المكتبة فضول رائد كثيراً ، وظل يتسائل في نفسه بحيرة عن السبب الحقيقي وراء تسميتها بذلك الاسم " كتاب الحب " ..

ســـــار رائد في طرقات البلدة بخطوات ثابتة نوعاً ما ، ثم بدأ يستعين ببعض أهالي البلدة في الوصول إلى عنوان تلك المكتبة ، ولم يبخل عليه أي أحد بالمساعدة ..

بعد نصف ساعة من السير ، وصل رائد إلى سهل أخضر غني بالذروع الناضرة ، وبالفعل كما قال له أيمن وجد مبنى صغير وعتيق مكون من طابقين يتوسط هذا السهل المترامي الأطراف ..

حدق رائد في ذلك المبنى الخشبي القديم في طرازه ، ودقق نظرته أكثر في تلك اللافتة الخشبية المثبتة على أول الطريق الطيني الممهد والتي تحمل اسم المكتبة المثير للفضول ..

أخذ رائد نفساً عميقاً ثم ســار بخطوات حذرة على الطريق الطيني إلى أن وصل في نهايته إلى طريق معبد بالأحجار ، فسار عليه حتى وصل إلى عدة درجات خشبية ، ثم صعد عليها ، ووقف أمام ذلك الباب الزجاجي ذو الإطــار الخشبي العريض ..

تلفت رائد حوله باحثاً عن أي أحد متواجد أمام مدخل تلك المكتبة الواسع ، ولكنه لم يجد إلا مقعد خشبي مستند إلى أحد الجوانب ، بالإضافة إلى بعض أواني الزرع الموضوعة على حافة السور الخشبي العريضة ..

طرق رائد على الباب الزجاجي بطرقات خفيفة ، وانتظر أن يأتيه الجواب من الداخل ، ولكن ظل الصمت هو سيد الموقف ..

لذا قرر رائد أن يدلف إلى الداخل ، فأمسك بالمقبض وأداره بحرص ، ثم فتحه ، فاستمع إلى صوت موسيقي خافت يصدر نتيجة ارتطام نجوم معدنية صغيرة متدلية من أعلى الباب ..

شعر رائد بالدفء فور دخوله إلى المكتبة ، وأن هناك شعوراً غريباً بالألفة يسيطر على المكان ، ويبعث بالراحة والسكينة على النفس .. فاندهش في نفسه ، ثم جــــاب بعينيه المكان من الداخل ، فرأى أرفف خشبية كثيرة ومكتظة بالكتب المتنوعة في الأحجام والأشكـــال .. اعتلت الدهشة ملامح وجه رائد ، وانبهر بوجود هذا الكم الهائل من الكتب الثمينة والغالية دون أي اكتراث من أي أحد ..

تحرك رائد في اتجاه أحد الأرفف والمدون أعلاها " روائع الأدب الانجليزي " ، ومد يده ليمسك بأحد الكتب ، وبدأ يقلب في صفحاته بإهتمام شديد ..

ولكنه توقف فجـــأة عن متابعة ما يفعل ، حيث آســـر انتباهه صوت أنثوي رقيق وهاديء يأتي من خلفه و...

-إيلي بصوت ناعم : هل يمكنني مساعدتك ؟

استدار رائد بجسده ببطء ليجد شابة - هادئة الملامح ، ذات قسمات وجه جميلة ، ووجنتين متوردتين ، وجسد رفيع ممشوق - تقف خلفه في بداية العشرينات من عمرها .. للحظة توقف الزمن عن الدوران ، وشرد رائد في تعبيرات وجهها البريئة ، ثم تمعن في عينيها البنيتين العميقتين ، وسرح في شعرها الكستنائي المعقوص للخلف برباط شعر بلاستيكي .. ثم أخفض بصره ليتابع حركة شفتيها العاصية وهي تعيد تكرار السؤال عليه ..

كتاب الحب - قيثارة القيصرDonde viven las historias. Descúbrelo ahora